دمشق تضبط خمسين ألف حبة كبتاغون معدة للتهريب إلى السعودية

«المخدرات» واحد من ثلاثة ملفات طُلب من دمشق حلها شرطاً لعودة العلاقات معها

توقيف مروجي حبوب كبتاغون في دمشق كانت معدة للتهريب إلى السعودية (وزارة الداخلية)
توقيف مروجي حبوب كبتاغون في دمشق كانت معدة للتهريب إلى السعودية (وزارة الداخلية)
TT

دمشق تضبط خمسين ألف حبة كبتاغون معدة للتهريب إلى السعودية

توقيف مروجي حبوب كبتاغون في دمشق كانت معدة للتهريب إلى السعودية (وزارة الداخلية)
توقيف مروجي حبوب كبتاغون في دمشق كانت معدة للتهريب إلى السعودية (وزارة الداخلية)

خمسون ألف حبة من «الكبتاغون» المخدر مخبأة بطريقة فنية ضمن حرامات قماشية تم ضبطها في محلة (القدم) بالعاصمة دمشق من قبل فرع مكافحة المخدرات بدمشق، وفق ما أعلنته وزارة الداخلية السورية عبر معرفاتها على منصات التواصل الاجتماعي. وقالت إن تلك الكمية من الحبوب المخدرة كانت معدة للتهريب إلى المملكة العربية السعودية.

وأشارت الوزارة إلى أنه تم إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص من المتورطين، وجرى اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم وسيتم تقديمهم إلى القضاء المختص أصولاً.

وفي تصريح مصور بثته وزارة الداخلية، قال رئيس فرع مكافحة المخدرات بدمشق العميد سامي درويش، إنه «خلال المتابعة الأمنية الدقيقة لمكافحة عمليات نقل وتهريب المواد المخدرة تمكن الفرع من إحباط عملية نقل 50 ألف حبة (كبتاغون) مخدرة في محلة القدم بدمشق، كانت مخبأة بطريقة فنية ضمن حرامات قماشية».

وأضاف درويش: «إنه تم إلقاء القبض على شخص من مهربي الحبوب المخدرة (الكبتاغون) في محلة القدم وبحوزته الكمية المذكورة، وبالتحقيق معه اعترف بقيامه بنقل وتهريب الحبوب المخدرة بالاشتراك مع شخصين آخرين تم إلقاء القبض عليهما في كمين محكم ضمن محلتي جرمانا والمرجة».

وسبق ذلك بساعات قليلة، إلقاء فرع الأمن الجنائي في دمشق القبض على أفراد شبكة تمتهن ترويج المخدرات والدولار المزور وضبط كميات من المواد والحبوب المخدرة.

وبحسب بيان لوزارة الداخلية تم ذلك بعد عملية بحث ومتابعة وترصد، وبـ«كمين محكم» ألقي القبض على ثلاثة أشخاص في محلة الزاهرة على متن مركبة عامة وضبط بحوزتهم كمية (41) كفاً من مادة الحشيش المخدر، ومبلغ ألف دولار أمريكي تبين أنه مزور، وبالتحقيق معهم اعترفوا بإقدامهم على تشكيل عصابة تمتهن ترويج المواد المخدرة ونقلها بين المحافظات، بالاشتراك مع عدة أشخاص متوارين.

ضبط مخدرات ودولارات مزيفة ومسدس لعصابة في دمشق (وزارة الداخلية)

وتم إلقاء القبض على ثلاثة منهم ضمن محلة كشكول وضبط بحوزتهم مسدس حربي وكمية من حبوب الكبتاغون المخـدرة، ودراجة نـارية كانوا يستخدمونها في تنقلاتهم، وعثر في منازلهم بعد التفتيش على نحو سبعة آلاف حبة دوائية مخدرة نوع (ترامادول). وما زالت الأبحاث مستمرة عن المتوارين وفق ما أفاد به بيان الداخلية.

ويعد ملف مكافحة المخدرات واحداً من ثلاثة ملفات؛ إلى جانب عودة اللاجئين وإيجاد حل سياسي، تطلب الدول العربية من دمشق بذل مزيد من الجهود لحلها، كشرط لعودة العلاقات معها، وشهد العامان الماضيان إحباط السلطات الحكومية كثيراً من عمليات تهريب المخدرات إلى دول الجوار، حيث تتهم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية النظام السوري، بالضلوع في تسهيل عمليات تصنيع وتهريب المخدرات إلى دول الجوار وبما يشكل تهديداً لأمن تلك الدول.

ضبط حبوب كبتاغون في دمشق معدة للتهريب إلى السعودية (وزارة الداخلية)

يشار الى أن السلطات التركية، أعلنت الاثنين، عن إحباط عملية تهريب كميات كبيرة من المخدرات، قادمة من لبنان، عبر طريق حمص - الرقة في سوريا، وذلك في عملية استمرت لشهرين شارك فيها فصيلان عسكريان محليان في شمال سوريا، حيث تم إلقاء القبض على 26 شخصاً من عصابة لتهريب وتجارة المخدرات، وفقا لوكالة «إخلاص» التركية.

