واشنطن تضغط على إسرائيل و«حماس» لتنازلات قبل عرض مقترحها المحدّث

الجيش يدحض ادعاءات نتنياهو حول «فيلادلفيا» بأن الأنفاق مغلقة منذ سنوات

جنود إسرائيليون عند مدخل نفق يؤدي إلى مصر في منطقة ممر فيلادلفيا في جنوب غزة في 13 سبتمبر (الجيش الإسرائيلي - رويترز)
جنود إسرائيليون عند مدخل نفق يؤدي إلى مصر في منطقة ممر فيلادلفيا في جنوب غزة في 13 سبتمبر (الجيش الإسرائيلي - رويترز)
TT

واشنطن تضغط على إسرائيل و«حماس» لتنازلات قبل عرض مقترحها المحدّث

جنود إسرائيليون عند مدخل نفق يؤدي إلى مصر في منطقة ممر فيلادلفيا في جنوب غزة في 13 سبتمبر (الجيش الإسرائيلي - رويترز)
جنود إسرائيليون عند مدخل نفق يؤدي إلى مصر في منطقة ممر فيلادلفيا في جنوب غزة في 13 سبتمبر (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل و«حماس» من أجل إنقاذ صفقة وقف النار في قطاع غزة، وتبذل جهوداً مكثفة لإقناع الطرفين بتقديم التنازلات قبل طرح وثيقتها الخاصة المؤجلة والمحدثة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إن الولايات المتحدة تحاول إنقاذ الصفقة، وتضغط على الوسطاء، قبل تقديم اقتراح التسوية الخاص بها المتوقع هذا الأسبوع.

وبحسب الصحيفة، تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على مصر وقطر لدفع «حماس» على التنازل، ويطالبون إسرائيل بالتنازل كذلك.

وقالت مصادر مطلعة لـ«يديعوت»: «توجد تطورات في هذا الاتجاه خلف الكواليس».

ويعتقد المسؤولون في إسرائيل أن تقديم الولايات المتحدة للاقتراح مرتبط بتقديم «حماس» تنازلات. وقالت «يديعوت»: «إذا كانت (حماس) ستتنازل بشأن مطالبها، سيعرض الأمريكيون اقتراح التسوية، ويطالبون أيضاً من إسرائيل التنازل». لكن مسؤولاً رفيعاً في إسرائيل، شكَّك، وقال من غير المؤكد أن يتم تقديم الاقتراح.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ونقلت «يديعوت» أجواءً من التشاؤم لدى المفاوضين الذين يشعرون بأن احتمال تنازل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معرضاً نفسه لخطر إسقاط حكومته، منخفض. وبالتالي «يبدو أننا ما زلنا في طريق مسدود».

الفهم في إسرائيل هو أن واشنطن لم تقرر بعد ما إذا كانت ستضع اقتراحها، وأنها تبدو خائفة من أن الاقتراح في الوقت الحالي سيؤدي إلى انفجار، ولذلك، يفضلون في واشنطن ممارسة الضغوط، والعثور على اقتراح يمكن أن يدفع إلى مفاوضات، بدلاً من أن يرفض أحد الطرفين أو كلاهما ذلك.

شخص يسير بالقرب من نوافذ محطمة في مبنى سكني متضرر بعكا شمال إسرائيل بعد أن أطلق «حزب الله» صواريخ وطائرات دون طيار أغسطس الماضي (رويترز)

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع في الحكومة، إن الأميركيين يزيدون الضغط في نقطتين، عدم الانجرار إلى حملة واسعة في الشمال مع لبنان، والاتفاق على صفقة رهائن. وأضاف المسؤول: «السنوار (رئيس حماس)، ليس لديه حالياً اهتمام بالصفقة، ويعتمد على الضغوط التي تمارَس على إسرائيل في الساحة الدولية».

ويقولون في إسرائيل، إن مصر وقطر لا يستخدمان نفوذهما ضد «حماس»، وإنه لجعل السنوار يذهب إلى طاولة المفاوضات، يجب على الوسطاء ممارسة الضغط. وبحسب «يديعوت» فإنهم في إسرائيل يريدون أن تستخدم الدوحة الأدوات التي لم تستخدمها حتى الآن، مثل التهديد بطرد القادة، جنباً إلى جنب مع إغلاق الحسابات المصرفية أو قنوات الأموال.

رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي خلال لقاء مع جنوده عند «محور فيلادلفيا» (أ.ف.ب)

وفشلت سابقاً جهود التوصل إلى اتفاق وقف نار، بسبب إصرار نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، ورفضه التراجع عن تفتيش الفلسطينيين العائدين من الجنوب إلى شمال قطاع غزة، وتقديم «حماس» قائمة عدها الإسرائيليون مبالَغاً فيها للأسرى الفلسطينيين الذين يجب أن يُطْلَق سراحهم مقابل المحتجزين الإسرائيليين في غزة.

