فلسطينيون انتقلوا للعلاج في فرنسا يروون مقتل أقاربهم: ليسوا مجرد أرقام

رجاء عبد الكريم أبو مهادي... فلسطينية تبلغ من العمر 47 عاماً من غزة وابنها عاصف في باريس (أ.ف.ب)
رجاء عبد الكريم أبو مهادي... فلسطينية تبلغ من العمر 47 عاماً من غزة وابنها عاصف في باريس (أ.ف.ب)
TT

فلسطينيون انتقلوا للعلاج في فرنسا يروون مقتل أقاربهم: ليسوا مجرد أرقام

رجاء عبد الكريم أبو مهادي... فلسطينية تبلغ من العمر 47 عاماً من غزة وابنها عاصف في باريس (أ.ف.ب)
رجاء عبد الكريم أبو مهادي... فلسطينية تبلغ من العمر 47 عاماً من غزة وابنها عاصف في باريس (أ.ف.ب)

انقلبت حياة طارق أبو عيطة رأساً على عقب خلال ثوانٍ قليلة عندما استهدفت غارات جوية إسرائيلية في بداية الحرب الحي الذي يقطنه في قطاع غزة.

في 14 أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أسبوع واحد على اندلاع الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس»، تسبّب قصف إسرائيلي في تدمير منزله العائلي المؤلَّف من طابقَين ومقتل والده حامد (77 عاماً) وزوجته منتهى (37 عاماً) ونجلهما إلياس (11 عاماً) وابنتَي شقيقه ميرا (8 أعوام) وتالا (14 عاماً).

ويقول أبو عيطة (42 عاماً) بينما تنهمر دمعة على خدّه وهو يستعيد على هاتفه المحمول صوراً لزفافه ولابنه في مدينة رين الفرنسية: «كلّ شيء راح».

وأبو عيطة وابنه الثاني فارس (14 عاماً) الذي نجا أيضاً من ذلك القصف، من الفلسطينيين القلائل الذين نُقلوا إلى فرنسا لتلقّي العلاج جراء إصابتهم خلال الحرب، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

طارق أبو عيطة... فلسطيني يبلغ من العمر 42 عاماً من غزة يقف في مدينة رين غرب فرنسا (أ.ف.ب)

واندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر إثر هجوم لحركة «حماس» على إسرائيل أسفر عن 1197 قتيلاً غالبيتهم مدنيون، وفقاً لتعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخطف المهاجمون 251 شخصاً ما زال 111 منهم محتجزين في غزة، بينهم 39 يقول الجيش إنهم قُتلوا.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجمات برية أسفرت عن سقوط ما يقرب من 40 ألف قتيل على الأقل، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع.

ويضيف أبو عيطة: «ليسوا مجرد أرقام، كلّ واحد من هؤلاء لديه أحباء وعائلة وذكريات».

وأُصيب أبو عيطة وابنه فارس إصابات خطيرة أمام منزلهما حين طالت الضربات مخيم جباليا للاجئين في وسط القطاع.

وأُصيب فارس بكسر كبير في الجمجمة أدخله في غيبوبة لأكثر من ثلاثة أسابيع.

«أولاد يُلقَون في النار»

بعد قرابة عشرة أشهر وبينما لا تزال القوات الإسرائيلية تقصف قطاع غزة، يتعافى كلاهما في فرنسا بعد تلقيهما علاجاً طبياً مكثّفاً.

غير أن الرعب لا يفارق أبو عيطة الذي اضطرّ إلى ترك ابنَين آخرين وراءه هما جود البالغ عشرة أعوام، وأحمد البالغ 15 عاماً في القطاع المحاصر.

ويقول: «ستكون كارثة إذا حدث لهما شيء. لم تعد لديَّ طاقة للتحمّل».

ويشير إلى أنه تلقّى وعداً بأن يتمكّن من التقدّم بطلب لإحضار ابنَيه إلى فرنسا بمجرّد حصوله على وضع لاجئ.

غير أن الانتظار وألم القرار الذي اتخذه بتركهما في القطاع الفلسطيني المدمّر، يقضيان عليه تدريجياً.

ويقول أبو عيطة: «كان فارس يحتضر. لو بقيت (في غزة) لخسرته».

ومنذ السابع من أكتوبر، أُصيب نحو تسعين ألف شخص في غزة في القصف الإسرائيلي، حسب السلطات في غزة.

ومن بين المصابين يومياً نحو عشرة أطفال يخسرون ساقاً أو الاثنتين، حسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

في 16 أكتوبر، كان آصف أبو مهادي (12 عاماً) يلعب كرة القدم أمام منزله في مخيم النصيرات للاجئين حين قُصفت المنطقة.

رجاء عبد الكريم أبو مهادي... فلسطينية تبلغ من العمر 47 عاماً من غزة وابنها عاصف في باريس (أ.ف.ب)

ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية وهو جالس على كرسي متحرّك ويضع وشاح كرة قدم فلسطينياً على كتفيه قرب مستشفى يتلقّى فيه العلاج في ضواحي باريس: «اعتقدت أن هناك حجَراً على رجلي. أردت رفعه فوجدت رجلي مقطوعة».

وانتقل آصف مع والدته رجاء عبد الكريم أبو مهادي إلى فرنسا لتلقّي العلاج.

غير أن الأمّ التي فقدت زوجها حين كان آصف رضيعاً، لم تتمكّن من اصطحاب أبنائها الخمسة الآخرين: إيناس (13 عاماً) وعائشة (15 عاماً) وأحمد (17 عاماً) ومؤيد (18 عاماً) ومحمد (20 عاماً).

وتقول السيدة البالغة 47 عاماً التي فقدت ثلاثة من أبناء أشقائها في الحرب، إن القلق ينهشها في انتظار الحصول على وضع لاجئة.

وتوضح: «أرى أولاداً يُلقَون في النار وأخاف أن أسمع خبراً عن فقدان أولادي».

وتشير إلى أن ابنها آصف الذي يعاني اكتئاباً شديداً، لن يشفى بشكل كامل دون إخوته.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها أجْلت نحو 300 شخص من غزة منذ اندلاع الحرب بينهم 15 طفلاً فلسطينياً مصاباً ومرافقوهم، مشيرةً إلى أن عدم تمكّن بعض أفراد العائلات من الذهاب إلى فرنسا غير مرتبط بطلبات اللجوء.

وأوضحت أن ذلك يعود إلى كون «السلطات الإسرائيلية لم تسمح بذلك»، أو إلى أن معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر «مغلق منذ مايو».

«لم يعد الناس يستغربون»

كان ماجد أبو شملة (26 عاماً) خارج القطاع حين اندلعت الحرب التي تابعها عن بُعد خلال الأشهر الأولى فيما كانت عائلته تحاول الخروج من القطاع الفلسطيني.

تمكّن مذّاك الحين من لقاء والدته وأشقائه السبعة وابنة أحدهم البالغة ثلاثة أعوام، في فرنسا.

الخارجية الفرنسية قالت إنها أجلت نحو 300 شخص من غزة منذ اندلاع الحرب بينهم 15 طفلاً فلسطينياً مصاباً ومرافقوهم (أ.ف.ب)

غير أن ضربة إسرائيلية على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة قتلت في 13 ديسمبر (كانون الأول)، والده أحمد أبو شملة الذي كان موظفاً قنصلياً في المعهد الفرنسي في غزة.

ويُظهر مقطع فيديو شاركه ماجد مع وكالة الصحافة الفرنسية لكن لا يقوى هو على مشاهدته، رجالاً يُخرجون جثة والده من تحت الركام وبدا رأسه مجروحاً.

وكان أحمد أبو شملة قد حصل في الشهر السابق للضربة على إذن بمغادرة غزة مع جزء من عائلته، لكنه أراد البقاء حتى السماح لأربعة من أبنائه بالخروج أيضاً.

أُصيب أبو عيطة وابنه فارس إصابات خطيرة أمام منزلهما حين طالت الضربات مخيم جباليا للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتمكّن الأربعة بينهم اثنان أُصيبا في الضربة نفسها التي قتلت والدهما، من المغادرة في نهاية ديسمبر.

وتقيم العائلة اليوم في منطقة باريس، غير أن ماجد أبو شملة يؤكد أن المضي قدماً في الحياة أمر بغاية الصعوبة.

ويقول مهندس البرمجيات لوكالة الصحافة الفرنسية في مقهى في باريس: «نعيش جسدياً في فرنسا ونحاول التعايش مع ذلك، لكننا مسمّرون أمام نشرات الأخبار طوال اليوم».

ويشير إلى أن الحرب خطفت منه أيضاً زوج خالته وأبناء عمته الثلاثة، فيما توفيت جدّته لوالده قبل ثلاثة أسابيع تقريباً بسبب شحّ الأدوية في قطاع غزة.

ويلفت إلى أنه فقد الاتصال بمعظم أصدقائه في المدرسة والجامعة. ويعتقد أن نحو 20 منهم قد قُتلوا.

ويضيف: «لم يعد الناس يستغربون إن كنتَ ميتاً أم حياً. الوضع سيئ لهذه الدرجة».


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء الفلسطيني: لا يمكن القبول بالفصل بين غزة والضفة ولا ترك القطاع لـ«حالة الفراغ»

المشرق العربي محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)

رئيس الوزراء الفلسطيني: لا يمكن القبول بالفصل بين غزة والضفة ولا ترك القطاع لـ«حالة الفراغ»

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى اليوم الأربعاء إنه لا يمكن القبول بعملية الفصل بين غزة والضفة الغربية، مشدداً على أنه لا يمكن ترك القطاع لـ«حالة الفراغ»

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

هدنة غزة: المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»

يسعى المفاوضون المجتمِعون، اليوم الأربعاء، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بقطاع غزة، إذ باتت المباحثات بشأنه في «مراحلها النهائية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)

مقتل 22 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

أفادت قناة (الأقصى) الفلسطينية اليوم الأربعاء بأن 22 شخصا لقوا حتفهم جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ فجر اليوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي 
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دير البلح وسط قطاع غزة في 4 نوفمبر 2024 (أرشيفية - رويترز)

الأمم المتحدة تتأهب لزيادة مساعدات غزة مع وقف وشيك لإطلاق النار

قالت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إنها تستعد لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة في ضوء وقف إطلاق النار المحتمل.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)

مقتل شخصين وإصابة ثالث في قصف للتحالف الدولي قرب الحدود السورية - التركية

صورة من موقع الحادث نشرتها وسائل إعلام سورية (إكس)
صورة من موقع الحادث نشرتها وسائل إعلام سورية (إكس)
TT

مقتل شخصين وإصابة ثالث في قصف للتحالف الدولي قرب الحدود السورية - التركية

صورة من موقع الحادث نشرتها وسائل إعلام سورية (إكس)
صورة من موقع الحادث نشرتها وسائل إعلام سورية (إكس)

قتل شخصان وأصيب ثالث في قصف للتحالف الدولي قرب الحدود السورية - التركية، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم الأربعاء.

وقال المرصد، في بيان صحافي اليوم،: «استهدفت طائرة تابعة للتحالف الدولي بـثلاثة صواريخ دراجة نارية كان يستقلها شخص على الأقل، على طريق مخيم القلعة شمال غربي مدينة سرمدا قرب الحدود السورية - التركية، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة شخص آخر كان في موقع الاستهداف».

وأشار إلى أن هذا الاستهداف يعدّ الثاني من نوعه خلال العام الجديد، لافتاً إلى أن طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي استهدفت، الأسبوع الماضي، أحد العناصر البارزة في تنظيم «داعش» في بادية الرصافة بريف الرقة، حيث كان يستقل سيارة دفع رباعي، مما أسفر عن مقتله على الفور، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

بدوره، قال «تلفزيون سوريا» إنه لم ترد حتى الآن معلومات مؤكدة عن هوية الشخصين المستهدفين، مشيراً إلى سماع دوي عدة انفجارات قوية في المنطقة.

وشن طيران التحالف الدولي، على مدار السنوات الماضية، العديد من الغارات على أهداف في سوريا، معلناً أن ضرباته تستهدف قيادات وعناصر تنظيم «داعش» وتنظيمات «إرهابية متشددة»، طبقاً للتلفزيون السوري.