كشفت العمليات العسكرية التي ينفذها «حزب الله» لمواجهة التوغل البري الإسرائيلي بجنوب لبنان، عن استراتيجية القتال التي تقوم على إعداد الكمائن، وقصف خطوط الدعم، وضرب التحشيدات قبل انطلاقها.
وأصدر «حزب الله» في اليوم الأول من المواجهات المباشرة على الحدود الجنوبية، 27 بياناً، أعلن فيها عن التصدي لقوات من المشاة ومحاولات توغل، فضلاً عن قصف مرابض مدفعية وتجمعات لجنود إسرائيليين قرب المواقع العسكرية الحدودية، إضافة إلى تفجير عبوات، وإطلاق نيران الدفاع الجوي باتجاه مروحية، قال الحزب إنه فرض بهذا الاستهداف حظراً جوياً على المروحيات قرب المنطقة الحدودية. قالت إسرائيل، الأربعاء، إن 8 جنود قُتلوا في معارك برية في جنوب لبنان.
عمليات مكثفة
وحتى ظهر الخميس، أصدر الحزب 14 بياناً أعلن فيها عن قصف تجمعات في المواقع الحدودية، وتحركات لقوات عسكرية في محيطها، واستخدم في اليوم الثاني صواريخ «بركان»، التي تحمل رؤوساً متفجرة ضخمة تصل إلى 500 كيلوغرام، فضلاً عن صواريخ «فلق» ذات المدى القصير، وتحمل رؤوساً متفجرة تتراوح بين 70 و120 كيلوغراماً من المواد المتفجرة.
كما أعلن «حزب الله»، الخميس، عن تفجير عبوتين ناسفتين بقوة مشاة إسرائيلية حاولت التسلل باتجاه بلدة مارون الرأس.
مجموعات دفاع وإسناد
وتظهر هذه الاستراتيجية أن الحزب أعد خططاً مسبقة لمواجهة الغزو، تعتمد على مجموعات دفاعية ومجموعات إسناد، وترتبط بآليات تنسيق، كون مجموعات الإسناد يُفترض أن تكون بعيدة عن مجموعات الدفاع على الخط الأول، وترتبط أيضاً بمجموعات الرصد ومجموعات التحرك السريع التي تعد الكمائن لمواجهة التوغل، وفق ما يقول خبراء عسكريون.
وتقوم هذه الخطة على محاولة تشتيت الحشود، وإفقاد القوات المتقدمة أي قوة إسنادية. ويقول خبراء إن تحييد المروحيات «يسعى من خلاله الحزب إلى إبعاد قوة الإسناد الجوية المباشرة التي تواكب تقدم القوات البرية»، لكنها في الوقت نفسه «ليست فعالة إلى حد كبير، في ظل وجود مسيّرات تمهد أمام القوات المتوغلة، وتضرب مجموعات الإسناد الخلفية»، لكنها «تفقد تأثيرها بالكامل عند الالتحام المباشر».
النقطة صفر
ويحاول مقاتلو الحزب الاقتراب إلى «النقطة صفر»، بغرض تحييد دور المسيرات، والانخراط في قتال مباشر ومواجهات «من مقاتل إلى آخر»، ويعتمد هذا القتال بشكل أساسي على المهارات الفردية لقوات المشاة. كما يحاول منع الحشود من التقدم، عبر ضرب تحشيداتها، علماً بأن القوات الإسرائيلية استأنفت التحشيد في مواقعها والبلدات والمستعمرات الحدودية، بعد أشهر على إخلائها.
ولم تُسجل توغلات مدرعة كبيرة باتجاه الأراضي اللبنانية، وظهرت بعض الآليات التي تُسيّر عن بُعد في الأراضي اللبنانية، وانتشرت صور لإحداها، وقد تعرضت لأضرار في بلدة كفر كلا الحدودية اللبنانية.
ودعت القوات الإسرائيلية سكان القرى اللبنانية الذين أخلوا منازلهم لعدم العودة حتى إشعار آخر. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الخميس، على منصة «إكس»: «غارات الجيش الإسرائيلي مستمرة».
وتشير إحصاءات للحكومة اللبنانية إلى أن نحو 1900 قتلوا وأصيب أكثر من 9 آلاف آخرين في لبنان خلال عام تقريباً من تبادل إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» عبر الحدود بالتوازي مع حرب غزة، سقط معظمهم خلال الأسبوعين الماضيين.