إسرائيل تخوض «حرباً أمنية بلا ضوابط» في جنوب لبنان

استهدافات لمناطق محيدة يسكنها مدنيون بينها مرجعيون

عناصر من الجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لمقاتل بـ«حزب الله» في جديدة مرجعيون بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لمقاتل بـ«حزب الله» في جديدة مرجعيون بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تخوض «حرباً أمنية بلا ضوابط» في جنوب لبنان

عناصر من الجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لمقاتل بـ«حزب الله» في جديدة مرجعيون بجنوب لبنان (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لمقاتل بـ«حزب الله» في جديدة مرجعيون بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

شكّل استهداف وسط مدينة جديدة مرجعيون في جنوب لبنان، منعطفاً خطيراً بالحرب التي بدت حرباً أمنية بلا ضوابط، تلاحق فيها إسرائيل، مقاتلي «حزب الله» و«حماس» في أي بقعة جغرافية في الجنوب، بمعزل عما إذا كانت مدناً مكتظة، مثل صور والنبطية، أو قرى وطرقات بعيدة عن الحدود، وهو ما يعكس متغيراً في سياق الحرب وقواعد الاشتباك التي كانت قائمة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

رمزية مرجعيون

وتتمتع مدينة جديدة مرجعيون، برمزية، لكونها مدينة تسكنها أغلبية مسيحية، يلجأ إليها النازحون من الجوار، وبقيت محيدة منذ بدء الحرب عن الاستهدافات، باستثناء استهداف واحد لمنزل على أطرافها أسفر عن سقوط عناصر من «حركة أمل» وجمعية الرسالة للإسعاف الصحي. وقبلها، لطالما بقيت المدينة محيدة، ففي حرب يوليو (تموز) 2006، لم يواجه توغل الجيش الإسرائيلي فيها أي مقاومة تُذكر، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أرّخت الحرب أنه لم تكن هناك اشتباكات داخل البلدة، بينما اندلع القتال خارج مرجعيون، وخصوصاً في بلدتي الخيام ودبين المجاورتين، إثر التوغل البري الإسرائيلي من مستعمرة المطلة باتجاه الأراضي اللبنانية.

سيارات إسعاف تنقل مصابين من جراء غارة إسرائيلية في وسط مدينة جديدة مرجعيون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

هذا المتغير اليوم «يشير إلى أن إسرائيل تخوض حرباً أمنية»، حسبما تقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، لكون الجيش الإسرائيلي «لا يقف عند أي ضوابط متصلة بوجود مدنيين أو مدن مكتظة بالسكان والنازحين»، وهو ما يؤشر إلى توسعة بالملاحقات الأمنية خلال الشهر الأخير، «لطالما كانت مضبوطة خلال الأشهر الماضية».

مرجعيون وصيدا وصور

وخلال أسبوع واحد، نفذت المسيّرات الإسرائيلية ملاحقات واستهدافات لمقاتلين في «حزب الله» و«حماس» بقلب المدن الجنوبية، إذ اغتالت قيادي في «حماس» يوم الجمعة الماضي في عمق مدينة صيدا، كما نفذت الأربعاء استهدافاً لدراجة نارية في مدينة صور على مدخل بلدة العباسية بصاروخين، أسفر عن إصابة عدد من المدنيين ونجاة سائق الدراجة، كما استهدفت سيارة ليل الأربعاء في وسط جديدة مرجعيون، وأسفر الاستهداف عن إصابة 9 مدنيين ومقاتل من «حزب الله» نعاه ببيان رسمي في وقت لاحق.

وجاء في بيان لوزارة الصحة اللبنانية أن «غارة إسرائيلية» استهدفت بلدة مرحعيون أدت إلى مقتل شخص وجرح تسعة آخرين، فيما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية أن «مسيّرة معادية استهدفت سيارة في ساحة جديدة مرجعيون»، حيث تكثر المحال التجارية. أما الجيش الإسرائيلي فأعلن في بيان أن طائرة مقاتلة إسرائيلية «قضت على إرهابيين اثنين من (حزب الله)» في منطقة مرجعيون.

