هل تساعد شخصية السنوار القوية في وقف الحرب؟

الغزيّون: قد يُوقِف المذبحة... ولن يتراجع عن مرونة «حماس» الأخيرة

صور إسرائيليين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر أو خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة (أ.ب)
صور إسرائيليين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر أو خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة (أ.ب)
TT

هل تساعد شخصية السنوار القوية في وقف الحرب؟

صور إسرائيليين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر أو خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة (أ.ب)
صور إسرائيليين قُتلوا في هجوم 7 أكتوبر أو خطفتهم «حماس» إلى داخل قطاع غزة (أ.ب)

شكّل إعلان حركة «حماس» اختيارها يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة، بدلاً من إسماعيل هنية، الذي اغتِيل الأسبوع الماضي في طهران، مفاجأة بالنسبة لكثير من المتابعين والمراقبين، وحتى للشارع الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة.

ويأتي إعلان «حماس»، الذي حمل رسالة في طياتها الكثير من التحدي لإسرائيل، في وقت تسعى الأخيرة بكل ما أوتِيَت من قوة استخباراتية وعسكرية الوصول للسنوار، الذي تَعدُّه المسؤول الأول عن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويثير هذا الإعلان الكثير من التساؤلات حول دلالات اختيار السنوار، خصوصاً أنه قد يَلقى مصيراً مشابهاً لمصير سلفه، لكن الأهم بالنسبة للغزيّين التوّاقين إلى إنهاء الحرب، فهو إلي أي حد يقرّبهم اختيار السنوار من هذه النهاية، أو سيُبعدهم؟

يحيى السنوار يتحدث خلال اجتماع في مدينة غزة في 30 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

يقول المحلّل السياسي مصطفى إبراهيم في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن اختيار السنوار خلفاً لهنية هو بمثابة رسالة تحدي لجميع الأطراف، ورسالة أيضاً بأن جميع قادة «حماس» تدعم هجوم السابع من أكتوبر، وأنها بصفتها حركة مستمرة في المقاومة، ولن تتراجع عن مواقفها المُعلَنة.

ويرى إبراهيم أنه لم يكن أمام «حماس» أي خيار بديل؛ لأن اختيار أي شخصية أخرى كان سيُفهم أنه تخلٍّ عن السنوار، الذي كان ينوي المنافسة على رئاسة الحركة، ولا يعتقد إبراهيم أن السنوار سيتراجع عن المرونة التي أبدتها الحركة مؤخراً، خلال مفاوضات وقف إطلاق النار.

وقال: «إنه كان في قلب المفاوضات، ولم يكن بعيداً، أو غير ذي صلة بها كما كانت بعض التقارير الإسرائيلية تشير إلى ذلك».

يحيى السنوار لدى وصوله إلى احتفالية إحياء «يوم القدس» في غزة 14 أبريل 2023 (غيتي)

يضيف إبراهيم، أن «حماس» لا تزال حركة متماسكة قيادياً، ويجري الاتفاق بـ«الإجماع» على أي قرار، وقد يكون للسنوار تشدُّد في بعض المواقف، لكنه يدرك أن أوضاع الفلسطينيين في غزة صعبة، والحرب طالت، لذلك سيكون مع أي مرونة من أجل التوصل لاتفاق.

ويتّفق المختص بالشؤون الفلسطينية ضياء حسن، مع إبراهيم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه على عكس الاعتقاد السائد بأن يحيى السنوار يقف عائقاً أمام أي اتفاق، فإنه في الكثير من المراحل «أبدى مرونة أكبر من قيادات أخرى داخل الحركة باتجاه التوصل لاتفاق»، لافتاً إلى أن السنوار كثيراً ما كان يدقّق في كل حرف يصل عبر الوسطاء، تماماً مثل هنية، لكنه أسهم بشكل غير متوقع في العديد من المراحل بإبداء مرونة في بعض القضايا.

ويرى حسن أن السنوار سيسعى لوقف الحرب، وأن قوته ستساعده على ذلك.

رجل يحمل جثة فتاة قُتلت أثناء القصف الإسرائيلي لمدرسة تضم نازحين فلسطينيين غرب غزة (أ.ف.ب)

من جهة أخرى، فإن الشارع في قطاع غزة الذي يئنّ تحت حرب طاحنة، ارتفعت المخاوف لديه أكثر في هذا الاختيار.

يقول أحمد أبو ذكري، من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة: «لا أعرف ما إذا كان يساعدنا ذلك، ولا أهتم بما يقوله أي أحد، أنا لن أرحب إلا بالذي سيُوقِف هذه الحرب وفقط».

