دمشق و«قسد» تتبادلان الاتهامات بقتل المدنيين شرق سوريا

بيانات تتحدث عن «مشروع انفصالي» و«انفصام» عن الواقع

أحزاب منسقية الرقة حمّلت حكومة دمشق مسؤولية المجزرة التي ارتكبت في دير الزور (حساب «فيسبوك»)
أحزاب منسقية الرقة حمّلت حكومة دمشق مسؤولية المجزرة التي ارتكبت في دير الزور (حساب «فيسبوك»)
TT

دمشق و«قسد» تتبادلان الاتهامات بقتل المدنيين شرق سوريا

أحزاب منسقية الرقة حمّلت حكومة دمشق مسؤولية المجزرة التي ارتكبت في دير الزور (حساب «فيسبوك»)
أحزاب منسقية الرقة حمّلت حكومة دمشق مسؤولية المجزرة التي ارتكبت في دير الزور (حساب «فيسبوك»)

مع تواصل التصعيد شرق سوريا لليوم الخامس، خصوصاً في دير الزور، تبادلت دمشق والإدارة الذاتية الكردية الاتهامات بـ«العمالة» والتسبب بقتل المدنيين.

وعدّت دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، في بيان لها، الأحد، أن ما جاء في بيان وزارة الخارجية بدمشق، مساء السبت، «انفصام جديد عن الواقع». ورفضت الإدارة الذاتية ما وصفته بـ«لغة التخوين»، وقالت إن «النظام في دمشق آخر من يحقّ له التحدث عن التبعية والانفصالية، بالنسبة للوضعية التي هو فيها حالياً»، منوهة أن «هذه العقلية ارتكبت مجازر بحق الشعب السوري، ولا تزال على المنهج ذاته».

وكانت وزارة الخارجية في دمشق قد أصدرت بياناً، السبت، أكدت فيه أن الاحتلال الأميركي لجزءٍ من أراضيها يمثل «انتهاكاً صارخاً لسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها»، معتبرة «دعم الولايات المتحدة الأميركية (لميليشيا قسد) الانفصالية يمثل أداة رخيصة لتنفيذ مخططاتها المعادية لسوريا»، بحسب تعبير البيان، الذي طالب الولايات المتحدة بالتوقف عن هذه الممارسات والانسحاب الفوري من أراضيها. واتهمت الخارجية السورية «قسد» بـ«العمالة للاحتلال الأميركي»، وشنّ «هجمات إجرامية» في دير الزور والحسكة والقامشلي، وقرى أخرى في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية.

وقال البيان إن هذه الهجمات أدت الى مقتل عدد من المدنيين السوريين، بينهم نساء وأطفال، وإن هجمات «قسد» جرت بدعم طائرات أميركية شنّت عدة غارات استهدفت مدنيين كانوا يدافعون عن عائلاتهم وقراهم وممتلكاتهم.

دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية، شمال شرقي سوريا، ردّت على اتهامات دمشق، بأنها «متناسية تماماً تفاصيل ما حدث في دير الزور ومغيّبة عن الحقيقة، وأن الهجوم انطلق من مناطق تحت سيطرتها ومجموعات مدعومة منها». ورأت في ذلك «انفصاماً» جديداً عن الواقع و«إلصاق التُّهم جزافاً والتحدث عن التبعية والعمالة لقوى دولية وما شابه». وطالبت دمشق بدلاً من ذلك «التحدث عما فعلته تركيا ومرتزقتها ولا يزالون، من انتهاكات واحتلال للأراضي وخرق للسيادة السورية».

كما أكدت دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية رفضها للغة الكراهية والتخوين، بأن «النظام آخر من يحقّ له التحدث عن التبعية والانفصالية، بالنسبة للوضعية التي هو فيها حالياً»، منوهة أن «هذه العقلية ارتكبت مجازر بحق الشعب السوري، ولا تزال على المنهج ذاته».

في السياق ذاته، أصدر عدد من الأحزاب السياسية المقربة من الإدارة الذاتية في مدينة حلب بياناً «استنكرت فيه استمرار الحرائق في عفرين».