مواطنون وعناصر أمنية يحاولون انتشال المصابين باستهداف سيارة بجديدة مرجعيون (أ.ف.ب)

إسرائيل لا تعترف بالضوابط

ويرفض الباحث بالشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد فكرة وجود ضوابط من أصلها، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش الإسرائيلي «حين يجد هدفاً، سيضربه، بمعزل عن المنطقة»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قواعد الاشتباك تُطبق على الجانب اللبناني، ولا يطبقها الجانب الإسرائيلي بتاتاً»، بدليل «الاستهداف في جديدة مرجعيون التي لطالما كانت محيدة». ويوضح: «لو كانت إسرائيل تعترف بضوابط أو بقواعد اشتباك، لكانت انتظرت السيارة مائتي متر لخروجها من ساحة جديدة مرجعيون إلى طريق فرعي، بما يحمي المدنيين، لكنها في الواقع لا تعترف بأي من تلك الضوابط، وهو ما دفعها لتنفيذ استهداف في المكان الذي تريده».

ويتحدث أسعد عن «خرق استخباري إسرائيلي كبير، سواء بالتكنولوجيا أو بالجانب البشري»، معرباً عن اعتقاده أن «إسرائيل قادرة على تعقب أي هدف بوسائل متعددة وفي أي مكان، ما يعني أن الجيش يمتلك قاعدة بيانات واسعة، بينما بنك الأهداف يتوسع». ويشدد على أن الجيش الإسرائيلي «لا يأخذ بعين الاعتبار أي ضوابط، وهو ما نراه في غزة ولبنان وقبلها في سوريا وإيران».

مدن النازحين

وتستضيف جديدة مرجعيون، كما العباسية ومدينة صور، عدداً كبيراً من النازحين من المنطقة الحدودية. تقول مصادر ميدانية في مرجعيون لـ«الشرق الأوسط» إن قسماً من المضطرين على البقاء في المنطقة، وخصوصاً المزارعين ومربي الماشية والعاملين في قطاعات بيع مواد غذائية أو أفران أو أدوية، يلوذون بمدينة جديدة مرجعيون التي «يُفترض أنها آمنة ومحيدة عن الاستهدافات»، ولذلك لأنها ملاصقة لبلدات نزح قسم كبير من سكانها، ويتيح القرب الجغرافي لها للنازحين تفقد أرزاقهم.

كما يوجد في المدينة صحافيون يغطون التطورات الميدانية في القرى المحيطة؛ خصوصاً الخيام وكفركلا وتل النحاس وبلدات العرقوب.

أما مدينة صور، وبلدة العباسية بجوارها، فقد استضافت بضعة آلاف من النازحين من القرى الحدودية؛ خصوصاً عيتا الشعب وراميا والضهيرة ومروحين وغيرها، وتبعد نحو 15 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية. ولا تزال الإدارات الرسمية والمصالح التجارية عاملة في مدينة صور، وتنشط فيها الحركة اليومية.

حرب أمنية وتوسع عسكري

غير أن تلك الاعتبارات سقطت إلى حد كبير في الشهر الأخيرة، وذلك في سياق الحرب الأمنية والاستهدافات المتواصلة عبر المسيّرات الإسرائيلية، رغم أنها بقيت محيدة عن القصف المدفعي والغارات الجوية التي تشهدها مناطق الشريط الحدودي مع إسرائيل، والآخذة في التوسع إلى الخط الحدودي الثاني.

وأفادت وسائل إعلام محلية، الخميس، بأن القصف المدفعي الإسرائيلي توسع إلى بلدات في القطاعين الأوسط والشرقي يُقصف بعضها للمرة الأولى، مثل قبريخا التي تعرضت أحياء سكنية فيها لـ«قصف مدفعي عشوائي»، كما استهدف القصف بلدات الخيام والطيبة ومركبا وديرسريان والناقورة، ما أسفر عن سقوط جرحى في صفوف المدنيين.

