العراق: توقيف كفلاء المتهمين بقضيتي «سرقة القرن» و«تضخّم الأموال»

بعد تعذّر حضور نور زهير وهيثم الجبوري إلى المحكمة

صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي بما تُعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)
صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي بما تُعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)
TT

العراق: توقيف كفلاء المتهمين بقضيتي «سرقة القرن» و«تضخّم الأموال»

صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي بما تُعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)
صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي بما تُعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

كشف عضو البرلمان العراقي، مصطفى سند، عن توقيف 6 كفلاء للمتهمين الرئيسيين في ما يُعرف بقضيتي «سرقة القرن» و«تضخّم الأموال»، نور زهير وهيثم الجبوري، بعد تعذّر حضورهما إلى المحكمة.

وقال سند في مقطع مصوّر من داخل أروقة محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية ببغداد: «كالعادة، لم يحضر المتهم نور زهير، كما لم يحضر المتهم هيثم الجبوري». وأضاف: «تم توقيف الكفلاء الستة، 3 لنور زهير و3 لهيثم الجبوري، وإرسالهم مخفورين إلى محكمة جنح الكرخ».

ولا توجد صلة بين التهمة الموجهة إلى نور زهير نتيجة علاقته المزعومة بسرقة الأمانات الضريبية التي تم كشفها أواخر عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، والتي سُمّيت «سرقة القرن»، وبين التهمة الموجّهة إلى النائب السابق في البرلمان العراقي هيثم الجبوري وهي «تضخّم الأموال». لكن موعد المرافعة لكليهما كان اليوم الاثنين. وطبقاً لما أورده النائب سند، فقد حدد المحكمة موعداً جديداً لمحاكمة كلا المتهمين وهي 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، موضحاً أن «هناك إجراءات تستغرق شهراً حتى تنشر في الجريدة وبعدها إجراءات قانونية ليتم إصدار أمر قبض النشرة الحمراء في الإنتربول»، في إشارة إلى نور زهير الذي تمكّن من مغادرة العراق بسبب عدم صدور أمر بمنع سفره كون المادة القانونية التي تم منحه الكفالة بسببها لا تمنعه من السفر.

نور زهير المتهم الرئيسي بـ«سرقة القرن» خلال حوار تلفزيوني (قناة الشرقية)

ولا يُعرف مكان وجود النائب السابق هيثم الجبوري الذي توارى عن الأنظار منذ أكثر من سنة، بعكس نور زهير الذي ظهر الشهر الماضي مرتين في وسائل الإعلام، مرة عبر لقاء مطول لمدة ساعة أجرته معه قناة «الشرقية» الفضائية، حيث قدّم شرحاً مفصلاً عن قضية الأمانات الضريبية، واصفاً نفسه بالمظلوم ومتعهدا بحضور المحاكمة التي كانت نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، ومهدداً بكشف أسماء المشاركين معه. كما ظهر مرة عبر فيديو من بيروت يظهر فيه مغموراً بالدماء نتيجة ما قيل إنه حادث سير تردد أنه مفتعل.

بين النزاهة والقضاء

وعلى الرغم من إحاطة قضية الأمانات الضريبية التي تمثّلت باختفاء مبلغ 3.7 تريليون دينار عراقي، أي ما يعادل نحو مليارين ونصف مليار دولار، بكثير من الغموض، فإن المتهم الرئيس فيها نور زهير، صاحب شركة «القانت» للصيرفة، تمكّن كما يبدو من اللعب على تناقضات النزاهة (وهي هيئة حكومية مستقلة) والقضاء. ففي الوقت الذي أصدرت الحكومة أمراً بالقبض عليه، فإن القضاء أطلق سراحه بكفالة على أمل حضوره موعد المحاكمة التي طالب بعض القادة العراقيين بأن تكون علنية، وفي مقدم هؤلاء عمار الحكيم وقيس الخزعلي.

ولا يُعرف ماذا سيكون مصير الكفلاء في حال عدم حضور نور زهير وهيثم الجبوري جلسات المحكمة في نوفمبر المقبل.

«الإطار التنسيقي» عقد اجتماعاً في بغداد بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لبحث «سرقة القرن» (إكس)

في غضون ذلك، عبّر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، عن استيائه من قيام أطراف لم يسمها بـ«تشويه» عمل حكومته في مكافحة الفساد المالي والإداري. وقال السوداني في كلمة متلفزة مساء الأحد إن «الحكومة حققت خطوات في مجال مكافحة الفساد المالي والإداري وصدرت كثير من الأحكام القضائية بحق المتورطين في هذا الملف، وما زلنا نعمل للقضاء على كل أنواع الفساد».

