سوريا تستقبل نحو 200 ألف نازح من لبنان

مطالبات في دمشق بمعاملة الوافدين «دون أي تمييز»

نازحون على الحدود اللبنانية - السورية (إ.ب.أ)
نازحون على الحدود اللبنانية - السورية (إ.ب.أ)
TT

سوريا تستقبل نحو 200 ألف نازح من لبنان

نازحون على الحدود اللبنانية - السورية (إ.ب.أ)
نازحون على الحدود اللبنانية - السورية (إ.ب.أ)

اقترب عدد نازحي لبنان باتجاه الأراضي السورية من 200 ألف؛ معظمهم من السوريين الذين كانوا لاجئين في لبنان.

ومع ازدياد الانتقادات من قبل شرائح واسعة من السوريين للحكومة؛ بسبب تركيزها على تقديم الاستجابة السريعة للبنانيين المتجهين إلى سوريا وتجاهُلها المعاناة القاسية للاجئين السوريين العائدين من لبنان، أوقفت الحكومة العمل لمدة أسبوع بقرارها المتضمن إلزام المواطنين العائدين إلى البلاد بتصريف 100 دولار في المنافذ الحدودية.

وفيما قوبل القرار بارتياح نسبي لدى العائدين، ارتفعت أصوات مطالبة بإلغاء القرار بشكل نهائي بدلاً من إيقاف العمل به لفترة قصيرة؛ لأنه «مجحف بحق المواطنين»، على حد تعبير مصادر في دمشق. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «تجب معاملة الجميع دون أي تمييز، ومن كل الجوانب».

«منظرهم مأساوي ويدمي القلب»؛ بهذه العبارة وصف شهود عيان في معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان (غرب دمشق)، الاثنين، أحوال السوريين واللبنانيين الذين يعبرون إلى الأراضي السورية هرباً من الموت الذي يتسبب فيه القصف الإسرائيلي العنيف لجنوب لبنان ومنطقة البقاع الشرقي.

نازحون عند منفذ الدخول إلى سوريا غرب دمشق (إ.ب.أ)

وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن أعداد المتدفقين إلى المعبر من لبنانيين وسوريين ازدادت بشكل كبير منذ اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله قبل أيام وتكثيف إسرائيل عمليات القصف، وتهديدها بعملية برية في جنوب لبنان.

وبينما لم تتوفر لدى المصادر أرقام دقيقة لأعداد العابرين، فإنها أكدت أن أغلبهم من السوريين الذين كانوا لاجئين في لبنان، وقالت: «هناك تعاطف شعبي كبير معهم بسبب أوضاعهم السيئة».

في الأثناء، أعلن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، الاثنين، أن أكثر من مائة ألف شخص عبروا من لبنان إلى سوريا، منذ تصاعد الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، وهو رقم تضاعف خلال يومين.

وذكر غراندي على منصة «إكس» أن «عدد الأشخاص الذين عبروا إلى سوريا من لبنان هرباً من الغارات الإسرائيلية، بلغ مائة ألف؛ من لبنانيين وسوريين»، مضيفاً أن «التدفق متواصل».

أرقام سورية

ونقلت صحيفة «الوطن»، المقربة من الحكومة السورية، عن مصدر في إدارة الهجرة والجوازات، أن عدد الوافدين اللبنانيين؛ منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان وحتى لحظة تحدثه، بلغ نحو 52 ألفاً، بينما بلغ عدد السوريين العائدين نحو 125 ألفاً.

لكن المصادر المتابعة، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن الأرقام أكثر من ذلك؛ لأن عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين يعبرون من خلال معابر غير نظامية.

وبخلاف ما وقع في أثناء موجة نزوح عائلات لبنانية إلى الأراضي السورية خلال حرب يوليو (تموز) عام 2006 حيث توجه عدد كبير منهم إلى مناطق وسط دمشق ومحيطها، ومن أبرزها قدسيا وضاحية قدسيا، فقد أكدت مصادر محلية من الأخيرة ندرة توافد عائلات لبنانية نازحة إلى المنطقة خلال هذه الموجة، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 2006 كانت أوضاعنا المادية جيدة، أما حالياً فأحوالنا ضيقة جداً ولا تسمح بالاستضافة، كما أن أغلبية الشقق التي تؤجَّر مشغولة».

