البيت الأبيض: «بداية مشجّعة» لمفاوضات الدوحة بشأن الهدنة في غزة

جولة جديدة تأتي على وقع تواصل القصف والعمليات العسكرية على الأرض

فلسطينية تنعى أحد أفراد أسرتها الذي قُتل بقصف إسرائيلي بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تنعى أحد أفراد أسرتها الذي قُتل بقصف إسرائيلي بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

البيت الأبيض: «بداية مشجّعة» لمفاوضات الدوحة بشأن الهدنة في غزة

فلسطينية تنعى أحد أفراد أسرتها الذي قُتل بقصف إسرائيلي بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينية تنعى أحد أفراد أسرتها الذي قُتل بقصف إسرائيلي بمستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

قال البيت الأبيض، اليوم الخميس، إنه يرى «بداية مشجّعة» لمفاوضات الدوحة بشأن الهدنة في قطاع غزة، داعياً كل الأطراف المعنية على حضور المحادثات.

وحثت واشنطن إسرائيل وحركة «حماس» على إظهار مرونة وتقديم تنازلات، قائلة إن تحقيق تقدم لا يزال أمراً ممكناً في الأيام القليلة المقبلة.

وبدأت اليوم (الخميس)، جولة جديدة من التفاوض حول هدنة في قطاع غزة بوساطة قطرية وأميركية ومصرية، فيما تتواصل العمليات العسكرية على الأرض.

تأتي المفاوضات بعد عشرة أشهر من حرب مدمّرة بين إسرائيل وحركة «حماس»، وفي ظل تصعيد إقليمي بين الدولة العبرية من جهة وإيران وحلفائها من جهة أخرى.

وأعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل إرسال وفدين إلى قطر للمشاركة في المفاوضات التي يُفترض أن يحضرها أيضاً ممثلون عن الحكومتين المصرية والقطرية الوسيطتين إلى جانب واشنطن، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

ويتخّذ قادة من «حماس» من قطر مقرّاً. وبالاستناد إلى جلسات التفاوض السابقة، لا تحصل مفاوضات مباشرة بين الطرفين المعنيين، إنما ينقل الوسطاء المقترحات والأجوبة إلى كلٍّ من الوفدين اللذين لا يوجدان في الغرفة نفسها.

وخلال عشرة أشهر، جرى التوصل إلى هدنة واحدة لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) جرى خلالها تبادل رهائن محتجزين في قطاع غزة ومعتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيلية والتزام بوقفٍ لإطلاق النار.

«حماس» تراقب

وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، أن الوفد الإسرائيلي إلى المفاوضات سيضمّ «رئيسي الموساد ديفيد برنياع، والشين بيت رونين بار، فضلاً عن نيتسان ألون (منسّق ملف الرهائن) وعوفير فالك (مستشار سياسي)».

وذكرت مصادر أميركية متابعة للملف أن رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، توجه إلى الدوحة للمشاركة في المفاوضات.

وقال مصدر في «حماس» إن الحركة «ستراقب وتتابع سير جولة التفاوض وهل مسار المفاوضات جدّي من جانب الاحتلال ومُجدٍ لتنفيذ الاقتراح الأخير أم أنه استمرار للمماطلة التي يتبعها نتنياهو؟».

وقال مصدر آخر إن «حماس معنية بوقف الحرب والتوصل لصفقة واتفاق لوقف إطلاق النار على أساس الاقتراح الذي قُدّم الشهر الماضي»، في إشارةٍ إلى الاقتراح الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي جو بايدن وينصّ على ثلاث مراحل تشمل وقفاً لإطلاق النار، وانسحاباً للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، وإدخال مساعدات وإطلاق معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في اتصال هاتفي مساء الأربعاء، في الوضع في المنطقة.

وقالت «الخارجية الأميركية» إن بلينكن أجرى سلسلة اتصالات مع قادة أجانب، ووجّه «رسالة واضحة» بشأن «الأهمية الحيوية» لوقف إطلاق النار في غزة.

وشدّد على أن «الوقت قد حان للإفراج عن الرهائن ولتخفيف الأعباء عن أهل غزة، بموجب الاتفاق المطروح الآن على الطاولة».

سيجورنيه في بيروت

وبدأت الحرب إثر هجوم نفّذته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لحصيلة أعدّتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصاً، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل ما يقرب من 40 ألف شخص على الأقل، حسب أرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

وخلال الأسابيع الأخيرة، تعزّزت المخاوف من توسّع التصعيد إلى دول أخرى في المنطقة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في طهران، في ضربة نُسبت إلى إسرائيل. وجاء ذلك بعد ساعات من ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت قتلت القيادي في «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر.

وتوعّدت إيران و«حزب الله» بالردّ على الدولة العبرية.

