الراعي: اللبنانيون يتعرضون لغزو أسوأ من الاحتلال

استمرار المواقف الرافضة لتهديدات نائب سابق في «حزب الله»

البطريرك الماروني بشارة الراعي في القداس السنوي لـ«شهداء المقاومة اللبنانية»... (الوكالة الوطنية للإعلام)
البطريرك الماروني بشارة الراعي في القداس السنوي لـ«شهداء المقاومة اللبنانية»... (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

الراعي: اللبنانيون يتعرضون لغزو أسوأ من الاحتلال

البطريرك الماروني بشارة الراعي في القداس السنوي لـ«شهداء المقاومة اللبنانية»... (الوكالة الوطنية للإعلام)
البطريرك الماروني بشارة الراعي في القداس السنوي لـ«شهداء المقاومة اللبنانية»... (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع البطريرك الماروني، بشارة الراعي، من سقف مواقفه، عادّاً أن «اللبنانيّين يتعرّضون لغزو أسوأ من الاحتلال»، ومتحدثاً عن «مكونات تريد لبنان أرضاً شاغرة لمشاريعها».

وجاءت مواقف الراعي في القداس السنوي لـ«شهداء المقاومة اللبنانية»، الذي أقيم في بلدة ميفوق بقضاء جبيل.

وقال في عظته: «في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانيّة، لا بدّ من وقفة فحص ضمير وطنيّ، فنقول: هناك مكوّنات تريد لبنان الكبير أرضاً شاغرة لمشاريعها، ومن دون دولة ونظام ودستور وقانون. تفضّله مساحة تُفرز عقارياً، لا وطناً يضمّ وجدانيّاً. هناك فرق كبير بين الاعترافِ بلبنان والإيمان به. فالاعتراف هو أخذ العلم بوجود لبنان، بينما الإيمان هو أخذ لبنان بجوهره وهويّته ونظامه وقيمه ورسالته»، وذلك في انتقاد واضح لـ«حزب الله» وحلفائه.

وأضاف الراعي: «هناك فارق بين معيار الولاء للبنان، وما نتمثّل فيه: ففي الحالة الأولى إيمان مطلق بلبنان في ما يمثّل بحدّ ذاته، وفي الحالة الثانية حساب ربح وخسارة. وهذه بكل أسف حالتنا في لبنان. دافعنا جميعاً عن لبنان بمقدار ما نحن موجودون فيه، لا بمقدار ما هو موجود فينا. وحين كلّ مكوّن لبنانيّ بدأ يشعر أنّ لبنان هو لمكوّن آخر – وهذا منطق تقسيميّ وامتلاكيّ – لم يعد لبنان لأحد، فتوزّعت المكوّنات بقاياه كالغزاة الذين ينهبون بلداً لا يملكونه ويضطهدون شعباً اجتاحوه». من هنا عدّ الراعي أن «اللبنانيّين يتعرّضون لغزو أسوأ من الاحتلال. هذه الحالة الغريبة والفريدة أضعفت إيمان اللبنانيّين بوطنهم. فالذين هاجروا غادروا لعدم إيمانهم بمستقبل لبنان. بقاء لبنان رهن بتغيير المسار الانحداريّ بانتخاب رئيس للجمهوريّة، يعود بنا إلى جوهر الشراكة الوطنيّة، واعتبار دولة (لبنان الكبير) هي المنطلق وهي مرجعيّة أي تطوّر وطنيّ»، مضيفاً: «غريب ألّا تعتبر الدولة اللبنانيّة ذكرى تأسيسها في أوّل سبتمبر (أيلول) 1920، عيداً وطنيّاً. فأيّ تاريخ أعزُّ من هذا التاريخ؟ من دونه لا استقلال، ولا شراكة، ولا صيغة، ولا ديمقراطيّة»، سائلاً: «أليس تجاهُل هذا التاريخ تعبيراً عن عَطَبٍ في الاعتراف به ونقصٍ في الإيمان؟».

وتوجه إلى الحاضرين داعياً كي «تكون دماء شهداء المقاومة اللبنانيّة حافزاً لنا للإيمان بلبنان، والمطالبة الحثيثة بانتخاب رئيس للجمهوريّة، يعيد لجميع اللبنانيّين الشراكة والوحدة اللبنانيّة».

