توافق مصري - لبناني على ضرورة منع «حرب شاملة» بين إسرائيل و«حزب الله»

عبد العاطي حذّر من «خروج الأمور عن نطاق السيطرة»

عبد العاطي يستقبل بوحبيب (الخارجية المصرية)
عبد العاطي يستقبل بوحبيب (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري - لبناني على ضرورة منع «حرب شاملة» بين إسرائيل و«حزب الله»

عبد العاطي يستقبل بوحبيب (الخارجية المصرية)
عبد العاطي يستقبل بوحبيب (الخارجية المصرية)

توافقت مصر ولبنان على ضرورة بذل الجهود لمنع نشوب «حرب شاملة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، في ظل تبادل الطرفين إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتصاعد التوتر في المنطقة الأسبوع الماضي، بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران، وكذلك مقتل القائد العسكري الكبير في «حزب الله» فؤاد شكر، بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت. وقبل أيام قال «حزب الله»، إن الجماعة، المتحالفة مع إيران، «سترد بطريقة مدروسة».

وأجرى وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب زيارة إلى مصر، الثلاثاء، التقى فيها نظيره المصري بدر عبد العاطي، الذي أكّد، خلال مؤتمر صحافي مشترك، «دعم بلاده لسيادة لبنان، ووحدة وسلامة أراضيه وشعبه»، موضحاً أن هدف زيارة نظيره اللبناني هو «التنسيق والتشاور بين البلدين حيال مختلف القضايا الإقليمية والعلاقات الثنائية، وسبل تعزيزها».

وتأتي الزيارة في وقت «شديد الأهمية والحساسية»، وفق الوزير المصري، في ظل التصعيد الجاري في المنطقة، والذي حمّل إسرائيل مسؤوليته، قائلاً إن «الظرف الحالي ناتج عن الحرب الشعواء التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، وما يحمله ذلك من مخاطر للتصعيد، وامتداد هذا الصراع لما هو أبعد من ذلك».

جلسة مباحثات موسّعة بين وزير الخارجية المصري ونظيره اللبناني (الخارجية المصرية)

وأدان الوزير المصري «الاعتداءات المتكررة التي تقع على لبنان وعلى سيادته، والسياسات التصعيدية الخطيرة الحالية في المنطقة، بما في ذلك القصف في الضاحية الجنوبية لبيروت»، مشيراً إلى أن «مصر تؤكد مرة أخرى تضامنها مع مؤسسات الدولة اللبنانية، وأهمية دعمها بكل السبل».

وقال عبد العاطي إن «مصر تستمر في حثّها أطراف الصراع والنزاع كافةً للعمل على الالتزام بضبط النفس، وتجنّب انزلاق منطقتنا إلى حرب إقليمية شاملة».

وسبق أن أعلنت مصر رفضها لـ«سياسة الاغتيالات السياسية»، وفق عبد العاطي، الذي أكّد أن «مثل هذه السياسات التصعيدية لن تؤدي سوى إلى المزيد من العنف والعنف المضاد، وسفك دماء الأبرياء في المنطقة»، محذّراً من «خروج الأمور عن نطاق السيطرة، خصوصاً إذا كان هناك خطأ في الحسابات».

وأكّد عبد العاطي استمرار الاتصالات المكثّفة لوقف التصعيد، وعدم انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية، مشيراً إلى أن السبيل الوحيد لذلك هو «التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ووقف هذه الحرب العدوانية الظالمة على أهالي القطاع، والنفاذ المستمر وغير المشروط لكافة أشكال المساعدات الإنسانية والطبية للقطاع».

وناشد المجتمع الدولي بضرورة الاضطلاع بمسؤولياته، مطالباً الأمم المتحدة والقوى الدولية ببذل كل الجهود، وممارسة كل أشكال الضغط لتغليب لغة الحوار والمفاوضات، والابتعاد عن الخيارات العسكرية وسياسة العنف.

وعبّر عن دعم مصر الكامل لتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» الخاص بلبنان، بشكل كامل، وغير مجتزَأ، ودون إدخال أي تعديلات عليه، كما أكّد عبد العاطي أهمية قيام إسرائيل والأطراف المعنية كافةً بإظهار جدّيةٍ مطلوبة للتوصل إلى ترتيبات للتهدئة، تراعي المصالح اللبنانية، وتحافظ على سيادة الدولة، وتقطع الطريق أمام أي احتمالات لتجدّد الصراع.

