مصر تجدّد تحذيرها من «حرب إقليمية شاملة» تعصف بالمنطقة

مدبولي قال إن بلاده تؤمِّن «مخزوناً استراتيجياً» للاحتياجات الأساسية

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة (مجلس الوزراء)
TT

مصر تجدّد تحذيرها من «حرب إقليمية شاملة» تعصف بالمنطقة

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة (مجلس الوزراء)

رسائل للداخل والخارج وجّهها رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي بشأن التوترات في الشرق الأوسط، حيث جدّد التحذير من مخاطر اندلاع «حرب إقليمية شاملة»، فيما طمأن الداخل بتأكيد أن الحكومة تعمل على «تأمين مخزون استراتيجي من الاحتياجات الأساسية للمواطنين، في ظل حالة عدم اليقين التي تعيشها المنطقة».

وأعرب مجلس الوزراء المصري، في جلسته التي انعقدت، الأربعاء، برئاسة مدبولي، عن «قلقه البالغ»، مشيراً إلى «بذل مصر المساعي كافةً للحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وسيادته»، وفق بيان صحافي للمجلس.

مواطنون أمام موقع تعرّض لغارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية بلبنان (أ.ب)

ونبّه إلى أن «الخطورة الكاملة للأوضاع هي أن تؤدي الخطوات الأحادية التصعيدية من جانب إسرائيل إلى الانزلاق نحو تطورات أكثر خطورة، قد تؤدي إلى الدخول في حرب إقليمية شاملة ستعصف باستقرار المنطقة بأسرها»، وفق البيان.

وتصاعُد الأحداث، وفق البيان، «يُنذر بمنعطف خطير، ويؤكد ضرورة تدخل المجتمع الدولي، والقوى الفاعلة، للعمل على وقف فورى لإطلاق النار، حقناً للدماء، وحفاظاً على أمن المنطقة ومقدراتها».

وشدّد مجلس الوزراء المصري على «إدانة القاهرة للتصعيد الإسرائيلي الخطير بجنوب لبنان»، وأكّد «رفض مصر لأي محاولات لتكريس وضع جديد على الأرض يمسّ السيادة اللبنانية»، مطالباً بـ«حتمية الوقف الفوري لإطلاق النار في لبنان وقطاع غزة؛ لأن ذلك هو العامل الأساسي الذي سيؤدي إلى خفض التصعيد وإقرار التهدئة».

تنتشر مركبات الجيش الإسرائيلي في موقع على طول الحدود مع لبنان بشمال إسرائيل (أ.ف.ب)

وخلال اجتماع الحكومة، قال مدبولي إن «تصاعُد التطورات التي تشهدها المنطقة خلال الآونة الأخيرة يفرض ظرفاً استثنائياً يُلقي بظلال تأثيراته على الأوضاع الاقتصادية لبلدانها، ومنها مصر، سواءً عبر ارتفاع أسعار البترول، أو التأثر الشديد لعائدات قناة السويس؛ نظراً لما يحدث في البحر الأحمر»، في إشارة إلى الهجمات التي يشنّها الحوثيون من اليمن.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كشف، الأحد، في حفل تخرّج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة، عن أن «قناة السويس فقدت ما بين 50 في المائة و60 في المائة من إيراداتها، أي أكثر من 6 مليارات دولار، بسبب التوترات في المنطقة خلال الشهور الثمانية الماضية».

وفي رسائل طمأنة للداخل، قال مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء، إن «الحكومة تعمل على تأمين مخزون استراتيجي من الاحتياجات الأساسية للمواطنين، في ظل حالة عدم اليقين التي تعيشها المنطقة».

رئیس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي (أ.ف.ب)

وبحسب مدبولي، فإن ثوابت السياسة المصرية تقوم على التوازن والاعتدال والإيجابية لإنهاء الأزمات وليس تصعيدها، تحسّباً من الانزلاق إلى مخاطر حقيقية تُهدّد الأمن الإقليمي بأكمله، مُنوهاً إلى «أهمية إجراء حوار استراتيجي بين دول المنطقة، بهدف البناء والتنمية، وتعظيم الاستفادة من مقدّرات الشعوب».

وبعد يومين من اتصال الرئيس المصري برئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي؛ لتأكيد التضامن مع بيروت، وإعلان تحريك مساعدات إنسانية لها، بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الثلاثاء، تطورات الموقف، وأكّد «رفض مصر لأي محاولات لتكريس وضع جديد على الأرض يمسّ السيادة اللبنانية على أراضيه».


مقالات ذات صلة

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.