شاب من غزة يروي كيف استخدمه الجيش الإسرائيلي درعاً بشرية

هيئتان فلسطينيتان تتهمان إسرائيل بانتهاك كل القوانين الدولية بشكل منهجي

أسرى فلسطينيون في أحد شوارع بيت لاهيا شمال قطاع غزة 8 ديسمبر بينما يقف جنود إسرائيليون للحراسة (رويترز)
أسرى فلسطينيون في أحد شوارع بيت لاهيا شمال قطاع غزة 8 ديسمبر بينما يقف جنود إسرائيليون للحراسة (رويترز)
TT

شاب من غزة يروي كيف استخدمه الجيش الإسرائيلي درعاً بشرية

أسرى فلسطينيون في أحد شوارع بيت لاهيا شمال قطاع غزة 8 ديسمبر بينما يقف جنود إسرائيليون للحراسة (رويترز)
أسرى فلسطينيون في أحد شوارع بيت لاهيا شمال قطاع غزة 8 ديسمبر بينما يقف جنود إسرائيليون للحراسة (رويترز)

نشرت «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» و«نادي الأسير الفلسطيني»، الخميس، بياناً مشتركاً يتضمن شهادة للشاب (م. د) البالغ من العمر 21 عاماً من غزة، والذي استخدمته قوات الجيش الإسرائيلي درعاً بشرية لمدة تجاوزت 40 يوماً بعد اعتقاله في يونيو (حزيران) الماضي من معبر كرم أبو سالم. وقد روى كيف أجبره الجنود على ارتداء زي عسكري وتزويده بكاميرا لاستخدامه في مهام عسكرية تحت تهديد الضرب والتجويع المستمر.

وقال الشاب إن ما أنقذه من هذه المهمة البشعة هو إصابته بطلقة نارية في صدره في 6 أغسطس (آب) الحالي؛ إذ نُقل على أثرها إلى مستشفى «سوروكا» في بئر السبع، حيث مكث ثلاثة أيام قبل إطلاق سراحه، الجمعة الماضي، ليتابع العلاج في مستشفى ناصر الطبي في غزة بسيارة إسعاف، حيث تبين أن الإصابة سببت له كسراً في صدره، وإصابة أخرى في الرئة، ولا يزال مخرج الإصابة مفتوحاً وهو بحاجة إلى علاج ومتابعة طبية حثيثة. وأشارت الهيئتان الفلسطينيتان إلى أن «الشاب تعرض لجريمة حرب مركبة تتضمن الاعتقال والتعذيب واستخدامه درعاً بشرية، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي تحظر مثل هذه الممارسات».

أسرى في زنزانة إسرائيلية (أرشيفية - وفا الفلسطينية)

وأكدت الهيئة والنادي أن هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة من الجرائم المنهجية التي يرتكبها الاحتلال ضد المعتقلين الفلسطينيين، حيث تصاعدت بشكل خاص منذ بدء الحرب على غزة. وأعادت المؤسسات دعوتها للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في مواجهة الجرائم الإسرائيلية، ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتكررة، داعية إلى تجاوز حالة العجز الراهنة والتصدي لهذه الجرائم بشكل فعال.

وجاء في الشهادة أن الشاب (م. د) اعتقل خلال عمله في نقل البضائع، حيث تعمّد الاحتلال إبقاءه في نقطة تمركز تابعة لقوة من الجيش بين محور صلاح الدين (فيلادلفيا) ورفح. وبحسب الشهادة، «فإنّ قوات الاحتلال استخدمته درعاً بشرية بشكل يومي، عبر عدة أساليب منها: وضعه على مقدمات السّيارات العسكرية التابعة للجيش، وهو مقيد الأيدي والأرجل، إضافة إلى إجباره على ارتداء الزي العسكري لجيش الاحتلال وتزويده بكاميرا».

قافلة عسكرية إسرائيلية داخل قطاع غزة الأربعاء الماضي (رويترز)

وأوضحت الشهادة أنه في حال رفض الشاب الامتثال لأوامر الاحتلال، فإنه «كان يتعرض للضرب، وكانت ترافقه طيارة مسيرة لتوجيهه خلال حركته، وعلى مدار تلك المدة مارس جنود الاحتلال بحقّه سياسة التّجويع، كما حرموه من استخدام دورة المياه، أو الاستحمام، واستمر ذلك على مدار مدة اعتقاله، حيث كان يواجه الموت كل لحظة بحسب تعبيره، إلى أن أُصيب بالطلق الناري في صدره، وبقي لنحو نصف ساعة من دون علاج».

وبحسب بيان الهيئة والنادي، فإن الشاب (م. د) تعرض هو وعائلته «كما مئات الآلاف من المواطنين من غزة إلى النزوح إلى أكثر من منطقة، جرّاء حرب الإبادة المستمرة، وخلال الحرب استشهد والده، كما أن هناك أفراداً من عائلته في عداد المفقودين». وربط البيان بين هذه الحادثة وعشرات الحالات التي مورست فيها جرائم تعذيب في السّجون وفي معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، وقد شكّل معسكر «سديه تيمان» إحدى أبرز المحطات لجرائم التّعذيب والتّجويع والجرائم الطبيّة والاعتداءات الجنسيّة بحقّهم، والتي أدت إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة، غالبيتهم يواصل الاحتلال إخفاء هوياتهم، هذا عدا الإعدامات الميدانية التي نفذها».

وذكّرت الهيئتان أن «الاحتلال، ومنذ بدء حرب الإبادة، نفّذ ولا يزال حملات اعتقال منهجية ومتصاعدة في كافة أنحاء فلسطين، وقد بلغ عدد حالات الاعتقال في الضّفة أكثر من عشرة آلاف، إضافة إلى آلاف المواطنين من غزة، الذين تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري، وقد رافق عمليات الاعتقال جرائم وانتهاكات - غير مسبوقة - بمستواها، واستمر ذلك بعد نقلهم إلى مراكز التّحقيق والتّوقيف والسّجون والمعسكرات، التي تحوّلت إلى حيز لجرائم التعذيب».

وجددت الهيئة والنادي مطالباتهما المؤسسات الحقوقية الدّولية، بـ«استعادة دورها اللازم والمطلوب أمام حرب الإبادة المستمرة والجرائم المنهجية التي ينفذها الاحتلال بحقّ الأسرى والمعتقلين، وتحمل مسؤولياتها اللازمة، وتجاوز حالة العجز المرعبة التي تلف دورها، وتجاوز هذا الدور القائم فقط على رصد الجرائم والانتهاكات وإصدار المواقف والبيانات، إلى مستوى يؤدي إلى محاسبة الاحتلال والقوى الداعمة له».


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».