من ياسين إلى هنية... أشهر الاغتيالات في صفوف حركة «حماس»

فلسطينيون يحملون نعش الشيخ أحمد ياسين (على اليسار) خلال جنازته بمدينة غزة في 22 مارس 2004 (أ.ب)
فلسطينيون يحملون نعش الشيخ أحمد ياسين (على اليسار) خلال جنازته بمدينة غزة في 22 مارس 2004 (أ.ب)
TT

من ياسين إلى هنية... أشهر الاغتيالات في صفوف حركة «حماس»

فلسطينيون يحملون نعش الشيخ أحمد ياسين (على اليسار) خلال جنازته بمدينة غزة في 22 مارس 2004 (أ.ب)
فلسطينيون يحملون نعش الشيخ أحمد ياسين (على اليسار) خلال جنازته بمدينة غزة في 22 مارس 2004 (أ.ب)

مع اغتيال زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية صباح اليوم في طهران، يتجدد فتح ملف الاغتيالات الإسرائيلية لعناصر الحركة، التي تنفذها إسرائيل على مدار سنوات طويلة منذ نشوء الحركة في ثمانينات القرن الماضي.

وتبادلت إسرائيل وحركة «حماس» كثيراً من العمليات، وطالت كوادر في الفصائل الفلسطينية، وتوقفت هذه العمليات مؤقتاً خلال مفاوضات السلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتجددت مرة أخرى مع بداية حرب غزة.

أُسست «حركة المقاومة الإسلامية (حماس)» عام 1987 بعد اندلاع الانتفاضة الأولى، وأعلنت عن نفسها آنذاك جناحاً من أجنحة «الإخوان المسلمين» في فلسطين، قبل أن تعدل الميثاق بوثيقة جديدة العام الماضي وتتنصل من «الإخوان» في ظل تقارب مع النظام المصري. تعرّف الحركة نفسها على أنها حركة مقاومة شعبية وطنية تعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وخلاصه من الظلم وتحرير أرضه من الاحتلال. وأعلنت الحركة عن تأسيس جناحها العسكري «كتائب الشهيد عز الدين القسام» بنهاية عام 1991، وأخذت نشاطات «القسام» تتسع وتتصاعد. وعام 1994 أعلنت الحركة «حرباً شاملة» ضد إسرائيل، تلتها عمليات تفجيرية عدة قادها المهندس يحيى عياش، الذي عُدّ لعامين بعد ذلك، حتى اغتياله في غزة، بطلاً أقلق أجهزة الأمن الإسرائيلية. وواجهت الحركةُ سلطةَ الحكم الذاتي، التي جاء بها الرئيس الراحل ياسر عرفات؛ لكنه كان أكثر جماهيرية ورمزية. وبانطلاق «الانتفاضة الثانية» عام 2000. دخلت «حماس» مواجهة «كسر العظم» مع الإسرائيليين، بعد تنفيذها عمليات عدة كبيرة في العمق الإسرائيلي، وتميزت عمليات الحركة بإسقاط أكبر عدد من القتلى، فردت إسرائيل بسلسلة اغتيالات طالت قادة ورموز «حماس»؛ وبينهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي قاد «حماس» بعد ياسين، وصلاح شحادة القائد العام لـ«كتائب القسام». تركز الطرح السياسي والآيديولوجي لحركة «حماس» على فكرة التحرير «من البحر إلى النهر»؛ أي كلّ فلسطين.

وفيما يلي رصد لأشهر الاغتيالات التي طالت عناصر من حركة «حماس»:

الشيخ أحمد ياسين

ولد الشيخ ياسين في عام 1938، وبعد إصابته بالشلل إثر حادث تعرض له في مرحلة الشباب، كرس حياته للدراسات الإسلامية. انضم ياسين إلى الجناح الفلسطيني من جماعة الإخوان المسلمين، ولكنه لم يشتهر إلا في الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت عام 1987، ثم أصبح رئيساً لتنظيم جديد هو «حركة المقاومة الإسلامية» أو «حماس».

وألقت إسرائيل القبض عليه عام 1989، وأصدروا بحقه حكماً بالسجن مدى الحياة، وأطلق سراحه في عملية تبادل عام 1997 مقابل عميلين إسرائيليين كانا قد حاولا اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان.

