2000 مستوطن يتقدّمهم بن غفير يقتحمون «الأقصى»

TT

2000 مستوطن يتقدّمهم بن غفير يقتحمون «الأقصى»

بن غفير عند مدخل المسجد الأقصى اليوم (أ.ب)
بن غفير عند مدخل المسجد الأقصى اليوم (أ.ب)

دخل أكثر من ألفي إسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، باحات المسجد الأقصى، يتقدمهم وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، وأدوا الصلوات بمناسبة ذكرى «خراب الهيكل»، الأمر الذي وصفه مسؤول في «الأوقاف الإسلامية» بأنه «استفزازي»، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال بن غفير إن إسرائيل «ستهزم حماس»، داعياً إلى عدم الذهاب إلى أي مفاوضات دعت إليها الدول الوسيطة في النزاع في الدوحة أو القاهرة.

وأدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية إقدام وزيرين «متطرفين من الحكومة الإسرائيلية وأعضاء من (الكنيست)، اليوم، باقتحام المسجد الأقصى المبارك تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي، تزامناً مع اقتحامات المتطرفين الإسرائيليين وممارساتهم الاستفزازية وفرض قيود على دخول المصلين».

ونقلت «وكالة الأنباء الأردنية» (بترا) عن الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير الدكتور سفيان القضاة، قوله إن ذلك يُعد «خرقاً فاضحاً للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، وبما يعكس إصرار الحكومة الإسرائيلية وأعضائها المتطرفين على الضرب بعرض الحائط القوانين الدولية، والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال». وأكد القضاة أن «استمرار الإجراءات الأحادية الإسرائيلية والخروقات المتواصلة للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، يتطلّب موقفاً دولياً واضحاً وحازماً يدين هذه الانتهاكات والخروقات، ويوفّر الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني في ظل استمرار الحكومة الإسرائيلية في عدوانها على قطاع غزة والضفة الغربية».

والمسجد الأقصى هو في صلب النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، ويطلق عليه اليهود اسم «جبل الهيكل» ويعدونه أقدس الأماكن الدينية عندهم. وتسيطر القوات الإسرائيلية على مداخل الموقع الذي تتولى إدارته دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن. وبموجب الوضع القائم بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في 1967 يمكن لغير المسلمين زيارة المسجد الأقصى في أوقات محددة دون الصلاة، وهي قاعدة يخرقها أكثر فأكثر اليهود المتشددون. ويعد الفلسطينيون ووزارة الأوقاف الأردنية زيارات اليهود القوميين إلى المسجد الأقصى استفزازاً لمشاعر المسلمين.

وذكرى «خراب الهيكل»، التي توافق التاسع من أغسطس (آب)، وفق التقويم العبري، هي يوم للصوم والحداد على تدمير «هيكل سليمان» أو «الهيكل الأول».

وقال مسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس للوكالة، إن «2250 يهودياً متطرفاً أدوا الصلوات والرقصات الاستفزازية ورفعوا العلم الإسرائيلي خلال الاقتحامات». وأشار إلى أن الوزير «بن غفير بصفته وزيراً للأمن القومي أشرف على عمليات التهويد، وأسهم في تغيير الواقع داخل المسجد الأقصى، بدلاً من الحفاظ على المعاهدات الدولية».

وحسب المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، فرضت الشرطة الإسرائيلية «قيوداً» على دخول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، ولم تسمح إلا «لعدد قليل بالدخول».

وأظهرت مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها ما نشرته دائرة الأوقاف الإسلامية، بن غفير وهو يتجول في باحات المسجد الأقصى. وفي مقطع فيديو مصوّر نشره عبر حسابه على منصة «إكس»، تعهّد بن غفير بـ«النصر». وقال: «يجب أن ننتصر في هذه المعركة، يجب أن ننتصر وألا نذهب إلى مباحثات في الدوحة أو القاهرة»، في إشارة إلى الدعوة إلى مفاوضات تنعقد في 15 أغسطس. وأضاف: «يجب أن نهزم (حماس)، يجب أن نركعهم».

وأكد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في بيان أصدره، «عدم وجود أي سياسة خاصة لأي وزير على (جبل الهيكل)، ولا حتى لوزير الأمن الوطني». وأضاف: «ما حدث هذا الصباح على (جبل الهيكل) استثناء للوضع المعمول به».

واندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، إثر شن «حماس» هجوماً غير مسبوق داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصاً، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة للوكالة تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 111 منهم في غزة، وقُتل 39 منهم، حسب الجيش الإسرائيلي. وبلغت حصيلة الضحايا في القطاع منذ بدء الحرب 39897 قتيلاً، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».



اللبنانيون يعيشون على وقع انتظار الحرب

ازدحام في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد التهديدات بالحرب ودعوة السفارات لرعاياها بالمغادرة (أ.ف.ب)
ازدحام في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد التهديدات بالحرب ودعوة السفارات لرعاياها بالمغادرة (أ.ف.ب)
TT

اللبنانيون يعيشون على وقع انتظار الحرب

ازدحام في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد التهديدات بالحرب ودعوة السفارات لرعاياها بالمغادرة (أ.ف.ب)
ازدحام في مطار رفيق الحريري في بيروت بعد التهديدات بالحرب ودعوة السفارات لرعاياها بالمغادرة (أ.ف.ب)

يعيش لبنان واللبنانيون في حالة انتظار وترقب ردّ «حزب الله» المتوقع على اغتيال القيادي فؤاد شكر، والتهديدات بإمكان توسّعه إلى حرب شاملة، ما انعكس على حياة المواطنين والقطاعات على اختلافها.

