مدير «سي آي إيه»: ضغوط متزايدة على السنوار لإنهاء الحرب... وكبار قادته سئموا القتال

زعيم حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار (رويترز)
زعيم حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار (رويترز)
TT

مدير «سي آي إيه»: ضغوط متزايدة على السنوار لإنهاء الحرب... وكبار قادته سئموا القتال

زعيم حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار (رويترز)
زعيم حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار (رويترز)

في مؤتمر مغلق يوم السبت، كشف مدير وكالة المخابرات الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز، أن وكالة المخابرات قدرت أن زعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار، يتعرض لضغوط مزدادة من قادته العسكريين لقبول اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب مع إسرائيل، بحسب ما نقلت شبكة «سي إن إن» عن مصدر حضر المؤتمر.

وقال بيرنز في المؤتمر إن السنوار، المهندس الرئيسي لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، «ليس قلقاً من قتله»، لكنه يواجه ضغوطاً بشأن تحميله المسؤولية عن فداحة المعاناة في غزة.

ويعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية أن السنوار يختبئ في الأنفاق أسفل مسقط رأسه، خان يونس في غزة.

وقال بيرنز، الذي أجرى على مدى أشهر مفاوضات محمومة بصفته الشخص المسؤول عن إدارة بايدن، إنه يتعين على كل من الحكومة الإسرائيلية و«حماس» استغلال هذه اللحظة، بعد مرور أكثر من 9 أشهر على بدء الحرب، للتوصل إلى وقف إطلاق النار.

كبار قادته «سئموا القتال»

لكن الضغط الداخلي الذي يواجهه السنوار الآن جديد في الأسبوعين الماضيين، بما في ذلك المكالمات من كبار قادته الذين سئموا القتال، حسبما قال بيرنز، وفقاً للشخص الذي حضر المؤتمر واشترط عدم الكشف عن هويته.

وكان مدير وكالة المخابرات المركزية يتحدث في منتجع «Allen & Company» الصيفي السنوي في صن فالي بولاية أيداهو، الذي يُطلق عليه تسمية «المخيم الصيفي للمليارديرات»، بسبب قائمة ضيوفه الجذابة التي تضم أباطرة التكنولوجيا وعمالقة الإعلام وكبار المسؤولين الحكوميين الذين تمت دعوتهم إلى الاجتماع السري، الذي استمر لمدة أسبوع.

ويأتي الضغط المزداد على السنوار في الوقت الذي وافقت فيه «حماس» وإسرائيل على اتفاق إطاري وضعه الرئيس الأميركي جو بايدن في نهاية شهر مايو (أيار)، والذي يعدّ أساس اتفاق لإنهاء القتال، وفق المسؤولين الأميركيين.

وكان بيرنز قد عاد لتوه من رحلته الأخيرة الأسبوع الماضي إلى الشرق الأوسط، لمحاولة تعزيز المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة واتفاق الرهائن، واجتمع مع نظرائه الوسطاء من قطر ومصر، وكذلك رئيس المخابرات والخارجية الإسرائيليين.

وقال بيرنز يوم السبت، إن هناك «احتمالاً هشاً أمامنا»، وإن فرص الاتفاق على وقف إطلاق النار أكبر مما كانت عليه، وذلك بعد أشهر من هدنة مؤقتة قصيرة شهدت إطلاق سراح عشرات الرهائن في نوفمبر (تشرين الثاني). لكنه أكد أن المرحلة النهائية من المفاوضات تكون دائماً صعبة.

وتأتي هذه المساعي المتجددة بعد انهيار المناقشات السابقة في مايو (أيار) عقب سلسلة مماثلة من الاجتماعات وسفر بيرنز إلى المنطقة.

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيضاً ضغوطاً داخلية هائلة للتوصل إلى اتفاق من شأنه إعادة الرهائن المتبقين المحتجزين في غزة. ويخرج آلاف المتظاهرين الإسرائيليين بانتظام إلى شوارع تل أبيب، مطالبين الحكومة بالتركيز على عودة الرهائن بدلاً من الحملة العسكرية.

