أعمال البحث عن مفقودين مستمرة في الضاحية الجنوبية

تشديد الرقابة على المخيّمات الفلسطينية والسورية وحركة المطار والفنادق

TT

أعمال البحث عن مفقودين مستمرة في الضاحية الجنوبية

مسعفون من الصليب الأحمر اللبناني يساعدون في البحث عن ناجين في المبنى الذي دمرته طائرة إسرائيلية وقتل فيه عدد من قادة «حزب الله» ومدنيون (أ.ف.ب)
مسعفون من الصليب الأحمر اللبناني يساعدون في البحث عن ناجين في المبنى الذي دمرته طائرة إسرائيلية وقتل فيه عدد من قادة «حزب الله» ومدنيون (أ.ف.ب)

تواصل الأجهزة المعنية، منذ يوم الجمعة، عمليات رفع الأنقاض والبحث عن عدد كبير من المفقودين جراء الغارات التي نفذتها طائرة حربية إسرائيلية على أحد المباني بالضاحية الجنوبية في بيروت، واستهدفت اجتماعاً لقادة في قوة النخبة بـ«حزب الله»، ما أدى إلى مقتل قائدها إبراهيم عقيل، إضافة إلى 15 آخرين من الحزب، ومقتل وإصابة عدد من المدنيين بينهم أطفال.

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن «مصدراً استخبارياً موثوقاً نقل معلومة بشأن اجتماع قادة (الرضوان) في الضاحية الجنوبية، ما جعل الجيش الإسرائيلي ينفذ عملية الاغتيال»، مشيرة إلى أن «خطة الاغتيال تم إعدادها بشكل فوري وفي وقت قصير، وصدّق عليها رئيس هيئة الأركان».

بحث عن مفقودين

وأعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» أنه «تم استقدام المزيد من الآليات الثقيلة للبحث عن 23 مفقوداً تحت ركام مبنى سكني مؤلف من 10 طوابق»، لافتة إلى مواصلة فرق الدفاع المدني وكشافة الرسالة الإسلامية والهيئات الصحية والصليب الأحمر «انتشال جثث الشهداء والمصابين ورفع الأنقاض من مكان الغارة المعادية، حيث دمر المبنى المستهدف بشكل كلي، وتضررت بعض المباني المجاورة بشكل جزئي، وتم العمل على إخلاء بعضها، بينما يضرب الجيش طوقاً أمنياً حول المنطقة».

وفي جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» في ضاحية بيروت الجنوبية، كان الانطباع الأبرز هو أن السكان يحاولون العودة إلى الحياة الطبيعية رغم ما حصل. ويقول صاحب متجر يبعد أقل من 100 متر عن موقع الغارة، إنه فتح متجره منذ الصباح، ورغم قلة الزبائن، فإن كثيراً منهم أتوا إلى المحل بعد أن أدركوا أن ما حدث عملية اغتيال «وليست حرباً واسعة»، وأضاف وهو يجمع بقايا من الزجاج المتناثر أمام المتجر، أن «الحياة يجب أن تستمر، ونعيش يوماً بيوم...الطموحات الكبيرة لا مكان لها الآن».

وفي بسطة لبيع الخضار لا تبعد كثيراً، يقول العامل السوري الذي يتولى البيع، إن ما حصل، الجمعة، كان كـ«فتح أبواب جهنم»، مشيراً إلى أن «ضغط الصاروخ الأول رماه عدة أمتار بعيداً، وما كاد يقف حتى انفجر الصاروخ الثاني». وعن حركة الزبائن يقول: «إنها أخف، لكنها لم تنقطع. فالناس تريد أن تأكل». وعما إذا كان يفكر بمغادرة الضاحية، قال: «لو كان لدي المال الكافي لفعلت، لكن مصيري مثل بقية الناس التي لا تمتلك خيارات، أنا أتيت إلى العمل؛ لأنني لو انقطعت يومين فسأبدأ بـ«العواء»، في إشارة إلى حالته المادية الصعبة.