وتنفي دمشق الاتهامات الدولية الموجهة إليها بالانخراط في نشاط تصنيع وتهريب (الكبتاغون)، لا سيما أنها موقعة على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا، مثل اتفاقية عام 1961 المعدلة ببروتوكول 1972، واتفاقية المؤثرات العقلية لعام 1971، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات لعام 1988.

وتعد حبوب (الكبتاغون) المخدر المصنع من مواد كيماوية، الأكثر رواجاً بين شرائح الشباب في المنطقة العربية، بعدّه (كوكايين الفقراء) ويستخدمونه لتعزيز الطاقة والنشاط الذهني وتقليل الشعور بالتعب. إلا أنه يؤدي إلى الإدمان، ما يتسبب بتلف الجهاز العصبي وتغييرات وظيفية في الدماغ، بالإضافة إلى أمراض في القلب والأوعية الدموية.


مقالات ذات صلة

شاهد... مطاردة درامية في المحيط الهادئ تسفر عن ضبط 7 أطنان من الكوكايين

العالم جانب من المخدرات المضبوطة (تويتر البحرية المكسيكية) play-circle 00:19

شاهد... مطاردة درامية في المحيط الهادئ تسفر عن ضبط 7 أطنان من الكوكايين

أعلنت البحرية المكسيكية مصادرة أكثر من سبعة أطنان من الكوكايين في عمليتين منفصلتين في المحيط الهادئ، بعد مطاردة درامية لمهربي المخدرات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أميركا اللاتينية ليون فريدي مونوز (حسابه الشخصي على إكس)

كولومبيا تتهم سفيرها لدى نيكاراغوا بتهريب المخدرات

وجّهت المحكمة العليا في كولومبيا أمس (الثلاثاء) تهمة تهريب المخدرات إلى سفير البلاد لدى نيكاراغوا.

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)
شمال افريقيا زهرة القنب (رويترز)

العاهل المغربي يعفو عن نحو 5 آلاف مدان بزراعة القنب

سيساهم العفو في دعم الزراعات البديلة وتحفيز الأنشطة غير الفلاحية في المناطق الريفية والشمالية، ما يعزز من التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل جديدة للسكان.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
يوميات الشرق «ملكة الكيتامين» القاتل (مواقع التواصل)

مَن هي «ملكة الكيتامين» المُتّهمة بتزويد ماثيو بيري بالمخدِّر القاتل؟

تُطلق النيابة العامة في الولايات المتحدة على تاجرة المخدّرات المزعومة جاسفين سانغا لقب «ملكة الكيتامين»... فمَن هي؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أفراد من الشرطة اليونانية في أثينا (إ.ب.أ)

اليونان تفكك عصابة لتهريب المخدرات من أوروبا إلى إسرائيل على متن يخوت

قالت الشرطة اليونانية، الأربعاء، إنها ألقت القبض، بمساعدة إسرائيل، على 8 أجانب، وفككت عصابة استخدمت اليخوت لتهريب مواد مخدرة من أوروبا إلى إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

رياض سلامة... من جوائز التكريم إلى أروقة المحاكم

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
TT

رياض سلامة... من جوائز التكريم إلى أروقة المحاكم

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

كان على مدى سنوات عرّاب استقرار الليرة وانتعاش الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية، فحصد جوائز وتكريماً في العالم، لكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المستهدف بتحقيقات عدة في لبنان والخارج، أوقف، الثلاثاء، إثر استجوابه في قضية اختلاس أموال، في مشهد انتظره اللبنانيون طويلاً، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويشكّل سلامة منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان، عدا عن تحويله الأموال إلى حسابات في الخارج و«الإثراء غير المشروع».

ومنذ نهاية ولايته في 31 يوليو (تموز) 2023 حاكماً لمصرف لبنان، ابتعد سلامة (74 عاماً) عن الأنظار، ولم يظهر إلا أواخر عام 2023 في جنازة شقيقه في ضاحية بيروت الشمالية.

في أول مثول له أمام القضاء اللبناني بعد انتهاء ولايته، أوقف سلامة «بعد استجوابه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس من مصرف لبنان تفوق 40 مليون دولار (...) جرى تحويلها إلى الخارج»، بحسب مصدر قضائي.

وسلامة الذي شغل منصبه منذ عام 1993، يُعدّ أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم.

حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

يعدّ سلامة مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975 - 1990). لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان منذ 2019، يُحمِّل كثر أركان الطبقة الحاكمة وسلامة، مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.

وتحمّل جهات سياسية ومحللون ومواطنون في لبنان سلامة مسؤولية انهيار العملة الوطنية، وينتقدون بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها طوال السنوات الماضية، باعتبار أنها راكمت الديون وسرّعت الأزمة، إلا أنه دافع مراراً عن نفسه بتأكيده أن المصرف المركزي «موّل الدولة، ولكنه لم يصرف الأموال».

