منشور «غاضب» لصحافي عراقي يقوده إلى المحاكمة

الكاظمي طالب بتعويض مالي جراء «ضرر معنوي ومادي»

رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)
TT

منشور «غاضب» لصحافي عراقي يقوده إلى المحاكمة

رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)

تفاعل عشرات الناشطين والمدوّنين العراقيين مع صحافي وكاتب، قاده منشور ضد رؤساء الحكومة، بعد 2003، إلى المحكمة، لمواجهة دعوى تطالبه بتعويض يصل إلى نحو 175 ألف دولار أميركي.

وقال الصحافي، قيس حسن، في منشور على «فيسبوك»، إن رئيس الحكومة السابق، مصطفى الكاظمي، رفع دعوى قضائية ضده، وطالبه بتعويض قدره 250 مليون دينار بسبب منشور على «فيسبوك»، زعم أنه «إساءة وتشهير».

الصحافي العراقي قيس حسن

وكان حسن قد كتب في 30 يونيو (حزيران) الماضي، أن «الأشخاص الأكثر سوءاً في الفكر والسلوك حكموا العراق بعد 2003»، وتابع: «لا أستثني أحداً منهم على الإطلاق (...) والكاظمي تفوق عليهم جميعاً».

وفي 16 يوليو (تموز) الماضي، رفع الكاظمي دعوى قضائية أمام محكمة الكرخ. وجاء في لائحة الدفاع أن «إساءة المدعي عليه (قيس حسن) غير قابلة للتأويل، وتسببت بضرر مادي ومعنوي للمدعي (الكاظمي) وعائلته، بما يتنافى مع مبدأ حرية التعبير، وفيها تجاوز أخلاقي واضح».

وبعد جلستين في المحكمة، قرر القاضي تحويل الدعوى إلى خبير قبل البت فيها يوم 22 أغسطس (آب).

وعادة ما تلجأ المحاكم العراقية إلى خبراء في قضايا النشر، في ظل غياب قانون ينظم حرية التعبير، في حين يخضع النقد العلني للشخصيات العامة إلى معايير غير واضحة، تتحكم بها البيئة الحزبية والسياسية، وفقاً لناشطين.

«هل كان يجرؤ؟»

ولاحقاً، كتب الصحافي حسن في «فيسبوك»: «حين خرجت من جلسة المحكمة سألت نفسي وأنا أعود لبيتي متعباً، مشدوه البال، هل كان الكاظمي يجرؤ أن يقيم دعوى على أحد من الأقوياء، أصحاب النفوذ والسلطة والجاه؟ هل كان يجرؤ أن يقيم دعوى على أحد من عناصر الأحزاب والفصائل المسلحة الذين لم يتركوا لفظاً قبيحاً، ولا شتيمة إلا ووصفوه بها؟ لماذا اختارني أنا ليحتكم معي إلى القانون؟».

ومنذ توليه رئاسة الحكومة، في مايو (أيار) 2020، تعرّض الكاظمي إلى سيل من النقد، وهوجمت حكومته من قبل شخصيات وأحزاب وفصائل مسلحة، وكان في الغالب يتحاشى الرد عليها، أو اللجوء إلى القضاء لتسويتها.

وقال الصحافي حسن: «لقد كانت كلماتي التي نشرتها عن الكاظمي ورؤساء الوزراء قاسية بقدر ما كان حالنا قاسياً وسيئاً. كانت غاضبة عن مسؤول وليس عن شخص، غاضبة عن شخصيات عامة بسبب الكم الهائل من الألم والفشل الذي نعيش فيه، وماذا نكتب عن حالنا المضحك المبكي، سوى أن نكتب بألم؟».

نسخة ضوئية من دعوى الكاظمي ضد قيس حسن (إكس)

«متضامن مع قيس حسن»

ولاقت كلمات حسن تفاعلاً كبيراً من مثقفين وصحافيين طالبوا الكاظمي بالتنازل عن الدعوى. وتفاعل كثيرون مع وسم #متضامن_مع_قيس_حسن.

وقال الروائي العراقي أحمد سعداوي، الفائز بجائزة «البوكر» الأدبية، في منشور على «فيسبوك»: «كنا لنكون في صف الكاظمي لو أنه تقبّل المنشور».

وقال الإعلامي سعدون محسن ضمد: «من يختار أن يكون شخصية عامة فعليه أن يضع في حساباته تعرضه للنقد والاعتراض وحتى التجريح (...) ورغم لجوء الكاظمي إلى القضاء بسبب منشور، لكنه تولى مسؤولية بلد، وعليه أن يتحمل ما هو متوقع من مواطني هذا البلد».

من جهته، قال «المرصد العراقي لحقوق الإنسان»، إن حرية التعبير حق مكفول بموجب الدستور العراقي، الذي ينص على أن «تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل». كما يلتزم العراق بالمواثيق الدولية التي تضمن حق حرية التعبير، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، باعتباره من الدول المصادقة عليه.

وذكر المرصد، في بيان صحافي، أن «الكاظمي كان صحافياً قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، ما يجعله على دراية تامة بأهمية حرية التعبير ودورها الحيوي في بناء مجتمع ديمقراطي»، وحذر من أن «تقييد حرية التعبير يعد تراجعاً خطيراً عن المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان».

وأكد المرصد أن «اللجوء إلى القانون يجب أن يكون سلوكاً حضارياً يهدف إلى حماية الحقوق والحريات، وليس إلى تقييدها».

وتعليقاً على حملة التضامن مع الصحافي، أصدر مكتب الكاظمي بياناً أكد فيه أن الدعوى القضائية التي رفعها تأتي ضمن «قراره إقامة دعاوى كثيرة ضد شخصيات سياسية وأمنية وصحافية اعتمدت أسلوب التشهير والإساءة بدل النقد وحرية التعبير».

وقال مكتب الكاظمي: «اللجوء إلى القضاء في هذه الموارد هو دفاع عن حرية التعبير وليس تقييداً لها (...) لأجل التمييز بين ما هو رأيٌ ونقد، وما هو سبابٌ وشتيمة».


مقالات ذات صلة

جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.

وإذا كان المتهمان الأساسيان بجرائم غزة هما نتنياهو وغالانت، فإنه يوجد منفذون أيضاً هم قادة الجيش الكبار والصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين.

ولم يشهد سكان غزة، أمس، ما يدعوهم للأمل في أن يؤديَ أمرا اعتقال نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جديدة.