صورة تجمع السنوار ونتنياهو (أ.ب)

«فجوات يجب سدها»

وقال بايدن يوم الخميس: «لا تزال هناك فجوات يجب سدها، لكننا نحرز تقدماً، والاتجاه إيجابي، وأنا مصمم على إنجاز هذه الصفقة ووضع نهاية لهذه الحرب، التي يجب أن تنتهي الآن».

وأدت الحملة الإسرائيلية على غزة إلى مقتل أكثر من 38 ألف فلسطيني، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. ويعتقد أن الآلاف في عداد المفقودين تحت الأنقاض، ويواجه مئات الآلاف الآخرين المرض والمجاعة ونقص المأوى، وفقاً لمنظمات الإغاثة.

وبعيداً عن الكم الهائل من التفاصيل التي يتم تناولها في الاتفاق المحتمل، فإن المحادثات تتباطأ بشكل روتيني بسبب صعوبات إيصال الرسائل من وإلى السنوار، بينما تحاول إسرائيل مطاردته.

ويعتقد أن إسرائيل عثرت على واحد فقط من بين كبار قادة «حماس» الثلاثة في غزة وقتلته، وهو مروان عيسى، الرجل الثاني في قيادة الجناح العسكري. واستهدفت إسرائيل قائدها العسكري، محمد ضيف، في تفجير يوم السبت أدى إلى مقتل ما يقرب من 100 فلسطيني وإصابة مئات آخرين، وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينيين.

ولم تحدد إسرائيل ولا الولايات المتحدة ما إذا كان تم استهداف الضيف بنجاح، أم لا.

السنوار لم يعد يريد حكم غزة

ووفق ما قال مسؤول أميركي لـ«سي إن إن»، يعتقد المسؤولون الأميركيون أن السنوار لم يعد يريد حكم غزة، وقد وقعت إسرائيل و«حماس» على خطة «الحكم المؤقت» التي ستبدأ في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، حيث لن يتمكن أي منهما من السيطرة على غزة.

وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن قطر أوضحت أيضاً أنها ستطرد القيادة السياسية لـ«حماس» من قاعدتها الخارجية منذ فترة طويلة إذا لم توقع الجماعة على الخطة.

وفي اتصالات «حماس» التي اطلعت عليها وكالة «أسوشييتد برس» ونشرتها مؤخراً، دعا كبار قادة «حماس» داخل غزة، الشخصيات الخارجية من الحركة، إلى قبول اقتراح بايدن لوقف إطلاق النار، مشيرين إلى الخسائر الفادحة والظروف الصعبة في غزة.

وربما يكون ذلك مؤشراً على حرصها على إنهاء القتال، حيث تراجعت «حماس» مؤخراً عن مطلبها الرئيسي بأن يتضمن اتفاق وقف إطلاق النار ضمانات بأنه سيؤدي بعد ذلك إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهي نقطة شائكة في المحادثات منذ فترة طويلة رفضتها إسرائيل.

ثم أصر نتنياهو على أن أي اتفاق يجب أن يسمح لإسرائيل بالعودة إلى القتال حتى تحقيق أهدافها الحربية.

وهذا يعني أن وقف القتال يمكن أن يتم، وهو ما سيؤدي إلى إطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، قبل أن تعيد إسرائيل إطلاق عملياتها العسكرية، وفق «سي إن إن».

وينص الإطار الذي اقترحه بايدن على أنه سيتم التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار خلال المرحلة الأولى من وقف القتال، الذي سيستمر طالما استمرت المفاوضات.

وفي اليوم نفسه الذي كان يتحدث فيه بيرنز، قال نتنياهو في مؤتمر صحافي، إنه لن يتحرك «مليمتراً واحداً» من الإطار الذي وضعه بايدن، بينما زعم أن «حماس» طلبت 29 تغييراً على الاقتراح، لكنه رفض إجراء أي تغيير.