منذ اللحظة الأولى للاغتيال، أواخر الشهر الماضي وما تلاه من مواقف متوعدة بالثأر، انقلب الوضع في لبنان رأساً على عقب، بعدما كان اللبنانيون قد بدأوا يتأقلمون مع الحرب المستمرة منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول)، واستعدوا لموسم اصطياف واعد، انعكس زحمة في المطاعم والمقاهي وفي برنامج الحفلات التي أُلغي عدد كبير منها كان يُفترض أن يحييها كبار الفنانين في شهر أغسطس (آب)، بحيث تقدر الخسائر حتى الآن بنحو 3 مليارات دولار.

وقاعات الوصول في مطار رفيق الحريري الدولي التي كانت تزدحم بالواصلين، لا سيما من المغتربين، في شهر يوليو (تموز)، باتت اليوم شبه فارغة. وانعكست الصورة لتتحول الزحمة إلى قاعات المغادرة، على وقع تحذيرات السفارات الأجنبية لرعاياها بمغادرة لبنان وتعليق شركات الطيران لرحلاتها. وهذه التحذيرات انعكست توتراً في أوساط المغتربين الذين قرر معظمهم قطع إجازاتهم والعودة، كما تراجع من كان ينوي المجيء إلى لبنان عن قراره، بحيث بات إيجاد مقعد في الطائرة مهمّة مستحيلة، وهو ما رفع أسعار بطاقات السفر بشكل غير مسبوق.

من هنا سجّل ارتفاع في حركة المغادرين من بيروت بنسبة 16.5 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب «الدولية للمعلومات» التي أشارت كذلك إلى تراجع حركة القدوم بنسبة 26 في المائة.

مسافرون ينتظرون في قاعات المغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (د.ب.أ)

أما اللبنانيون المقيمون الذين يفترض أنهم استقروا إلى حد ما في أعمالهم ومنازلهم بعد سنوات من التوتر التي عاشوها، فقد عادوا إلى المراحل السابقة من عدم الاستقرار، بحيث باتوا يعيشون على وقع الحرب التي يعيشها أهالي الجنوب ولا سيما في القرى الحدودية، منذ عشرة أشهر.

هذا التوتر الذي أعادهم بالذاكرة إلى سنوات الأزمة بين 2019 و2022، جعلهم يتسابقون على تخزين المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، وهي مواد بات بعضها يباع في السوق السوداء في ظل جشع التجار، رغم تأكيد المعنيين أن المواد الغذائية والأودية متوفرة لبضعة أشهر.

وهذه التهديدات المستمرة في موازاة الحرب القائمة على جبهة الجنوب، وضعت العائلات التي تسكن في الضاحية الجنوبية ومحيطها كما في مناطق جنوبية قريبة من القرى الحدودية، تحت الأمر الواقع الذي يتطلب البحث عن منازل في مناطق أخرى توضع في خانة الآمنة، لبُعدها عن تلك المحسوبة على «حزب الله» بشكل أساسي. وأدى هذا التهافت إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الإيجارات التي تجاوزت الألف دولار في بعض الأحيان.

في موازاة ذلك، تعمل حكومة تصريف الأعمال على إعداد خطة لمواجهة الحرب المحتملة على لبنان، وتعقد لهذا الهدف اجتماعات دورية. وترتكز الخطة بالدرجة الأولى على تحويل مدارس ومعاهد رسمية إلى مراكز إيواء، وتجهيزها بالمعدات اللازمة لاستقبال النازحين فيها. كذلك عمدت وزارة الصحة إلى وضع خطة صحية في المستشفيات والقطاعات الطبية ورفع مستوى الجهوزية في القطاع الصحي، إضافة إلى متابعة احتياجات النازحين الذين يعانون من أمراض مزمنة لتأمين العلاجات اللازمة لهم. وأعلن وزير الصحة فراس الأبيض أن «القطاع الصحي حاضر لمواجهة الحرب على مدى 4 أشهر».

وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض (أ.ب)

لكن في المقابل، يبدو أن لبنان سيواجه مشكلة في تنفيذ الخطة التي تحتاج، بحسب وزير البيئة، ناصر ياسين، إلى مائة مليون دولار شهرياً. وقال ياسين: «إذا حصل نزوح كما في عام 2006؛ أي نزوح نحو مليون لبناني، فسنحتاج إلى مائة مليون دولار شهرياً، وهذا الرقم يجب أن يؤمن عبر فتح اعتمادات وسلف لتمويل الحالات الطارئة بالحد الأدنى، والطلب من المنظمات الدولية الدعم».

وفي مرحلة الانتظار الثقيلة التي يعيشها اللبنانيون لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور، ترتفع الأصوات الرافضة للحرب ولزجّ لبنان بها، ولا سيما من قبل الأفرقاء المعارضين لـ«حزب الله»، كما انتشرت حملة إعلانية في شوارع بيروت كتب عليها عبارة «خلص تعبنا... لا نريد الحرب».

وهذا الموقف الرافض لإدخال لبنان في الحرب، أكده نواب من المعارضة، الأسبوع الماضي، خلال زيارة قاموا بها للمنسّقة الخاصة للأمم المتحدة لدى لبنان، جينين هينيس بلاسخارت، مجددين موقفهم الرافض لإدخال لبنان في الحرب الدائرة. وأكد الوفد التمسك بتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته على جانبَي الحدود، من خلال الضغط الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ومنع استخدام الأراضي اللبنانية في الجنوب، عبر تفعيل التنسيق بين الـ«يونيفيل» والجيش اللبناني.