مواقف رافضة

وجاء كلام الراعي في وقت تستمر فيه المواقف الرافضة لكلام النائب السابق في «حزب الله» نواف الموسوي الذي هدّد بتصفية أي رئيس للجمهورية لا يتوافق مع توجهاتهم.

وكتب النائب أشرف ريفي على صفحته عبر «إكس»: «ما قاله نواف الموسوي كشف حقيقتهم. يفتخرون باغتيال (رئيس الجمهورية الراحل) بشير الجميّل. هدّدوا (رئيس الحكومة الراحل) رفيق الحريري ثم اغتالوه، واغتالوا النائبين جبران تويني وبيار الجميّل، ووسام الحسن (رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي)، وشهداء ثورة الاستقلال. يمارسون التخوين والاغتيال بدمٍ بارد».

وأضاف: «سنقاومهم لأننا نمثّل لبنان الأجمل. سنقاومهم ولن ينالوا إلا العار، فمشروعهم مرادف للموت ومناقض للحياة... في دولة الدمى لا يحاسَبون، والحساب مع دولة الحق والعدالة والقانون، وهي آتية لا محالة. المجد والخلود لشهداء لبنان».

كذلك، كتب عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية» النائب زياد الحواط على منصة «إكس»: «ماذا يبقى من لبنان وحياته السياسية ومن الممارسة الديمقراطية عندما تهدّد قوة الأمر الواقع التي تمسك بمفاصل الوطن بشكل علني وواضح من قبل أحد القياديين فيها، خصومها السياسيين بالقتل والتصفية لمجرّد أنهم يخالفونها الرأي؟»، مضيفاً: «هذه الممارسات تدلّ على عمق الأزمة التي يعيشونها وثقافة إلغاء الرأي الآخر، وعلى أن المعارضة السلمية الديمقراطية تفعل فعلها مهما رفعوا الصوت وحرّكوا الأصابع. لو كنا في دولة لتحرّك القضاء فوراً واتخذ الإجراءات القضائية اللازمة. معركتنا الأساسية هنا: الدفاع عن لبنان حتى الرمق الأخير في وجه الظلام».

من جهته، أعلن المحامي مجد حرب، عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه سيتقدم الثلاثاء بإخبار عمّا أدلى به الموسوي «وإذا لم يتحرّك القضاء، فأدعو كلّ من يُستدعى إلى التحقيق بسبب موقف سياسي أن يرفض الحضور».

وكان انتشر قبل يومين مقطع فيديو للموسوي خلال مقابلة عبر تلفزيون «المنار» التابع لـ«حزب الله» يقول فيه إن أي رئيس للجمهورية لا يتوافق مع رغباتهم فسيُقتل، واصفاً اغتيال بشير الجميل بـ«العمل الوطني»، وهو ما استدعى ردود فعل رافضة، أبرزها من قبل حزب «الكتائب اللبنانية» الذي قال: «من الواضح أن لدى الموسوي عقدة اسمها بشير الجميّل... وسنكتفي بالقول إن كان هناك من يستحق المحاكمة والإعدام لارتكابه جريمة قتل وطن وتدميره بالكامل، فهو وحزبه وحليفه قاتل البشير الذي ظنّ أن باغتياله اغتال مشروع الدولة ومحى تاريخ مقاومة دافعت عن لبنان حصراً».

https://x.com/LebaneseKataeb/status/1834599783756874078

وأضاف: «اذا كان هناك من منطق وعدالة؛ فيجب وضع الموسوي ومن معه في السجون وإبعادهم عن الناس؛ لما يشكّلونه من خطر بالغ على لبنان واللبنانيين».


مقالات ذات صلة

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
TT

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)
كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

وفيما يلي بعض الجوانب الرئيسية من تكلفة الصراع الذي احتدم بشدة منذ شهرين حين شنت إسرائيل هجوماً على الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

حصيلة القتلى والجرحى

قالت وزارة الصحة اللبنانية إنه حتى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) قُتل 3768، وجُرح 15699 شخصاً على الأقل في لبنان منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ولا تميز الأرقام بين مقاتلي «حزب الله» والمدنيين. وغالبية الحصيلة وقعت بعد أن شنت إسرائيل هجومها في سبتمبر (أيلول).

