بوتين يُحذر الأسد من اتجاه التوتر في الشرق الأوسط نحو التوسع

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل الرئيس بشار الأسد بالكرملين الأربعاء في زيارة غير معلنة سابقاً (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل الرئيس بشار الأسد بالكرملين الأربعاء في زيارة غير معلنة سابقاً (أ.ف.ب)
TT

بوتين يُحذر الأسد من اتجاه التوتر في الشرق الأوسط نحو التوسع

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل الرئيس بشار الأسد بالكرملين الأربعاء في زيارة غير معلنة سابقاً (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل الرئيس بشار الأسد بالكرملين الأربعاء في زيارة غير معلنة سابقاً (أ.ف.ب)

في الوقت الذي حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، في زيارة غير معلن عنها، من ازدياد «توتر الوضع» في المنطقة، كان رد الرئيس السوري، أن كلاً من سوريا وروسيا «مرّتا بتحديات صعبة واستطاعتا تجاوزها دائماً»، وفق ما أفادت به وسائل الإعلام الرسمية السورية، صباح الخميس.

وقالت إن الرئيس السوري قام بـ«زيارة عمل» إلى روسيا، والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحث معه «مجمل جوانب العلاقات بين البلدين، كما بحث الوضع في منطقة الشرق الأوسط والتطورات المتسارعة التي تعيشها، وجوانب التنسيق المشترك للتعامل معها».

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، عن الرئيس الأسد، قوله خلال لقاء الرئيس بوتين، أنّ كلاً من سوريا وروسيا مرّتا بتحديات صعبة واستطاعتا دوماً تجاوزها، منوهاً بالثقة والمصداقية المتبادَلة التي تقوم عليها علاقات البلدين والشعبين.

بدوره، قال الرئيس بوتين، إن الوضع يزداد توتراً في الشرق الأوسط، معتبراً المباحثات مع الرئيس الأسد «فرصة لبحث كل التطورات والسيناريوهات المحتملة». مع الإشارة إلى وجود «فرص واعدة للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين سوريا وروسيا».

وأعلنت وسائل الإعلام الروسية عن الزيارة المفاجئة للرئيس السوري، صباح الخميس، وقالت إن لقاء بوتين مع الأسد جرى، يوم الأربعاء، في الكرملين بموسكو. وكشفت عن أن بوتين حذَّر الأسد من التصعيد في المنطقة، وقال: «أنا مهتم للغاية برأيك حول كيفية تطوّر الوضع في المنطقة ككل... للأسف هناك ميل نحو التصعيد، يمكننا أن نرى ذلك. وهذا يؤثر أيضاً بشكل مباشر على سوريا».

ورد الأسد: «بالنظر إلى كل الأحداث التي تجري في العالم أجمع وفي المنطقة الأوراسية، اجتماعنا اليوم يبدو مهماً للغاية لمناقشة جميع تفاصيل تطور هذه الأحداث ومناقشة الآفاق والسيناريوهات المحتملة».

من جانبها، نقلت وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك» عن الرئيس الروسي، قوله إنه يتطلع لبحث العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا وسوريا، «والتي لا تزال هناك أسئلة كثيرة بشأنها».

ونقلت الوكالة عن الرئيس السوري، تأكيده أهمية الاجتماع مع بوتين ووصفه العلاقات بين البلدين، بأنها «مرت باختبارات صعبة خلال العقود الماضية».

لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان في موسكو 11 يونيو (الخارجية التركية)

ردة الفعل الأولية بين المتابعين للملف السوري، كانت أن القصد من طرح الرئيس الروسي «توتر الوضع» هو احتمال التصعيد بين إيران وأذرعها في المنطقة من جهة، مع إسرائيل، ضمن تداعيات السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وإعادة ترتيب القوى والتحالفات في المنطقة، بما فيها تشجيع التقارب التركي - السوري.


مقالات ذات صلة

دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط»: قمة الأسد - إردوغان قبل نهاية العام

خاص الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف متحدثاً إلى الصحافيين (موقع الكرملين)

دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط»: قمة الأسد - إردوغان قبل نهاية العام

مصدر روسي: الطرفان السوري والتركي غير مستعدين لتطبيع العلاقات، لكن الحديث يدور «عن حاجة ملحة وضرورية لبدء اتصالات تركية - سورية لتسوية قضايا مهمة جداً للطرفين.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية استقبال الأسد لإردوغان في دمشق خلال 2009 (أرشيفية)

أنقرة تنفي تقارير عن لقاء إردوغان والأسد في موسكو

نفت أنقرة ما تردد بشأن عقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد في موسكو، الشهر المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي متداولة لطريق ريف دمشق الغربي المؤدي إلى بلدة كناكر