ومارست الدول الغربية ضغوطاً مكثفة على إيران داعيةً إياها إلى التراجع عن تهديدها بالردّ على إسرائيل.

وفي إطار الجهود الدبلوماسية المبذولة لاحتواء التصعيد في المنطقة، يزور وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، بيروت، الخميس، بعد الموفد الأميركي آموس هوكستين، الذي زار لبنان وإسرائيل خلال اليومين الماضيين.

ورأى الرئيس الأميركي، الثلاثاء، أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قد يدفع إيران إلى الامتناع عن شنّ هجوم.

ورفضت إيران، الثلاثاء، الدعوات الغربية للتراجع.

عمليات عسكرية

على الأرض، واصلت إسرائيل، الأربعاء، عملياتها العسكرية في قطاع غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إنه فكّك أكثر من 30 بنية تحتية لـ«حماس» خلال الساعات الماضية، بينها مواقع تضمّ متفجرات وأسلحة في مناطق مختلفة من قطاع غزة.

وأشار إلى أنه قتل قرابة عشرين مقاتلاً في رفح جنوب القطاع.

ولا تنشر «حماس» أعداد المقاتلين الذين يسقطون في المعارك والقصف، ويرجّح أن الحصيلة الإجمالية للضحايا الصادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة تشمل هؤلاء.

وأفاد مصدر طبي في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع، وكالة الصحافة الفرنسية، الخميس، بمقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بجروح في قصف إسرائيلي على شرق خان يونس.

كما أفاد مسعفون بنقل ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى إلى مستشفى الأهلي في مدينة غزة في شمال القطاع بعد غارات إسرائيلية على المدينة.

على جبهة «حزب الله» وإسرائيل المفتوحة عبر الحدود اللبنانية منذ بدء الحرب في غزة، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية الأربعاء، مقتل شخصين في غارات إسرائيلية على جنوب البلاد، وأعلن «حزب الله» مقتل اثنين من عناصره يرجّح أنهما الشخصان المذكوران.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أن سلاح الجو التابع له «ضرب بنى تحتية لحزب الله» في لبنان.

«نريد حلّاً»

في دير البلح وسط القطاع المحاصَر، قال رامي الخضري لوكالة الصحافة الفرنسية: «نأمل من الله أن تكون هناك حلول حتى يعود النازحون إلى بيوتهم. نحن الآن متسولون... الشعب مات وتقطّعت أرجلهم وأيديهم ودُمّرت البيوت».

وتابع: «نقول لـ(رئيس المكتب السياسي في حماس يحيى) السنوار نريد حلّاً، ولنتنياهو أن يُنهي هذه القضية».

في تل أبيب، قالت الممرضة كارميت ألموغ (48 عاماً): «أشعر بأن هذا يجب أن ينتهي. علينا أن نعيد الرهائن. علينا أن نتوصل إلى اتفاق لنعيد تأهيل أنفسنا. أشعر بأن الشعب يريد السلام ويريد أن تنتهي الحرب».

في الضفة الغربية المحتلة، قُتل فلسطينيان وأصيب سبعة آخرون في غارة للجيش الإسرائيلي فجر الخميس، على مخيم بلاطة للاجئين بالقرب من مدينة نابلس، وفق وزارة الصحة الفلسطينية. وأكّد الجيش الإسرائيلي مقتل شخصين قال إنهما «شكّلا تهديداً للقوات العاملة في المنطقة» بإطلاق نار من «طائرة تابعة لسلاح الجو».

وقُتل منذ اندلاع الحرب في غزة ما لا يقل عن 632 فلسطينياً برصاص القوات الإسرائيلية ومستوطنين في الضفة الغربية، وفق إحصاء أعدّته وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام فلسطينية رسمية.

وقُتل ما لا يقل عن 18 إسرائيلياً، بينهم جنود، في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها، وفق أرقام إسرائيلية رسمية.


مقالات ذات صلة

أميركا وقطر تحضّان كل الأطراف على عدم «تقويض» محادثات الهدنة

شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في وزارة الخارجية في واشنطن، الولايات المتحدة، 5 مارس 2024 (رويترز)

أميركا وقطر تحضّان كل الأطراف على عدم «تقويض» محادثات الهدنة

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كل الأطراف على عدم «تقويض» محادثات الهدنة في غزة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقّدون الدمار في دير البلح وسط قطاع غزة بعد القصف الإسرائيلي 7 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

مدير «سي آي إيه» ورئيسا «الموساد» و«الشاباك» إلى الدوحة للمشاركة في مفاوضات الهدنة

ستُعقد، الخميس، بالدوحة جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة «حماس» وإسرائيل لوقف إطلاق النار في الحرب الدامية الدائرة بغزة منذ أكثر من 10 أشهر.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم فلسطينيون يحملون أمتعتهم في أثناء فرارهم من مدينة حمد باتجاه المواصي بغزة في 11 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