في 2003 تعرض ياسين لمحاولة اغتيال إسرائيلية باستهداف مروحيات إسرائيلية شقة في غزة كان يوجد فيها وكان يرافقه إسماعيل هنية، وأصيب خلالها بجروح طفيفة في ذراعه اليمنى.

هنية مع الشيخ ياسين (رويترز)

وفي 22 مارس (آذار) 2004 قتل أحمد ياسين بهجوم شنته مروحيات إسرائيلية بإطلاق 3 صواريخ عليه وهو خارج على كرسيه المتحرك من مسجد «المجمّع الإسلامي» في حي الصبرة بقطاع غزة.

عبد العزيز الرنتيسي

طبيب، وسياسي فلسطيني، ولد عام 1947، وتخرج في كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1972، ونال منها لاحقاً درجة الماجستير في طب الأطفال، ثم عمل طبيباً في «مستشفى ناصر» في خان يونس عام 1976.

وهو أحد مؤسسي حركة «حماس»، وتعرض للاعتقال مرات عدة خلال عمله السياسي، ونجا من محاولة اغتيال في يونيو (حزيران) عام 2003 عندما أطلقت طائرة إسرائيلية صاروخاً على السيارة التي كان يستقلها في قطاع غزة، لكنه أصيب بجروح فقط.

بعد أقل من شهر من توليه قيادة «حماس» بعد مقتل الشيخ أحمد ياسين، اغتالته إسرائيل في 17 أبريل (نيسان) 2004 بعد إطلاق مروحية إسرائيلية صاروخاً على سيارته في قطاع غزة.

صلاح شحادة

هو القائد العام لـ«كتائب القسام»، التي عرفت باسم «المجاهدون الفلسطينيون». تأسست «الكتائب» عام 1991، أي بعد 4 سنوات من انطلاقة حركة «حماس» الأم عام 1987. ويعدّ صلاح شحادة وعماد عقل ويحيى عياش من أبرز مؤسسيها إلى جانب آخرين، واغتالتهم إسرائيل جميعاً.

اعتقل شحادة لسنوات خلال مسيرته السياسية، وورد اسمه على رأس أكثر من لائحة إسرائيلية للمطلوبين الفلسطينيين.

في 22 يوليو (تموز) 2002 ألقت طائرة حربية قنبلة تزن أكثر من طن على منزل في حي الدرج شرق مدينة غزة أدت إلى مقتله و18 شخصاً بينهم زوجته ومرافقه القيادي في «كتائب القسام» زاهر نصار.

عماد عقل

أحد أشهر المقاتلين في قطاع غزة، ونفذ عمليات عدة؛ منها كمين لدورية إسرائيلية في ديسمبر (كانون الأول) 1992، على طريق بيت لاهيا - الشجاعية، ما أدى لمقتل ضابط وجنديين إسرائيليين. لاحقاً قتل عماد عقل عام 1993في اشتباك مسلح بعد محاصرته في حي الشجاعية.

يحيى عياش

يعرف باسم «المهندس»، ونشط في صفوف «كتائب عز الدين القسام» منذ مطلع عام 1992 وتركز نشاطه في مجال تركيب العبوات الناسفة من مواد أولية متوفرة في الأراضي الفلسطينية. وطور لاحقاً أسلوب الهجمات عقب «مذبحة المسجد الإبراهيمي» في فبراير (شباط) عام 1994، وعدّ مسؤولاً عن سلسلة الهجمات؛ مما جعله هدفاً مركزياً لإسرائيل.

ظل ملاحقاً 3 سنوات حتى اغتيل بعد أن جنّدت إسرائيل لملاحقته مئات العملاء والمخبرين.

اغتيل في بيت لاهيا شمال قطاع غزة في 5 يناير (كانون الثاني) عام 1996 باستخدام عبوة ناسفة زرعت في هاتف جوال كان يستخدمه عياش أحياناً. خرج في جنازته نحو نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة وحده.

جمال سليم وجمال منصور

هما من كبار قادة حركة «حماس» في الضفة الغربية. في عام 2001 قصفت طائرات إسرائيلية بالصواريخ «مكتب الإعلام والدراسات» التابع لحركة «حماس» في مدينة نابلس بالضفة الغربية وقتلت القياديين.

إسماعيل أبو شنب

أحد أبرز قادة «حماس» السياسيين وأكثرهم حمائمية، وفي يونيو 2003 أطلقت إسرائيل 5 صواريخ على سيارة أبو شنب في غزة. وقتل في العملية أيضاً اثنان من مرافقي أبو شنب وأصيب 15 مدنياً.

