العراق: مفاوضات رئاسة البرلمان إلى «طريق مسدودة»

استئناف اجتماعات الأحزاب السنية - الشيعية بعد أسبوع

البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
TT

العراق: مفاوضات رئاسة البرلمان إلى «طريق مسدودة»

البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)

تتجه القوى السياسية في العراق إلى تأجيل حسم مرشح رئيس البرلمان أسبوعاً، بعد تعثر الاتفاق على اسم توافقي يمثل الأحزاب السنية، وفقاً لمصادر سياسية.

ويتزامن ذلك، مع فشل اجتماعات بين «الإطار التنسيقي» وممثلي أحزاب سنية للتوصل إلى حل، ووصلت جميع التفاهمات إلى «طريق مسدودة».

وينقسم جميع هذه الأطراف بين صيغتين للحل، تفترض الأولى إعادة فتح باب الترشيح لتقديم أسماء جديدة، وهو ما يدعمه حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، في حين تفضل الثانية الإبقاء على المرشحين الحاليين والتفاهم على دعم أحدهما.

تعديل النظام الداخلي

وينحصر التنافس الآن بين محمود المشهداني وسالم العيساوي، في حين جمع حزب «تقدم» أصوات 55 نائباً سنياً لتعديل النظام الداخلي، بما يضمن فتح الباب لمرشحين جدد.

وشهدت الأيام الماضية اجتماعات سياسية مكثفة لتعديل المادة الـ12 من النظام الداخلي للبرلمان، لفتح باب الترشيح، لكن التفاهمات أجهضت بعد تراجع قوى سياسية عن اتفاقات سابقة.

وكانت قوى سنية قد وافقت على مقترح قدمه حزب الحلبوسي بالموافقة على فتح باب الترشيح مجدداً، والذهاب إلى صيغة «مَن يَفُز بمنصب الرئيس يتنازل عن وزارتين في الحكومة».

وتراجعت أطراف سنية عن هذا التفاهم، الذي جرى في منزل زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي.

وقالت نائب شيعي لـ«الشرق الأوسط»، إن قوى شيعية تستفيد من الانقسام السني لأسباب مختلفة، منها منع اختيار مرشح مقرب من الحلبوسي، أو الإبقاء على الرئيس بالوكالة محسن المندلاوي.

الحلبوسي يحاول تعديل النظام الداخلي للبرلمان لإيجاد مخرج جديد للأزمة (رويترز)

انقسام شيعي

إلى ذلك، أفاد مصدر مقرب من قوى الإطار التنسيقي، بأن «الاجتماع الأخير لقادة التحالف الشيعي كان بمثابة الحد الفاصل بين مرحلتين على صعيد قضية منصب رئيس البرلمان».

وقال المصدر: «انقسم قادة الإطار بين فريق تعديل النظام الداخلي بناءً على رغبة حزب (تقدم)، وآخر يرفض التعديل بزعم أنه مخالفة لقرارات المحكمة الاتحادية».

وقال عضو البرلمان السابق، حيدر الملا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تعديل النظام الداخلي بدعة لن تحدث أبداً».

وعلّق قيادي في حزب «تقدم» على هذه المزاعم، بأنه «لا مانع قانونياً من تعديل النظام الداخلي».

وقال المصدر المقرب من الإطار التنسيقي، إن «التلاعب بهذه الفقرة من النظام الداخلي قد تكون سابقة خطيرة سيدفع الشيعة لاحقاً ثمنها؛ لأنها ستؤسس لعرف كسر قرارات المحكمة الاتحادية والدستور».

وأضاف المصدر، الذي يبدو أنه يتبّنى موقف المناهضين للتعديل، أن «زعيم دولة القانون نوري المالكي وزعيم عصائب (أهل الحق) قيس الخزعلي يؤيدان التعديل، على عكس هادي العامري ومحمد شياع السوداني».

وكان السياسي مشعان الجبوري قد صرح بأن «القوى السنية تداولت مقترحاً جديداً يقضي بإمكانية أن يصوت البرلمان على إضافة مرشح واحد فقط من منطلق أن البرلمان هو صاحب العلوية في القرارات»، مبيناً أن «الهدف من ذلك أنه في حال عدم حصول أي من المرشحين الموجودين أصلاً تتم الموافقة على إضافة عضو البرلمان العراقي عن حزب (تقدم) حازم الخياط بصفته مرشح تسوية سنياً».

ويحاول الحلبوسي الاستفادة من مواقف المالكي والخزعلي، لضمان موقع قوي في المفاوضات السياسية على منصب البرلمان، في حين تقول المصادر السياسية المقربة من حزبه، إن الأخير «لن يفرط في كرسي البرلمان لأي طرف سني آخر».