واشنطن: قطر تعمل على مشاركة «حماس» في محادثات وقف إطلاق النار

قالت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن «الشركاء في قطر أكدوا لواشنطن» أنهم سيعملون على أن يكون لحركة «حماس» تمثيل في محادثات الهدنة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أطفال يقفون لالتقاط صورة على منتصف الطريق في مخيم مؤقت للنازحين أقيم على طول طريق في دير البلح في وسط قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

«حماس» ستشارك في مباحثات الخميس

قالت مصادر في حركة «حماس»، لـ«الشرق الأوسط» إن التوجه لدى قيادة الحركة هو المشاركة في الاجتماع المرتقب يوم الخميس المقبل، لكن شكل هذه المشاركة لم يتحدد بعد.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مؤتمر صحافي في فيينا بالنمسا في 11 مايو 2022 (رويترز)

غوتيريش يحث إسرائيل و«حماس» على إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار

ندد الأمين العام للأمم المتحدة باستمرار سقوط خسائر بشرية جراء الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة، وحث على إبرام اتفاق هدنة وإطلاق الرهائن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

واشنطن: رغم البداية المشجّعة لمفاوضات هدنة غزة لا نتوقع اتفاقاً سريعاً

فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
TT

واشنطن: رغم البداية المشجّعة لمفاوضات هدنة غزة لا نتوقع اتفاقاً سريعاً

فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)
فلسطينيون يدفنون جثامين أشخاص قتلهم الجيش الإسرائيلي في حرب غزة (أرشيفية/أ.ب)

حث البيت الأبيض كل الأطراف المعنية على العمل لإنجاح محادثات وقف إطلاق النار في غزة التي تنعقد في العاصمة القطرية الدوحة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس». وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي، خلال مؤتمر صحافي صباح الخميس، إن المفاوضات مستمرة حتى يوم الجمعة، ونجحنا في تضييق بعض الفجوات، لكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل، نظراً لتعقيدات الاتفاق»، واصفاً المحادثات بأنها «بداية مشجعة».

وأشار كيربي إلى أن النقاشات لا تتعلق بإطار الاتفاق قائلاً: «لقد وصلنا إلى نقطة أصبح معها الإطار مقبولاً بشكل عام والعمل جار لوضع الاتفاق موضع التنفيذ، ونتحدث عن التدابير التنفيذية المحددة». وأوضح أن الوسطاء سيقومون بتوصيل ما دار من نقاش في الدوحة، إلى «حماس» للحصول على إجابات نهائية.

وفي إجابته عن سؤال حول تهديدات «حزب الله»، أكد كيربي أن التهديدات لا تزال قائمة، قائلاً: «نحن نراقب الوضع، وأي مشاركة من أطرف أخرى في هجمات إذا قررت إيران مهاجمة إسرائيل. ويمكن أن نستنتج من ذلك أن وقف إطلاق النار في غزة هو هدف هذه الأطراف». وشدد على أنه بالإضافة إلى الدبلوماسية الدفاعية، فقد اتخذت الولايات المتحدة خطوات لتعزيز القدرات الدفاعية العسكرية في المنطقة، وقال: «يتعين علينا أن نأخذ على محمل الجد الخطاب العدواني الصادر عن طهران، ولا يمكنني القول ما إذا كانوا اتخذوا قراراً بتغيير رأيهم أو كيف سيكون شكل الهجوم إذا هاجموا، أو حتى متى سيحدث ذلك».

عائلات الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون أمام مقر حزب «الليكود» مطالبين بإنهاء حرب غزة 15 أغسطس (إ.ب.أ)

في سياق متصل، قال مسؤول مطلع على محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة لوكالة «رويترز» إن المحادثات مستمرة في العاصمة القطرية الدوحة مساء الخميس ومن المتوقع أن يستأنف جميع المشاركين الاجتماع غدا الجمعة.

تقديم تنازلات

وفي حديثه لشبكة «سي إن إن»، صباح الخميس، قال كيربي إن هدف البيت الأبيض هو العمل لإبرام وقف إطلاق النار للحصول على ستة أسابيع من الهدوء، وإخراج الرهائن الأكثر عرضة للخطر من النساء وكبار السن والمرضى، والجرحى وإعادتهم إلى أسرهم. وأضاف: «ما نحث عليه هو أن تأتي جميع الأطراف إلى الطاولة، ونتفاوض على تفاصيل تنفيذ هذه الصفقة، ووضع وقف إطلاق النار موضع التنفيذ، وربما نعمل على إنهاء هذا الصراع بشكل كامل؛ لأن هذه هي النتيجة الأفضل لشعب غزة». وشدد كيربي على أن كلا الجانبين؛ الإسرائيلي و(حماس)، بحاجة لتقديم تنازلات».