وأعلن مركز عمليات «طوارئ الصحة العامة» التابع لوزارة الصحة اللبنانية أن القصف المدفعي الإسرائيلي المعادي بالقذائف الفوسفورية على بلدة الخيام «أدى إلى إصابة مواطنين بحالة اختناق حادة استدعت إدخالهما إلى مستشفى مرجعيون الحكومي حيث عولجا في قسم الطوارئ». كما اندلع حريق في ديرميماس وعلى تلة لوبيا خراج بلدة القليعة من جراء القصف المدفعي الإسرائيلي، وقام الجيش الإسرائيلي بإلقاء قنابل مضيئة فوق بلدة مركبا.

في المقابل، أعلن «حزب الله» في بيانات متلاحقة أن مقاتليه استهدفوا موقع معيان باروخ بقذائف المدفعية، ونقطة تموضع لجنود إسرائيليين في موقع المالكية.

ورداً على غارة العباسية الأربعاء، شنّ الحزب الخميس «هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على موقع خربة ماعر مستهدفة أماكن تموضع وتمركز ضباط وجنود العدو وأصابت أهدافها بدقة».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي النائب المفصول من «التيار» آلان عون (إلى اليسار) مع النائب المستقيل سيمون أبي رميا في جلسة برلمانية سابقة (حساب أبي رميا في «إكس»)

لبنان: قيادة «التيار الوطني الحر» تحاول استيعاب تداعيات الإقالات والاستقالات

تحاول قيادة «التيار الوطني الحر» استيعاب تداعيات عمليات الفصل والاستقالة التي طالت عدداً من نوابه، بعدما أقدم مئات من مؤيدي هؤلاء النواب على الاستقالة تضامناً.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه (أ.ف.ب)

فرنسا تثني على «التزام لبنان بضبط النفس»

قال وزير الخارجية الفرنسي، الخميس، إنه يأمل في استمرار عدم التصعيد من جانب لبنان بعد أن قتلت إسرائيل أحد كبار قادة جماعة «حزب الله» في بيروت الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق تمثال المغترب اللبناني مقابل مرفأ بيروت (الشرق الأوسط)

تمثال «المغترب اللبناني» قصة حنين لوطن يستحق

يمثل التمثال، المغترب اللبناني القديم، مرتدياً السروال والسترة (الجبّة) الجبلية ويضع اللبادة (قبعة أسطوانية) على رأسه، ويحمل على ظهره أمتعة السفر في «بقجة».

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي سيارات الإسعاف تصل إلى مكان الغارة الإسرائيلية بينما يتجمع الناس في أعقاب هجوم بمسيّرة إسرائيلية على الساحة الرئيسية لبلدة مرجعيون جنوب لبنان في 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

مسيّرة إسرائيلية تستهدف سيارة في بلدة مرجعيون جنوب لبنان  

قتل شخصان وجرح 4 آخرون في استهداف مسيرة إسرائيلية، مساء اليوم (الأربعاء)، لسيارة في بلدة مرجعيون جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

واشنطن: رغم البداية المشجّعة لمفاوضات هدنة غزة لا نتوقع اتفاقاً سريعاً

فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
TT

واشنطن: رغم البداية المشجّعة لمفاوضات هدنة غزة لا نتوقع اتفاقاً سريعاً

فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)

حث البيت الأبيض كل الأطراف المعنية على العمل لإنجاح محادثات وقف إطلاق النار في غزة التي تنعقد في العاصمة القطرية الدوحة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس». وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي، خلال مؤتمر صحافي صباح الخميس، إن المفاوضات مستمرة حتى يوم الجمعة، ونجحنا في تضييق بعض الفجوات، لكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل، نظراً لتعقيدات الاتفاق»، واصفاً المحادثات بأنها «بداية مشجعة».

