الأمم المتحدة تحذّر إسرائيل من عواقب «اجتياح بري واسع النطاق» للبنان

تصاعد الدخان جرّاء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جرّاء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تحذّر إسرائيل من عواقب «اجتياح بري واسع النطاق» للبنان

تصاعد الدخان جرّاء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جرّاء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

حذّرت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، من عواقب «اجتياح بري واسع النطاق» تقوم به إسرائيل في لبنان، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي عملية برية «محدودة» في جنوب البلاد ضد «حزب الله»، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل، في تصريح صحافي، إن «العنف المسلّح بين إسرائيل و(حزب الله) تصاعد، والعواقب على المدنيين رهيبة أساساً». وأضافت: «نخشى أن يؤدي اجتياح بري إسرائيلي واسع النطاق في لبنان إلى تفاقم المعاناة».

وتابعت أن «المفوضية» «قلقة جداً إزاء توسع الأعمال الحربية في الشرق الأوسط، وواقع أنها تهدّد بجرّ كل المنطقة إلى كارثة إنسانية وعلى صعيد حقوق الإنسان».

وحذّرت ثروسيل من أن «المخاطر المتمثلة في رؤية الوضع يتدهور بشكل أكبر، مع ما يترتب على ذلك من عواقب رهيبة على المدنيين ورؤية الوضع يمتد بسرعة إلى دول أخرى في المنطقة؛ هي مخاطر حقيقية».

وقالت: «في شمال إسرائيل وبعض أجزاء شمال الضفة الغربية المحتلة، دوّت صافرات الإنذار وصدرت تعليمات إلى السكان بالبقاء قرب الملاجئ والحد من تحركاتهم وتجنّب التجمعات». وأضافت: «لقد قُتل عدد كبير من الأطفال والنساء والرجال الأبرياء، وتم التسبب بكثير من الدمار»، داعية كل أطراف النزاع إلى «التمييز بوضوح بين الأهداف العسكرية والمدنيين والأملاك ذات الطابع المدني».

من جانبه، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، اليوم، إن إسرائيل ينبغي أن توقف التوغل البري في جنوب لبنان لتجنّب تطور الأوضاع إلى صراع يشمل المنطقة. وأضاف: «نؤكد ضرورة وقف التوغل البري، لأننا نتلقى معلومات مقلقة للغاية... من الضروري التوصل إلى هدنة في لبنان ووقف إطلاق النار في غزة».

كما قالت الحكومة الإيطالية، اليوم، إن روما بصفتها الرئيس الحالي لمجموعة الدول السبع ستواصل العمل على خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط.

وأضافت، في بيان، أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أجرت مكالمة هاتفية مع نظيرها اللبناني نجيب ميقاتي، وأكدت له سعيها لتحقيق وقف لإطلاق النار والوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة.

ودعت روسيا، اليوم، إسرائيل إلى سحب قواتها «فوراً» من جنوب لبنان. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن «روسيا تدين بشدة الهجوم على لبنان وتدعو السلطات الإسرائيلية إلى وقف الأعمال الحربية فوراً وسحب قواتها من الأراضي اللبنانية وبدء البحث فعلياً عن سبل سلمية لحل النزاع في الشرق الأوسط».

يأتي ذلك في حين تدور معارك «عنيفة»، اليوم، في جنوب لبنان حيث باشر الجيش الإسرائيلي هجوماً برياً على «حزب الله»، وأمر بإخلاء نحو ثلاثين قرية، بعد أسبوع من قصف مكثف طال أهدافاً للحزب المدعوم من إيران، وأوقع مئات القتلى.

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، اليوم، إن جنوده دخلوا جنوب لبنان في إطار عملية «برية محدودة وموضعية ومحدّدة الهدف» ضد «أهداف ومنشآت إرهابية لـ(حزب الله)»، من غير أن يوضّح عدد الجنود المشاركين فيها.

لكن «حزب الله» نفى دخول قوات إسرائيلية إلى جنوب لبنان.


مقالات ذات صلة

غوتيريش يدعو إلى وقف لإطلاق النار في لبنان على الفور

العالم العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

غوتيريش يدعو إلى وقف لإطلاق النار في لبنان على الفور

قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة إن أنطونيو غوتيريش الأمين العام للمنظمة الدولية دعا اليوم الثلاثاء إلى وقف لإطلاق النار في لبنان على الفور.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي دبلوماسية في مقعد العراق بالأمم المتحدة تستمع لكلمة نتنياهو (الأمم المتحدة)

العراق يعاقب دبلوماسية لم تنسحب من كلمة نتنياهو في الأمم المتحدة

قرَّر العراق إلغاء عضوية موظفة دبلوماسية من بعثة البلاد إلى الأمم المتحدة على خلفية بقائها في قاعة اجتماعات الجمعية العامة أثناء كلمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي.

الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في الرياض الثلاثاء (واس)

السعودية تشدد على أهمية الإسراع في عملية إصلاح مجلس الأمن الدولي

شدَّد مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، على ما دعت إليه بلاده من أهمية الإسراع في عملية إصلاح مجلس الأمن الدولي لتعزيز مصداقيته واستجابته.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (إ.ب.أ)

الأمين العام للأمم المتحدة يرفض أي اجتياح برّي للبنان

يرفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أي اجتياح برّي إسرائيلي للبنان، وفق ما أعلن الناطق باسمه اليوم (الاثنين)، في حين تواصل الدولة العبرية غاراتها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية لافروف خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

موسكو تتهم واشنطن بعرقلة مساعي التطبيع بين أنقرة ودمشق

اتهمت روسيا الولايات المتحدة بعرقلة مساعي تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا وأعادت طرح إمكانية تطبيق صيغة معدلة لاتفاقية أضنة كحل لمسألة الوجود العسكري التركي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

ماذا يحصل في غزة المنسية؟!