وتحاول إدارة بايدن وحلفاؤها منذ الأسبوع الماضي الضغط على الطرفين لإحراز تقدم يؤدي إلى تجنب أو كبح أي عمل انتقامي من قبل إيران ووكلائها، رداً على اغتيال إسماعيل هنية. ورغم التفاؤل الذي يحاول مسؤولو البيت الأبيض بثه فإن الخبراء يخفضون سقف التوقعات بتحقيق اختراق، ويعترفون بأن إبرام صفقة سيكون صعباً، ما يترك المنطقة محفوفة بالمخاطر والمخاوف من اندلاع حرب شاملة أوسع نطاقاً.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد صرح، الثلاثاء، بأنه لن يستسلم بشأن التوصل إلى اتفاق، مع إدراكه صعوبة المفاوضات. وخلال اليومين الماضين، حث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الوسطاء المصريين والقطريين على الضغط على «حماس»؛ للتوصل إلى اتفاق، وعدم تقويض الجهود الراهنة.

ويشارك في المحادثات كل من مدير الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، ومبعوث الرئيس الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط بريت ماغورك، ومن الجانب الإسرائيلي رئيس الاستخبارات ديفيد برنياع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار، ورئيس قسم الرهائن في الجيش الإسرائيلي نتسان ألون، إضافة إلى الوسطاء من قطر ومصر، في حين لم تشارك «حماس» في المحادثات.

نازحة وطفلها في خيمة بإحدى المقابر على أطراف مدينة خان يونس 15 أغسطس (رويترز)

مخاطر استمرار القصف

ويلوّح الجانب الأميركي بالمخاطر من استمرار القصف الإسرائيلي، وزيادة المخاطر على المدنيين الفلسطينيين، والإشارة إلى فرص أفضل لإيصال المساعدات للمحتاجين في قطاع غزة إذا قدمت «حماس» بعض المرونة. ويقول مسؤولون أميركيون إن الحافز الذي يمكن تقديمه للفلسطينيين هو فرص إيجاد طريق جاد إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويدرك الجانبان الأميركي والإسرائيلي أن «حماس» ستقوم بإعادة تسليح نفسها، وتنظيم صفوفها، وتجنيد المزيد من المقاتلين إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وعلى الجانب الآخر، يبذل الأميركيون جهوداً لإقناع إسرائيل بأنها حققت أهدافها العسكرية في غزة، وأن القوات الإسرائيلية تستطيع التحرك بحرية في مختلف أنحاء القطاع، وأن «حماس» تضررت كثيراً، وفقدت الكثير من مقاتليها، بمن في ذلك محمد الضيف ومروان عيسى، وأن استمرار القصف واستمرار سقوط المدينيين سيؤديان إلى زيادة الغضب الدولي، ولن يؤديا إلى إضعاف «حماس» أكثر من الوضع الحالي، مع استبعاد القضاء على الحركة بشكل حاسم.

ويؤكد مسؤولون أميركيون أيضاً أن استعادة الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، والذين يبلغ عددهم 115 رهينة، لا يمكن تحقيقه عسكرياً، وأنه من الأفضل لإسرائيل التوصل إلى اتفاق لتحريرهم. ونقلت شبكة «إيه بي سي» الإخبارية الأميركية عن مسؤول إسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وسع التفويض الممنوح للمفاوضين الإسرائيليين، ما يعطيهم المزيد من المرونة.

فلسطينيون يدفنون ضحايا غارة إسرائيلية في غزة 15 أغسطس (رويترز)

اتهامات متبادلة

وكشأن المفاوضات التي جرت سابقاً، خرجت الاتهامات من جانب الحكومة الإسرائيلية، وأيضاً من جانب «حماس» بأن كلاً منهما يعرقل التوصل إلى اتفاق من خلال تقديم مطالب غير معقولة، وإجراء تغييرات في اللحظات الأخيرة. ومنذ الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار التي عقدت في مايو (أيار) الماضي، كثفت الولايات المتحدة مع مصر وقطر، محاولات إقناع إسرائيل و«حماس» بقبول اتفاق يتم على ثلاث مراحل تتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وعودة النازحين الفلسطينيين إلى ديارهم، وتبادل الأسرى.

وتكمن بعض نقاط الخلاف حول الجداول الزمنية وأسماء الرهائن وهويتهم وأعدادهم، وما يتعلق بوقف إطلاق النار، ومدى بقاء القوات الإسرائيلية في غزة في أثناء الهدنة، ومدة وقف العمليات العسكرية وما بعد المرحلة الأولى، حيث لا تريد الحكومة الإسرائيلية الالتزام بوقف القتال حتى تحقق «نصراً كاملاً» على «حماس». كما تشمل نقاط الخلاف شكل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب، ومن يتولى المسؤولية، وأيضاً السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح على الحدود بين مصر وقطاع غزة.