واتهم البيان الحكومة التركية بتوجيه «المرتزقة بافتعال الحرائق المتعمدة التي طالت الغابات والأشجار المثمرة» التي تعود ملكيتها لأهالي «قرى عدامو وبليلكو وميدانا، التابعة لمدينة راجو، وقرية حج حسنو، التابعة لمدينة شيه، وتدمير آلاف الأشجار في مدينة بلبل».

أحزاب سياسية في ساحة الشهداء بحي الشيخ مقصود بمدينة حلب تلقي البيان (راديو الشهباء)

ونوّه البيان إلى أن ما يحصل في عفرين ليس ببعيد عن أحداث دير الزور، حيث تعرّض الأهالي لمجزرة عدوانية أدت إلى استشهاد 11 شخصاً من أبناء المنطقة، معظمهم من الأطفال والنساء. كما حمّل البيان حكومة دمشق المسؤولية الكاملة لما يتعرض له السوريون في مختلف الجغرافية السورية.

في الرقة، أدانت منسقية الأحزاب السياسية في مناطق الإدارة الذاتية في الرقة ما وصفته بـ«هجمات قوات حكومة دمشق» على دير الزور. ورأت أحزاب المنسقية «أن هناك قوى إقليمية تحاول عرقلة الحل في سوريا من خلال دعمها الفصائل الإرهابية التابعة لها، وتبحث عن إطالة عمر الأزمة».

وحمّلت أحزاب المنسقية حكومة دمشق مسؤولية المجزرة التي ارتكبت في دير الزور، وأكدت: «إننا نرى أن إيقاف العنف في سوريا لن يتم إلا بالحوار السوري - السوري الجاد».

بدوره، اتهم مجلس تجمّع نساء زنوبيا «قوى الأمن الداخلي - المرأة»، في منطقتي الطبقة ومنبج شمال وشرق سوريا، بما وصفه بـ«المجزرتين اللتين وقعتا في قرية الدحلة وجديدة البكارة بريف دير الزور الشرقي يوم الجمعة وراح ضحيتها 11 شخصاً، بينهم 4 أطفال ورضيع وامرأتان، وإصابة 5 آخرين». وقال المجلس، في بيان مشترك، إن هذه «المجزرة المروعة» تأتي في وقتٍ تحاول فيه «حكومة دمشق وحلفاؤها إعادة سيطرتهم على المنطقة».

صورة نشرتها «وكالة سانا» عن استمرار محاصرة «قسد» وسط مدينة الحسكة

في المقابل، واصلت وسائل الإعلام في دمشق اتهامها لـ«قوات سوريا الديمقراطية» بقتل ومحاصرة المدنيين ضمن إطار المشروع الانفصالي. وقال مراسل وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في الحسكة، الأحد، إن «قسد الانفصالية»، حسب تعبيره، واصلت حصارها لمركز مدينة الحسكة، ومنعت دخول الطحين والمياه والمواد الغذائية الضرورية للأهالي في مركز المدينة، لليوم الخامس على التوالي. مؤكداً على أن أبناء مدينة الحسكة يعيشون «أوضاعاً مأساوية».

وأفادت صحيفة «الوطن» المحلية المقربة من الحكومة بدمشق بتمكن «قوات العشائر العربية»، يوم السبت، من اقتحام 3 بلدات، هي ذيبان والحوايج والبصيرة.

مقاتلو العشائر في بلدة غرانيج بريف دير الزور الغربي (نشطاء إعلاميون)

وبحسب «الوطن»، «تكبدت (قسد) خسائر كبيرة»، وذلك رغم «التعزيزات الكبيرة التي استقدمتها (قسد) فجر السبت إلى مناطق النزاع بريف دير الزور الشرقي، ونشر قناصيها في بلداتها ومؤازرة مروحيات الاحتلال الأميركي لها»، بحسب الصحيفة، التي قالت إن «مقاتلي العشائر استطاعوا قتل وجرح أكثر من 15 مسلحاً من (قسد)، بينهم 3 قناصين كانوا متمركزين على أسطح مداخل البلدات، واغتنام سلاح خفيف ومتوسط وذخيرة تركتها الميليشيات خلفها عند انسحابها، عقب اشتباكات ضارية مع مقاتلي العشائر العربية».