بدوره، طالب وزير الخارجية اللبناني بضرورة تنفيذ القرار «1701» لاستعادة استقرار وسيادة لبنان على أرضه، مؤكداً أن التصعيد الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط يقوّض الجهود التي تستهدف الاستقرار، لافتاً إلى أن الخطوة الأولى لتهدئة التصعيد هي وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وحذّر وزير الخارجية اللبناني من خطورة تمادي إسرائيل في سياستها التهجيرية، ومحاولة ضرب وكالة «أونروا»، مؤكداً أن بلاده تؤيد موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

وأشار إلى أن القاهرة ذات دور محوري في ظل الظروف الصعبة التي تعانيها المنطقة، موجهاً الشكر إلى مصر حكومةً وشعباً للوقوف الدائم إلى جانب لبنان في ظل التحديات الخطيرة التي تواجه المنطقة.

وذكر الوزير اللبناني أن الجهود المصرية تستهدف دعم سيادة لبنان واستقراره، والحفاظ على مصالح شعبه، مثمّناً الجهود المصرية الرامية لدعم لبنان من أجل وقف التصعيد، وتهدئة الأوضاع في الجنوب اللبناني.

وحول قرارات دول غربية وعربية بدعوة رعاياها لمغادرة لبنان في ظل مخاوف من التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، قال وزير الخارجية اللبناني، في ردّه على أسئلة الصحافيين: «دون شك، لدينا مشكلة بيننا وبين إسرائيل، وهناك إمكانية حرب بيننا وبين إسرائيل، ولا يمكن أن ننفيها».

وأضاف: «الدول لديها الحرية في أن تطلب من مواطنيها أن يتركوا البلاد»، شاكراً مصر على عدم مساهمتها في هذه الموجة للانسحاب من لبنان، وتابع: «للأسف هناك دول عربية تمنع مواطنيها من القدوم إلى لبنان، بل وطلبَت أن ينسحبوا وهم أصلاً غير موجودين بلبنان».

وعقّب الوزير عبد العاطي قائلاً: «يجب الوقوف بجانب لبنان، ونحن مهتمون بأمن واستقرار لبنان، وبأمن واستقرار الرعايا المصريين، ونتابع حالاتهم أولاً بأول»، وأوضح أن هناك خلية أزمة تتابع الموقف، ولدينا سيناريوهات للحفاظ على أرواحهم، لكن الآن نتابع الأمور، ونحرص أولاً على أمن واستقرار لبنان، والرعايا المصريين المتواجدين بين أشقائهم في لبنان».


مقالات ذات صلة

تبادل الهجمات يتصاعد على حدود لبنان

المشرق العربي 
ألسنة الدخان تتصاعد بعد قصف إسرائيلي لقرية الخيام الحدودية جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

تبادل الهجمات يتصاعد على حدود لبنان

تصاعدت حدة الهجمات المتبادلة بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، أمس، حيث استهدفت إسرائيل منزلاً في منطقة ميفدون المحاذية لمدينة النبطية، أسفر عن مقتل 5 عناصر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير تعقد المؤتمر الصحافي اليومي في البيت الأبيض في واشنطن 12 يونيو 2023 (رويترز)

البيت الأبيض: لا نعتقد أن الرد على إسرائيل من إيران أو «حزب الله» بدأ

قالت متحدثة باسم البيت الأبيض إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن رداً انتقامياً من إيران أو جماعة «حزب الله» اللبنانية على إسرائيل قد بدأ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نصر الله متحدثاً في حفل تأبين فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية (إ.ب.أ)

نصر الله يصرّ على الردّ على اغتيال شكر «أياً تكن العواقب»

هدّد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بـ«ردّ قوي ومؤثر وفاعل» على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر الأسبوع الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الشرطة الإسرائيلية يتفقدون موقع انفجار مسيّرات «حزب الله» على ساحل الشمال (أ.ف.ب)

«حزب الله» يقصف نهاريا... وإسرائيل تستأنف الاغتيالات بعمق جنوب لبنان

استأنف الجيش الإسرائيلي ملاحقة عناصر «حزب الله» إلى عمق الجنوب اللبناني، حيث استهدف منزلاً بمنطقة ميفدون المحاذية لمدينة النبطية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب (رئاسة الحكومة اللبنانية)

توسعة الحرب تتقدّم على الحل الدبلوماسي... ولبنان يقاومها بتطبيق الـ«1701»

لا يزال التصعيد العسكري يتقدّم على الحل الدبلوماسي لمنع توسعة الحرب، ما لم تنجح اتصالات اللحظة الأخيرة في «تنعيم» الردود وتقنينها على نحو يمنع تفلُّت الوضع.

