جيران مراكز «حزب الله» يخلون منازلهم خوفاً من «ضربات انتقامية»

قناعة لدى المناصرين بأن «إسرائيل تعرف كل شيء»

سكان من الضاحية الجنوبية لبيروت يعبرون شارعاً في حارة حريك على مقربة من موقع استهداف القيادي بـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)
سكان من الضاحية الجنوبية لبيروت يعبرون شارعاً في حارة حريك على مقربة من موقع استهداف القيادي بـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)
TT

جيران مراكز «حزب الله» يخلون منازلهم خوفاً من «ضربات انتقامية»

سكان من الضاحية الجنوبية لبيروت يعبرون شارعاً في حارة حريك على مقربة من موقع استهداف القيادي بـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)
سكان من الضاحية الجنوبية لبيروت يعبرون شارعاً في حارة حريك على مقربة من موقع استهداف القيادي بـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)

أخلى إبراهيم (أحد السكان، البالغ 61 عاماً) منزله الكائن قرب مركز ديني لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، منذ الغارة الجوية الإسرائيلية على منطقة حارة حريك التي أدت إلى اغتيال القيادي بالحزب فؤاد شكر.

«لا أحد يعلم ما إذا كان الإسرائيليون سيستهدفون مراكز الحزب»، يقول إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن القرار الذي اتخذه «احترازي، ما دام كل الناس يعرفون طبيعة المركز، وبالتأكيد فإن إسرائيل تعرف أيضاً، وهو ما دفعنا للرحيل، إلى حين فرض اتفاق لإنهاء الحرب».

وإبراهيم، واحد من عشرات أخلوا مراكز سكنهم في الضاحية والبقاع والجنوب. يقول السكان في هذه المناطق إن مراكز الحزب معروفة للناس، سواء أكانت دينية أم منازل عائلات منتمين للحزب، أو حتى منشآت يترددون إليها؛ لذلك، اتخذ الناس قراراً بإخلائها «ما دامت الحرب فقدت كل الخطوط الحمر، ولم يعد هناك أي شيء بمنأى عن الاستهداف إذا قرر الإسرائيلي ذلك»، وفق ما يقول أحد سكان الضاحية، مضيفاً: «إذا كان الناس يعرفون، فمن الطبيعي أن إسرائيل تعرف. لا يخفى عليها شيء»، في إشارة إلى النشاط الاستخباري الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.

ويتساءل السكان: «كيف يمكن لإسرائيل أن تعرف كل شخص أو كل مكان تستخدمه من دون أن تكون متمكنة استخباراتياً؟».

لبناني يقف إلى جانب سيارة تضررت إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت النبي شيت فجر الأربعاء (أ.ب)

وبات السكان على قناعة متزايدة بأن إسرائيل تمتلك معلومات (داتا) ضخمة جداً، وبيانات كبيرة عن أشخاص أو مواقع جغرافية يرتادها «حزب الله».

ويردد هؤلاء ما يؤكده المحللون بأن هناك اختراقاً كبيراً لبيئة الحزب، ولجميع الوسائل التقنية. ولا تنفي أوساط مقربين من «حزب الله» هذه الفرضيات، واحتمالية الاختراق البشري، لكنها تؤكد أن الخروقات التي ترتكبها إسرائيل منذ العام 2006، على صعيد المراقبة الجوية بطائرات الاستطلاع فوق الأراضي اللبنانية، ومراقبة خطوط الهاتف وداتا الاتصالات وتعقب الهواتف الذكية، مكّنتها من جمع معلومات ضخمة تحتاج إلى عشرات السنوات لجمعها عبر الخروقات البشرية. وساهمت تلك البيانات في صناعة أرضية صلبة لقاعدة بيانات استخبارية عن الحزب وعناصره ومواقعه، ومن تريد من اللبنانيين، وسكان لبنان، ويجري تحديثها عبر الطائرات المسيّرة والتقنيات التي تمتلكها.

هذا الاعتقاد العام لدى اللبنانيين، دفع مَن يسكن في مواقع يُشتبه بأن «حزب الله» كان يشغلها، للخروج منها، ومن ضمنها محيط منشأة في منطقة النبي شيت في البقاع بشرق لبنان، استهدفتها الطائرات الإسرائيلية فجر الأربعاء، بثلاث غارات جوية.

يقول أحد سكان النبي شيت لـ«الشرق الأوسط» إن المنشأة كانت فارغة، «فقد أخلاها الحزب منذ أشهر، ولا يتردد عناصره عليها، لكن مجرد أنها قائمة على بنك أهداف إسرائيل، فإنها تعرضت للقصف». ويشير إلى أن السكان في محيطها «أخلوا منازلهم في المنطقة قبل يوم، بعدما استهدفت الطائرات الإسرائيلية ليل الاثنين منشأة أخرى في النبي شيت، وتبيّن أنها مستودع ذخيرة للحزب»، لافتاً إلى أن المنشأة التي قُصفت فجر الأربعاء، «تشبه المنشآت الفارغة التي قصفت فجر الثلاثاء أيضاً في سرعين وقصر نبا بمنطقة القطاع الأوسط».