كما نشرت صحيفة «الوطن» مقالاً، الأحد، جاء فيه أن الأحداث العسكرية الجارية شرق سوريا الآن «ليست بالأمر المستغرب»، لكن أن تمعن ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في «الحصار والخناق على السوريين الموجودين في المنطقة، فهو المستغرب والمستنكر، وهو الدلالة على أجنداتها الخارجية وحقيقتها الانفصالية».


مقالات ذات صلة

فصائل إيران وقوات دمشق تصعّد ضد «قسد» في شرق سوريا

المشرق العربي نزوح عشرات المدنيين من البلدات التي تعرضت للهجوم باتجاه البادية السورية  (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

فصائل إيران وقوات دمشق تصعّد ضد «قسد» في شرق سوريا

تتصاعد حدة الهجمات من قِبَل قوات دمشق والفصائل الموالية لإيران على مناطق «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في شرق سوريا.

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي متداولة على مواقع التواصل لمنع التجول في محافظة الحسكة

حظر التجول بريف دير الزور بعد احتدام القتال بين ميليشيات إيرانية و«قسد»

إعلان حظر التجول بريف دير الزور شرقي سوريا، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى بعد تجدّد الاشتباكات بين قوات حكومية تساندها فصائل موالية لإيران و«قسد».

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي مقاتلون من «قسد» على طريق في دير الزور (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 18 شخصاً في اشتباكات بين مسلّحين و«قسد» شرق سوريا

قُتل ثلاثة مدنيين وأُصيب 15 آخرون اليوم الأربعاء في هجوم مسلّحين محليين استهدف مناطق سيطرة قوات «قسد»

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز أجرى مباحثات مع لافرينتيف بمقر الخارجية التركية السبت تناولت الملف السوري (الخارجية التركية - «إكس»)

لافرينتيف زار تركيا لبحث التقدم في خطوات «التطبيع» مع دمشق

تواصل روسيا تحركاتها المكثّفة، في إطار مبادرتها لتسريع توصّل تركيا وسوريا إلى إعادة العلاقات بينهما إلى ما كانت عليه قبل عام 2011.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قصف تركي على تل تمر شمال شرقي سوريا (إكس)

تركيا تعزز قواتها في عفرين للمرة الثالثة في أقل من أسبوعين

تعد هذه الدفعة من التعزيزات التركية الثالثة في أقل من أسبوعين والثانية خلال يومين فقط، وسط تصاعد الاشتباكات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة في خان يونس بعد «مجزرة المدرسة»

فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من مدينة حمد باتجاه المواصي بعد الأوامر الإسرائيلية بإخلاء الأحياء الشمالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من مدينة حمد باتجاه المواصي بعد الأوامر الإسرائيلية بإخلاء الأحياء الشمالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة في خان يونس بعد «مجزرة المدرسة»

فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من مدينة حمد باتجاه المواصي بعد الأوامر الإسرائيلية بإخلاء الأحياء الشمالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من مدينة حمد باتجاه المواصي بعد الأوامر الإسرائيلية بإخلاء الأحياء الشمالية في خان يونس بجنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)

وسّعت إسرائيل أوامر الإخلاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة، مما أجبر عشرات الآلاف من السكان والأسر النازحة الفلسطينية على المغادرة وسط الظلام، ليل السبت - الأحد، وذلك غداة المجزرة التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضد «مدرسة التابعين» وسط مدينة غزة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 90 شخصاً.

وجاء هذا تزامناً مع مطالبة المستشار الألماني أولاف شولتس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتوصل إلى اتفاق هدنة في قطاع غزة، وغداة بدء الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارة إلى موسكو، يبحث خلالها مع الرئيس فلاديمير بوتين «الوضع في قطاع غزة».

