«حزب الله» يبرر تأخر الرد بـ«الحرب النفسية»

مقتل عنصرين من الحزب في غارة إسرائيلية

مظاهرة دعت إليها منظمات شبابية فلسطينية ولبنانية في صيدا بجنوب لبنان احتجاجاً على اغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية والقائد العسكري لـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)
مظاهرة دعت إليها منظمات شبابية فلسطينية ولبنانية في صيدا بجنوب لبنان احتجاجاً على اغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية والقائد العسكري لـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يبرر تأخر الرد بـ«الحرب النفسية»

مظاهرة دعت إليها منظمات شبابية فلسطينية ولبنانية في صيدا بجنوب لبنان احتجاجاً على اغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية والقائد العسكري لـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)
مظاهرة دعت إليها منظمات شبابية فلسطينية ولبنانية في صيدا بجنوب لبنان احتجاجاً على اغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية والقائد العسكري لـ«حزب الله» فؤاد شكر (أ.ف.ب)

في موازاة تمسك «حزب الله» بالرد العسكري على اغتيال القيادي فؤاد شكر، وبأنه سينفّذه قريباً وسيكون «مؤلماً ورادعاً»، يعدّ أن جزءاً من هذا الرد نفّذ من خلال الحرب النفسية التي يقوم بها منذ عملية الاغتيال قبل أسبوعين في الضاحية الجنوبية لبيروت، «التي جعلت الكيان المحتل في حالة استنزاف وشلل وخوف وهلع ورعب، وبات الجميع يعيشون على أعصابهم»، بحسب ما قال نائب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ علي دعموش الاثنين، مؤكداً أن «هذا يعني أن المقاومة نجحت في تحقيق جزء من أهداف الرد قبل أن تقوم به».

والأمر نفسه عاد، وتحدث عنه الثلاثاء، النائب في «حزب الله» علي فياض، قائلاً إن «الرد على اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر، والقائد الفلسطيني الكبير إسماعيل هنية، آتٍ لا محالة، وأما التأخر في الرد فهذا جزء مدروس من أداء المقاومة وإدارتها للمعركة».

ويؤكد اللواء الركن المتقاعد، الدكتور عبد الرحمن شحيتلي، أن الحرب النفسية هي جزء أساسي في الحرب، وعادة ما تسبق العمليات العسكرية وتترافق معها وتأتي بعدها، فيما يبقى عنصر المفاجأة لجهة التوقيت والمكان هو الأساس الذي يحتفظ به الطرف المعني. ويلفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «حزب الله» يعتمد خلال الحرب النفسية على المواقف التي تؤكد على أن الرد آتٍ ولا تراجع عنه، ما يجعل إسرائيل تترقب وتنتظر، ومما لا شكّ فيه أنها تلعب دوراً مهماً في عملية المواجهة والحرب بين الطرفين، وهو ما تعكسه ردود الفعل الداخلية ، حيث يكون تأثير الحرب النفسية على العسكريين والسكان والحكومات.

بدوره، يلفت رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (أنيجما) رياض قهوجي إلى أن الحرب النفسية أمر طبيعي يحدث في الحروب، لكن تداعياتها مكلفة بالنسبة إلى الطرفين المتحاربين، وليس من يقوم بهذه الحرب فقط، والدليل على ذلك انعكاساتها على لبنان وإسرائيل معاً، وهو ما ظهر جلياً من خلال الحركة الاقتصادية وحركة المطار وتحذيرات الدول لرعاياها وغير ذلك.

ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الحرب النفسية لا تقتصر على (حزب الله)، صاحب الرد، فقط، إنما على لبنان واللبنانيين أيضاً، الذين ينتظرون كيف سيكون الردّ على الرد، ولا سيما أن المسؤولين في تل أبيب يتوعدون بدورهم بردّ مضاعف»، مضيفاً: «كلما تأخر الرد الذي قال الحزب إنه يحدد مكانه وزمانه سترتفع التوقعات حيال حجمه، خصوصاً في أوساط مناصريه وبيئته، وسيصعب عليه تفسير الردّ إذا كان صغيراً».