وقال مصدر مطلع على المحادثات لشبكة «سي إن إن» بعد اجتماعات بيرنز في الدوحة، إنه لا تزال هناك «قضايا صعبة يتعين حلها»، ووافقه مصدر ثانٍ قائلا: «لا يزال هناك وقت طويل لنقطعه».


مقالات ذات صلة

نتنياهو يوجه قيادات الجيش بوقف تسجيل النقاشات العسكرية في أيام الحرب الأولى

شؤون إقليمية صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعها مكتبه لزيارته الأخيرة للمقر العملياتي لسلاح الجو في تل أبيب

نتنياهو يوجه قيادات الجيش بوقف تسجيل النقاشات العسكرية في أيام الحرب الأولى

أمر بنيامين نتنياهو الجيش بالتوقف عن تسجيل الاستشارات الأمنية والنقاشات الوزارية التي جرت في مركز العمليات تحت الأرض في مقر القيادة العسكرية خلال الأيام الأولى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون أعلى دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يكشف عن تضرر العديد من الدبابات في حرب غزة

قال الجيش الإسرائيلي أمس الاثنين إنه يؤجل برنامجاً تجريبياً مخططاً له للجنديات للخدمة في سلاح المدرعات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة جوية إسرائيلية على مدرسة أبو عريبان التابعة للأمم المتحدة والتي تؤوي نازحين (رويترز)

قصف كثيف على غزة يفاقم «الكارثة الإنسانية»... وآمال التوصل إلى هدنة تتلاشى

يتواصل القصف الكثيف اليوم في قطاع غزة المدمّر جرّاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 9 أشهر بين إسرائيل و«حماس» بينما تتلاشى الآمال بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطيني وسط حطام مدرسة «أبو عريبان» بعد الهجوم الإسرائيلي عليها (إ.ب.أ)

خبراء: إسرائيل استخدمت ذخائر أميركية في الهجوم على مدرسة بغزة

أكد عدد من خبراء الأسلحة استخدام إسرائيل ذخائر أميركية الصنع في هجومها الصاروخي على مدرسة في وسط غزة يوم الأحد الماضي، الذي أسفر عن مقتل 22 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ فلسطينيون يتفقدون مكان الحادث بعد غارة إسرائيلية على خيام النازحين في منطقة المواصي بخان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

بلينكن: واشنطن تشعر بالقلق العميق بعد الغارات الأخيرة في غزة

أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مسؤولَين إسرائيليين كبيرين خلال اجتماع في واشنطن بـ«القلق العميق» الذي يساور الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: إسرائيل ناقشت مع مصر سحب قواتها من محور فيلادلفيا

الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
TT

تقرير: إسرائيل ناقشت مع مصر سحب قواتها من محور فيلادلفيا

الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)

ناقشت إسرائيل ومصر بشكل خاص انسحاباً محتملاً لقواتها من حدود غزة مع مصر، وفقاً لمسؤولين اثنين إسرائيليين ودبلوماسي غربي كبير، وهو تحول قد يزيل إحدى العقبات الرئيسية أمام اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس».

ووفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، تأتي المناقشات بين إسرائيل ومصر ضمن موجة من الإجراءات الدبلوماسية في قارات متعددة تهدف إلى تحقيق هدنة ووضع القطاع على الطريق نحو حكم ما بعد الحرب. وقال مسؤولون من «حماس» و«فتح»، أمس (الاثنين)، إن الصين ستستضيف اجتماعات معهم الأسبوع المقبل في محاولة لسد الفجوات بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة. كما ترسل إسرائيل مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي إلى واشنطن هذا الأسبوع لعقد اجتماعات في البيت الأبيض، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويبدو أن المفاوضات بشأن الهدنة اكتسبت زخماً في الأيام الأخيرة، ولكن لا تزال هناك عدة نقاط خلافية أبرزها يتعلق بطول مدة وقف إطلاق النار: «حماس» تطالب بأن يكون وقفاً دائماً، في حين تريد إسرائيل وقفاً مؤقتاً.