محمد شقير (بيروت)

«حماس» تختار السنوار خلفاً لهنية... «في رسالة تحدٍ لإسرائيل»

يحيى السنوار (أ.ف.ب)
يحيى السنوار (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تختار السنوار خلفاً لهنية... «في رسالة تحدٍ لإسرائيل»

يحيى السنوار (أ.ف.ب)
يحيى السنوار (أ.ف.ب)

أعلنت حركة «حماس» اختيار رئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار، رئيساً للمكتب السياسي للحركة، خلفاً لإسماعيل هنية، الذي اغتالته إسرائيل في العاصمة الإيرانية طهران. وقالت الحركة، في بيان مقتضب، نشرته مساء الثلاثاء: «تعلن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن اختيار القائد يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة، خلفاً للقائد الشهيد إسماعيل هنية».

وجاء اختيار السنوار، المحاصر والمطارد في قطاع غزة، مفاجئاً لإسرائيل. وقالت مصادر مطلعة على المناقشات التي دارت قبل الاختيار لـ«الشرق الأوسط»: «هذه رسالة تحدٍ لإسرائيل. فإذا كانوا يعدّونه خطيراً ودموياً وإرهابياً ويجب قتله، ها هو جاءهم خلفاً للشهيد هنية، الدبلوماسي المرن الذي اغتالوه بأيديهم». وقال مصدر مطلع على كواليس المباحثات إن غزة حسمت المسألة، مضيفاً: «الرسالة هي رسالة تحدٍ لإسرائيل وغير إسرائيل. السنوار وغزة هما البوصلة في المرحلة الحالية».

يحيى السنوار (وسط) القائد الجديد لـ«حماس» (أ.ف.ب)

القرار فاجأ الفلسطينيين

وفاجأ القرار الفلسطينيين أيضاً، وتحوّل خبر اختيار السنوار رئيساً للمكتب السياسي لـ«حماس»، إلى الخبر الرئيسي في إسرائيل. وكتبت كل وسائل الإعلام عن اختيار الرجل الأخطر، وكيف تم إطلاق صواريخ من غزة بعد ذلك. وقال المحلل الإسرائيلي آفي يساخروف: «(حماس) اختارت أخطر شخص لقيادتها». وكتبت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أنه «بهذا القرار أصبح السنوار، أحد منفذي مجزرة 7 أكتوبر (تشرين الأول)، رسمياً الرجل الأقوى في التنظيم بعد اغتيال إسماعيل هنية». وأضافت: «قرار مجلس الشورى، الذي يبلغ عدد أعضائه 50 شخصاً، جاء تعبيراً عن الثقة في السنوار، ولضمان بقاء السلطة في يد (حماس) في قطاع غزة».

وخلال السنوات القليلة الماضية، برزت غزة كقوة كبيرة داخل «حماس»، ما دفع تيار العسكر إلى المقدمة، وهو التيار الذي يمثله السنوار، وهو مقرب من إيران و«حزب الله» اللبناني. وبينما تعيش «حماس» أسوأ وضع على الإطلاق في القطاع، ظلت السلطة بيد غزة.

خالد مشعل (رويترز)

مشعل رفض المنصب

ومنذ اغتيال هنية، برزت بعض الأسماء لخلافته، مثل خالد مشعل، وموسى أبو مرزوق، وخليل الحية، وأبو عمر حسن. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن النقاشات أخذت في الاعتبار العلاقات مع الإقليم. وبحسب المصادر أيضاً، رفض مشغل تولي المنصب، والسنوار الآن هو المطلوب الأول لإسرائيل، وتطارده منذ بدء الحرب الحالية في 7 أكتوبر الماضي.

وعلى الرغم من أن كل جهود الجيش الإسرائيلي منصبة على الوصول إليه، يتخذ السنوار القرارات المتعلقة بمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقات الرهائن. ومن بين أمور أخرى، تمكن من نقل رسالة تعزية إلى إسماعيل هنية بعد مقتل أبنائه في قطاع غزة.