إسرائيل تحاصر الفلسطينيين وتغلق آخر منافذهم للعالم

عودة الآلاف إلى معبر «الكرامة» بعد إغلاق جسر «أللنبي»

TT

إسرائيل تحاصر الفلسطينيين وتغلق آخر منافذهم للعالم

جنود إسرائيليون عند معبر «جسر أللنبي» بين الضفة الغربية والأردن (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون عند معبر «جسر أللنبي» بين الضفة الغربية والأردن (إ.ب.أ)

مع إغلاق إسرائيل جسر أللنبي من جهتها (والمعروف أردنياً بالملك حسين) الواصل بين الضفة والأردن، تكون تل أبيب قد وضعت بشكل رسمي جميع الفلسطينيين بالضفة في عزلة تامة، باعتبار المعبر منفذهم الأخير إلى العالم الخارجي. وشوهد آلاف الفلسطينيين يعودون في حافلات إلى معبر «الكرامة» الفلسطيني (الجسر المؤدي للمعبر الأردني - الإسرائيلي) في أريحا بالضفة الغربية، بعدما منعوا من السفر إلى المملكة الأردنية، بسبب إعلان إسرائيل إغلاق المعبر من جهتها، وذلك بعد هجوم نفذه سائق شاحنة أردني، وتسبب في قتل 3 إسرائيليين على المعبر.

وعلى الجانب الأردني من المعبر الحدودي، تكدس آلاف آخرون على جسر الملك حسين (الأردني)، بينما لا يستطيعون العودة إلى بيوتهم وعائلاتهم في الضفة الغربية، بعد القرار الإسرائيلي.

وهاجم أردني يعمل سائق شاحنة، بمسدس، إسرائيليين على معبر «أللنبي»، وقالت السلطات الإسرائيلية إن 3 إسرائيليين قُتلوا جراء الهجوم.

ووفق وسائل إعلام عبرية، فإن منفذ العملية استخدم «مسدساً صغيراً نجح في تهريبه في شاحنته، وأطلق الرصاص من مسافة قصيرة».

وأعلنت السلطات الإسرائيلية إغلاق المعبر حتى إشعار آخر عقب الهجوم، وقالت سلطة المطارات الإسرائيلية إنه بالإضافة إلى إغلاق الجسر الذي شهد الهجوم، فإن المعبرين البريين الآخرين (الشيخ حسين شمالاً، ووادي عربة جنوباً) مع الأردن تم إغلاقهما بطلب من السلطات الأمنية.

وأكد المدير العام للإدارة العامة للمعابر والحدود الفلسطينية نظمي مهنا، أن الحركة على معبر الكرامة، الجسر المؤدي من الضفة الغربية إلى الأردن وبالعكس متوقفة تماماً، ولا تفاصيل أخرى حول إعادة تشغيله.

كما أكد الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأردنية إغلاق جسر الملك حسين أمام حركة السفر.

ويستخدم الفلسطينيون فقط معبر «الكرامة» للوصول إلى جسر الملك حسين - أللنبي لمغادرة الضفة الغربية، إلى أي مكان، في حين يستخدم الإسرائيليون عموماً معبري الشيخ حسين شمالاً، ووادي عربة جنوباً للوصول البري إلى الأردن، أو مطار بن غوريون للسفر إلى الخارج.

ويمر عبر المعبر يومياً نحو 10 آلاف مسافر فلسطيني، كما أنه ممر لآلاف شاحنات البضائع.

جنود إسرائيليون يستنفرون بعد إطلاق نار عند معبر «جسر أللنبي» بين الضفة الغربية والأردن (رويترز)

والمعبر الذي شهد الهجوم، يتم الوصول إليه عبر 3 نقاط رئيسية فلسطينية (معبر الكرامة)، وإسرائيلية (جسر أللنبي)، وأردنية (جسر الملك حسين)، ويعمل بنظام ساعات محددة ما يخلق أزمة خانقة وشكاوى كثيرة من المسافرين الفلسطينيين الذين طالبوا السلطة بالعمل لفتحه على مدار 24 ساعة.

ويعاني الفلسطينيون من أزمة خانقة في الانتقال خارج بلادهم منذ بداية موسم الصيف لهذا العام، ويتعرضون لمضايقات وصعوبات خلال رحلتهم، ما يستغرق ساعات عدة، ويضطر بعضهم للعودة أو النوم على أحد المعابر جراء الاكتظاظ الشديد.

