وجه رئيس جهاز الأمن العام الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، أقسى انتقاد للشرطة الإسرائيلية التي تتبع وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، قائلاً إنه لا توجد شرطة في إسرائيل.
ونقلت القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي تفاصيل محادثة جرت بين رئيس الوزراء؛ بنيامين نتنياهو، وبار، خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، بشأن هجمات المستوطنين التي وقعت قبل نحو أسبوع في قرية جت الفلسطينية القريبة من مدينة قلقيلية، والتي انتهت بقتل فلسطيني وإحراق منازل ومركبات. وسأل نتنياهو: «هل قمنا بأي اعتقالات؟»، فأجاب بار: «اثنان». ثم تساءل نتنياهو عن الرقم: «لماذا اثنان فقط؟ لماذا ليس أكثر؟». ورداً على ذلك، اختار بار توجيه الانتقاد قائلاً: «هذا هو دور الشرطة، لا توجد شرطة في إسرائيل».
وجاء الكشف عن المحادثة في وقت تعيش فيه إسرائيل جدلاً حاداً، لا يخلو من تبادل الاتهامات بين وزراء وقادة الأمن حول الإرهاب اليهودي في الضفة.
وكان بار نفسه هاجم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، في رسالة وجهها لنتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ووزراء آخرين، أكد فيها أن الإرهاب اليهودي الذي يرتكبه المستوطنون العنيفون وأفعال بن غفير في الحرم القدسي (المسجد الأقصى)، يسببان «ضرراً لا يوصف» لإسرائيل.
وقال بار إنه يشعر «بألم، وبقلق بالغ، كيهودي، وكإسرائيلي، وكضابط أمن، بشأن ظاهرة الإرهاب اليهودي المتنامية من فتيان التلال».
وكتب بار في الرسالة، التي أرسلها أيضاً إلى وزير العدل ياريف ليفين، ووزير التعليم يوآف كيش، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الداخلية موشيه أربيل، ووزير الخدمات الدينية ميخائيل مالكيلي، والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، قائلاً: «ظاهرة شباب التلال أصبحت منذ فترة طويلة بؤرة للعنف ضد الفلسطينيين».
ولم يتم إرسال الرسالة إلى بن غفير، الذي طالب بإقالة بار خلال اجتماع الحكومة، وخرج غاضباً عندما دافع عنه نتنياهو ووزراء آخرون.
وكتب بار أنه لا يرى هذه الظاهرة على أنها عنف قومي، لأن العنف كان يهدف إلى «إثارة الخوف، أي الإرهاب». وأضاف أن شباب التلال تشجعوا بالمعاملة المتساهلة و«الشعور السري بالدعم» من جانب الشرطة.
كما أضاف بار أن «فقدان الخوف من الاعتقال الإداري بسبب الظروف التي يعيشونها في السجن والأموال التي تُمنح لهم عند إطلاق سراحهم من قبل أعضاء الكنيست، إلى جانب إضفاء الشرعية والثناء، ونزع الشرعية عن قوات الأمن»، كل ذلك يسهم في استمرار الظاهرة.
وكتب أنه في الآونة الأخيرة، أصبح من الواضح أن شباب التلال شعروا بالأمان الكافي ليعملوا بشكل صريح ومكثف أكثر وكانوا غالباً ما يستخدمون «أسلحة توزعها الدولة بشكل قانوني»، في إشارة إلى سياسة بن غفير في تسهيل الحصول على تراخيص الأسلحة بشكل كبير منذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل.
وحذر من أن حل المشكلة لا يكمن في «الشاباك»، وأن الوضع يجب أن يعالجه قادة البلاد، مضيفاً: «الضرر الذي لحق بدولة إسرائيل، خصوصاً الآن، وللغالبية العظمى من المستوطنين، لا يمكن وصفه (...) وفوق كل شيء، وصمة عار هائلة على اليهودية وعلينا جميعاً».
وكان بار يشير إلى هجمات المتطرفين اليهود التي ارتفعت بشكل كبير منذ 7 أكتوبر، وتسببت في قتل فلسطينيين وحرق منازل وممتلكات في أحداث كبيرة.
ويرتكب المستوطنون المتطرفون أعمال إرهاب بشكل منتظم في البلدات الفلسطينية بالضفة الغربية، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تطالب بمحاكمة المستوطنين، فإن توجيه الاتهامات في مثل هذه الحالات أمر نادر.
وكانت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى بدأت بفرض عقوبات على المتطرفين المستوطنين الإسرائيليين في وقت سابق من هذا العام.
وتتهم الولايات المتحدة وزراء متطرفين؛ مثل بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بتحريض المستوطنين على العنف، وتقاطعهم كذلك.
وهاجم بار، الوزير بن غفير، وقال إن تصرفاته وزياراته الأخيرة إلى الحرم القدسي «ستؤدي إلى إراقة الدماء، وستغير وجه دولة إسرائيل بشكل لا يمكن التعرف عليه».
ورداً على بار، اتهمه مكتب بن غفير في بيان «بمحاولة إثارة الجدل ومهاجمة الوزير بن غفير لصرف الانتباه عن مناقشة مسؤوليته عن المفاهيم والإخفاقات التي أدت إلى 7 أكتوبر». وأضاف البيان: «لن يساعده هذا. بعد (رئيس استخبارات الجيش الإسرائيلي السابق أهارون) حاليفا، هو التالي الذي يجب أن يستقيل».
لكن بعد بار، وصف غالانت، زميله بن غفير، بأنه عديم المسؤولية ويشكل خطراً على الأمن القومي الإسرائيلي.
وقال غالانت مدافعاً عن بار: «مقابل أفعال الوزير بن غفير عديمة المسؤولية التي تشكل خطراً على الأمن القومي لدولة إسرائيل وتحدث انقساماً داخلياً في الشعب، ينفذ رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) وعناصره دورهم ويحذرون من العواقب الخطيرة لهذه الأفعال».
ورد بن غفير بمنشور ضد غالانت، قال فيه: «تعهدت بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، وفي هذه الأثناء أنت تعيد الشمال إلى العصر الحجري. وبدلاً من مهاجمتي، ابدأ بمهاجمة (حزب الله) في لبنان».