والسبت، أدت غارة جوية إسرائيلية على «مدرسة التابعين» في مدينة غزة، التي لجأ إليها فلسطينيون نازحون، إلى مقتل 90 شخصاً على الأقل، حسبما قال الدفاع المدني الفلسطيني، مما أثار غضباً دولياً. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف مركز قيادة لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وهو ما وصفته الحركتان بأنه مجرد محاولة للتبرير، وقتل 19 مسلحاً.

وفي خان يونس بجنوب القطاع، شملت تعليمات الإخلاء أحياء في الوسط والشرق والغرب، مما يجعلها من أوسع أوامر الإخلاء في الصراع المستمر منذ أكثر من 10 أشهر، وتأتي بعد يومين من عودة الدبابات إلى شرق المدينة.

ونُشرت أوامر الإخلاء على منصة «إكس»، وعبر رسائل نصية وصوتية على هواتف السكان تقول: «من أجل أمنكم، عليكم الإخلاء بشكل فوري إلى المنطقة الإنسانية المستحدثة... المنطقة التي توجدون فيها تعد منطقة قتال خطيرة».

«فقدوا كل شيء»

وقال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة، إن الناس في غزة محاصرون وليس لديهم مكان يذهبون إليه. وأضاف: «البعض لا يستطيع سوى حمل أطفاله معه، والبعض الآخر يحمل حياته كلها في حقيبة صغيرة واحدة. يذهبون إلى أماكن مزدحمة؛ إذ تكتظ الملاجئ بالفعل بالأسر (النازحة). لقد فقدوا كل شيء ويحتاجون إلى كل شيء».

وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف نحو 30 هدفاً عسكرياً لـ«حماس» خلال الساعات الـ24 الماضية، بما في ذلك بنية عسكرية ومواقع لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات ومرافق لتخزين الأسلحة.

بدوره، قال الجناح العسكري لـ«حركة الجهاد الإسلامي» إن مقاتليه أطلقوا قذائف هاون على قوات إسرائيلية محتشدة في المناطق الشرقية من خان يونس.

وقال مسعفون في وقت لاحق، الأحد، إن ضربة جوية إسرائيلية بالقرب من سوق خان يونس وسط المدينة أسفرت عن مقتل 4 فلسطينيين وإصابة عدد آخر. وتصاعدت أعمدة الدخان من المناطق التي نفذت فيها الطائرات الإسرائيلية هجمات في الأجزاء الشرقية والغربية من المدينة. وقال سكان إن مبنيين بطوابق متعددة تعرضا للقصف.

امرأة تتفاعل مع الأوامر الإسرائيلية بالإخلاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)

«معاناة إنسانية هائلة»

في غضون ذلك، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية، الأحد، إن المستشار الألماني أولاف شولتس أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي بأنه يتعين عليه إبرام اتفاق بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس». ووفقاً لبيان صادر عن الحكومة الألمانية، قال شولتس لنتنياهو إن العديد من الأهداف العسكرية في القتال ضد «حماس» تم تحقيقها، بينما الخسائر المدنية والمعاناة الإنسانية في غزة هائلة. وأضاف المتحدث باسم الحكومة الألمانية أن «إنهاء الحرب في غزة سيكون خطوة حاسمة نحو خفض التصعيد بالمنطقة».

عباس إلى موسكو

ومن المقرر أن يبدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارة إلى روسيا، الاثنين، تستمر حتى الأربعاء، ويعقد خلالها محادثات مع الرئيس الروسي.

وأعلن السفير الفلسطيني في موسكو عبد الحفيظ نوفل، الأحد، أن «الرئيس يصل مساء 12 أغسطس (آب)، ويتوقع أن يجتمع الثلاثاء مع الرئيس بوتين (...) ويغادر في 14 أغسطس، لكن سيكون هناك لقاء مع السفراء العرب» في موسكو، حسبما نقلت «وكالة الأنباء الروسية» (تاس). وأوضح نوفل أن الموضوع الرئيسي للمشاورات سيكون «الوضع في غزة». وقال: «سنتحدث عن دور روسيا وما يمكن القيام به. الوضع صعب للغاية (في الأراضي الفلسطينية) وروسيا دولة مقربة».