لكنه يرى في المقابل، أن «الحزب سينفذ ردّه الذي سيكون مدروساً للمحافظة على وتيرة منخفضة في المواجهات، لأنه لا يريد هو، ولا إيران، الدخول في حرب كبيرة، وهو ما يتحدث عنه مسؤولوه، بالتأكيد على أنهم لا يزالون يخوضون حرب إسناد لغزة».

وبانتظار ما ستكون عليه طبيعة هذا الرد، في موازاة الجهود التي تبذل على أكثر من خط للتهدئة، تستمر المواجهات بالوتيرة نفسها على جبهة الجنوب في جنوب لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل، التي تعتمد بشكل أساسي على سياسة الاغتيالات في معركتها ضد «حزب الله». وآخر هذه العمليات كانت باستهداف دراجة نارية على طريق برعشيت في جنوب لبنان، قضاء بنت جبيل، بصاروخ موجه، ما أدى إلى وقوع إصابتين، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، لتعود وسائل إعلام لبنانية وتؤكد أنهما قتلا، وأنهما عنصران في «حزب الله».

وخلال ساعات النهار، استمر القصف الإسرائيلي على بلدات عدة في الجنوب، واستهدف بلدات العديسة ويارون في جنوب لبنان وبلدة شيحين، كما تعرضت أطراف بلدتي طيرحرفا وزبقين في القطاع الغربي لقصف مدفعي بالقذائف الانشطارية.

في المقابل، أعلن «حزب الله» عن تنفيذه عدداً من العمليات، وقال في بيانات متفرقة إن مقاتليه استهدفوا انتشاراً لجنود إسرائيليين في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا، وتجمعاً آخر في محيط ثكنة ميتات، بالأسلحة الصاروخية والتجهيزات التجسسية في موقع مسكاف عام.


مقالات ذات صلة

هوكستين في بيروت ووزير الخارجية البريطاني يدعو لـ«التهدئة الفورية»

المشرق العربي ميقاتي مجتمعاً مع عضو كتلة الحزب «التقدمي الاشتراكي» وائل أبو فاعور (حساب رئاسة الحكومة)

هوكستين في بيروت ووزير الخارجية البريطاني يدعو لـ«التهدئة الفورية»

يصل المبعوث الأميركي الخاص أموس هوكستين إلى بيروت، الأربعاء، بعد جولة محادثات سريعة في إسرائيل تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ازدحام في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد التهديدات بالحرب ودعوة السفارات لرعاياها بالمغادرة (أ.ف.ب)

اللبنانيون يعيشون على وقع انتظار الحرب

يعيش لبنان واللبنانيون في حالة انتظار وترقب ردّ «حزب الله» المتوقع على اغتيال القيادي فؤاد شكر، والتهديدات بتوسّعه إلى حرب شاملة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تحذير من الاقتراب من مبنى مهدد بالسقوط في لبنان (أرشيفية)

الهزّة الأرضية ترعب اللبنانيين: كل المباني القديمة معرّضة للسقوط

حذرت «الهيئة اللبنانية للعقارات» من خطر انهيار ما لا يقلّ عن 16 ألف مبنى، من دون احتساب المباني التي تضررت جراء انفجار مرفأ بيروت.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي أفادت وسائل إعلام لبنانية باستهداف مسيّرةٍ سيارةً بين بلدتي برعشيت وبيت ياحون في قضاء بنت جبيل بجنوب لبنان (متداولة)

مسيّرة تستهدف سيارة بين برعشيت وبيت ياحون في جنوب لبنان

أفادت وسائل إعلام لبنانية باستهداف مسيّرةٍ سيارةً بين بلدتي برعشيت وبيت ياحون في قضاء بنت جبيل بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