«الرفض» العنوان الأبرز للتسوية في كناكر بريف دمشق

لا يزال الرفض هو العنوان الأبرز للتسوية التي تسعى السلطات السورية، بالتعاون مع جهات محلية، إلى فرضها في بلدة كناكر بريف دمشق الغربي قريباً من محافظة القنيطرة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي خريطة انتشار القوات الخارجية في سوريا منتصف 2023 - 2024 (مركز «جسور»)

إيران لا تزال صاحبة النفوذ الأكبر على الأرض السورية

شهدت خريطة انتشار الوجود العسكري الأجنبي في سوريا «انخفاضاً محدوداً» بين منتصف عامَيْ 2023 و2024، حسب التحديث السنوي لمركز «جسور للدراسات».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي طفل سوري يحمل دلواً فارغاً في مخيم للنازحين بالقرب من سرمدا في محافظة إدلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

القضايا الشائكة بين سوريا وتركيا تجعل تطبيع العلاقات تدريجياً

يرى محللون أن تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق لا يمكن أن يحصل، إلا بشكل تدريجي وطويل الأمد نظراً للقضايا الشائكة بين الطرفين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تباين مواقف الإسرائيليين من خطاب نتنياهو أمام الكونغرس

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه الرابع أمام الكونغرس في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه الرابع أمام الكونغرس في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

تباين مواقف الإسرائيليين من خطاب نتنياهو أمام الكونغرس

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه الرابع أمام الكونغرس في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى إلقاء خطابه الرابع أمام الكونغرس في واشنطن (أ.ف.ب)

تباينت الآراء في إسرائيل حول خطاب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي ألقاه في الكونغرس الأميركي، يوم الأربعاء، ما بين مؤيد ومعارض. فهذا هو الخطاب الرابع لنتنياهو، الأمر الذي لم يحظ به قائد أجنبي آخر في تاريخ الولايات المتحدة، ولا حتى رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل الذي خطب أمام الكونغرس ثلاث مرات.

وأعدَّ نتنياهو خطابه، مع طاقم مساعديه، بطريقة تستدعي هذا التصفيق الحارّ، فهو يعرف العقلية السياسية الأميركية، فاختار جملاً قصيرة تخاطب العواطف. ويقول البعض: ربما كتب نتنياهو وراء كل جملة كهذه بين قوسين «تصفيق»، مثلما تُكتب السيناريوهات والمسرحيات.

وصفَّق أعضاء الكونغرس له 76 مرة بحرارة، و52 مرة وقفوا على أقدامهم، حتى عندما أجرى المقارنة التي لا يحبها الأميركيون، بين أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، و11 سبتمبر (أيلول) 2001، صفّقوا له. وانتبهوا، لاحقاً بعد الخطاب، إلى أن هذه المقارنة في غير مكانها. وقال إن إسرائيل لا تحمي نفسها فحسب، بل تحمي الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب: «فإذا لم ننجح في تصفية الإرهاب، فسيأتي الدور على أميركا»، فصفّقوا له، بل حتى عندما لسع الرئيس جو بايدن على تأخير إرسال القنابل الثقيلة، صفّق له الجمهوريون.

وبالتأكيد، قدر أنهم سيصفقون أيضاً عندما يتحدث عن التحالف بين البلدين، وعن الانتصار على الإرهاب، وعن محور الشر، وعن الحضارة في مواجهة البربرية، وبالتأكيد عند ذكر إيران 21 مرة في خطابه.

ويرى البعض أن التصفيق والوقوف على الأقدام هما ما أراده نتنياهو من هذا الخطاب؛ لأن ذلك يُظهره بصورة تختلف عن صورته الحالية؛ «المنبوذ» في بلده، والذي يُعد فاشلاً ومسؤولاً عن أخطر إخفاق أمني، ولا يجرؤ على إلقاء خطاب في أي مكان عام في إسرائيل، بينما يظهر بصفته شخصية مقبولة في الكونغرس. وهذا ما يريد أن يذكره الإسرائيليون له عندما يعود، مؤمّلاً أن يرتفع رصيده لدى الإسرائيليين، فترتفع أسهمه في استطلاعات الرأي.

متظاهرون في تل أبيب يطالبون بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)

ردود فعل أهالي الأسرى

اختلفت ردود الفعل الإسرائيلية بين السياسيين من جهة، والإعلاميين والخبراء وعائلات الأسرى من جهة أخرى. وانقسمت عائلات الأسرى إلى قسمين، بضع عشرات جلسوا أمام جهاز تلفزيون، واستمعوا إلى الخطاب، ونحو عشرة آلاف وضعوا شاشة كبيرة عرض فيها خطاب نتنياهو من دون صوت.