وفي بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، تم تأجيل الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها محمود عباس إلى روسيا منذ فترة طويلة. وبعد زيارته موسكو، سيتوجه عباس إلى تركيا للقاء الرئيس رجب طيب إردوغان قبل أن يلقي خطاباً أمام البرلمان التركي.

يذكر أن إسرائيل شنت حملتها العسكرية على قطاع غزة رداً على هجوم قادته «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى غزة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية. ومنذ ذلك الحين، قُتل ما يقرب من 40 ألف فلسطيني في الحملة الإسرائيلية على غزة، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع.

ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن معظم القتلى من المدنيين، لكن إسرائيل تقول إن ثلثهم على الأقل من المقاتلين. وتقول إسرائيل إنها فقدت 329 جندياً في غزة.

نازحون فلسطينيون يشقون طريقهم أثناء فرارهم من مدينة حمد بعد أمر إخلاء إسرائيلي في خان يونس بجنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)

نزوح عشرات الآلاف

وتقول الأمم المتحدة إن غالبية سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نزحوا عن منازلهم، في حين تحول القطاع الساحلي الصغير إلى خراب وأنقاض. وقال زكي محمد (28 عاماً)، الذي يعيش في مشروع إسكان حمد في غرب خان يونس، حيث تلقى سكان مبنيين متعددي الطوابق أمراً بالمغادرة «إحنا تعبنا، هاي عاشر مرة أنا وعيلتي ننزح من مكان لجوئنا». وأضاف: «الناس حاملين أغراضهم وأطفالهم وأحلامهم وخوفهم وبيجروا نحو المجهول لأنه ما في مكان آمن، يعني شاردين (فارين) من موت لموت»، حسبما نقلت عنه وكالة «رويترز».

تنديد دولي بـ«مجزرة المدرسة»

ونددت دول عربية بقصف «مدرسة التابعين»، بينما أعربت الولايات المتحدة، أبرز داعم لإسرائيل، عن «قلق بالغ». وفي حين اتهم الأردن إسرائيل بالسعي «لعرقلة وإفشال» مباحثات الهدنة المزمع عقدها الأسبوع المقبل، اعتبر البيت الأبيض أن القصف «يؤكد الحاجة الملحة إلى وقف لإطلاق النار وصفقة (للإفراج عن) الرهائن، الأمر الذي نواصل العمل بلا كلل لإنجازه». وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت في بيان: «نبدي قلقاً عميقاً حيال تقارير عن مقتل مدنيين في غزة»، موضحاً أن الولايات المتحدة «طلبت الحصول على مزيد من التفاصيل».

كما أدانت كل من السعودية وقطر والإمارات بـ«أشدّ العبارات» القصف.

ونددت تركيا بـ«جريمة جديدة ضد الإنسانية»، ورأت إيران أن «الهجوم الهمجي» نموذج على «جريمة الإبادة الجماعية وجريمة الحرب والجريمة ضد الإنسانية في الوقت نفسه».

ووصف مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الضربة بأنها «مروعة»، مضيفاً أنه تم استهداف «ما لا يقل عن 10 مدارس في الأسابيع الأخيرة. لا يوجد ما يبرر هذه المجازر».

وقالت الخارجية الفرنسية «على مدى عدة أسابيع، تم استهداف المباني المدرسية بشكل متكرر، ما أدى إلى سقوط عدد غير مقبول من الضحايا المدنيين»، مذكّرة بأن «احترام القانون الإنساني الدولي واجب على إسرائيل».

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن الضربة «مروِّعة»، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار لحماية المدنيين، والإفراج عن جميع الرهائن، وإنهاء القيود المفروضة على المساعدات».

أما مقرّرة الأمم المتحدة الخاصّة في الأراضي الفلسطينية الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز، فاتهمت إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين، في حيّ تلو آخر، ومستشفى تلو آخر، ومدرسة تلو أخرى، ومخيّم للاجئين تلو آخر، وفي منطقة آمنة تلو أخرى».