غير أن السوداني اتهم أطرافاً لم يسمها بأنها «تحاول تشويه ما تقوم به الحكومة في مجال مكافحة الفساد عبر التشويش الإعلامي»، مشدداً على أن «الحكومة تشدد على محاسبة محاولات الابتزاز واستغلال المواقع الوظيفية».


مقالات ذات صلة

العراق لـ«توطين» المعارضة الإيرانية في بلد ثالث

المشرق العربي مقاتل وذخائر في أحد مقرّات الأحزاب الكردية المعارضة بإقليم كردستان (حزب كوملة)

العراق لـ«توطين» المعارضة الإيرانية في بلد ثالث

أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، أن السلطات تعمل على توطين المعارضة الكردية الإيرانية في بلد ثالث، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (الرئاسة الإيرانية)

أمن الحدود وحرب غزة يتصدران جدول بزشكيان في بغداد

يصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق، الأربعاء، في زيارة تستمر أياماً عدة، تشمل 5 مدن عراقية، وتهدف بحسب الإعلام الإيراني إلى «حسم هواجس أمنية».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي لما تُعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

العراق يوقف كفلاء المتهمين بقضيتَي «سرقة القرن» و«تضخّم الأموال»

شهدت قضية ما يُعرف بـ«سرقة القرن» في العراق تطوراً جديداً أمس (الاثنين)، تمثل بتوقيف كفلاء المتهم الرئيسي نور زهير بعد تعذّر حضوره أمام المحكمة.

المشرق العربي مقاتلات كرديات إيرانيات في محيط أربيل بكردستان العراق في صورة تعود إلى 1 ديسمبر 2022 (أ.ف.ب)

مجلس أمن كردستان يتهم «الاتحاد الوطني» بتسليم معارض كردي إلى طهران

حمّل «مجلس أمن إقليم كردستان» المسؤولية عن تسليم معارض كردي إيراني إلى طهران، لأجهزة الأمن في محافظة السليمانية التي يهيمن عليها حزب «الاتحاد الوطني».

فاضل النشمي (بغداد)
رياضة عربية عدنان درجال وأيمن حسين (وزارة الرياضة العراقية)

عدنان درجال: «كلاسيكو الخليج» عاد للواجهة من جديد

أكد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال، أن كلاسيكو الخليج بين العراق والكويت عاد إلى الواجهة من جديد.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

وزير خارجية لبنان يربك الحكومة بطلبه استبدال القرار 1701

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب
TT

وزير خارجية لبنان يربك الحكومة بطلبه استبدال القرار 1701

وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب
وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب

أحدث موقف وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب، الذي أعلن فيه «استعداد لبنان للدخول بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، ودعوته مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار جديد بديلاً عن القرار 1701 لوقف الحرب في جنوب لبنان»، صدمة في الأوساط الرسميّة اللبنانية، وأربك الحكومة التي لم يجد رئيسها ولا وزراؤها تفسيراً لهذا الكلام، خصوصاً أن تصريح بوحبيب جاء من مقرّ رئاسة الحكومة بعد اجتماع عقده الرئيس نجيب ميقاتي مع سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي. وذهب خبراء إلى وصف هذا الموقف بأنه «اغتيال للدولة ومؤسساتها الدستورية».

ومن القاهرة، أصدر بوحبيب بياناً توضيحياً جاء فيه: «أطالب وأتمسك بتطبيق القرار 1701. ولقد عمل لبنان بكل طاقته مع عدة دول صديقة للتجديد لليونيفيل أخيراً التزاماً بالقرار 1701». وأضاف: «إن ما ذُكر حول إصدار قرار جديد هو أمر افتراضي وليس بديلاً من القرار الحالي، علماً أننا منفتحون دائماً على الحوار الإيجابي مع جميع شركائنا الدوليين ضمن ثوابتنا وإجماعنا الداخلي».

