أسلحة إسرائيلية ثقيلة لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية

اعتقالات في وزارة بن غفير... والشرطة تكشف فساداً في توزيع السلاح

مستوطنون مسلّحون في الضفة الغربية (أرشيفية - وفا)
مستوطنون مسلّحون في الضفة الغربية (أرشيفية - وفا)
TT

أسلحة إسرائيلية ثقيلة لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية

مستوطنون مسلّحون في الضفة الغربية (أرشيفية - وفا)
مستوطنون مسلّحون في الضفة الغربية (أرشيفية - وفا)

اعتقلت وحدة التحقيقات الخاصة بجرائم الاحتيال الكبرى في الشرطة الإسرائيلية، الثلاثاء، 4 مشتبه بهم، وأوقفت 10 آخرين؛ للتحقيق معهم بشبهة إدارة شبكة إجرامية، عملت على استصدار رُخَص سلاح لأي شخص مقابل رشوة. وذكرت الشرطة أن أحد المعتقلين موظف بدائرة ترخيص الأسلحة في وزارة الأمن القومي، التي يقودها الوزير إيتمار بن غفير، ويشتبه بأنه تلقّى رشاوى مالية تقدّر بمئات آلاف الدولارات.

وتأتي هذه القضية في أعقاب المشروع الذي قاده بن غفير قبل 10 أشهر، مستغِلّاً هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على بلدات غلاف غزة، الذي تم بموجبه توزيع حوالي 150 ألف قطعة سلاح، بدعوى تمكين المواطنين من صد هجمات مشابهة في المستقبل.

وعلى رغم تحذير الكثير من الخبراء، وبينهم جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، بأن هذه الخطوة متسرّعة، ومن شأنها أن تفتح الأبواب أمام وقوع الأسلحة بأيدي العالم السفلي ومنظمات الجريمة المنظمة، وجهات معادية لإسرائيل في الضفة الغربية، فقد أصرّ بن غفير على خطته، وحظي بدعم الحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو.

وتشتبه الشرطة في أن مئات الأشخاص الذين لم يستوفوا شروط الحصول على رخصة سلاح، دفعوا رشاوى للمشتبه بهم في القضية من أجل الحصول على رُخَص حمل تلك الأسلحة.

وتشير الشبهات إلى أن الموظف في دائرة ترخيص الأسلحة أصدر الرُّخَص، بينما المعتقلون الثلاثة الآخرون توسّطوا بينه وبين مئات الأشخاص الذين حصلوا على رُخَص لحمل السلاح من دون أن يستوفوا الشروط.

ووفقاً للشبهات فإن الموقوفين الـ10 الآخرين نقلوا الطلبات للحصول على التراخيص، وكذلك أموال الرشوة.

وحسب الشرطة، فإن الموظف المعتقل لا يتولى إحدى وظائف الثقة الذين عينهم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ولكن تم تأهيل هذا الموظف لوظيفته ببرنامج متسرّع وغير مهني.

وأضافت الشرطة أنه في موازاة ذلك يجري فحص شبهات أخرى حول أشخاص عيّنهم بن غفير في وظائف ثقة في الوزارة، لكن لا علاقة لهم بملف الرشاوى هذا. وأفادت الشرطة أيضاً بأن التحقيق لا يزال مستمراً، وفي إطاره يجري التحقيق مع موظفين في مناصب رفيعة في وزارة الأمن القومي.

وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير داخل المسجد الأقصى 17 يوليو (أ.ف.ب)

وفي حينه نشرت صحيفة «هآرتس»، تقريراً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كشفت فيه عن أن وزارة الأمن القومي عيّنت أشخاصاً لا يملكون صلاحيات قانونية، بهدف المصادقة على تراخيص حمل السلاح، وبينهم أشخاص يعملون في مكتب بن غفير، ومقرّبون منه، وموظفون في الكنيست، الذين وزّعوا آلاف تراخيص السلاح.

وفي شهر ديسمبر (كانون الأول)، قدّم رئيس شعبة الأسلحة النارية في وزارة الأمن القومي الإسرائيلية، يسرائيل أفيسار، استقالته من منصبه، في أعقاب مصادقة مساعدين ومقرَّبين من وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، على إصدار رُخَص حمل سلاح لمواطنين من دون أن يكونوا مخوّلين بذلك بشكل قانوني، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، الاثنين.

وقال أفيسار إن المقربين من بن غفير أقاموا «غرفة عمليات» في مكتب الوزير بالكنيست (البرلمان)، وأنه تعالى تخوُّفٌ من أنهم حاولوا منح أفضلية لقسم من طلبات الحصول على تراخيص حمل السلاح. وتواجد في «غرفة العمليات» 82 شخصاً من العاملين في مكتب بن غفير والكنيست، ومجندات للخدمة القومية، وتم وصفهم بأنهم «موظفو ترخيص مؤقتون»، وأن مدة تأهيلهم استمرت يوماً واحداً فقط، بينما مدة التأهيل الرسمية تستمر لشهر.

شروط حمل السلاح

يتعيّن على موظفي الترخيص أن يفحصوا المرشحين للحصول على رخصة حمل سلاح، والتأكد من حالتهم الصحية وقدراتهم العقلية كي يحملوا السلاح، إلى جانب التدقيق في جميع المؤهلات المطلوبة. وقالت مصادر أمنية إن هؤلاء «الموظفين المؤقتين» صادَقوا في حينه على عشرات آلاف الرُّخَص لحمل سلاح لمواطنين، بينما أظهرت عملية مراقبة أنه تم منح رُخَص لمن لم يستوفوا معايير الحصول على هذه الرُّخَص. وقال مسؤول أمني يومها إن «هذا الأداء وصفة لوقوع كارثة، إنهم يوزّعون سلاحاً كأنهم يوزّعون حلوى، لكن رخصة حمل سلاح ليست لعب أولاد، ولا توجد في الوزارة اليوم أي رقابة تقريباً».

فلسطيني يعبر أمام منزل مدمّر يعود لمحمد المناصرة المتهم بقتل مستوطنين إسرائيليين قرب رام الله (أ.ف.ب)

يُذكَر أن بن غفير سعى منذ تولّيه منصبه إلى تسهيل شروط إصدار رُخَص حمل سلاح، وسعى إلى تخفيف الشروط أكثر منذ بدء الحرب الحالية على غزة، حيث وصل عدد الطلبات إلى 255 ألفاً. وادّعى بن غفير في تعقيبه أن «سياسة الوزير لتوزيع الأسلحة على مواطني إسرائيل الذين يستوفون الشروط واضحة ومستمرة، ومن لا يستمر في تنفيذ هذه السياسة بموجب تعليمات الوزير، وتوتر بسبب تهجمات اليسار في لجنة كهذه أو تلك في الكنيست، لا يمكنه أن يستمر في منصبه بصفته رئيس شعبة الأسلحة النارية، وإسرائيل في حرب، وعلينا الخروج من التصور المعتاد».

وقد كشفت المخابرات الإسرائيلية عن وصول أسلحة إسرائيلية كثيرة خلال الحرب إلى الضفة الغربية، قسم منها سُرق أو تم تهريبه من معسكرات الجيش خلال الحرب، وقسم منها جاء من مشروع بن غفير. وعُثر قبل أيام على صواريخ في مدينة الخليل.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

هل ستدفع مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت حكومات لتقليص اتصالاتها مع إسرائيل؟

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن خبراء ومسؤولين أن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت ستدفع بعض الحكومات لتقليص اتصالاتها مع نتنياهو وغيره من المسؤولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».