ووقف أقارب الأسرى يُلقي كل منهم خطاباً حتى انتهى خطاب نتنياهو. وبهذه الطريقة أرادوا التعبير عن عدم ثقتهم به. كان نتنياهو يحرك شفاهه، وأعضاء الكونغرس يقفون ويصفّقون، وعائلات الأسرى ترفض سماعهم، ويقول بعضهم: «ليس مهماً ما سيقول؛ لأنه لن يعلن عن التوصل إلى صفقة». وبانتهاء الخطاب، أصدروا بياناً هاجموا فيه الخطاب، وقالوا إنهم توقعوا أن يتجاهل قضيتهم وآلامهم، لأنه كان قد أرجأ سفر الوفد المفاوض الذي كان مقرراً أن يسافر، يوم الخميس، إلى الدوحة، لاستئناف محادثات مع الوسطاء بشأن صفقة التبادل المقترحة، إلى الأسبوع المقبل.

ردود فعل السياسيين

الرئيس هيرتسوغ باركَ نتنياهو، وأشاد بإبرازه محور الشر بقيادة إيران، لكنه ذكَّر بضرورة العمل على إطلاق سراح الأسرى، الذين تجاهلهم نتنياهو، في خطابه. وقال بيني غانتس، رئيس حزب «المعسكر الرسمي»، إنه «في الخارج لا يوجد ائتلاف ومعارضة، كلنا دولة إسرائيل. رئيس الوزراء عرَض موقف إسرائيل الرسمي، وأظهر بطولات جنودنا، وعرَض حلماً جميلاً، لكن المهم كيف نترجم الحلم إلى واقع». كما أشاد الوزير اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، بالخطاب قائلاً إن «القلب اليهودي مليء بالفخر برئيس الوزراء، والحفاوة التي حظي بها، والتي تُبين كم هي الشراكة قوية مع أميركا».

وكتبت ميري ريغف، وزيرة المواصلات، قائلة: «أعداؤنا هم أعداؤكم، نضالنا هو نضالكم، انتصارنا هو انتصاركم. كم في هذه الكلمات من عظمة وحكمة وحزم يتسم بها رئيس حكومتنا؛ نتنياهو. لقد حظينا بقائد تحسدنا عليه الدول. علينا تقويته واحتضانه والوقوف خلفه. حماه الله ليواصل قيادتنا».

في المقابل، قال يائير لبيد، رئيس المعارضة: «أمر مُخزٍ ومَعيب. تكلّم ساعة ولم يجد مناسباً القول إنه سيوقّع على صفقة تبادل الأسرى».

مظاهرة لعائلات رهائن إسرائيليين قرب الكونغرس قبل إلقاء نتنياهو خطابه أمام المُشرعين الأميركيين (رويترز)

ردود فعل الخبراء والإعلاميين

رون بن يشاي، معلِّق الشؤون الأمنية في موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» قال إن «الخطاب ممتاز ولكن غير ناجح». وأضاف: «باستثناء إعلان أن إسرائيل والولايات المتحدة طوّرا سلاحاً حديثاً وذكياً معاً جرى استخدامه في الرد على الهجوم الإيراني، لم يقل نتنياهو شيئاً جديداً. لقد حاول إعادة إسرائيل إلى مركز الخريطة السياسية الأميركية، وإعادة تشكيل إجماع بين الحزبين؛ الديمقراطي والجمهوري، حول إسرائيل، لكنه لم يفلح بذلك، فليس جميع النواب صفقوا له. وقد امتدح نتنياهو بايدن لأنه يحتاج إليه في الشهور الستة المقبلة».

الكاتب نير وولف قال، في صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، إن نتنياهو «جعل خطابه مهرجاناً، كما يبدو، فإن الرقص على الدماء لأغراض سياسية وحزبية ليس نهجاً إسرائيلياً فحسب، بل أيضاً أميركي». والمذيع أريه غولان قال: «مُخجل أن ترى رئيس حكومتك يتكلم مع الأميركيين بهذه العنجهية. هل يُعقل أن تقول للأميركيين إننا، الإسرائيليين، نحميكم؟! هل يُعقل أن تقارن أمامهم بين 7 أكتوبر و11 سبتمبر؟! ألم يكن من الأفضل أن يكون أكثر تواضعاً؟! كيف سيتعامل ترمب معه الآن بعد هذا التبجح؟!».

وقال براك ربيد، المعلِّق السياسي في موقع «واللا»، إن «نتنياهو عرَض صورة وردية جداً عن الحرب في غزة، وأوهم السامعين بأن النصر المطلق على مرمى حجر. لم يتطرق مطلقاً إلى الإخفاق السياسي والأمني والعسكري، الذي قاد إلى الحرب، ولم يقل للنواب الأميركيين إن أكبر مذبحة تعرَّض لها اليهود منذ المحرقة النازية جرت تحت قيادته ومسؤوليته».