بروكسل وباريس تنددان بعدّ إسرائيل غوتيريش «شخصاً غير مرغوب فيه»

الأردن يؤكد دعمه في مواجهة حملات الحكومة الإسرائيلية الإساءة له

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
TT

بروكسل وباريس تنددان بعدّ إسرائيل غوتيريش «شخصاً غير مرغوب فيه»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

ندَّد الاتحاد الأوروبي وفرنسا، الخميس، بقرار إسرائيل عدِّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، «شخصاً غير مرغوب فيه»؛ على خلفية عدم إدانته بشكل صريح الهجوم الصاروخي الذي شنّته إيران على الدولة العبرية.

ودافع مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن غوتيريش، بينما عدَّت «الخارجية» الفرنسية القرار الإسرائيلي «غير مبرَّر».

وقال بوريل، في كلمة ألقاها في بونتيفدرا، شمال غربي إسبانيا: «علينا أن نرفض الهجمات على شخص الأمين العام للأمم المتحدة».

وأضاف: «نعم، كل شيء بدأ مع هجمات (حماس) التي ندينها، لكن هذه الهجمات، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة، لم تأت من عدم. هي نتيجة أو أقله (...) فصل جديد في قصة بدأت منذ زمن طويل»، في إشارة إلى هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وكان شرارة اندلاع الحرب المتواصلة في قطاع غزة.

وأشار إلى أن «قول ذلك يجب ألا يؤدي إلى تصنيف أي شخص بأنه مُعادٍ للسامية. يجب ألا نقلّل من وقع هذه الكلمة (...) فهي خطيرة جداً ومُوجعة جداً للصقها بشخص يعبّر عن رأي مغاير لرأي حكومة».

وأوضح أن الأمم المتحدة «الأداة الوحيدة المتاحة لضمان السلام في العالم». وخلص إلى قول: «حتى لو كانت أداة، ربما، غير كافية (...) فهي (الأداة) الوحيدة التي نملكها».

وشدد على أنه «نعم، لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن لهذا الحق كما كل الحقوق، حدوده»، موضحاً: «السؤال الذي لا نريد، نحن الأوروبيين، أن نطرحه على أنفسنا، أو على الأقل الذي لا نريد الإجابة عنه، هو معرفة ما إذا جرى تجاوز هذه الحدود. جوابي هو: نعم، للأسف».

بدورها، قالت «الخارجية» الفرنسية، في بيان، إن باريس «تؤكد، من جديد، دعمها وثقتها بالكامل» بغوتيريش، مشددة على أن «الأمم المتحدة تلعب دوراً أساسياً في استقرار المنطقة»، في ظل توتر إقليمي يثير مخاوف من اندلاع حرب شاملة بالشرق الأوسط.

كذلك أكدت وزارة الخارجية الأردنية، اليوم الخميس، دعم الأردن الكامل للأمين العام للأمم المتحدة. وشدد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير الدكتور سفيان القضاة، على ضرورة رفض المجتمع الدولي الإساءة للأمين العام للأمم المتحدة، وإلزام إسرائيل باحترام ميثاق الأمم المتحدة، وتطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وقرارات منظمة الأمم المتحدة، وفق وكالة الأنباء الأردنية «بترا».

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد أعلن، الأربعاء، أن غوتيريش «شخص غير مرغوب فيه»، ما يعني منعه من دخول إسرائيل، منتقداً عدم إدانته الصريحة الهجوم الصاروخي الإيراني على الدولة العبرية.

وقال كاتس إن «أي شخص لا يمكنه إدانة الهجوم الإيراني الشنيع على إسرائيل، لا يستحق أن يُسمح بأن تطأ قدماه التراب الإسرائيلي. هذا أمين عام مُعادٍ لإسرائيل يدعم الإرهابيين والمغتصبين والقتلة».

وبعد الهجوم الصاروخي، مساء الثلاثاء، أدان غوتيريش «اتساع رقعة النزاع في الشرق الأوسط»، مندداً بـ«تصعيد وراء تصعيد» في المنطقة.

إلا أنه عاد وندّد بشدة بالهجوم الإيراني في أعقاب الانتقادات الإسرائيلية. وقال، في اجتماع طارئ لمجلس الأمن، الأربعاء: «كما كان ينبغي أن يكون واضحاً، أمس، في سياق الإدانة التي عبرتُ عنها... فإنني أدين بشدة مجدداً الهجمات الصاروخية الضخمة التي شنتها إيران، أمس، على إسرائيل».

ورداً على سؤال حول إعلان إسرائيل غوتيريش «شخصاً غير مرغوب فيه»، رأى المتحدث باسم «الخارجية» الأميركية، ماثيو ميلر، أن هذا الإجراء «ليس مفيداً، بأي شكل من الأشكال».



العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
TT

العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)

مع تسارع وتيرة الزيارات الدبلوماسية العربية والإقليمية والأجنبية إلى دمشق بعد إطاحة نظام بشار الأسد، خصوصاً في الأيام الأخيرة، ما زالت الحكومة العراقية «مترددة» في إرسال وفد رسمي إلى سوريا، رغم حالة الجوار الجغرافي والتقارب الاجتماعي بين البلدين الشقيقين.

وبينما تتواصل مواقف حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني بشأن الحرص على «مساعدة الشعب السوري»، وتأكيدها على هذا المسار، خلال اتصالاته ببعض المسؤولين والزعماء العرب، فإن عدداً غير قليل من المراقبين المحليين لاحظوا أن حكومة السوداني «ما زالت تمارس نوعاً من الانكفاء»، أو تتعاطى «بحذر وخشية» لجهة الانخراط في الحدث السوري.

وقال السوداني، الأحد، إن حكومته «بادرت بإجراء اتصالات وزيارات مع الدول الشقيقة، وأطلقنا مبادرة لإرساء الأمن في سوريا، وقدمنا ورقة عراقية في مؤتمر العقبة بالأردن بشأن سوريا، وحظيت بترحيب جميع الأشقاء».

غير أن المسؤولين الحكوميين، سواء في وزارة الخارجية، أو على مستوى الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء، لم يتحدثوا عن طبيعة تلك المبادرة، واقتصروا على التصريحات العمومية، وكذلك الأمر مع ما ورد في ورقة العقبة، وهو ما يؤكد طبيعة «الحذر» الذي تمارسه بغداد حيال الحدث السوري.

ويقرّ الباحث والمحلل نزار حيدر بـ«الحذر والانكفاء» العراقي حتى الآن، ويتوقع أن يستمر لفترة غير معروفة.

ويعزو حيدر أحد أسباب ذلك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عدداً من عناصر الفصائل السورية المسلحة كانوا يقاتلون في العراق بعد عام 2003 ضمن جماعات أصولية»، لذا «تتأنى السلطات العراقية في التواصل مع الحكم الجديد في سوريا، ولا أظنها ستتخذ خطوة إيجابية قبل أن تجد مخرجاً لهذا الملف لتسويقه أمام الرأي العام العراقي الذي ينظر بعين الريبة لهذه الفصائل».

ويتابع حيدر أن «انتظار العراق لا يمكن أن يطول كثيراً، إذ لا بد أن يتخذ خطوة إيجابية لمد جسور العلاقات مع دمشق بعد عديد البيانات والتغريدات الإيجابية التي صدرت عن عدد من المسؤولين العراقيين بشأن التغيير الذي تشهده سوريا».

ويعتقد أن «انخراط العراق في فترة من الفترات في القتال ضد تنظيمات هذه الزعامات على الأراضي السورية عندما كانت طهران تقاتل كتفاً لكتف في سوريا لحماية نظام الطاغية المخلوع بشار الأسد، له تداعيات أيضاً على ملف العراق بين بغداد ودمشق ينبغي تفكيكها».

ويتفق رئيس «مركز التفكير السياسي» إحسان الشمري على أن الموقف العراقي بشكل عام «يتعاطى بحذر شديد جداً مع التطورات السورية لاعتبارات عديدة»، حسبما قال لـ«الشرق الأوسط».

وضمن تلك الاعتبارات «القناعات المسبقة لدى العراق، واتجاهات الفصائل السورية المسلحة و(هيئة تحرير الشام) واحدة منها، وتالياً يسعى إلى وضع هذه الجماعات في لحظات ترقب واختبار».

ويعتقد الشمري أن من بين أسباب الانكفاء العراقي «حالة الانقسام الحادة داخل (الإطار الشيعي) بين الراغبين في مد العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة والرافضين لذلك التي تمثلها الفصائل المسلحة، لذلك أعاق هذا الانقسام داخل حاضنة السوداني جهود أن يكون هناك تواصل رسمي أو ذهاب وفد عراقي لدمشق».

ويعد رئيس الوزراء الأسبق وعضو «الإطار التنسيقي»، حيدر العبادي، من بين المؤيدين للوضع السوري الجديد، وأطلق قبل أيام «مبادرة الرافدين» لإغاثة الشعب السوري، وطالب بجهد سياسي مواز للانخراط في الحدث السوري.

ولا يستبعد الشمري أن يكون «الفاعل الإيراني وراء التأثير الأكبر في التردد والانكفاء العراقي، فلا تزال حكومة السوداني تنظر إلى الموقف الإيراني تجاه الملف السوري، ويبدو أن طهران رافضةٌ للحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا، وهذا باعتقادي أثر على موقف حكومة السوداني».

ويضيف سبباً آخر لحالة الانكفاء والتردد يتمثل في أن «المواقف السابقة لرئيس الوزراء، خصوصاً حين أشار في وقت سابق إلى عدم إمكانية التعامل مع الجماعات الإرهابية، قد تدفع باتجاه عدم التواصل بشكل سريع مع الحدث السوري لأنه سيكون بمثابة تناقض كبير في المواقف».