وظهرت «فيلادلفيا»، كأكبر عقدة في المفاوضات. ويقول نتنياهو إنه إذا خرج الآن من «فيلادلفيا» فإنه سيتخلى عن إنجاز إسرائيل الاستراتيجي في الحرب الحالية، رافضاً مقترح الجيش بالخروج المؤقت في المرحلة الأولى من الصفقة لمدة 6 أسابيع، على أساس أنه لن يتمكن من العودة إلى هناك مرة أخرى إذا خرج.

جندي إسرائيلي يسير نحو مدخل نفق يؤدي إلى مصر في قطاع غزة بممر فيلادلفيا بجنوب غزة في 13 سبتمبر (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وحاول الجيش إحراج نتنياهو مرة أخرى، وأعلن أن كل الأنفاق على محور فيلادلفيا مغلقة منذ سنوات.

وقالت صحيفة «هآرتس»، إنه في الأيام الأخيرة دحض الجيش الإسرائيلي ادعاءات نتنياهو بشأن محور فيلادلفيا، بعدما أكد أن جميع الأنفاق التي أقامتها «حماس» تحت المحور، لم تكن نشطة خلال السنوات السبع الماضية، ولم تهرب أي ذخيرة عبرها.

وأضافت: «وفقاً للتقديرات، فإن تهريب الأسلحة إلى غزة كان يجري من خلال معبر رفح، ومن خلال إعادة استخدام الذخيرة الإسرائيلية التي لم تنفجر بغزة، وبالاعتماد على البنية التحتية للإنتاج المحلي التي أقيمت في غزة على مر السنين الماضية».

وعقَّب مسؤول أجنبي منخرط في مفاوضات غزة لـ«هآرتس»: «لم يعد أمام نتنياهو أي مبرر للإصرار على مواقفه بشأن محور فيلادلفيا. الأميركيون يريدون طرح المقترح وإنجاحه، ومن الواضح بالفعل أنه يتعين على إسرائيل و(حماس) أن تكونا مرنتين في التخلي عن المطالب التي قُدمت من كل جهة».

وتواجه إسرائيل في محور فيلادلفيا مشكلتان، الأولى أن «حماس» ترفض أي اتفاق دون الانسحاب من هناك، والثانية أن مصر ترفض كذلك بقاء الجيش هناك.

وقال مصدر إسرائيلي مطّلع على التفاصيل، إنه إذا وصلت إسرائيل إلى توافقات مع مصر بشأن وجود الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، فسيكون من الصعب على «حماس» «تسلق الشجرة».

وأكد المسؤول: «نحن بحاجة إلى تحويل مصر إلى وسيط، وليس إلى طرف في الحدث، لأنهم أيضاً لا يريدوننا في محور فيلادلفيا». وشدد على أن إسرائيل وحتى يتم عرض أي خطة، ستواصل الضغط العسكري على «حماس». ولن تتنازل عن وجودها العسكري، بل ستزيد الضغط.

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث إلى الصحافيين قبل اجتماعه بفريق التفاوض بشأن صفقة الرهائن في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

ولا يُعرف بعد إذا كانت الولايات المتحدة ستطرح وثيقتها فعلاً هذا الأسبوع، أم ستنتظر نتائج مرضية قبل ذلك.

وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل، جاك لو، في مؤتمر صحيفة «هآرتس» السنوي: «مررنا بعملية مفاوضات طويلة، والآن لا نعرف ما الذي ستوافق عليه (حماس). نحن نضغط على إسرائيل و(حماس) من أجل التقارب قدر الإمكان. والرسالة الأخيرة التي تلقيناها من الحكومة الإسرائيلية هي أنها ستبدي مرونة بشأن القضايا الرئيسية. نحن أمام لحظة استراتيجية، وإذا كانت هناك فترة هدوء في غزة، فإن ذلك سيفتح الطريق أمام تسوية أوسع تشمل جبهة لبنان. إننا نرى اشتباكات يومية بين إسرائيل و(حزب الله)، والتحدي هو التوصل إلى تسوية بسرعة حتى لا يتصاعد الصراع إلى مستويات لا يرغب فيها أي طرف».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (أرشيفية - د.ب.أ)

وزير الدفاع الإسرائيلي: هناك ضرورة للعمل العسكري على الحدود الشمالية... ونتنياهو يبلغ المبعوث الأميركي بالحاجة إلى «تغيير جذري» هناك

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الاثنين، إن السبيل الوحيد لإعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم هو العمل العسكري.

