سكان بيروت والضاحية يضعون «خطط إجلاء» نحو الشمال والجبل

تسابق إلى «مناطق آمنة» رفع الإيجارات بشروط تعجيزية

لوحة إعلانية ضخمة رفعها «حزب الله» تتضمن صورة قائده فؤاد شكر وتهدد بالردّ على اغتياله (أ.ف.ب)
لوحة إعلانية ضخمة رفعها «حزب الله» تتضمن صورة قائده فؤاد شكر وتهدد بالردّ على اغتياله (أ.ف.ب)
TT

سكان بيروت والضاحية يضعون «خطط إجلاء» نحو الشمال والجبل

لوحة إعلانية ضخمة رفعها «حزب الله» تتضمن صورة قائده فؤاد شكر وتهدد بالردّ على اغتياله (أ.ف.ب)
لوحة إعلانية ضخمة رفعها «حزب الله» تتضمن صورة قائده فؤاد شكر وتهدد بالردّ على اغتياله (أ.ف.ب)

أضيئت عشرات المنازل فجأة ليل الثلاثاء في بلدة قبّاع المحاذية لمدينة بحمدون بجبل لبنان. كانت تلك المنازل، منذ شهرين على الأقل، شبه فارغة، ولا تُشغل إلا في عطلة نهاية الأسبوع. لكن استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال المسؤول العسكري البارز في «حزب الله» فؤاد شكر في تلك الليلة، دفع سكان العاصمة اللبنانية وضاحيتها الجنوبية نحو بلدات الجبل، هرباً من أي توتر أمني إضافي قد تتعرض له المنطقة التي أخلاها قسم كبير ممن يمتلكون خياراً جاهزاً.

ويمثل هذا «النزوح المؤقت»، جزءاً من الإجراءات التي اتخذها سكان بيروت والضاحية استباقاً لأي تصعيد عسكري محتمل، وبات أشبه بـ«خطة إجلاء» معدة للتنفيذ في حال توسع نطاق الاشتباكات. تسير الإجراءات على خطين متوازيين؛ أولهما مسارعة السكان للانتقال إلى منازل كانوا استأجروها في السابق بغرض الاصطياف، في حين يتمثل الثاني في بحث آخرين عن شقق مفروشة وفنادق للإيجار، خوفاً من تصعيد محتمل يترقبه اللبنانيون بقلق شديد إثر تهديد أمين عام «حزب الله» بالرد على اغتيال شكر، وتهديد إيران بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في طهران فجر الأربعاء.

وتقول رينا (51 عاماً) التي تسكن في عين الرمانة القريبة من الضاحية، إنها اتخذت قراراً بالانتقال كلياً إلى بحمدون، على الأقل خلال شهر أغسطس (آب) الجاري، تحسباً لأي تصعيد. وتضيف: «لن أغامر بالنزول إلى بيروت، ربما تُقصف الطرقات والجسور مثلما حدث في حرب تموز 2006... نحن بغنى عن أي توتر».

مناصرون لـ«حماس» و«حزب الله» يشاركون في مظاهرة تنديداً باغتيال هنية وشكر في مدينة صيدا بجنوب لبنان (رويترز)

البحث عن منازل مفروشة

ورينا التي تمتلك منزلاً في المنطقة، تمتلك خياراً آخر، خلافاً لآخرين بدأوا البحث عن شقق مفروشة في محيط الضاحية وبيروت، بوصفها «مواقع أكثر أماناً». منذ يوم الأربعاء، بدأت نور (26 عاماً) التي تقطن في الضاحية، البحث لعائلتها عن شقة مفروشة في مناطق بعبدا وعاليه «يمكن الوصول إليها في حال وقع أي تصعيد». لم تترك صفحة لعرض العقارات في «فيسبوك»، إلا دخلتها لـ«البحث عن مأوى مؤقت»، محاوِلةً إيجاد «ما يناسب بين المتاح».

تقول نور لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة شقق كثيرة معروضة للإيجار، لكن الشروط المطلوبة خيالية. فقد ارتفعت أسعار الإيجارات ثلاثة أضعاف، بمتوسط 1200 دولار شهرياً»، لكن تلك الأسعار «المفهومة بسبب الطلب الكثيف»، يتم إرفاقها بشروط تعجيزية في ظل أزمة اقتصادية خانقة، كمثل «دفع بدل إيجار الشقة لستة أشهر سلفاً» على ما تقول نور، وتضيف: «هي مبالغ غير متوفرة لدى عائلتي، فضلاً عن أنه في حال توقفت الحرب خلال شهر أو شهرين، سيرتب ذلك خسارة آلاف الدولارات؛ لأننا سنعود إلى وظائفنا وجامعاتنا ومدارسنا».

لوحة إعلانية ضخمة رفعها «حزب الله» تتضمن صورة قائده فؤاد شكر وتهدد بالردّ على اغتياله (أ.ف.ب)

خطة انتقال

ولا يبدو هذا الواقع مستجداً. ففي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومباشرة بعد الثامن منه، اختبر اللبنانيون الأمر نفسه، فسارع كثيرون إلى استئجار شقق في مناطق يُفترض أنها أكثر أماناً، سواء في الأشرفية (شرق بيروت) أو جبل لبنان الشمالي أو الشوف وعاليه، ولم ينتقلوا إليها عندما ضغطت الدبلوماسية الغربية لمنع توسعة القتال.

ويحاول بعض اللبنانيين من سكان الجنوب والضاحية، عدم تكرار ما سبق أن قاموا به لجهة المسارعة إلى تكبّد تكاليف مالية، لكنهم وضعوا «خطة انتقال جاهزة» يجري تنفيذها لحظة تدهور الأوضاع.

وتنقسم الخطة إلى شقين؛ أولهما خطة تحديد وجهة الانتقال، وغالباً ما ستتوجه إلى الجبل والشوف والشمال «حيث يوجد أصدقاء لنا يلحّون علينا بطلب الانتقال في حال حصل أي طارئ»، بحسب ما يقول أحد سكان منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية، في حين أن الشق الثاني يتضمن تحديد مواقع الفنادق وبيوت الضيافة في تلك «المناطق الآمنة»، حسبما تقول ندى التي تسكن الجنوب، وهي أم لطفلة.

وتضيف: «عندما تكون أموالك في جيبك، لن يرفض أحد استقبالك، وستدفع مقابل شعورك بالأمان». وتشير إلى أنها حادثت صاحب بيت ضيافة في البترون (الشمال) سبق أن نزلوا فيه خلال الأشهر الماضية، ووعدهم بأن تكون لهم الأولوية حين يقررون الانتقال.

تلك الفئات المتمكنة مادياً إلى حد كبير، لا تنظر إلى الأمر على أنه مشكلة، خلافاً لفئات أخرى لا تمتلك قوت يومها في الوقت الراهن. وهؤلاء أكثر من يتوجس من توسعة الحرب ويتضرعون لعدم وقوعها. «لا نريد إذلالاً ولا النزوح إلى المدارس»، قال أحد سكان الضاحية لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «منزلنا يسترنا... أي نزوح سيشعرنا بالذل، وهو ما ندعو الله أن يجنبنا إياه».


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)
دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

وقال «حزب الله»، في 3 بيانات، إن مقاتليه دمروا 5 دبابات «عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة»، إحداها أثناء محاولتها «التقدم لسحب دبابة من الدبابات المدمرة»، وأضاف في بيان آخر أنه استهدف بصاروخ موجه دبابة «عند الأطراف الغربية لبلدة دير ميماس».

وتحدثت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية عن معارك عنيفة في العديد من مناطق الجنوب، مشيرة إلى «تراجع رتل من 30 آلية عسكرية إسرائيلية من جنوب البياضة (...) باتجاه شمع وطيرحرفا تحت غطاء مدفعي»، بعد تدمير «حزب الله» للدبابات. وأضافت: «تسارع وتيرة العملية البرية الإسرائيلية في الخيام»، البلدة القريبة من الحدود، بعد ليلة من المعارك «العنيفة».

كذلك، أكد «حزب الله» استهداف القوات الإسرائيلية المتمركزة في شرق الخيام بـ4 دفعات من الصواريخ.

وتعدّ إسرائيل هذه البلدة «بوابة استراتيجية تسهل التقدم البري السريع»، بحسب الوكالة.

وقال رئيس بلدية دير ميماس، جورج نكد، للوكالة إن «القوات الإسرائيلية كانت قد وصلت من جهة كفركلا إلى تلة لوبيا الواقعة بين القليعة ودير ميماس ونصبت فيها حاجزاً، وإن هناك ما يقارب 20 شخصاً عالقين في البلدة بينهم امرأة حامل».

وأفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن نحو 200 صاروخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، الأحد. ونقلت الصحيفة عن مصادر القولَ إن تلك الصواريخ تسببت في وقوع إصابات وتلفيات في مناطق بوسط وشمال إسرائيل.

وأعلن «حزب الله»، في وقت سابق، الأحد، استهداف هدف عسكري في تل أبيب بالصواريخ والطائرات المُسيّرة، وذلك بعد أن استهدف أيضاً قاعدة أسدود البحرية الإسرائيلية.