نازحون فلسطينيون يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

أما أنسام داود، من سكان حي تل الهوى، فتشير إلى أن «السنوار كان بالنسبة لنا شخصية محبوبة، لكن الكثير منا ينظر إليه بعد أن حلّت بنا المجازر والدمار، على أنه السبب في كل ذلك؛ لذا فإن تعيينه قائداً لحركة (حماس) كان مفاجئاً وصادماً، خصوصاً أن غالبية من المواطنين، وأنا واحدة منهم، تفضّل شخصية من خارج قطاع غزة تنظر إلينا نظرة أكثر اهتماماً كما كان يفعل هنية».

من جهته، يقول مجدي أبو عودة، من سكان مدينة غزة، ونازح إلى دير البلح وسط قطاع غزة، الرسالة من اختيار السنوار أغضبت الكثير من سكان القطاع، الذين كانوا «يفضّلون أن يكون القائد الجديد شخصية ذات مواقف أكثر مرونةً وأقل تشدداً»، مضيفاً أن «الناس تقول إن القائد الحقيقي هو الذي يمكن له أن يوقف الحرب وحسب».


مقالات ذات صلة

دموع فرح ممزوجة بألم فراق الأحبة في غزة بعد وقف إطلاق النار

المشرق العربي شباب يدقون الطبول ويرقصو في شوارع دير البلح وسط قطاع غزة بعد دقائق من سماع نبأ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في العاصمة القطرية الدوحة (أ.ب)

دموع فرح ممزوجة بألم فراق الأحبة في غزة بعد وقف إطلاق النار

عبرت غادة، وهي أم لخمسة أطفال نزحت من منزلها في مدينة غزة أثناء الصراع المستمر منذ 15 شهرا، عن سعادتها الشديدة وقالت إنها تبكي «من الفرح».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية  رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو يشكر ترمب وبايدن بعد التوصل لاتفاق غزة

وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، الشكر للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على ضمان التوصل لاتفاق لإعادة الرهائن في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي فلسطينيون سعداء بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في غزة (رويترز)

20 قتيلاً في غارات إسرائيلية على غزة عقب إعلان اتفاق وقف النار

أفاد الدفاع المدني في قطاع غزة، مساء الأربعاء، بمقتل 20 فلسطينياً في غارات إسرائيلية على قطاع غزة بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار.

المشرق العربي فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)

الأحداث الكبرى خلال 15 شهراً من الحرب في قطاع غزة (تسلسل زمني)

قال مسؤول مطلع على المفاوضات لوكالة «رويترز»، الأربعاء، إن إسرائيل وحركة «حماس» اتفقتا على وقف القتال في غزة وتبادل الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية متظاهرون إسرائيليون يشاركون في احتجاجات نظمت اليوم للمطالبة بالتحرك لإطلاق سراح الرهائن في غزة (أ.ف.ب)

سموتريتش: اتفاق غزة «صفقة خطيرة» لأمن إسرائيل

اعتبر وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرّف بتسلئيل سموتريتش أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «صفقة خطيرة» بالنسبة إلى أمن إسرائيل.


فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)

ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول «سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته».

ويحط ماكرون في بيروت وبمعيته وفد رسمي ضيق، يضم وزيري الخارجية والدفاع جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو، ومبعوثه الخاص إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لو دريان، وعدداً قليلاً من النواب ومجموعة من الشخصيات التي لديها صلات «خاصة» بلبنان، وهم مدعوون شخصيون لماكرون.

ووفق البرنامج المتوافر، فإن ماكرون سيلتقي العماد عون في قصر بعبدا، بعدها سيتحدث الرئيسان إلى الصحافة. كذلك سيلتقي ماكرون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي سبق لفرنسا أن اقترحته رئيساً لحكومة إصلاحية مقابل انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وفي سياق اجتماعاته، سيلتقي ماكرون قادة الفينول في مقر السفير الفرنسي في بيروت ورئيسي مجموعة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار «الجنرالين الأميركي والفرنسي» لمراجعة كيفية تطبيق الاتفاق، والعمل على تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني.

تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان «بلد أكبر من حجمه»، وأنه «يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية». وتعتبر هذه المصادر أن «انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم». وباختصار، تريد باريس أن «تساهم في بزوغ لبنان الجديد».

يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.

وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد «جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701». وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة «فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم». أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و«حزب الله» أيضاً، إلى الالتزام به.

ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على «ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها»؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.

تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة «حزب الله» للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن «حزب الله» فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.

وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر «الإليزيه» أن الرئيس ماكرون «شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية» اللبنانية. وترى باريس أنه «بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين».

أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها «رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم»، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.

وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان «من غير ترميم الثقة الدولية به»؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.

وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور «مستمر» مع واشنطن، وأن الطرفين «توصلا إلى رؤية مشتركة» بالنسبة للبنان.