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

ماذا يحصل في غزة المنسية؟!

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بأسره بالحرب على لبنان، والأخطار التي تحملها، وُضِعت قضية غزة على الرف، ولم تَعُد تُذكَر سوى على هامش الأخبار، مع أن معاناتها مستمرة وتتفاقم، وعشية أمطار الشتاء التي بدأت ترشح نحوها تزداد مصاعبها وتشتدّ.

من جهة، تُواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها الحربية، صحيح أن هذه العمليات خفّت بعض الشيء، لكنها لم تتوقف. وقد تحدثت وزارة الصحة الفلسطينية، الثلاثاء، عن ارتكاب الجيش الإسرائيلي 4 مجازر، أسفرت عن 23 شهيداً، و101 إصابة، خلال الـ24 ساعة الماضية، آخرها ارتُكِبت صبيحة الثلاثاء بحق النازحين في حي الفتاح، وخلّفت عشرات الشهداء والجرحى. ومع دخول الحرب على قطاع غزة يومها الـ361، ارتفعت حصيلة الحرب المتواصلة على غزة إلى 41.638 شهيد، و96.460 مصاب منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهذا عوضاً عن تفاقم الأوضاع الإنسانية.

ومع أن الجيش الإسرائيلي يؤكّد أنه قضى على 90 في المائة من قدرات «حماس» القتالية، ودمّر نصف عدد الأنفاق، واغتال غالبية القيادات، فإنه يعترف بأن «حماس» عادت لتتحكم في الأمور، ويقول إنها «تُدير منظومة بطش بالمواطنين، وتقمع أي انتقاد لها بشكل دموي»، ويدّعي الجيش الإسرائيلي أن «حماس» تسيطر على غالبية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع منذ عدة أسابيع، وتقوم بمصادرة جزء منها لخدمة كوادرها وقادتها، وتقوم بطرح البقية للجمهور بشكل تجاري، وبسبب ذلك ترتفع الأسعار بشكل جنوني، بحيث صار سعر السيجارة الواحدة 20 شيكلاً (6 دولارات)، وما زالت تتحكم في عمليات التهريب أيضاً للبضائع التي تتم من خلال عناصرها في الضفة الغربية.

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

وأما البضائع التي تصل إلى غزة عبر القطاع الخاص لتجار الجملة، فإن «حماس» تجبي ضرائب كثيرة عليها، وادّعى الجيش الإسرائيلي أن الحركة أقامت منظومة تبادل تجاري مع الضفة الغربية وتركيا تتيح لها دفع الرواتب لرجالاتها، فهي تُتيح للتاجر في غزة أن يشتري بضاعة من الضفة الغربية، وتقبض ثمنها أجهزة «حماس» في غزة، وهناك من يدفع للتاجر في الخليل أو نابلس وغيرهما من تجار الجملة في الضفة الغربية، بأموال تصل من تركيا، وهذه هي أموال «حماس».

وتقوم «حماس» بنشر إعلانات في «تلغرام» تدعو فيها عمال القطاع الصحي إلى القدوم لمستشفى ناصر في خان يونس، مثلاً، لقبض رواتبهم، أو لعمال قطاع التعليم للوصول إلى مدرسة معينة لقبض رواتبهم.

ويحرص قادة «حماس» الميدانيون على إقامة مقر قيادة لهم في العديد من التجمعات السكانية، والجمهور يعرف مكانها. فمن لا يصل إليها لغرض تقديم طلب مساعدة، يصل كمعتقل يتم التحقيق معه أو معاقبته، وربما قتله لمجرد قيامه بسرقةٍ ما أو أي مخالفة أخرى.

جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم بجوار مدخل نفق يستخدمه مسلحو «حماس» في جنوب قطاع غزة (أرشيفية - أ.ب)

ويقول الجنرالات الإسرائيليون إن أحد أسباب فشل تجنيد قيادات محلية تتولى شؤون السلطة في القطاع هو الخوف من هذا البطش، وبما أن السلطة الفلسطينية رفضت تولّي مسؤوليات جزئية تُعيدها رويداً رويداً إلى القطاع، لم يبقَ مَن يتولى إدارة شؤونهم سوى «حماس»، وهذه من جهتها تعمل كل ما في وسعها لإعادة فتح الأسواق والحوانيت والمطاعم وبيع الكنافة والبقلاوة، وغيرها من الحلويات، ليس فقط في جنوب غزة، بل أيضاً في الشمال، وتنظيف الشوارع، وإزالة الردم، وفتح خطوط المجاري، وتصريف مياه المطر.

وبناءً على هذا الوضع، يستعدّ الجيش الإسرائيلي لتولي مسؤوليات إدارية في قطاع غزة، بتعيين «حاكم عسكري مؤقت». وهو يعرف أن الحكم العسكري يعني احتكاكاً يومياً مع الناس ومع عناصر «حماس»، واحتلال ومقاومة لفترة طويلة جداً.