فتيات غزة يقصصن شعرهن لعدم وجود أمشاط

فتيات فلسطينيات يتجولن أمام جدارية في مخيم مؤقت للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة في 13 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات يتجولن أمام جدارية في مخيم مؤقت للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة في 13 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

فتيات غزة يقصصن شعرهن لعدم وجود أمشاط

فتيات فلسطينيات يتجولن أمام جدارية في مخيم مؤقت للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة في 13 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات يتجولن أمام جدارية في مخيم مؤقت للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة في 13 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

عندما تشتكي الفتيات لطبيبة الأطفال في غزة لبنى العزايزة من عدم وجود أمشاط، فإنها تطلب منهن قص شعرهن.

ولا يقتصر الأمر على الأمشاط، فقد أدى الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع جراء الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر إلى عدم وجود كميات تذكر من سائل تنظيف الشعر (الشامبو) والصابون والمنتجات التي تستخدمها النساء في أثناء الدورة الشهرية، ومواد التنظيف المنزلية الأخرى.

كما انهارت عمليات جمع النفايات ومعالجة مياه الصرف الصحي، لذلك كان من السهل معرفة سبب تزايد الأمراض المعدية، مثل الجرب أو العدوى الفطرية، التي تنتشر مع الاكتظاظ السكاني وقلة النظافة.

وقالت لبنى: «في الفترة الأخيرة، الأمراض أكتر شيء بنشوفها كانت هي موضوع الأمراض الجلدية اللي أسبابها كتيرة منها موضوع ازدحام المخيمات وموضوع شدة الحرارة الموجودة في الخيام والتعرق اللي عند الأطفال وعدم وجود المياه الكافية للاستحمام».

وكانت لبنى تعمل في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، إلى أن فصلت الدبابات الإسرائيلية شمال القطاع المحاصر عن جنوبه.

طبيبة الأطفال في غزة لبنى العزايزة 12 أغسطس 2024 (رويترز)

ومثل معظم الأطباء في غزة، تكيّفت لبنى مع الوضع، وتواصل علاج المرضى وتذهب إلى عملها سيراً على الأقدام، بينما تمر من أمام منزلها الذي دمرته غارة إسرائيلية.

طبيبة الأطفال في غزة لبنى العزايزة 12 أغسطس 2024 (رويترز)

وبدأت العيادة التي أنشأتها مع فريق صغير بعلاج الأطفال، ولكنها تحولت بعد ذلك إلى تقديم الخدمات العلاجية لعائلات بأكملها بسبب الظروف الملحة.

طبيبة الأطفال في غزة لبنى العزايزة 12 أغسطس 2024 (رويترز)

وصدرت لمعظم هذه العائلات أوامر بالنزوح أو تعرضت منازلها للقصف مثل الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

طبيبة الأطفال في غزة لبنى العزايزة 12 أغسطس 2024 (رويترز)

وحتى الأدوية المتاحة غالباً ما تكون باهظة الثمن؛ إذ يمكن أن يصل سعر أنبوب مرهم الحروق البسيط الآن إلى 200 شيقل (53 دولاراً).

وقد انخفضت عمليات تسليم المساعدات الدولية انخفاضاً كبيراً منذ أن سيطرت إسرائيل على معبر رفح الحدودي مع مصر، مما فاقم الأزمة الإنسانية.

طبيبة الأطفال في غزة لبنى العزايزة 12 أغسطس 2024 (رويترز)

وتنفي إسرائيل مسؤوليتها عن تأخير إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لغزة، قائلة إن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات مسؤولة عن توزيعها داخل القطاع.

وتقول لبنى إن هناك حلاً فورياً يكمن في أنه يجب فتح «المعبر لحتى نقدر ندخل الأدوية. معظم الأدوية اللي موجودة بدون أي تأثير... ما في أي تأثير على الأمراض الجلدية اللي بنشوفها».