حصيلة الهجمات

وفي مؤتمر صحافي عقده يوم السبت، قال وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور فراس الأبيض، إن «الحصيلة الإجمالية للاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة (الغارة على الضاحية والاعتداء السيبراني على مدى يومين) بلغت 70 شهيداً»، موضحاً أن «حصيلة الاعتداء على الضاحية الجنوبية بلغت (حتى ظهر السبت) 31 شهيداً، من بينهم 3 أطفال»، متحدثاً عن «عدد كبير من الأشلاء».

أما عدد الجرحى فبلغ، بحسب الأبيض، 68 جريحاً نقلوا إلى 12 مستشفى، من بينهم 53 عادوا إلى منازلهم، بينما لا يزال 15 جريحاً في المستشفيات من بينهم حالتان حرجتان. وبعد الظهر، أصدر مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، تحديثاً جديداً لحصيلة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، وأفاد فيه بأن عدد الشهداء ارتفع إلى 37 شخصاً.

وضع خطير

من جهته، وصف وزير الداخلية والبلديات، بسام مولوي، الوضع الأمني بالبلد بـ«الدقيق والخطير»، مشيراً إلى أنّ «لبنان قد يكون في مرحلة مصيرية تتطلّب وعياً وتضامناً ويقظة».

وقال مولوي عقب اجتماع استثنائي لمجلس الأمن الداخلي المركزي، لبحث تطوّرات الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية: «نتابع العمليات في بيروت والجنوب، ومطلوب من القوى الأمنية والعسكرية متابعة التحرّكات المشبوهة لتفادي أي خروقات أو اعتداءات على الأحياء السكنية».

وكشف مولوي عن «تكثيف الجهود الاستعلامية على الأرض، ومتابعة حركة المسافرين والفنادق والمخيمات السورية والفلسطينية، والأمور التي قد تؤدي في هذه الظروف إلى إحداث أي فلتان أمني داخلي». ورأى المولوي أنه «أمام هول وخطورة الأحداث العسكرية والأمنية والحربية التي تحصل في لبنان كان من الضروري اجتماع مجلس الأمن المركزي بشكل استثنائي؛ لدراسة ومعالجة واتخاذ التدابير اللازمة على صعيد الأمن الداخلي في هذه الظروف والبداية هي بالتعزية للبنانيين».

وتابع: «كلّنا نعلم أنّ هناك خرقاً، وأنّ إسرائيل تستخدم تقنيّات جديدة، والأجهزة الأمنية تقوم بدراستها بالتوازي مع عملها في الداخل، لذلك علينا مراقبة المخيّمات الفلسطينية ومخيّمات النازحين السوريين وحركة المطار والفنادق».


مقالات ذات صلة

جنبلاط يدعو لفصل جبهة لبنان عن غزة... وبري متمسك بترشيح فرنجية

المشرق العربي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال مؤتمر صحافي في بيروت (مكتب رئيس الوزراء اللبناني - أ.ف.ب)

جنبلاط يدعو لفصل جبهة لبنان عن غزة... وبري متمسك بترشيح فرنجية

دعا الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، إلى فصل مسار الحرب في لبنان عن قطاع غزة، لإعادة تفعيل المبادرات الدبلوماسية، وسط حراك عربي ودولي.

المشرق العربي مقاتلون من «حزب الله» خلال جنازة في ضاحية بيروت الجنوبية لـ3 من رفاقهم قُتلوا بسوريا في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

«حزب الله» مع أولوية وقف النار جنوباً... ولا يربطه بغزة

تعدّدت التفسيرات للدوافع السياسية التي أمْلت على «حزب الله» إعطاء الأولوية لوقف النار في جنوب لبنان، من دون أن يشترط انسحابه على الجبهة الغزاوية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي دورية لقوات «يونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

تيننتي: قواتنا ما زالت في مواقعها على طول الخط الأزرق

ترفض قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) الخضوع لطلبات إسرائيل المتكررة بإخلاء مواقعها في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان وتتمسك بالبقاء فيها

بولا أسطيح (بيروت)
خاص رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» هاشم صفي الدين (أ.ف.ب) play-circle 00:40

خاص مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط»: «قناعة معلوماتية» بمقتل صفي الدين

«قناعة معلوماتية» بمقتل هاشم صفي الدين، الخليفة المحتمل للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله... والحزب «يحجم عن نعيه بانتظار الوصول إلى الجثة».