ويُجبر الفلسطينيون على المرور عبر معبر الكرامة، وختم جوازاتهم هناك ثم دفع مبلغ ضريبي للمغادرة قبل أن ينتقلوا في حافلات إلى معبر أللنبي الإسرائيلي، ويخضعون لتدقيق ثانٍ وتفتيش، ثم يتحركون عبر حافلات لجسر الملك حسين من أجل تدقيق ثالث قبل الولوج إلى الأردن، أما الذين يسافرون خارج الأردن، فعليهم الذهاب إلى مطار الملكة علياء.

وبخلاف الإسرائيليين، يُمنع الفلسطينيون من السفر عبر مطار بن غوريون إلا في حال حصولهم على تصريح خاص، وهو أمر معقد ونادر الحدوث.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الهجوم الخطير الذي وقع، الأحد، عند معبر أللنبي، يجدد المخاوف من تصعيد التوترات مع الأردن، وأضافت: «في السنوات الأخيرة، تصاعدت التوترات، وطيلة الحرب في غزة».

وزعمت «يديعوت» أن أردنيين وزعوا الحلوى في جميع أنحاء المملكة، وكتب على أحد أطباق الحلوى «حلويات للعملية البطولية». لكن رغم ذلك أكدت الصحيفة العبرية أن حواراً على مختلف المستويات انطلق بين إسرائيل والأردن من أجل التحقيق، وضمان منع تكرار العملية. وأضافت: «رغم الحوار بين الطرفين، فإن التوترات لا تزال واضحة».

ورأت الصحيفة أنه «ينبغي التأكيد على أن الأردن وإسرائيل يحافظان، على الرغم من التوترات بينهما، على اتصالات مستمرة بشأن أنشطة مكافحة (الإرهاب) لأن الحدود الشرقية تثير قلقاً كبيراً للجيش الإسرائيلي و(الشاباك)، في ضوء المحاولات المتواصلة من قبل إيران و(حماس) لتهريب الأسلحة والعبوات الناسفة إلى الضفة الغربية».


مقالات ذات صلة

«لا ضمانات» إسرائيلية لأميركا بعدم استهداف البرنامج النووي الإيراني

الولايات المتحدة​ المسؤولون الأميركيون أكدوا دعمهم لرد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني لكنهم عبروا عن مخاوفهم من اشتعال حريق إقليمي واسع النطاق (رويترز)

«لا ضمانات» إسرائيلية لأميركا بعدم استهداف البرنامج النووي الإيراني

نقلت شبكة «سي إن إن» للتلفزيون عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية أن إسرائيل «لم تقدم ضمانات» لواشنطن بأنها لن تستهدف المنشآت النووية في إيران.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (د.ب.أ)

لبنان يعيش «أشد حملة جوية» خارج غزة خلال العقدين الماضيين

يعتبر القصف، الذي تقول إسرائيل إنه يستهدف معاقل «حزب الله» في البلاد، «أكثر حملةٍ جويةٍ كثافةً» في العالم خارج غزة في العقدين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)

لبحث التطورات الإقليمية... وزير الخارجية الإيراني يصل دمشق

كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم (السبت) أن الوزير عباس عراقجي وصل إلى العاصمة السورية دمشق.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد وسط القصف الإسرائيلي المستمر على جنوب لبنان (رويترز)

لبنان يخشى «غزة ثانية»

أعرب وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري أمس (الجمعة) عن خشيته من تحوّل بلاده إلى «غزة ثانية» في ظل تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية ضد «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وحدة مدفعية إسرائيلية تطلق النار بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (رويترز)

«حزب الله» يستهدف قاعدة جوية إسرائيلية...ويقصف دبابة «ميركافا» في جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» اليوم (السبت) قصف قاعدة «رامات ديفيد» الجوية الإسرائيلية الواقعة جنوب شرق مدينة حيفا بصلية صاروخية، تزامنا مع استهدافه دبابة ميركافا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

متطوعون يتحدّون القصف لإنقاذ قطط من بين الركام في ضاحية بيروت الجنوبية

ناشطون من جمعية Animals Lebanon ومعهم أقفاص فيها قطط أنقذوها من الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
ناشطون من جمعية Animals Lebanon ومعهم أقفاص فيها قطط أنقذوها من الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

متطوعون يتحدّون القصف لإنقاذ قطط من بين الركام في ضاحية بيروت الجنوبية

ناشطون من جمعية Animals Lebanon ومعهم أقفاص فيها قطط أنقذوها من الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
ناشطون من جمعية Animals Lebanon ومعهم أقفاص فيها قطط أنقذوها من الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

بعد أن أجبرهم القصف الإسرائيلي على ترك منازلهم على عجل، يعتمد نازحون لبنانيون على جمعيات ومتطوعين لمساعدتهم على إنقاذ حيواناتهم الأليفة التي تركوها في أحيائهم المدمرة.