مقالات ذات صلة

العراق وتركيا يوقعان مذكرة «بالأحرف الأولى» لمحاربة «العمال»

شؤون إقليمية وزيرا الدفاع العراقي والتركي يوقّعان مذكرة تفاهم لإنهاء خطر «العمال الكردستاني» (إكس)

العراق وتركيا يوقعان مذكرة «بالأحرف الأولى» لمحاربة «العمال»

أكدت تركيا والعراق رغبتهما في تعزيز علاقاتهما بمختلف المجالات، وفي مقدمتها التنسيق الأمني ومكافحة التنظيمات الإرهابية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

العراق يؤجل موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة أميركا

قالت وزارة الخارجية العراقية، في بيان، اليوم الخميس، إن بغداد أعلنت تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بسبب «التطورات الأخيرة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي 
صورة متداولة للضابط عمر نزار (فيسبوك)

محكمة عراقية تلغي «المؤبد» لمدان بقتل متظاهرين

ألغت محكمة التمييز العراقية حكم السجن المؤبد لضابط مدان سابقاً بقتل متظاهرين بمدينة الناصرية عام 2019. وأفاد بيان قضائي، أمس (الأربعاء)، بأن المحكمة أفرجت.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما يعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

القضاء العراقي يفرج عن ضابط «مدان» بقتل متظاهرين

أفرجت محكمة التمييز الاتحادية عن ضابط بوزارة الداخلية «مدان سابقاً» بقتل متظاهرين عام 2019، فيما أجّلت محكمة جنايات محاكمة متهم رئيسي بـ«سرقة القرن»

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من جلسة انتخاب محافظ كركوك الجديد ريبوار طه بفندق «الرشيد» في بغداد (إكس)

محافظ كركوك الجديد يدعو معارضيه إلى الحوار

في أول يوم من تسلمه منصبه، دعا محافظ كركوك الجديد، ريبوار طه، القوى السياسية المعارضة إلى الحوار.

حمزة مصطفى (بغداد)

واشنطن: رغم البداية المشجّعة لمفاوضات هدنة غزة لا نتوقع اتفاقاً سريعاً

فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
TT

واشنطن: رغم البداية المشجّعة لمفاوضات هدنة غزة لا نتوقع اتفاقاً سريعاً

فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)

حث البيت الأبيض كل الأطراف المعنية على العمل لإنجاح محادثات وقف إطلاق النار في غزة التي تنعقد في العاصمة القطرية الدوحة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس». وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي، خلال مؤتمر صحافي صباح الخميس، إن المفاوضات مستمرة حتى يوم الجمعة، ونجحنا في تضييق بعض الفجوات، لكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل، نظراً لتعقيدات الاتفاق»، واصفاً المحادثات بأنها «بداية مشجعة».

وأشار كيربي إلى أن النقاشات لا تتعلق بإطار الاتفاق قائلاً: «لقد وصلنا إلى نقطة أصبح معها الإطار مقبولاً بشكل عام والعمل جار لوضع الاتفاق موضع التنفيذ، ونتحدث عن التدابير التنفيذية المحددة». وأوضح أن الوسطاء سيقومون بتوصيل ما دار من نقاش في الدوحة، إلى «حماس» للحصول على إجابات نهائية.

وفي إجابته عن سؤال حول تهديدات «حزب الله»، أكد كيربي أن التهديدات لا تزال قائمة، قائلاً: «نحن نراقب الوضع، وأي مشاركة من أطرف أخرى في هجمات إذا قررت إيران مهاجمة إسرائيل. ويمكن أن نستنتج من ذلك أن وقف إطلاق النار في غزة هو هدف هذه الأطراف». وشدد على أنه بالإضافة إلى الدبلوماسية الدفاعية، فقد اتخذت الولايات المتحدة خطوات لتعزيز القدرات الدفاعية العسكرية في المنطقة، وقال: «يتعين علينا أن نأخذ على محمل الجد الخطاب العدواني الصادر عن طهران، ولا يمكنني القول ما إذا كانوا اتخذوا قراراً بتغيير رأيهم أو كيف سيكون شكل الهجوم إذا هاجموا، أو حتى متى سيحدث ذلك».

عائلات الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون أمام مقر حزب «الليكود» مطالبين بإنهاء حرب غزة 15 أغسطس (إ.ب.أ)

في سياق متصل، قال مسؤول مطلع على محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة لوكالة «رويترز» إن المحادثات مستمرة في العاصمة القطرية الدوحة مساء الخميس ومن المتوقع أن يستأنف جميع المشاركين الاجتماع غدا الجمعة.

تقديم تنازلات

وفي حديثه لشبكة «سي إن إن»، صباح الخميس، قال كيربي إن هدف البيت الأبيض هو العمل لإبرام وقف إطلاق النار للحصول على ستة أسابيع من الهدوء، وإخراج الرهائن الأكثر عرضة للخطر من النساء وكبار السن والمرضى، والجرحى وإعادتهم إلى أسرهم. وأضاف: «ما نحث عليه هو أن تأتي جميع الأطراف إلى الطاولة، ونتفاوض على تفاصيل تنفيذ هذه الصفقة، ووضع وقف إطلاق النار موضع التنفيذ، وربما نعمل على إنهاء هذا الصراع بشكل كامل؛ لأن هذه هي النتيجة الأفضل لشعب غزة». وشدد كيربي على أن كلا الجانبين؛ الإسرائيلي و(حماس)، بحاجة لتقديم تنازلات».