يعدّ أبو شنب من مؤسسي «الجمعية الإسلامية» في غزة عام 1976 التي واكبت ظهور «المجمع الإسلامي»، وهما المؤسستان اللتان خرجت من رحمهما حركة «حماس» عام 1987.

أحمد الجعبري

اغتيل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، بصاروخ موجه من طائرة على سيارته التي كان يقودها بنفسه في غزة. وكان الجعبري من رجال «حماس» الذين طوردوا لوقت طويل قبل أن يتخلى عن حذره.

أحمد الجعبري القائد في «كتائب القسام»... (وسائل إعلام فلسطينية)

كانت إسرائيل تتهمه بقيادة «القسام» ميدانياً، وتصفه بـ«رئيس أركان حماس». عرف عن الجعبري في إسرائيل أنه من وقف وراء خطف الجندي جلعاد شاليط، وكان هو من نقله إلى مصر بعد توقيع اتفاقية إطلاق سراحه. وأدى اغتيال الجعبري إلى اندلاع حرب «عامود السحاب».

محمود أبو هنود

أحد أبرز قادة «القسام» في الضفة الغربية. نجا من أكثر من محاولة اغتيال، واغتيل في 2001 بصواريخ على سيارته قرب نابلس.

إبراهيم المقادمة

أحد أبرز قادة حركة «حماس» ومفكريها، واغتيل في شهر مارس 2003 بصواريخ على سيارته.

نزار ريان

أحد أبرز قادة «حماس» السياسيين، وكان على صلة وثيقة بـ«القسام». وقصفت إسرائيل منزله في يناير 2009 فقضى مع زوجاته و7 من أبنائه و5 مدنيين.

عدنان الغول

اغتيل في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2004 في غزة، وكان أحد أكبر قادة «القسام»، ويعدّ من الجيل الأول من قياديي ومؤسسي «القسام»، وكان من مساعدي يحيى عياش. تمكن الغول؛ الذي درس الهندسة في الخارج، من تصنيع القنابل والصواريخ والقذائف محلياً، مما أكسب حركة «حماس» قدرات جديدة لم تكن تملكها سابقاً.

سعيد صيام

اغتيل في يناير 2009 بقصف على منزل في غزة. كان وزير الداخلية في حكومة «حماس». كان متشدداً بالنسبة إلى إسرائيل ومؤسس القوة التنفيذية للحركة. نجا من محاولات اغتيال كثيرة قبل أن تنجح طائرات سلاح الجوّ في اغتياله مع أحد أشقائه.

محمد أبو شمالة ورائد العطار ومحمد برهوم

كانوا من قيادات الصف الأول في «القسام»، واغتيلوا بصواريخ فتاكة أطلقت على عمارة كانوا بداخلها في رفح جنوب القطاع في أغسطس (آب) 2014.

اغتيالات ما بعد «7 أكتوبر» وحرب غزة

لم يتوقف سلاح الاغتيالات؛ وهو من أدوات إسرائيل التي تستخدمها بشكل مكثف ضد «حماس»، وعاد إلى المشهد مجدداً مع بداية اندلاع حرب غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.

ومن أبزر القيادات التي اغتيلت منذ بداية الحرب:

مروان عيسى

هو اليد اليمنى لمحمد الضيف، وهو أحد الأهداف ذات الأولوية للوحدة الخاصة في «الشين بيت (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي)» و«الموساد (جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي)»، المسماة «نيلي»، والتي أنشئت لتعقب المسؤولين عن هجوم «7 أكتوبر» والقضاء عليهم.

ونجا نائب رئيس الجناح العسكري لحركة «حماس» من محاولات اغتيال عدة؛ إحداها في عام 2006، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية. كان يشارك وقتها في اجتماع حضره أيضاً محمد الضيف أو «الضيف». ووفق المصدر نفسه، فقد تعرض منزله للقصف مرتين، عامي 2014 و2021. ولم تؤكد «حماس» أو إسرائيل اغتياله، بل جاء الإعلان عن مقتله من الجانب الأميركي.

في إسرائيل يقولون إن «الحرب النفسية مع (حماس) لن تنتهي ما دام مروان عيسى على قيد الحياة»، وفق ما أوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت».