وقالت «حماس» إن الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي تشمل الحدود بين مصر وغزة هو شرط أساسي لوقف إطلاق النار.

وسيطر الجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية لغزة خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران). وأجبرت هذه العملية «حماس» على الابتعاد عن محور ذي أهمية استراتيجية للحركة، ويقول الجيش الإسرائيلي إنه اكتشف ودمر العديد من الأنفاق هناك. لكن السيطرة الإسرائيلية على الحدود أدت أيضاً إلى توتر علاقات إسرائيل مع مصر، التي حذرت من أن هذا الإجراء سيسبب ضرراً كبيراً ويمكن أن يهدد الأمن القومي المصري.

وتتردد الحكومة الإسرائيلية في الانسحاب، قائلة إن القيام بذلك من شأنه أن يسهل على «حماس» إعادة تخزين ترسانتها وإعادة بسط سلطتها على غزة. وقال نتنياهو في بيان، يوم الجمعة الماضي، إنه «يصر على بقاء إسرائيل على ممر فيلادلفيا». لكن في مناقشات خاصة أجريت الأسبوع الماضي مع الحكومة المصرية، أشار مبعوثون إسرائيليون كبار إلى أن إسرائيل قد تكون مستعدة للانسحاب إذا وافقت مصر على إجراءات من شأنها منع تهريب الأسلحة على طول الحدود، وفقاً للمسؤولين الثلاثة.

وقال المسؤولون إن الإجراءات المقترحة تشمل تركيب أجهزة استشعار إلكترونية يمكنها اكتشاف الجهود المستقبلية لحفر الأنفاق، بالإضافة إلى بناء حواجز تحت الأرض لمنع بناء الأنفاق. وطلب الثلاثة عدم الكشف عن هويتهم من أجل التحدث بحرية أكبر عن فكرة لم تؤيدها إسرائيل علناً.

وفي العلن، كانت إسرائيل ومصر مترددتين في تأكيد وجود المحادثات. ويحتاج الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه نتنياهو إلى دعم المشرعين الذين يعارضون أي هدنة قد تترك «حماس» في السلطة، وقد تنهار حكومته إذا اعترف بما يناقشه مبعوثوه على انفراد.

عندما نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية ووكالة «رويترز» التقارير عن المحادثات لأول مرة الأسبوع الماضي، سارع نتنياهو إلى وصفها بأنها «أخبار كاذبة تماماً». لكن وزير دفاع نتنياهو، يوآف غالانت، كان قد اقترح في بيان منفصل في وقت سابق من الأسبوع أن إسرائيل يمكن أن تنسحب في ظل ظروف معينة. وأضاف: «المطلوب حل يوقف محاولات التهريب ويقطع الإمدادات المحتملة عن (حماس)، ويمكّن من انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي».

ومع إعراب المسؤولين الأميركيين عن تفاؤلهم المتجدد خلال الأسبوع الماضي بأن المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة لوقف إطلاق النار تتقدم الآن، أصبحت المناقشات حول مستقبل غزة أكثر إلحاحاً، بما في ذلك احتمال عمل «حماس» و«فتح» معاً.

وفشلت المحاولات السابقة للوساطة بين المجموعتين - بما في ذلك اجتماع في بكين في أبريل (نيسان) - في تحقيق نتائج ملموسة، وأعرب العديد من المراقبين عن تشاؤمهم الشديد من أن المحادثات في العاصمة الصينية ستحقق انفراجة.

وسيترأس إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، وفد الحركة إلى بكين. ومن المقرر أن توفد «فتح» ثلاثة مسؤولين، بينهم محمود العالول، نائب رئيس الحركة، إلى العاصمة الصينية، بحسب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عزام الأحمد.

وقال الأحمد إن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، سيجتمع مع الفصائل الفلسطينية في 21 يوليو (تموز) ومرة ​​أخرى في 23 منه، على أن تجتمع المجموعتان على انفراد بينهما. وقال أحمد في مكالمة هاتفية: «نحن متفائلون دائماً، لكننا نقول ذلك بحذر».