وحتى آخر يوم من ولايته، واصل سلامة الدفاع عن السياسة النقدية التي اعتمدها، لافتاً إلى أنه حاول «التخفيف من وطأة الأزمة» الاقتصادية التي هزت لبنان منذ أكثر من خمس سنوات.

وقال خلال مقابلة مع قناة محلية قبل أيام من انتهاء ولايته، «سأطوي صفحة من حياتي، وأعتقد أنه بين الثلاثين عاماً، 27 عاماً ساهم خلالها البنك المركزي بسياساته النقدية بإرساء الاستقرار والنمو الاقتصادي».

ورغم التحقيقات التي تستهدفه، لطالما أصر سلامة الذي نال جوائز إقليمية ودولية وأوسمة شرف تقديراً لجهوده في منصبه وكان أول حاكم مصرف مركزي عربي يُقرَع له جرس افتتاح بورصة نيويورك، على أنه جمع ثروته من عمله السابق طيلة عقدين في مؤسسة «ميريل لينش» المالية العالمية، ومن استثمارات في مجالات عدة بعيداً عن عمله على رأس حاكمية مصرف لبنان.

«هروب إلى الأمام»

يقول اقتصادي مخضرم وخبير في الأسواق المالية، متحفظاً عن ذكر اسمه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لقد كان تاجراً ووسيطاً طيلة حياته، وهذه هي المشكلة. هناك حاجة إلى شخصية اقتصادية لإدارة مصرف مركزي، لا إلى شخص مقرّب من النظام المصرفي ويودّ حمايته».

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي نيكولا شيخاني أن سلامة «عرف كيف ينعش الاقتصاد ويكسب ثقة المستثمرين».

وتمكّن لبنان طوال سنوات من جذب رؤوس أموال من الخارج، مقابل منح فوائد مرتفعة للغاية للمودعين. وبات القطاع المصرفي ركيزة رئيسية في الاقتصاد اللبناني.

ومنذ توليه منصبه، حافظت الليرة على استقرارها بعدما ثبّت سلامة سعر صرفها على 1507 ليرات، وهو ما كان يبرّره بوجود «احتياطات مهمة بالدولار الأميركي» لدى المصرف المركزي سرعان ما نضبت منذ بدء الأزمة التي برزت مع امتناع الحكومة اللبنانية عن دفع ديونها المستحقة. فبدأ الانهيار وشحّت السيولة.

ومنذ تعيينه، تم التجديد لسلامة أربع مرات. نال في عام 2006 جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم من مجلة «يورو موني»، ثم من مجلة «بانكر» عام 2009، وحاز أوسمة شرف فرنسية.

وبغطاء سياسي، انخرط سلامة منذ عام 2016 في هندسات مالية هدفت إلى الحفاظ على قيمة الليرة ورفع احتياطي المصرف المركزي ورسملة المصارف، لكن خبراء اقتصاديين يعدّونها من بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تعميق أزمة البلاد المالية.

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يحيي الموظفين في آخر يوم عمل له (إ.ب.أ)

«الليرة بخير»

يتكلّم سلامة بصوت منخفض، ومن دون أي انفعالات. ولا يبتسم علناً إلا نادراً.

مع بدء أزمة شحّ السيولة وفرض المصارف قيوداً مشددة على سحب الودائع خصوصاً بالدولار في خريف 2019، أصرّ في الأشهر الأولى على أن «الليرة بخير».

لكن على وقع انهيار صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، فقدت العملة المحلية أكثر من 98 في المائة من قيمتها أمام الدولار.

ورغم الانتقادات التي طالت أداءه، وشبهات الاختلاس وغسل الأموال والإثراء غير المشروع التي تلاحقه في لبنان والخارج، بقي سلامة في منصبه، مستفيداً من حماية سياسية توفّرها له قوى رئيسية في البلاد.

ويشتبه محقّقون أوروبيون في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وبأنه أساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان.

وبناء على التحقيقات، أصدرت قاضية فرنسية في باريس والمدعية العامة في ميونيخ، العام الماضي، مذكرتي توقيف بحق سلامة جرى تعميمهما عبر الإنتربول.

إلا أن النيابة العامة في ميونيخ ألغت في يونيو (حزيران) مذكّرة التوقيف بحق سلامة؛ لأنه «لم يعد يشغل منصب حاكم مصرف لبنان المركزي، وبالتالي لم يعد هناك أي خطر (...) بإتلاف أدلة». لكن القرار لا يعني أن التحقيق انتهى.

ورغم أن مذكرة التوقيف الصادرة من فرنسا التي يحمل سلامة جنسيتها لا تزال سارية، لكنها من دون طائل؛ إذ لا يسلّم لبنان مواطنيه لمحاكمتهم في دولة أجنبية.

لكن سلامة يرفض التهم الموجهة إليه، متحدثاً عن «بيانات مزورة» وخلفيات «سياسية».