أيمن نوفل

أعلنت «حماس» في 17 أكتوبر الماضي مقتل اثنين من قيادييها برفقة عائلتيهما جراء قصف شنه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، ثم أعلنت مقتل قيادي ثالث.

ووفق «وكالة أنباء العالم العربي»، فقد ذكرت الحركة أن القياديين هما تيسير إبراهيم ووائل الزرد، متوعدة بـ«الرد المتين والعميق» على هجمات الجيش الإسرائيلي. وأعلنت لاحقاً مقتل أيمن نوفل القائد العسكري في الجناح المسلح بقصف إسرائيلي على مخيم البريج في وسط قطاع غزة.

لعب دوراً في تطوير المنظومة الصاروخيّة لـ«حماس»، وهو من المخططين لعملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. كما أنه مقرب من الرجل الثاني في «القسام» مروان عيسى.

المبحوح

في مارس الماضي، قتلت إسرائيل فائق المبحوح القيادي في حركة «حماس» الذي كان يتولى مهمة التنسيق مع العشائر و«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)»؛ لإدخال وتأمين المساعدات الإنسانية لشمال القطاع.

رئيس مديرية العمليات التابعة لجهاز الأمن الداخلي بحركة «حماس» فائق المبحوح الذي قتلته إسرائيل في قطاع غزة (إكس)

صالح العاروري

قتل القيادي في حركة «حماس» ورئيس مكتبها السياسي صالح العاروري في يناير الماضي خلال غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية (معقل «حزب الله» اللبناني) ببيروت، وأفادت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» بأن 6 أشخاص قتلوا وأصيب آخرون في استهداف طائرة مسيّرة إسرائيلية مكتب «حماس» في الضاحية الجنوبية ببيروت.

وأضافت «الوكالة» أن عدداً من الجرحى سقطوا جراء الاستهداف الإسرائيلي لمكتب «حماس» في العاصمة اللبنانية.

عزام الأقرع

هو أحد مؤسسي «كتائب عز الدين القسام»؛ الذراع العسكرية لـ«حماس»، وأحد مُبْعَدِي مرج الزهور في لبنان. اغتيل في 2 يناير الماضي مع صالح العاروري في الضاحية الجنوبية ببيروت.

جميلة الشنطي

هي نائب عن «حماس» وعضو في مكتبها السياسي، كما تعدّ أول امرأة تشغل عضوية المكتب السياسي للحركة. اغتيلت في 18 نوفمبر الماضي.

أسامة المزيني

قيادي بارز في الحركة، فهو رئيس مجلس الشورى. اغتيل في 21 أكتوبر الماضي بقصف على غزة، وهو صهر الشيخ أحمد ياسين، وبرز اسمه في غزة خلال مدة أسر الجندي جلعاد شاليط من عام 2006 حتى 2011.


مقالات ذات صلة

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (الموقع الرسمي للمحكمة) play-circle 02:06

ما حيثيات اتهامات «الجنائية الدولية» لنتنياهو وغالانت والضيف؟

مع إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت والقيادي في «حماس» محمد الضيف، إليكم أبرز ما جاء في نص المذكرات.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي «كتائب القسام» تعلن أن مقاتليها تمكنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا (رويترز)

«كتائب القسام» تقول إنها قتلت 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك بشمال قطاع غزة

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، الخميس، أن مقاتليها تمكّنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
TT

النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)

خرج يوسف زريق (70 سنة) نازحاً من بلدته شقرا الجنوبية، منذ بدء الحرب الموسعة على لبنان في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى إحدى قرى شرق صيدا، وبعد 16 يوماً من النزوح خضع لجلسة العلاج الكيميائي الأولى، في مستشفى سبلين الحكومي.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «دواء الوزارة متوفر، لكن الطبيب المتابع ارتأى، بسبب وضعي الصحي ونتائج الفحوص التي أجريت لي، استبدال دواء آخر به، لا تؤمّنه الوزارة، دفعت ثمنه 62 دولاراً، وهي كلفة مرتفعة عليّ، ونحن نازحون، نحاول تأمين احتياجاتنا الأساسيّة والضرورية جداً ليس أكثر»، خصوصاً أن غالبية الناس، ممن نزحوا من مناطقهم، توقفت مصالحهم وأشغالهم، ولا مصدر رزق لهم، ولا يعلمون متى ستنتهي الحرب، وإن كانت أرزاقهم وبيوتهم لا تزال صامدة أو دمرتها الغارات الإسرائيلية.