وأشار كيربي إلى أن النقاشات لا تتعلق بإطار الاتفاق قائلاً: «لقد وصلنا إلى نقطة أصبح معها الإطار مقبولاً بشكل عام والعمل جار لوضع الاتفاق موضع التنفيذ، ونتحدث عن التدابير التنفيذية المحددة». وأوضح أن الوسطاء سيقومون بتوصيل ما دار من نقاش في الدوحة، إلى «حماس» للحصول على إجابات نهائية.

وفي إجابته عن سؤال حول تهديدات «حزب الله»، أكد كيربي أن التهديدات لا تزال قائمة، قائلاً: «نحن نراقب الوضع، وأي مشاركة من أطرف أخرى في هجمات إذا قررت إيران مهاجمة إسرائيل. ويمكن أن نستنتج من ذلك أن وقف إطلاق النار في غزة هو هدف هذه الأطراف». وشدد على أنه بالإضافة إلى الدبلوماسية الدفاعية، فقد اتخذت الولايات المتحدة خطوات لتعزيز القدرات الدفاعية العسكرية في المنطقة، وقال: «يتعين علينا أن نأخذ على محمل الجد الخطاب العدواني الصادر عن طهران، ولا يمكنني القول ما إذا كانوا اتخذوا قراراً بتغيير رأيهم أو كيف سيكون شكل الهجوم إذا هاجموا، أو حتى متى سيحدث ذلك».

عائلات الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون أمام مقر حزب «الليكود» مطالبين بإنهاء حرب غزة 15 أغسطس (إ.ب.أ)

في سياق متصل، قال مسؤول مطلع على محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة لوكالة «رويترز» إن المحادثات مستمرة في العاصمة القطرية الدوحة مساء الخميس ومن المتوقع أن يستأنف جميع المشاركين الاجتماع غدا الجمعة.

تقديم تنازلات

وفي حديثه لشبكة «سي إن إن»، صباح الخميس، قال كيربي إن هدف البيت الأبيض هو العمل لإبرام وقف إطلاق النار للحصول على ستة أسابيع من الهدوء، وإخراج الرهائن الأكثر عرضة للخطر من النساء وكبار السن والمرضى، والجرحى وإعادتهم إلى أسرهم. وأضاف: «ما نحث عليه هو أن تأتي جميع الأطراف إلى الطاولة، ونتفاوض على تفاصيل تنفيذ هذه الصفقة، ووضع وقف إطلاق النار موضع التنفيذ، وربما نعمل على إنهاء هذا الصراع بشكل كامل؛ لأن هذه هي النتيجة الأفضل لشعب غزة». وشدد كيربي على أن كلا الجانبين؛ الإسرائيلي و(حماس)، بحاجة لتقديم تنازلات».

وتحاول إدارة بايدن وحلفاؤها منذ الأسبوع الماضي الضغط على الطرفين لإحراز تقدم يؤدي إلى تجنب أو كبح أي عمل انتقامي من قبل إيران ووكلائها، رداً على اغتيال إسماعيل هنية. ورغم التفاؤل الذي يحاول مسؤولو البيت الأبيض بثه فإن الخبراء يخفضون سقف التوقعات بتحقيق اختراق، ويعترفون بأن إبرام صفقة سيكون صعباً، ما يترك المنطقة محفوفة بالمخاطر والمخاوف من اندلاع حرب شاملة أوسع نطاقاً.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد صرح، الثلاثاء، بأنه لن يستسلم بشأن التوصل إلى اتفاق، مع إدراكه صعوبة المفاوضات. وخلال اليومين الماضين، حث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الوسطاء المصريين والقطريين على الضغط على «حماس»؛ للتوصل إلى اتفاق، وعدم تقويض الجهود الراهنة.