وتقول نائبة رئيس جمعية Animals Lebanon (حيوانات لبنان) ماغي شعراوي لوكالة الصحافة الفرنسية: «اضطر كثر إلى إخلاء منازلهم على عجل. في معظم الحالات، تختبئ القطط المجهدة بسبب القصف»، ما يجعل من المستحيل انتشالها بسرعة. وتضيف «هدفنا هو مجرد الدخول والإنقاذ والمغادرة».

الخميس، ساعدت شعراوي مع متطوعَين سيدة من سكان ضاحية بيروت الجنوبية، على استعادة ثماني قطط من منزلها الذي فرت منه.

من خلال مكالمة فيديو، أرشدتهم المرأة القلقة إلى غرفة الجلوس حيث تركت قططها. وتقول شعراوي بفرح «تمكنّا من العثور على جميع القطط» بعدما كانت قد اختبأت تحت أريكة مخملية خضراء. ووُضعت القطط تباعا في صندوق قبل نقلها الى مكان آمن... «لحسن الحظ تمكنّا من إخراجها، لأن معظم تلك المنطقة دُمرت»، بحسب قول شعراوي.

وتعرّضت ضاحية بيروت الجنوبية، المعقل الرئيسي لـ«حزب الله»، لغارة فيما كان المتطوعون يستعدون للانتقال إلى منزل آخر.

اضطر كثر في جنوب لبنان وضاحية بيروت للفرار تاركين خلفهم حيوانات أليفة (أ.ف.ب)

وتقول شعراوي «هذه المرة الأولى التي نتعرض فيها لضربة قريبة جدا منا. نحن محظوظون لأننا غادرنا على قيد الحياة».

وقد كثّفت إسرائيل غاراتها الجوية على مناطق عدة في لبنان منذ 23 سبتمبر (أيلول)، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1100 شخص ودفع أكثر من مليون شخص إلى الفرار من منازلهم، بحسب السلطات.

واصطحب العديد من النازحين حيواناتهم الأليفة معهم. ففي الأسبوع الماضي، شاهد مصور وكالة الصحافة الفرنسية مراهقا يضم قطة الى صدره ومعالم الذعر على وجهيهما، بعد فراره من قريته في جنوب البلاد إلى بيروت.

وهذا الأسبوع، اضطرت عائلات إلى النوم على كورنيش البحر في بيروت. واصطحب بعضها قططا وطيورا. وقالت شعراوي إن بعض الناس رفضوا مغادرة منازلهم للبقاء مع حيواناتهم الأليفة، أو طلبوا المساعدة لإنقاذها بعد المغادرة.

وتوضح «حتى الآن، تمكنا من استرداد حوالى 120 حيوانا من بيروت، و60 حيوانا من الجنوب».

رغم مخاوفهم المتعلقة بالسلامة، تتردد شعراوي وفريقها إلى أحياء في ضاحية بيروت الجنوبية التي تتعرض لغارات اسرائيلية متتالية، في محاولة لإنقاذ مزيد من الحيوانات الأليفة.

ناشطة تحمل قفصاً فيه هرّة وسط ركام مبنى سكني في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

واستخدم الفريق الجمعة الدراجات النارية بعدما ركنوا سياراتهم للتنقل داخل أحد أحياء ضاحية بيروت الجنوبية. تقول شعراوي «الحرب مؤلمة لكل من الحيوانات والبشر». وتضيف أن الحيوانات «تنتظر فقط عودة أصحابها»، موضحة أن «القطط تتحول إلى نمور عندما تخاف».

وتروي أنّ امرأة طلبت منها إنقاذ 21 قطة، بينما يحاول أفراد فريقها إيجاد طريقة للحصول على مفاتيح لمنازل أسر فرت بعيدا عن بيروت حتى يتمكنوا من إنقاذ حيواناتهم في الوقت المناسب.

ورغم المصاعب، تظل شعراوي عازمة على أداء مهمتها: «نسمع القصف طوال الليل، ثم نستيقظ في الصباح، ونقول حسنا، سنذهب، ونأمل أن نعود أحياء».

وأحيانا لا يتمكن المتطوعون من الوصول في الوقت المناسب. يوم الخميس، باءت مهمتهم لإنقاذ ثلاث قطط بالفشل، إذ وجدوا قطة نافقة، بينما لم يُعثر على البقية في أي مكان. وتقول شعرواي بحزن «دُمّر المنزل تماماً».