لبناني يتفقد آثار غارة جوية استهدفت سرعين فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)

وبُعيد منتصف الليل، شنّ الطيران الحربي سلسلة غارات عنيفة بعدد من الصواريخ على بلدات النبي شيت، بوداي وسرعين، خلّفت كرة لهب في سماء المنطقة، ودويّاً كبيراً في أرجائها.

وفي البقاع، كما في الجنوب، أخلى عناصر الحزب والمنتمون إليه منازلهم العائلية التي كانوا يقطنونها. وقال مصدر آخر من بعلبك إن عناصر الحزب الذين يتحدرون من المنطقة، أخلوا منازلهم منذ أشهر، ولم يعد هناك أي حركة لهم، لكن منازلهم لا تزال قائمة بطبيعة الحال، وهو ما يثير الذعر من أن تكون على قوائم الاستهداف الإسرائيلي، وتنفذ إسرائيل ضربات انتقامية، وهو ما دفع البعض إلى الخروج من محيط تلك المنازل.


مقالات ذات صلة

إطلاق 40 صاروخاً وطائرات مسيّرة من لبنان على شمال إسرائيل

المشرق العربي تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على قرية الخيام بجنوب لبنان 17 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

إطلاق 40 صاروخاً وطائرات مسيّرة من لبنان على شمال إسرائيل

قال الجيش الإسرائيلي إن وابلاً من نحو 40 صاروخاً وعدة طائرات مسيّرة أُطلق من لبنان على شمال إسرائيل هذا المساء.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق جانب من معرض «ملمس المياه» لريم الجندي (الشرق الأوسط)

​«ملمس المياه» لريم الجندي فسحة صيف تطوف على وهم

يسرح المتفرّج في تفاصيل الأعمال فيُخيَّل إليه بأنّ الوهم الذي بحثت عنه الفنانة أصابه أيضاً فيتزوّد بجرعات من الطاقة الإيجابية وبمشاعر النضارة والحيوية.

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي آثار القصف الإسرائيلي على بلدة سرعين في البقاع بشرق لبنان (أ.ف.ب)

ضرب مخازن أسلحة «حزب الله»... خرق استخباراتي إسرائيلي كبير

أتى استهداف إسرائيل لمخازن أسلحة لـ«حزب الله» بمنطقة البقاع في شرق لبنان، مساء الاثنين - الثلاثاء، ليطرح أكثر من علامة استفهام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان من موقع الغارة الإسرائيلية التي استهدفت أطراف قرية كفر حمام بجنوب لبنان في 17 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

غارات إسرائيلية استهدفت مخازن أسلحة ﻟـ«حزب الله» في وادي البقاع اللبناني

قال مصدران أمنيان لوكالة «رويترز» للأنباء، إن غارة إسرائيلية، مساء الاثنين، استهدفت مستودع أسلحة لجماعة «حزب الله» في وادي البقاع بشرق لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الصليب الأحمر اللبناني يخمدون حريقاً في بلدة شبعا إثر قصف إسرائيلي على المنطقة (د.ب.أ)

احتمالات توسّع الحرب تتراجع في لبنان على وقع المفاوضات

سجّلت عملية تسلّل للجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان للمرة الثالثة منذ بدء المواجهات مع «حزب الله»، في وقت لا يزال فيه التوتر يسود في لبنان سياسياً وعسكرياً

«الشرق الأوسط» (بيروت)

فصائل عراقية تتوعّد واشنطن بهجمات أقوى

صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)
صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

فصائل عراقية تتوعّد واشنطن بهجمات أقوى

صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)
صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

توعّدت فصائل عراقية موالية لإيران بهجمات أقوى ضد القوات الأميركية في العراق، بعد «فشل الدبلوماسية» و«انتهاء الهدنة».

وأعلنت «كتائب سيد الشهداء»، أمس (الأربعاء)، أن «إخفاق الدبلوماسية لإنهاء الوجود الأميركي سيدفعها إلى استئناف عملياتها لتحرير الأراضي». وقال متحدث باسم الحركة، إنهم «ينتظرون من الحكومة موقفاً رسمياً بشأن المفاوضات». وتابع: «مع ذلك، نعلم أنهم (الأميركيين) ليسوا جادين في الانسحاب». من جهتها، قالت حركة «النجباء» إنها «لم تعد ملزمة بالهدنة مع القوات الأميركية»، التي كانت تهدف إلى منح الحكومة الوقت اللازم للتفاوض. وقال حيدر اللامي، عضو مجلس الحركة، في تصريح صحافي، إن «فصائل المقاومة أنهت الهدنة، وجميع الخيارات متاحة لاستهداف جميع القواعد الأميركية داخل العراق».

ونقلت مصادر أن قادة فصائل مسلّحة عقدوا اجتماعاً خلال اليومين الماضيين، واتفقوا على «استئناف الهجمات قريباً بوتيرة أعلى بمعزل عن التطورات في غزة، حتى لو توصلت (حماس) إلى اتفاق لوقف النار هناك».

وجاءت هذه التطورات، بعد ساعات من تأكيد الحكومة العراقية تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة «التحالف الدولي» بسبب ما وصفته وزارة الخارجية بـ«التطورات الأخيرة»، في إشارة إلى قصف قاعدة «عين الأسد».