«الشرق الأوسط» (القدس)
تحليل إخباري فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

مساعٍ وجولات كثيرة قادها الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، لإنهاء أطول حرب شهدها قطاع غزة، أسفرت عن هدنة نهاية نوفمبر 2023 استمرت أسبوعاً واحداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية طرد صحافي من «جويش كرونيكل» لتقارير مزيَّفة عن «حماس» تخدم نتنياهو

طرد صحافي من «جويش كرونيكل» لتقارير مزيَّفة عن «حماس» تخدم نتنياهو

«جويش كرونيكل» تطرد صحافياً لنشره وثائق مزيَّفة تخدم تخريب نتنياهو للهدنة، وادعاءات أن «حماس» ستهرّب المختطفين إلى إيران واليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار (د.ب.أ)

تقرير: نظام الاتصالات منخفض التقنية ينقذ السنوار من الموت المحتم

كان من الممكن أن يكون زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار مقتولاً اليوم، لولا نظام الاتصالات منخفض التقنية الذي يحميه من شبكة جمع المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

أم من غزة تشتاق لبناتها الثلاث في مستشفى بالقدس والحرب تحول بينها وبينهن

يتواصل الأطباء وطاقم التمريض مع حنان عبر تطبيق «واتساب» إذا حالف العائلة الحظ بالاتصال بالإنترنت في غزة (رويترز)
يتواصل الأطباء وطاقم التمريض مع حنان عبر تطبيق «واتساب» إذا حالف العائلة الحظ بالاتصال بالإنترنت في غزة (رويترز)
TT

أم من غزة تشتاق لبناتها الثلاث في مستشفى بالقدس والحرب تحول بينها وبينهن

يتواصل الأطباء وطاقم التمريض مع حنان عبر تطبيق «واتساب» إذا حالف العائلة الحظ بالاتصال بالإنترنت في غزة (رويترز)
يتواصل الأطباء وطاقم التمريض مع حنان عبر تطبيق «واتساب» إذا حالف العائلة الحظ بالاتصال بالإنترنت في غزة (رويترز)

سافرت حنان البيوك في أغسطس (آب) 2023، من غزة إلى القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل لإجراء عملية ولادة عالية الخطورة، ووضعت بناتها التوائم الثلاث مبكراً، إلا أنهن في حالة جيدة رغم ما يعانينه من نقص الوزن. واضطرت حنان إلى ترك بناتها بعد وقت قصير من الولادة، ولا تعرف الآن متى ستتمكن من احتضانهن مرة أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، أدت قيود الحركة التي تفرضها إسرائيل على حركة الفلسطينيين إلى اضطرار البيوك البالغة من العمر 26 عاماً، للعودة إلى قطاع غزة خوفاً من مخالفة القانون، في الوقت الذي كانت فيه بناتها بالرعاية المركزة.

وبحلول الوقت الذي أصبحن فيه مستعدات للعودة إلى المنزل، اندلعت الحرب وأصبحت والدتهن محاصرة، لتكون مكالمات الفيديو وسيلتها الوحيدة للبقاء على اتصال بهن.

في مستشفى المقاصد يكرر العاملون كلمة «ماما» لحث الفتيات على التركيز على صورة والدتهن المعروضة بالجوال (رويترز)

وتتلقى بناتها نجوى ونور ونجمة الرعاية في مستشفى المقاصد، حيث تنتشر الرسوم الملونة على الجدران والألعاب ومشايات الأطفال ليتحركن بها.

ووضع الفتيات الثلاث مختلف تماماً عن الظروف التي يعيشها الأطفال في قطاع غزة الذي تحاصره القوات الإسرائيلية وتقصفه منذ شنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجوماً على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في مارس (آذار)، إن أكثر من 13 ألف طفل قتلوا في الصراع بغزة، مضيفة أن كثيراً من الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، ولا «يملكون حتى الطاقة للبكاء».

وقال الطبيب حاتم خماش، مدير الرعاية المركزة للأطفال حديثي الولادة في المستشفى، إن نمو التوائم الثلاثة يحدث بصورة طبيعية.

وأضاف: «الحمد لله كلهم طلعوا بتطور كويس، تطور عقلي كويس. طلعوا كلياتهم بالتنفس، تنفسهم كان كويس».

اضطرت حنان إلى ترك بناتها بعد وقت قصير من الولادة ولا تعرف متى ستتمكن من احتضانهن مرة أخرى (رويترز)

ويتواصل الأطباء وطاقم التمريض مع حنان عبر تطبيق «واتساب»، إذا حالف العائلة الحظ في الاتصال بالإنترنت في غزة. وتأثرت الاتصالات بشدة بسبب الحرب التي اندلعت عندما عبر مسلحو «حماس» من غزة إلى إسرائيل التي تقول إن الهجوم أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وأسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 41206 فلسطينيين وإصابة 95337 آخرين، وتدمير أجزاء كبيرة من القطاع المكتظ بالسكان. ولم تُظهر مفاوضات وقف إطلاق النار بوساطة جهات دولية أي مؤشرات تذكر على تحقيق انفراجة.

وفي مستشفى المقاصد، يكرر العاملون كلمة «ماما، ماما»، لحث الفتيات على التركيز على صورة والدتهن الصغيرة المعروضة على الهاتف، وهن يمددن أيديهن للإمساك بالشاشة.