وتحاول إدارة بايدن وحلفاؤها منذ الأسبوع الماضي الضغط على الطرفين لإحراز تقدم يؤدي إلى تجنب أو كبح أي عمل انتقامي من قبل إيران ووكلائها، رداً على اغتيال إسماعيل هنية. ورغم التفاؤل الذي يحاول مسؤولو البيت الأبيض بثه فإن الخبراء يخفضون سقف التوقعات بتحقيق اختراق، ويعترفون بأن إبرام صفقة سيكون صعباً، ما يترك المنطقة محفوفة بالمخاطر والمخاوف من اندلاع حرب شاملة أوسع نطاقاً.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد صرح، الثلاثاء، بأنه لن يستسلم بشأن التوصل إلى اتفاق، مع إدراكه صعوبة المفاوضات. وخلال اليومين الماضين، حث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الوسطاء المصريين والقطريين على الضغط على «حماس»؛ للتوصل إلى اتفاق، وعدم تقويض الجهود الراهنة.

ويشارك في المحادثات كل من مدير الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، ومبعوث الرئيس الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط بريت ماغورك، ومن الجانب الإسرائيلي رئيس الاستخبارات ديفيد برنياع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار، ورئيس قسم الرهائن في الجيش الإسرائيلي نتسان ألون، إضافة إلى الوسطاء من قطر ومصر، في حين لم تشارك «حماس» في المحادثات.

نازحة وطفلها في خيمة بإحدى المقابر على أطراف مدينة خان يونس 15 أغسطس (رويترز)

مخاطر استمرار القصف

ويلوّح الجانب الأميركي بالمخاطر من استمرار القصف الإسرائيلي، وزيادة المخاطر على المدنيين الفلسطينيين، والإشارة إلى فرص أفضل لإيصال المساعدات للمحتاجين في قطاع غزة إذا قدمت «حماس» بعض المرونة. ويقول مسؤولون أميركيون إن الحافز الذي يمكن تقديمه للفلسطينيين هو فرص إيجاد طريق جاد إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويدرك الجانبان الأميركي والإسرائيلي أن «حماس» ستقوم بإعادة تسليح نفسها، وتنظيم صفوفها، وتجنيد المزيد من المقاتلين إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وعلى الجانب الآخر، يبذل الأميركيون جهوداً لإقناع إسرائيل بأنها حققت أهدافها العسكرية في غزة، وأن القوات الإسرائيلية تستطيع التحرك بحرية في مختلف أنحاء القطاع، وأن «حماس» تضررت كثيراً، وفقدت الكثير من مقاتليها، بمن في ذلك محمد الضيف ومروان عيسى، وأن استمرار القصف واستمرار سقوط المدينيين سيؤديان إلى زيادة الغضب الدولي، ولن يؤديا إلى إضعاف «حماس» أكثر من الوضع الحالي، مع استبعاد القضاء على الحركة بشكل حاسم.

ويؤكد مسؤولون أميركيون أيضاً أن استعادة الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، والذين يبلغ عددهم 115 رهينة، لا يمكن تحقيقه عسكرياً، وأنه من الأفضل لإسرائيل التوصل إلى اتفاق لتحريرهم. ونقلت شبكة «إيه بي سي» الإخبارية الأميركية عن مسؤول إسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وسع التفويض الممنوح للمفاوضين الإسرائيليين، ما يعطيهم المزيد من المرونة.

فلسطينيون يدفنون ضحايا غارة إسرائيلية في غزة 15 أغسطس (رويترز)

اتهامات متبادلة

وكشأن المفاوضات التي جرت سابقاً، خرجت الاتهامات من جانب الحكومة الإسرائيلية، وأيضاً من جانب «حماس» بأن كلاً منهما يعرقل التوصل إلى اتفاق من خلال تقديم مطالب غير معقولة، وإجراء تغييرات في اللحظات الأخيرة. ومنذ الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار التي عقدت في مايو (أيار) الماضي، كثفت الولايات المتحدة مع مصر وقطر، محاولات إقناع إسرائيل و«حماس» بقبول اتفاق يتم على ثلاث مراحل تتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وعودة النازحين الفلسطينيين إلى ديارهم، وتبادل الأسرى.

وتكمن بعض نقاط الخلاف حول الجداول الزمنية وأسماء الرهائن وهويتهم وأعدادهم، وما يتعلق بوقف إطلاق النار، ومدى بقاء القوات الإسرائيلية في غزة في أثناء الهدنة، ومدة وقف العمليات العسكرية وما بعد المرحلة الأولى، حيث لا تريد الحكومة الإسرائيلية الالتزام بوقف القتال حتى تحقق «نصراً كاملاً» على «حماس». كما تشمل نقاط الخلاف شكل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب، ومن يتولى المسؤولية، وأيضاً السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح على الحدود بين مصر وقطاع غزة.