رئيس حكومة لبنان خلال استقباله الاثنين السفراء والقائمين بأعمال سفارات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بحضور عدد من الوزراء (رئاسة الحكومة)

لكن قبل صدور التوضيح، كشفت مصادر وزارية شاركت في الاجتماع، أن «كلام بوحبيب شكّل مفاجأة، خصوصاً أن المحادثات التي أجراها الرئيس ميقاتي مع السفراء بحضور عدد من الوزراء بينهم بوحبيب، لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى ما أعلنه وزير الخارجية من على منبر السراي الحكومي». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «السفراء استغربوا كلام وزير الخارجية واستوضحوا الوزراء الذين شاركوا في اللقاء عمّا إذا كانت الحكومة فعلاً بصدد الطلب من مجلس الأمن إصدار قرار جديد لوقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله». وشددت المصادر الوزارية على أن حكومة لبنان «متمسّكة بقرار مجلس الأمن 1701 وكل القرارات الدولية ذات الصلة، ولا نعرف الأسباب التي حملت وزير الخارجية على إطلاق مثل هذا الموقف».

ويخالف هذا الكلام الموقف الرسمي للدولة اللبنانية الذي يعبّر عنه دائماً رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي سواء أمام الموفدين الدوليين أو خلال النشاطات الرسمية. واعتبر مصدر دبلوماسي أن كلام وزير الخارجية «غير مفهوم ويثير الريبة»، مذكراً بأن «تغيير أي قرار لمجلس الأمن يحتاج شبه إجماع في الأمم المتحدة أو تأمين أكثرية غير متوفرة حالياً». وسأل المصدر الدبلوماسي عبر «الشرق الأوسط»: «هل العلاقات المتوترة الآن بين واشنطن وموسكو وبكين تسمح بالوصول إلى قرار جديد؟ وهل يملك بوحبيب معلومات بهذا الخصوص لا تملكها الدولة اللبنانية ولا دول القرار عن إمكانية التفاهم على قرار جديد لوقف الحرب في جنوب لبنان؟»، معتبراً أن «محاولة تغييب القرار 1701 وإثارة الشكوك حول التمسّك به يشكل خطراً على لبنان وليس على القرار نفسه».

وذكّر المصدر الدبلوماسي بأن «القرار 1701 يتضمّن التزاماً بتطبيق القرار 1559 (الذي ينصّ على حلّ جميع الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية) كما يتضمن القرار إلزام بيروت ودمشق بتطبيق القرار 1680 الذي ينصّ على ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا»، لافتاً إلى أن «المطلوب من الحكومة توضيح هذا الموقف، حتى لا يرتّب على لبنان نتائج خطيرة».

وأوحى بوحبيب في تصريحه بأنه يتحدّث باسم الدولة عندما قال «إننا كحكومة نريد وقف إطلاق النار ووقف الحرب، وأبلغنا معظم المعنيين استعدادنا للقيام بمفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين من أجل ذلك». وأضاف: «لم نطلب من مجلس الأمن وقف القتال (...) نحن نتكلم مع الدول كلها ومع مجلس الأمن، وفي حال حصول وقف إطلاق نار يجب أن يكون هناك قرار جديد، فإذا كان هناك نوع من قرار جيد نقبل به كدولة، وسنحاول أن نقنع حزب الله به، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية».

من جهته، رأى الباحث في الشؤون الجيوسياسية زياد الصّائغ أن «ما صدر عن وزير خارجية لبنان ليس مجرّد إرباك للدولة ومؤسساتها الدستورية فحسب، بل يشكّل انقلاباً كاملاً على الدستور، وضرباً ممنهجاً للقرارات الأممية وفي مقدمها القرار 1701، الذي لم يُحترم في الأساس من موقّعيه، ما سمح بانتهاك مزدوج للسيادة اللبنانية، انتهاكٌ إسرائيلي وانتهاك قوى الأمر الواقع وكأنهما في حلف موضوعي».

واعتبر الصائغ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتقال الاستراتيجي لرفض مندرجات القرار 1701 وطلب إصدار قرار جديد هو إطلاق مسار ترتيبات أمنية جديدة على حساب سيادة الدولة»، داعياً مجلس النواب اللبناني بكتله السيادية إلى «مساءلة حكومة تصريف الأعمال حول هذه المسارات الملتوية، كما أنه على القوى المجتمعية الحيّة رفض أي تلاعب بالأسس التي يمكن أن تمهّد لاستعادة الدولة سيادتها». وختم: «لقد تم اغتيال الدولة اللبنانية عبر رضوخ دبلوماسيتها لأجندات غير لبنانية، وهذا مسمار جديد في نعش دفنها».