وزريق، واحد من اللبنانيين المصابين بالأمراض المستعصية والمزمنة، الذين تضاعفت معاناتهم بفعل النزوح، بعدما انتقلوا للعيش في مراكز الإيواء ومساكن مستأجرة، وهم يحتاجون للعلاج والمتابعة المستمرة مثل مرضى السرطان وغسيل الكلى والقلب وغيرها.

ويشكو زريق من «عدم وجود جمعيات أو أيّ جهة تساعد في دفع تكاليف الدواء الخاص بجلسات أو بعلاج مرضى السرطان، على عكس أدوية الضغط والسكري والدهن، المتوفرة في كل مكان».

ويحتاج زريق راهناً إلى صورة أشعة لا تتوفر سوى في المستشفيات الخاصة، أو في المستشفى الحكومي في طرابلس (شمال لبنان) كما يقول، ومن الصعب عليه جداً أن يتنقل على الطرقات في لبنان بسبب تصاعد وتيرة الغارات والاستهدافات الإسرائيلية في غالبية المناطق، في حين كان يجريها سابقاً في أحد مشافي النبطية.

وقد تمّ تحويل مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي والإشعاعي إلى أقسام العلاج النهاري في المستشفيات القريبة لأماكن النزوح، لكن مشاكل عديدة واجهت كثيراً منهم.

مشكلة سابقة للحرب

وعن واقع المرضى والصعوبات والتحديات في ظل النزوح والحرب، يقول رئيس جمعية «بربارة نصّار»، هاني نصّار، لـ«الشرق الأوسط»: «من المعروف في لبنان أن مشكلة مرضى السرطان سابقة لوجود الحرب، رغم التحسن الكبير الذي طرأ في هذا الخصوص لدى وزارة الصحة، لا سيّما لجهة المكننة وتأمين الدواء إلى أقرب صيدلية لمكان السكن أو المشفى الذي يتلقى فيه المريض العلاج، وهذا سهّل تأمين العلاج للنازحين».

ولهذه الغاية، طلبت الوزارة من جميع مرضى السرطان النازحين الاتصال على الخط الساخن رقم 1214 لإعلامها بمكان السكن الجديد. وقد نزح منذ بداية الحرب، أكثر من ألفي شخص مصاب بالسرطان، تبدلت ملفاتهم، وتحولت أدويتهم من منطقة إلى أخرى، وتمّ ترتيب أمورهم، حسبما يؤكد نصّار.

لكن المشكلة المزمنة، والقديمة، تكمن في قدرة المرضى الشرائية، والتي تدنت كما غالبية اللبنانيين الذين يعيشون تبعات الأزمة الاقتصادية والنقدية في البلاد؛ إذ يقول نصّار: «الحرب ليس لها تأثير أكبر من تأثير الأزمة الاقتصادية بحد ذاتها على مرضى السرطان؛ إذ تؤمن الوزارة بعض العلاجات بشكل مجاني وليس جميعها، ويتحمل المريض تكاليف كبيرة جداً أحياناً، وتصل كلفة الجلسة الواحدة إلى الألف دولار تقريباً».

مشكلة أخرى يشير إليها نصّار، وهي الأدوية التي رُفع عنها الدعم وليست معتمدة من قبل وزارة الصحة حالياً، ولا تتكفل بإعطائها لمرضى السرطان، وتصل كلفتها إلى 6 و8 آلاف دولار، تؤمن الوزارة البديل عنها أحياناً، لكنه عادة يكون أقل فاعلية.

ووفق نصّار، «أحياناً كثيرة لا يتوافر البديل، كدواء مرضى سرطان المبيض الذي تبلغ تكلفته 6 آلاف دولار، وبالتالي تنجو الفتاة في حال كان لديها القدرة على تأمينه من لبنان أو خارجه، وتفقد حياتها في حال العكس، وللأسف الحالات المماثلة كثيرة». مع العلم أن هناك العديد من الأدوية المزورة التي تصل إلى أيدي مرضى السرطان.