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي اجتماع خصص لأمن المطار برئاسة ميقاتي (رئاسة الحكومة اللبنانية)

لبنان يوسع صلاحيات الجيش في المطار... لتجنب إقفاله

علمت «الشرق الأوسط» أنه تم توسيع صلاحيات الجيش اللبناني في مطار بيروت لتأكيد الحرص على عدم استعمال المطار لأغراض عسكرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

كيف ينظر العالم للسابع من أكتوبر في الذكرى الأولى للهجوم على إسرائيل والحرب على غزة؟

عام على الحرب في غزة (رويترز)
عام على الحرب في غزة (رويترز)
TT

كيف ينظر العالم للسابع من أكتوبر في الذكرى الأولى للهجوم على إسرائيل والحرب على غزة؟

عام على الحرب في غزة (رويترز)
عام على الحرب في غزة (رويترز)

يشارك أفراد من مختلف أنحاء العالم في مسيرات ومراسم لإحياء الذكرى الأولى للهجوم الذي شنه مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي أشعل فتيل حرب غزة، وسط تصاعد القتال في القطاع، الاثنين.

ووفقاً للإحصاءات الإسرائيلية فقد أسفر الهجوم عن مقتل 1200 شخص، واحتجاز نحو 250 رهينة. وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة تَسَبَّبَ منذ ذلك الحين في مقتل نحو 42 ألفاً، إلى جانب نزوح كل سكان القطاع تقريباً وعددهم 2.3 مليون نسمة.

ورصدت «رويترز» انطلاق مظاهرات داعمة للفلسطينيين في مدن كبرى من جاكرتا وإسطنبول إلى بوينس آيرس، الأحد، في أعقاب احتجاجات خرجت، يوم السبت، في عواصم أوروبية وواشنطن ونيويورك.

إسرائيل

بدأت المراسم والفعاليات في إسرائيل في نحو الساعة 06:29 صباحاً بالتوقيت المحلي، وهو الوقت الذي أطلق فيه مسلحو «حماس» صواريخ على إسرائيل في بداية هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال إشعال شموع في نصب «سيوف من حديد» التذكاري في القدس: «نتذكر قتلانا ورهائننا الذين نلتزم بإعادتهم».

وتَجَمَّعَ نحو 300 شخص أمام منزل نتنياهو في مقدمتهم عائلات الرهائن الذين رفعوا صورهم خلال دقيقة صمت على القتلى.

وفي موقع «مهرجان نوفا الموسيقي» حيث قُتل مئات الحضور والعمال، وجرى احتجاز العشرات قبل عام، انضم الرئيس إسحق هرتسوغ إلى عائلات وأصدقاء القتلى والرهائن المفجوعين.

واستمع المشاركون إلى آخر أغنية جرى تشغيلها قبل أن تتوقف فجأة مثلما حدث قبل عام عند شروق الشمس. وقالت قريبة لواحدة من قتلى الهجوم: «هذا هو المكان الذي كانت فيه، وهذا هو المكان الذي كانت سعيدة فيه في لحظاتها الأخيرة. كان هنا».

كما تجمعت عائلات بين أنقاض تجمع بئيري السكني الذي تَعَرَّضَ للهجوم في السابع من أكتوبر.

وفي تل أبيب، وقف الناس في صمت، بينما نفخ آخرون في الشوفار، وهو قرن كبش يُستخدم في الطقوس الدينية اليهودية، لإحياء الذكرى.

غزة

لم يتم التخطيط لإقامة أي فعاليات رسمية في غزة، الاثنين. وكثفت القوات الإسرائيلية الهجمات الجوية والبرية في مناطق عدة بالقطاع قائلة إنها تهاجم مسلحي «حماس» ومراكز قيادة الحركة.

وقالت حركة «حماس» في بيان إن جناحها العسكري هاجم تل أبيب بوابل من الصواريخ، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن صفارات الإنذار دوَّت في وسط إسرائيل.

وفي كلمة بمناسبة الذكرى السنوية، دعا خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في الخارج والمقيم في قطر، الدول العربية والإسلامية إلى فتح «جبهات مقاومة إضافية» ضد إسرائيل.