ويشارك في المحادثات كل من مدير الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، ومبعوث الرئيس الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط بريت ماغورك، ومن الجانب الإسرائيلي رئيس الاستخبارات ديفيد برنياع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار، ورئيس قسم الرهائن في الجيش الإسرائيلي نتسان ألون، إضافة إلى الوسطاء من قطر ومصر، في حين لم تشارك «حماس» في المحادثات.

نازحة وطفلها في خيمة بإحدى المقابر على أطراف مدينة خان يونس 15 أغسطس (رويترز)

مخاطر استمرار القصف

ويلوّح الجانب الأميركي بالمخاطر من استمرار القصف الإسرائيلي، وزيادة المخاطر على المدنيين الفلسطينيين، والإشارة إلى فرص أفضل لإيصال المساعدات للمحتاجين في قطاع غزة إذا قدمت «حماس» بعض المرونة. ويقول مسؤولون أميركيون إن الحافز الذي يمكن تقديمه للفلسطينيين هو فرص إيجاد طريق جاد إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويدرك الجانبان الأميركي والإسرائيلي أن «حماس» ستقوم بإعادة تسليح نفسها، وتنظيم صفوفها، وتجنيد المزيد من المقاتلين إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وعلى الجانب الآخر، يبذل الأميركيون جهوداً لإقناع إسرائيل بأنها حققت أهدافها العسكرية في غزة، وأن القوات الإسرائيلية تستطيع التحرك بحرية في مختلف أنحاء القطاع، وأن «حماس» تضررت كثيراً، وفقدت الكثير من مقاتليها، بمن في ذلك محمد الضيف ومروان عيسى، وأن استمرار القصف واستمرار سقوط المدينيين سيؤديان إلى زيادة الغضب الدولي، ولن يؤديا إلى إضعاف «حماس» أكثر من الوضع الحالي، مع استبعاد القضاء على الحركة بشكل حاسم.

ويؤكد مسؤولون أميركيون أيضاً أن استعادة الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، والذين يبلغ عددهم 115 رهينة، لا يمكن تحقيقه عسكرياً، وأنه من الأفضل لإسرائيل التوصل إلى اتفاق لتحريرهم. ونقلت شبكة «إيه بي سي» الإخبارية الأميركية عن مسؤول إسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وسع التفويض الممنوح للمفاوضين الإسرائيليين، ما يعطيهم المزيد من المرونة.

فلسطينيون يدفنون ضحايا غارة إسرائيلية في غزة 15 أغسطس (رويترز)

اتهامات متبادلة

وكشأن المفاوضات التي جرت سابقاً، خرجت الاتهامات من جانب الحكومة الإسرائيلية، وأيضاً من جانب «حماس» بأن كلاً منهما يعرقل التوصل إلى اتفاق من خلال تقديم مطالب غير معقولة، وإجراء تغييرات في اللحظات الأخيرة. ومنذ الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار التي عقدت في مايو (أيار) الماضي، كثفت الولايات المتحدة مع مصر وقطر، محاولات إقناع إسرائيل و«حماس» بقبول اتفاق يتم على ثلاث مراحل تتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وعودة النازحين الفلسطينيين إلى ديارهم، وتبادل الأسرى.

وتكمن بعض نقاط الخلاف حول الجداول الزمنية وأسماء الرهائن وهويتهم وأعدادهم، وما يتعلق بوقف إطلاق النار، ومدى بقاء القوات الإسرائيلية في غزة في أثناء الهدنة، ومدة وقف العمليات العسكرية وما بعد المرحلة الأولى، حيث لا تريد الحكومة الإسرائيلية الالتزام بوقف القتال حتى تحقق «نصراً كاملاً» على «حماس». كما تشمل نقاط الخلاف شكل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب، ومن يتولى المسؤولية، وأيضاً السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح على الحدود بين مصر وقطاع غزة.