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مرضى الفشل الكلوي

تتوسع المعاناة لتشمل معظم مرضى الأمراض المستعصية من النازحين. ويُعدّ علي عز الدين (56 سنة) واحداً من بين نازحين كثر يعانون من الفشل الكلويّ، ويحتاجون لإجراء غسيل كلى دورياً، بمعدل ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أبحث عن مستشفى ألجأ إليه لإجراء غسيل الكلى، ومن ثمّ أؤمن مسكني، لذا تنقلت بين منطقتين، قبل أن أستقر راهناً في منطقة الروشة على مقربة من مستشفى رفيق الحريري الحكومي».

مرّ أكثر من أسبوع على بدء الحرب الموسعة (23 سبتمبر)، حتّى تمكن عز الدين من الخروج من منزله في بلدة العباسية، قضاء صور، لكن «قبلها أرسلت عائلتي إلى مكان أكثر أماناً، وبقيت أنا لوحدي هناك، كي أجري جلسات غسيل الكلى في موعدها ومن دون انقطاع في مستشفى اللبناني - الإيطالي في صور، وإلّا ستتدهور حالتي الصحّية»، كما يقول، علماً بأن محيط المستشفى تعرض للغارات الإسرائيلية مرات كثيرة.

ويضيف: «بداية لم نتوقع أن الحرب ستطول والضربات ستكون متزايدة وكثيفة خلال مدة قصيرة جداً، إلى أن شعرت بأن المسألة خطيرة، وأن سقف المنزل سيقع على رأسي في أيّ لحظة. عشت تجربة القصف في صور، وخاصة حين كنت أتنقل بين المنزل والمشفى».

ويقول: «تمكنت من ترتيب أمور المستشفى الجديد، في قرنايل بالقرب من عاليه، حيث نزحت واستأجرت منزلاً في المرة الأولى للنزوح، أجريت 4 جلسات غسيل للكلى، لكن الطقس لم يلائمني هناك؛ برد قارس وضباب في المكان»، لينزح مرة أخرى إلى منطقة الروشة، حيث يوجد راهناً؛ كونها آمنة نسبياً حتّى الآن، وعلى مسافة قريبة من المستشفى.

يقارن عز الدين بين الأماكن التي تنقل بينها، وفي المستشفيان «لم يتغير عليّ شيء، سوى أن مدة الجلسة انخفضت من 4 إلى 3 ساعات، بسبب الضغط الهائل على المستشفيات التي نزح إليها المرضى. وللصراحة لم أعتد الأماكن الجديدة، فرغم أنني أعاني من الفشل الكلوي، فإنني كنت أعمل وأمارس حياتي بشكل طبيعي قبل بدء الحرب، والآن ننتظر أن تنتهي، ونعود إلى منازلنا وحياتنا وحتّى المستشفى الذي كنت فيه فقط».

وعن شعوره بالخوف في أثناء التنقل، قال: «بالطبع لدي مخاوف، خصوصاً أن لا شيء يردع إسرائيل؛ إذ إنها تقتل بلا رحمة وتدمر المقدسات، وبالتالي يسهل عليها قصفنا، ونحن على الطرقات وحتّى على أسرّة المستشفيات».

متطوعون يعدون وجبات الطعام للنازحين إلى مراكز إيواء مؤقتة في بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

أمراض أخرى أيضاً

تقصد عبير، النازحة من بلدتها في بنت جبيل إلى الفوار، قضاء زغرتا، أحد المستوصفات التي تقدم خدماتها للنازحين، لتحصل على الأدوية الضرورية التي تحتاج إليها وعائلتها؛ كالسكري والضغط والغدة والقلب.

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ نزحنا إلى هنا، قبل نحو شهرين، قصدت المركز مرتين، وفي المرتين حصلت على ما يحتاج إليه والديّ، فهما يعانيان من أمراض مزمنة، ويحتاجان للدواء باستمرار، أو بالأحرى عند بداية كل شهر».

وتضيف: «يتوفر في المركز أيضاً أطباء باختصاصات مختلفة، وجميع هذه الخدمات كانت مجانية»، لافتة إلى أن الأدوية التي حصلت عليها كانت بديلاً متوفراً في المركز، وأن بعض الأدوية لم تتمكن من الحصول عليها في الزيارة الأولى، بسبب ازدياد طلب النازحين كما أخبروها.

وخصصت الوزارة الخط الساخن رقم 1787 للرد على أسئلة النازحين واستفساراتهم، وقد فاق عددهم أكثر من 1.5 مليون شخص أخرجوا من منازلهم في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، بفعل العدوان الإسرائيلي على لبنان.