ولم يتضح بعد عدد القتلى في صفوف «حزب الله». وكانت الجماعة قد أعلنت عن مقتل نحو 500 من مقاتليها في المعارك حتى اللحظة التي شنت فيها إسرائيل هجومها في سبتمبر، لكنها توقفت عن إعلان ذلك منذئذ.

ويقول معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية، إن جماعة «حزب الله» خسرت 2450 فرداً إجمالاً.

وقتلت غارات «حزب الله» 45 مدنياً في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.

وقالت السلطات الإسرائيلية إن 73 جندياً إسرائيلياً على الأقل قُتلوا في شمال إسرائيل، وهضبة الجولان وفي معارك بجنوب لبنان.

الدمار

قال تقرير للبنك الدولي إن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان تقدَّر بنحو 2.8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً.

وقال مختبر المدن بيروت التابع للجامعة الأميركية إن الضربات الجوية الإسرائيلية هدمت 262 مبنى على الأقل في الضاحية الجنوبية لبيروت وحدها، معقل «حزب الله».

وألحق الجيش الإسرائيلي أيضاً أضراراً واسعة النطاق في قرى وبلدات في سهل البقاع وجنوب لبنان، وهما منطقتان يسيطر عليهما «حزب الله».

وقدَّر تقرير البنك الدولي الأضرار التي لحقت بالزراعة بنحو 124 مليون دولار وخسائر تزيد على 1.1 مليار دولار، بسبب فوات الحصاد نتيجة تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين.

وتقدر السلطات الإسرائيلية الأضرار التي لحقت بالممتلكات في إسرائيل بنحو مليار شيقل (273 مليون دولار) على الأقل، مع تضرر أو تدمير آلاف المنازل والمزارع والشركات.

ووقع القسط الأكبر من الأضرار في إسرائيل في المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية التي تعرضت لقصف صاروخي من «حزب الله».

وتقول السلطات الإسرائيلية إن نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والحدائق والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل وهضبة الجولان تعرضت للحرق منذ بداية الحرب.

نزوح

قالت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 886 ألف شخص نزحوا داخل لبنان حتى 18 نوفمبر. وأظهرت بيانات المفوضية أن أكثر من 540 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا منذ بدء الحرب.

وفي إسرائيل، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من منازلهم في الشمال.

التأثير الاقتصادي

قدم البنك الدولي في تقرير صدر في 14 نوفمبر تقديراً أولياً للأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان بنحو 8.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن ينكمش الإنتاج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنحو 5.7 في المائة في عام 2024، مقارنة بتقديرات النمو قبل الصراع البالغة 0.9 في المائة.

وتكبد قطاع الزراعة خسائر تجاوزت 1.1 مليار دولار خلال الأشهر الاثني عشر الماضية بسبب تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين، خصوصاً في المناطق الجنوبية. وقال البنك الدولي إن قطاعي السياحة والضيافة، المساهمين الرئيسيين في الاقتصاد اللبناني، كانا الأكثر تضرراً بخسائر بلغت 1.1 مليار دولار.

وفي إسرائيل، فاقم الصراع مع «حزب الله» التأثير الاقتصادي للحرب في قطاع غزة؛ ما أدى إلى ضغط على المالية العامة.

وارتفع العجز في الميزانية إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ ما دفع وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل هذا العام.

وفاقم الصراع الاضطرابات في سلاسل التوريد حتى صعد التضخم إلى 3.5 في المائة متخطياً النطاق المستهدف للبنك المركزي بين واحد وثلاثة في المائة. وأبقى البنك المركزي نتيجة لهذا على أسعار فائدة مرتفعة لكبح التضخم فظلت أسعار الرهن العقاري مرتفعة، وتفاقمت الضغوط على الأسر.

وانتعش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الثالث إلى حد ما عن الربع الثاني الضعيف لينمو بنحو 3.8 في المائة على أساس سنوي وفقاً ًللتقديرات الأولية للحكومة.