معقل الميليشيات

في منطقة السيدة زينب؛ التي تعدّ المعقل الرئيسي للميليشيات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في جنوب دمشق، كشفت مصادر أهلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن أغلبية العائلات اللبنانية النازحة التي توافدت إلى المنطقة توجهوا للإقامة في الفنادق، وبعضهم سكن في بنايات تعود ملكيتها إلى نافذين في الميليشيات، وأن آخرين استُضيفوا من قبل معارف لهم.

منطقة السيدة زينب في دمشق وجهة كثير من اللبنانيين النازحين إلى سوريا (رويترز)

ويجري التوافد الأكبر للبنانيين والعائدين السوريين عبر المعابر النظامية وغير النظامية في محافظة حمص. وتقول مصادر محلية في مدينة حمص: «الأعداد كبيرة جداً، وأغلب السوريين يأتون عبر المنافذ غير النظامية، وكثير منهم يتوجهون إلى بلداتهم وقراهم في حمص والمحافظات الأخرى (حلب، وحماة، ودير الزور، وريف دمشق)». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة إلى العائدين من أهالي حمص؛ فمعظمهم لديهم منازل سيقيمون فيها، والذي ليس لديه فإنه يقيم عند أقارب ريثما يتدبر أمره».

أما بالنسبة إلى اللبنانيين، فقسم منهم يبقي في المحافظة ويقيم في بيوت أقارب له، أو بيوت مهجورة، في حين يتوجه قسم آخر إلى محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.

وكشفت المصادر المتابعة عن أن الحكومة تبذل قصارى جهدها لحصر وجود الوافدين في مراكز الإيواء التي أقامتها في دمشق والمحافظات الأخرى؛ لكي «يبقى هؤلاء النازحون تحت أنظارها»، لكنها حذرت بأن الحكومة السورية «ليست لديها القدرة على تحمل حركة نزوح ضخمة باتجاه أراضيها؛ لأنها منهكة اقتصادياً».


مقالات ذات صلة

غارات على مواقع ورادارات عسكرية في جنوب سوريا

المشرق العربي من موقع الغارة (أ.ف.ب)

غارات على مواقع ورادارات عسكرية في جنوب سوريا

يضم حي المزة في دمشق كثيراً من السفارات بينها السفارة الإيرانية، ويسكن فيه عدد من عناصر وقيادات «حزب الله» اللبناني، و«الحرس الثوري» الإيراني، وقيادات فلسطينية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية مبنى مدمر في محافظة درعا جنوب سوريا (أ.ب)

إسرائيل تستهدف ما لا يقل عن 3 وحدات رادار مضادة للطائرات في جنوب سوريا

ذكر مصدران عسكريان أن إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 3 وحدات رادار مضادة للطائرات في جنوب سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي قصف إسرائيلي سابق لضواحي دمشق (رويترز)

مقتل 3 مدنيين في غارات إسرائيلية على دمشق

قُتل ثلاثة مدنيين في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت، فجر (الثلاثاء)، العاصمة السورية دمشق، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي انفجارات تُدوي في سماء ريف دمشق الاثنين (رويترز)

أنباء عن استهداف إسرائيل فيلا لماهر الأسد

دوّت انفجارات في سماء ريف دمشق، الاثنين، وسُمع صداها بمناطق واسعة من ريف دمشق الغربي. وقالت وسائل إعلام محلية إنها أصوات تصدي الدفاعات الجوية لمُسيرة معادية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أحد شوارع العاصمة السورية دمشق ويبدو علم البلاد منكّساً حداداً على مقتل حسن نصر الله (أ.ف.ب)

سماع دوي انفجارات في ريف دمشق

قال شهود لـ«رويترز»، اليوم الاثنين، إن دوي انفجارات سُمع بمناطق في ريف دمشق بسوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الجيش الإسرائيلي يستدعي 4 كتائب احتياط إضافية لعمليات في الشمال

TT

الجيش الإسرائيلي يستدعي 4 كتائب احتياط إضافية لعمليات في الشمال

دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (أ.ب)
دبابات الجيش الإسرائيلي تقوم بمناورة في منطقة تجمع في شمال إسرائيل بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (أ.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء، أنه استدعى 4 كتائب إضافية من قوات الاحتياط لمهام عمليات في الساحة الشمالية.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري في وقت سابق اليوم إن القوات الإسرائيلية تنفذ عمليات في جنوب لبنان منذ أشهر، وكشفت عن أنفاق ومخابئ أسلحة لـ«حزب الله» أسفل منازل وعن خطط للجماعة اللبنانية لشن هجمات.