وقال مشعل: «رسالتي إلى الأمة اليوم: نحن بحاجة إلى أن تقوم الأمة بواجبها... يجب فتح جبهات جديدة للمقاومة. هذا واجب شرعي وجهادي على كل الأمة، ليس فقط في فلسطين، بل في كل مكان تشتعل فيه المعركة من أجل الحرية والكرامة».

وقال سكان في غزة لـ«رويترز» إنهم يتوقون للعودة إلى حياتهم الطبيعية مثلما كانت قبل الحرب.

وقال أبو حسن شاهين: «قبل (سبعة) أكتوبر كان فيه أحلام عند الواحد، أنا كأب يعني (إلي) 6 أولاد، كنت يعني همي الأكبر إني أنا أدبر لهم (بيوت)، أدبر لهم زوجات. ولكن بعد (سبعة) أكتوبر كل (هادا) راح للفشل. يعني 58 سنة عمل بالنسبة إلي... راحوا كلهم هباءً منثوراً، كلهم صاروا (تراب)، صاروا حجارة».

الولايات المتحدة

من جانبه، ندد الرئيس الأميركي جو بايدن بما قال إنها «وحشية لا توصف» خلال هجوم السابع من أكتوبر، وأشاد بمن قُتلوا أو خُطفوا، ومن بينهم مواطنون أميركيون، وقال إنه لا يزال ملتزماً بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد مرور عام.

وأضاف في بيان: «أعتقد أن التاريخ سيتذكر أيضاً السابع من أكتوبر بوصفه يوماً مظلماً للشعب الفلسطيني بسبب الصراع الذي أشعلت فتيله (حماس) في ذلك اليوم... لن نتوقف عن العمل من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة».

وقالت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي: «يتعين علينا جميعاً أن نضمن عدم حدوث أي شيء مثل أهوال السابع من أكتوبر مرة أخرى. وسأبذل قصارى جهدي لضمان القضاء على التهديد الذي تشكله (حماس)».

وأضافت: «أشعر بحزن بالغ إزاء حجم الموت والدمار في غزة على مدى العام المنصرم - عشرات الآلاف من الأرواح التي أُزهقت، والأطفال الذين يفرون بحثاً عن الأمان مراراً وتكراراً، والأمهات والآباء الذين يعانون للحصول على الغذاء والماء والدواء. حان الوقت للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من أجل إنهاء معاناة الأبرياء».

تركيا

ركز الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على محنة الفلسطينيين، وكتب على منصة «إكس»: «ما يموت في غزة وفلسطين، وفي لبنان اليوم، ليس النساء والأطفال والرضع والمدنيين الأبرياء فحسب؛ بل الإنسانية والنظام الدولي اللذان يُفترض أن يخدما الإنسانية».

أستراليا

على شاطئ بوندي في سيدني وقف مشاركون في تجمُّع وهم يحملون أعلاماً إسرائيلية وأسترالية في صمت للاستماع إلى سرد أسماء الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى «حماس».

بريطانيا

قال رئيس الوزراء كير ستارمر في بيان: «مع مرور عام منذ بدء هذه الهجمات المروعة، يجب أن نقف بشكل لا لبس فيه مع المجتمع اليهودي، وأن نتحد كأننا دولة واحدة».

فرنسا

قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال زيارة لإسرائيل في كلمة للمشاركين في إحياء الذكرى عند موقع «مهرجان نوفا الموسيقي»: «فرنسا تحبكم». وقال الرئيس إيمانويل ماكرون عبر منصة «إكس»: «لا يزال الألم باقياً، قوياً مثلما كان قبل عام، أقصد ألم الشعب الإسرائيلي وألمنا وألم الإنسانية الجريحة».

تايلاند

في كنيسة بشمال شرقي تايلاند، اجتمعت أسرة سرياون، الأحد، للصلاة من أجل عودة الابن الأكبر للأسرة واتشارا سرياون (32 عاماً)، وهو واحد من 6 تايلانديين يُعتقد أنهم محتجَزون لدى «حماس» منذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي.