تصاعد المخاوف من اشتعال الشرق الأوسط وسط تعزيز الوجود العسكري الأميركي فيه

يمنيون يرفعون لافتات تحمل صور فؤاد شكر، وإسماعيل هنية، خلال تجمع حاشد في العاصمة صنعاء 2 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
يمنيون يرفعون لافتات تحمل صور فؤاد شكر، وإسماعيل هنية، خلال تجمع حاشد في العاصمة صنعاء 2 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

تصاعد المخاوف من اشتعال الشرق الأوسط وسط تعزيز الوجود العسكري الأميركي فيه

يمنيون يرفعون لافتات تحمل صور فؤاد شكر، وإسماعيل هنية، خلال تجمع حاشد في العاصمة صنعاء 2 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
يمنيون يرفعون لافتات تحمل صور فؤاد شكر، وإسماعيل هنية، خلال تجمع حاشد في العاصمة صنعاء 2 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

تتزايد المخاوف، السبت، من اشتعال الوضع في الشرق الأوسط، إذ عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية بطهران، في عملية نسبت إلى إسرائيل، واغتيال القيادي البارز في «حزب الله»، فؤاد شكر، في ضربة إسرائيلية قرب بيروت، وسط توعّد إيران والمجموعات المدعومة منها بالردّ.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، الجمعة، أنه على ضوء «احتمال التصعيد الإقليمي من جانب إيران أو شركائها ووكلائها»، أمر وزير الدفاع، لويد أوستن، «بإدخال تعديلات على الموقف العسكري الأميركي بهدف تحسين حماية القوات الأميركية، وزيادة الدعم للدفاع عن إسرائيل، وضمان استعداد الولايات المتّحدة للردّ على شتّى الحالات الطارئة».

وأعلن البنتاغون أن الولايات المتحدة ستنشر المزيد من السفن الحربية التي «تحمل صواريخ بالستية دفاعية» و«سرباً إضافياً من الطائرات الحربية» لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة.

ووري هنية الثرى، الجمعة، في مقبرة بمدينة لوسيل شمال الدوحة، بعدما شارك الآلاف في الصلاة عليه بالعاصمة القطرية حيث كان يقيم في المنفى.

واتهمت إيران و«حماس» و«حزب الله» إسرائيل باغتياله، بعد ساعات على الضربة الإسرائيلية التي أسفرت عن قتل فؤاد شكر، المسؤول عن إدارة عمليات «حزب الله»، في جنوب لبنان، في معقل الحزب بضاحية بيروت الجنوبية.

وأعلن «الحرس الثوري» الإيراني في بيان، السبت، أن هنية قتل بواسطة «مقذوف قصير المدى» أطلق على مقر إقامته.

وذكر «الحرس الثوري» في البيان الذي نشرته وكالة «إرنا» الرسمية، أنه «بحسب التحقيقات، فإن هذه العملية الإرهابية نفذت بمقذوف قصير المدى يزن رأسه حوالي 7 كلغ أطلق من خارج مكان إيواء المدعوين»، متسبباً في «انفجار قوي».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية ذكرت أن الانفجار نتج عن عبوة زُرعت في غرفة هنية قبل أشهر، الأمر الذي نفاه بشدة الإعلام الإيراني.

وتوعّدت إيران و«حزب الله» بـ«الثأر».

ضربات في «عمق» إسرائيل

وتوقّعت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، السبت، أن يردّ «حزب الله» بضربات «في عمق» إسرائيل و«لا يكتفي بأهداف عسكرية».

ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن البعثة قولها: «(حزب الله) والكيان (الإسرائيلي) كانا يلزمان خطوطاً تجاوزها الهجوم يوم الثلاثاء».

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق للحركة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على الدولة العبرية، يتبادل «حزب الله» والجيش الإسرائيلي إطلاق نار بشكل يومي عبر حدود لبنان الجنوبية.

وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية، كان هنية «في إحدى الإقامات المخصصة لقدامى المحاربين في شمال طهران عندما استُشهد بمقذوف جوي» بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني.

غير أن الجيش الإسرائيلي أكد أن الضربة الوحيدة التي نفذها في تلك الليلة في الشرق الأوسط كانت الضربة التي أودت بفؤاد شكر وحارسه الشخصي وخمسة مدنيين.

وتوعّد المرشد الإيراني، علي خامنئي، بإنزال «أشدّ العقاب» بإسرائيل بعد اغتيال هنية، فيما أكد الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، أن «الردّ آت حتماً» بعد اغتيال شكر.

وكتبت صحيفة «كيهان» الإيرانية المحافظة المتشدّدة، السبت، أن تل أبيب وحيفا «بين الأهداف»، متوقعة «خسائر بشرية أليمة».

وبحسب مصدر في «حزب الله»، فإن إيران وحلفاءها يبحثون احتمالين للردّ على إسرائيل، ما بين «الردّ بالتوازي، بمعنى أن تقصف إيران و(حزب الله) و(الحوثيون) أهدافاً إسرائيلية في الوقت ذاته، أو أن يرد كلّ طرف بمفرده إنما بشكل منسّق».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل في حال جهوزية «عالية» من الاستعدادات لأي سيناريو كان «سواء دفاعي أو هجومي».

وشنت طهران في 13 أبريل (نيسان) هجوماً غير مسبوق بالمسيرات والصواريخ على إسرائيل؛ رداً على ضربة استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل، ونسبت إلى إسرائيل. لكن تم اعتراض معظم الصواريخ والمسيرات من جانب إسرائيل والقوات الأميركية والحليفة المنتشرة في المنطقة. ولم يسجّل سقوط ضحايا.

لبنان في حال تأهب

في هذا الوقت، أعلنت السويد، السبت، إغلاق سفارتها في بيروت بعدما نصحت الآلاف من رعاياها بمغادرة البلد.

وفي مؤشر إلى تزايد المخاوف، تنتشر شائعات في لبنان عن إلغاء رحلات إلى بيروت، وهو ما نفاه الطيران المدني. لكن شركتي «إير فرانس» و«ترانسافيا فرانس» مددتا تعليق رحلاتهما إلى بيروت حتى 6 أغسطس (آب) على الأقل «بسبب الوضع الأمني».

وأعلنت الخطوط الجوية الكويتية، السبت، تعليق رحلاتها من بيروت وإليها، اعتباراً من الاثنين المقبل إلى أجل غير مسمّى.

ودعت فرنسا رعاياها الذين يزورون إيران إلى المغادرة «في أسرع وقت».

على الأرض، أفاد مصدر أمني لبناني عن مقتل عنصر في حزب الله في «غارة إسرائيلية» بواسطة «طائرة مسيّرة» في جنوب لبنان، السبت. ونعى حزب الله المقاتل علي نزيه عبد علي، الذي «ارتقى شهيداً على طريق القدس».

كما تبنّى الحزب هجومين على مواقع إسرائيلية قرب الحدود، اليوم.

غزة تحت قصف متواصل

في قطاع غزة، يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية.

وقُتلت امرأة وطفلها خلال الليل في قصف إسرائيلي على منزل في مخيم البريج بوسط القطاع المحاصر والمدمّر جراء نحو 10 أشهر من الحرب.

وأعلن الجيش أنه «يواصل تفكيك البنى التحتية الإرهابية» في وسط قطاع غزة وفي منطقة رفح (جنوب).

في الضفة الغربية المحتلة، قُتِلَ 5 أشخاص في ضربة إسرائيلية، حسب ما أفادت «وكالة الأنباء الفلسطينية» ومدير مستشفى وشاهد. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف «خلية» مسلحة في محافظة طولكرم.

وقال مدير مستشفى ثابت ثابت الحكومي بطولكرم، في بيان: «وصل 5 شهداء إلى المستشفى إثر غارة شنتها مسيرات إسرائيلية على مركبة فلسطينية قرب قرية زيتا».

وأوردت وكالة «وفا» أن «طائرة الاحتلال المسيرة قصفت بصاروخين مركبة كان يستقلها 5 شبان، ما أدى إلى استشهادهم، واشتعال المركبة بشكل كامل بمن فيها».

وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي لوكالة «فرانس برس»: «قصف سيارة تقلّ 5 إرهابيين (...) كانوا على وشك تنفيذ هجوم إرهابي».

وتعهّد نتانياهو بالقضاء على «حماس» رداً على هجومها الذي أشعل الحرب في قطاع غزة، وأسفر عن 1197 قتيلاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد لوكالة «فرانس برس» استناداً إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

كما خطف المهاجمون 251 شخصاً ما زال 111 منهم محتجزين في غزة، بينهم 39 يقول الجيش إنهم قُتلوا.

وتسبّب القصف الإسرائيلي المدمّر والهجوم على قطاع غزة بمقتل 39550 شخصاً، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس».


مقالات ذات صلة

«حماس» تبدأ عملية اختيار رئيس جديد لمكتبها السياسي

المشرق العربي متظاهر يحمل لافتة عليها صورة إسماعيل هنية خلال مسيرة احتجاجية على اغتياله في الرباط (إ.ب.أ)

«حماس» تبدأ عملية اختيار رئيس جديد لمكتبها السياسي

أصدرت حركة «حماس» بياناً، السبت، قالت فيه إنها «باشرت بإجراء عملية تشاور في مؤسساتها القيادية والشورية لاختيار رئيس جديد للحركة» بعد اغتيال رئيس مكتبها السياسي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رجل يقود دراجته أمام لوحة إعلانية تحمل صور هنية وسليماني وفؤاد شكر على الطريق الرئيسي بالقرب من مطار بيروت الدولي (أ.ف.ب)

«الحرس الثوري» يعزز فرضية «الاختراق المحلي» في اغتيال هنية

حاول «الحرس الثوري» الإيراني احتكار رواية اغتيال إسماعيل هنية، وقال أخيراً إن «صاروخاً قصير المدى» ضرب مقر إقامته بطهران، ما قد يعزز احتمالات وجود اختراق محلي.

«الشرق الأوسط» (طهران - لندن)
شؤون إقليمية امرأة إيرانية تحمل ملصقاً يظهر الأمين العام الراحل لحركة «الجهاد» فتحي الشقاقي والعالم الإيراني محسن فخري زاده والقائد العراقي أبو مهدي المهندس وزعيم «حماس» إسماعيل هنية ورئيس «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني والقيادي في «حزب الله» عماد مغنية (أ.ف.ب)

بينهم ضباط كبار... إيران تعتقل العشرات بعد اغتيال هنية

اعتقلت إيران أكثر من عشرين شخصاً، من بينهم ضباط استخبارات كبار ومسؤولون عسكريون وموظفون في دار ضيافة يديرها الجيش في طهران

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جانب من جنازة إسماعيل هنية في طهران الخميس (أ.ب)

الموساد «استأجر عملاء إيرانيين» لزرع قنابل بمقر إقامة هنية

أفاد تقرير لصحيفة «التلغراف» أن الموساد وظف عملاء أمن إيرانيين لزرع متفجرات في ثلاث غرف منفصلة في مبنى كان يقيم فيه هنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) يعقد مشاورات مع سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان (د.ب.أ)

وسط مخاوف من تعطل الاتصالات... إسرائيل  تزود وزراءها بهواتف «أقمار اصطناعية»

وزعت السلطات الإسرائيلية هواتف تعمل عبر الأقمار الاصطناعية على وزراء الحكومة استعداداً للانتقام المحتمل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

آلاف الفلسطينيين يتظاهرون في الضفة نصرة للمعتقلين في سجون إسرائيل

من مظاهرات الفلسطينيين احتجاجاً على ظروف الاعتقال في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
من مظاهرات الفلسطينيين احتجاجاً على ظروف الاعتقال في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

آلاف الفلسطينيين يتظاهرون في الضفة نصرة للمعتقلين في سجون إسرائيل

من مظاهرات الفلسطينيين احتجاجاً على ظروف الاعتقال في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
من مظاهرات الفلسطينيين احتجاجاً على ظروف الاعتقال في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

نزل الآلاف إلى شوارع الضفة الغربية المحتلة، اليوم (السبت)، احتجاجاً على ظروف اعتقال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، في ظل تقارير عن تعرُّضهم للتعذيب وارتكاب انتهاكات بحقهم.

ورفع المشاركون في تحركات احتجاجية شملت مدينتي رام الله ونابلس، صوراً لأقاربهم المعتقَلين لدى الدولة العبرية، ورددوا هتافات، منها: «ولو خضعت كل الدنيا لن نعترف بإسرائيل».

وقالت لطيفة أبو حميد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على هامش مظاهرة في رام الله: «من عشرة أشهر لا نعرف أي شيء عن أولادنا. نريد أن نطمئن على أولادنا، نريد أن نراهم. نريد أن نعرف ما وضعهم». وتابعت: «أنا أم لأربعة أسرى كلهم من المحكومين مدى الحياة. نريد أولادنا. أنا أطالب باسمي وباسم جميع أمهات الأسرى... نريد أن نرى أولادنا».

من مظاهرات الفلسطينيين احتجاجاً على ظروف الاعتقال في السجون الإسرائيلية (أ.ب)

وأعلنت الأمم المتحدة في تقرير، هذا الأسبوع، أن إسرائيل احتجزت آلاف الفلسطينيين الذين اعتقلتهم منذ اندلاع الحرب في غزة، في معتقلات سرية في أكثر الأحيان، وتعرضوا في بعض الحالات لمعاملة يمكن أن تُوصَف بالتعذيب.

وقال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) نُقل آلاف الفلسطينيين، من بينهم مسعفون ومرضى ومقاتلون أسرى، من غزة إلى إسرائيل «مقيدين عادة ومعصوبي الأعين»، بينما تم اعتقال آلاف آخرين في الضفة الغربية وإسرائيل.

وبحسب «نادي الأسير الفلسطيني»، يتجاوز عدد المعتقلين في السجون الإسرائيلية حالياً عتبة 9700 شخص، بينهم المئات من المعتقلين الإداريين.

ووفق تقديرات الجمعية، تضاعف عدد الاعتقالات التي تنفذها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق.

وأكد مكتب المفوض السامي في تقريره أن المعتقلين «احتُجِزوا في الغالب في معتقلات سرية، دون إعطائهم سبباً لاحتجازهم أو السماح له بالاتصال بمحامٍ أو بمراجعة قضائية فاعلة».

ولم تعلق إسرائيل على الفور على التقرير، لكنها رفضت تقارير سابقة أفادت بأن سجونها يُطبَّق فيها القانون الدولي. وصدر التقرير الأممي غداة استجواب الشرطة العسكرية الإسرائيلية لجنود تم اعتقالهم للاشتباه في اعتدائهم جنسياً على معتقل فلسطيني.

من مظاهرات الفلسطينيين احتجاجاً على ظروف الاعتقال في السجون الإسرائيلية (رويترز)

وقضى ما لا يقل عن 53 معتقلاً من غزة والضفة الغربية قيد الاعتقال الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب في غزة، 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وفق التقرير.

وقالت أم عبد الله حامد: «حالنا حال أي أهل أسير. أنا أسرايَ كثر. أنا أخي إبراهيم حامد 54 مؤبداً، ابني عبد الله حامد مؤبد و30 عاماً، ابن أخي 21 عاماً، ابن زوجي الصغير 17 عاماً». وأضافت: «نطلب من الله... أن يعجّل لهم بالفرج والحرية».