وأضاف هاغاري أنه يكشف عن هذه التفاصيل لأول مرة، وذلك بعد ساعات من إعلان إسرائيل رسميا عن عملية برية «محدودة» ضد حزب الله في جنوب لبنان.

وتابع أن العشرات من هذه العمليات كشفت عن خطط تفصيلية لحزب الله لدخول إسرائيل وتنفيذ هجوم على غرار ما قامت به حركة «حماس» في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.

لا توغل برياً بعد

وكان مصدر أمني لبناني قد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن القوات الإسرائيلية لم تتوغل بعد في الأراضي اللبنانية، على الرغم من إعلان تل أبيب أنها تخوض قتالاً عنيفاً في جنوب لبنان.

وقال المصدر إن الجيش الإسرائيلي ينفّذ ما يشبه «المناورات» في مناطق مختلفة من الحدود، لكن قواته لم تتخطَّ السياج الحدودي، ولم تشتبك مع أحد.

وأوضح أن إسرائيل نفّذت مثل هذه العمليات مرتين سابقاً، لكن ما يحدث هذه المرة ترافقه حملة إعلامية واسعة.

وتوقّع المصدر أن تكون التحركات الإسرائيلية تهدف إلى جس النبض لاستكشاف الموقف في الطرف اللبناني، ودفع مقاتلي «حزب الله» إلى التحرك وإظهار مواقعهم، واستكشاف مدى استعدادهم.

وعلى الرغم من بيانات إسرائيلية عدة عن «قتال عنيف» مع «حزب الله»، فإن الحزب اللبناني المدعوم من إيران لم يصدر أي بيانات عن اشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

وأصدر الحزب بياناً قال فيه إن مقاتليه استهدفوا عند الساعة 7:40 صباحاً «تحركاً لجنود العدو في موقع المطلة بقذائف المدفعية، وحققوا فيه إصابات مباشرة».

وقالت وسائل إعلام تابعة للحزب إن وتيرة القصف المدفعي وأصوات الانفجارات، ترتفع حيناً وتنخفض حيناً آخر في المكان نفسه الذي بدأت منه عصر الاثنين، حيث لا يزال القصف يتركز في محور كفركلا - تل النحاس، وسهل الخيام، والأطراف الجنوبية لمدينة الخيام.

ونقلت وكالة «رويترز»، في وقت لاحق، عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إنه لم ترد تقارير حتى الآن عن اشتباكات مع قوات «حزب الله». وأكد أن «العملية البرية الإسرائيلية محدودة، وخيار عملية أوسع تستهدف بيروت ليس مطروحاً على الطاولة».

كما أحجم المسؤول الأمني عن تحديد مدى عمق توغّل القوات الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية، واكتفى بالقول إنها «على مسافة قريبة» من الحدود.

وتابع: «القوات المشارِكة من النوع الذي يقوم بالعمليات المحدودة»، مؤكداً أن «العمليات محدودة المكان والزمان».

ويبدو أن إسرائيل قد خصّصت عدداً أقل من الجنود للمرحلة الأولى من غزوها للبنان، مقارنة بما خصّصته لاجتياح غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفق ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز». فقد صرّح الجيش الإسرائيلي بأن فرقة واحدة ـ التي يبلغ تعدادها عادة أكثر من 10 آلاف جندي ـ شاركت في العملية على الحدود اللبنانية ليل أمس، ولم يتضح عدد القوات التي عبرت الحدود. وعلى النقيض من ذلك، فقد غزا الجيش الإسرائيلي غزة بفرقتين، على الرغم من أن غزة أصغر كثيراً وأكثر انبساطاً من جنوب لبنان.

من جانبها، نبّهت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) من أن أي توغل إسرائيلي عبر الحدود يعد «انتهاكاً» لسيادة لبنان وسلامة أراضيه. وقالت القوة في بيان: «أي عبور إلى لبنان يعد انتهاكاً لسيادة لبنان وسلامة أراضيه، وانتهاكاً للقرار 1701».

وحضّت الأطراف كلها على «التراجع عن مثل هذه الأفعال التصعيدية التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من العنف وسفك الدماء»، محذرة من أن «ثمن الاستمرار في المسار الحالي باهظ للغاية».