«الشرق الأوسط» تتجول في مراكز اقتراع بدمشق

«عرس ديمقراطي» من دون مشاركين

مندوبو مرشحين أمام مدخل أحد مراكز الاقتراع في منطقة المزة وسط دمشق بغياب المقترعين (الشرق الأوسط)
مندوبو مرشحين أمام مدخل أحد مراكز الاقتراع في منطقة المزة وسط دمشق بغياب المقترعين (الشرق الأوسط)
TT

«الشرق الأوسط» تتجول في مراكز اقتراع بدمشق

مندوبو مرشحين أمام مدخل أحد مراكز الاقتراع في منطقة المزة وسط دمشق بغياب المقترعين (الشرق الأوسط)
مندوبو مرشحين أمام مدخل أحد مراكز الاقتراع في منطقة المزة وسط دمشق بغياب المقترعين (الشرق الأوسط)

شهدت أغلبية مراكز الاقتراع التي تم افتتاحها في العاصمة السورية دمشق أمام السوريين من أجل انتخاب أعضاء مجلس الشعب، «إقبالاً ضعيفاً» حتى ساعات ما بعد الظهر مع غياب شبه تام للمظاهر الانتخابية.

أمام أحد المراكز في جنوب دمشق، بدا لافتاً وجود تجمعات من الشباب والفتيات أمام أبوابها، ليتضح أنهم مندوبو مرشحين وليسوا مواطنين قدموا لممارسة حقهم الانتخابي.

وبمجرد توجه شخص إلى باب المركز يسارع إليه المندوبون لإعطائه بطاقة انتخابية تتضمن القائمة المكلفين بالدعاية لها ويتمنون عليه انتخابها. ومع ندرة عدد المقترعين كان أغلبية هؤلاء المندوبين يجلسون على جانبي المدخل الرئيسي للمركز.

وبينما كان يوجد 3 مقترعين فقط في داخل المركز، وأظهر سجل أسماء من مارسوا الاقتراع أن عدد هؤلاء هو 50 شخصاً فقط، عزا أحد المشرفين على الصناديق ضعف المشاركة إلى «الطقس الحار، وأن الناس لم تستيقظ بعد والموظفين في أماكن عملهم»، مشيراً إلى أن الإقبال «سيتحسن في فترة ما بعد الظهر وعند عودة الموظفين من عملهم».

في أحد المركز على أوتوستراد المزة وسط العاصمة، كان الإقبال منعدماً بشكل نهائي، حيث بدا المركز من الداخل خالياً تماماً إلا من المشرفين على صناديق الاقتراع، ووفق إحدى المشرفات، فإن المركز شهد خلال ساعات الصباح حشوداً من المقترعين.

لكن أحد مندوبي المرشحين الموجودين عند مدخل المركز، أكد ضعف الإقبال على الاقتراع، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أتى مقترعون ولكن أعدادهم قليلة جداً. الناس غير مهتمة بالانتخابات. تريد حلولاً للأزمات التي خنقتها وكسرت ظهرها».

وعلى بعد بضع مئات الأمتار من المركز آنف الذكر، كان الوضع في مركز وزارة الإعلام وجريدة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم مختلفاً كلياً، إذ وبالترافق مع عملية الاقتراع، تمت إقامة حفل حاشد في بهو المقر بمناسبة انتخاب أعضاء مجلس الشعب.

أحد المشاركين في الحفل وهو موظف حكومي، وبعد خروجه من «الدبكة»، قال لنا بعد أن فضل عدم الكشف عن اسمه: «أغلب المشاركين في (العرس الوطني الديمقراطي) مجبرون على ذلك. لقد تم التعميم على الجميع بالمشاركة في الاقتراع والحفل وإلا...».

وتوجه الناخبون في مناطق سيطرة الحكومة، صباح الاثنين، إلى مراكز الاقتراع لاختيار نوابهم في انتخابات مجلس الشعب، التي تُعد الرابعة التي تجري بعد اندلاع النزاع في عام 2011. كما أنها تُعدّ الانتخابات التشريعية الثانية التي تجري في ظل قانون العقوبات الاقتصادية (قيصر)، الذي أسهم بشكل خاص في تدهور الوضع وتفاقم الأزمات المعيشية، ولا يُتوقّع أن تحدث تغييراً في المشهد السياسي في البلاد.

وفتحت مراكز الاقتراع البالغ عددها 8151 مركزاً في مناطق سيطرة الحكومة، أبوابها عند الساعة 07:00 صباحاً بالتوقيت المحلي (04:00 بتوقيت غرينيتش)، على أن تغلق عند الساعة 07:00 مساءً.

مندوبو مرشحين أمام مدخل أحد مراكز الاقتراع في منطقة المزة وسط دمشق بغياب المقترعين (الشرق الأوسط)

ويتنافس في هذه الانتخابات 1516 مُرشّحاً للوصول إلى 250 مقعداً، بعد انسحاب أكثر من 7400 مرشّح وفق اللجنة القضائية العليا للانتخابات. وتتوزّع المقاعد مناصفة تقريباً بين قطاع العمّال والفلاحين (127 مقعداً) وبقيّة فئات الشعب (123 مقعداً).

واختار حزب «البعث» الذي يفترض أنه لم يعد الحزب الحاكم مع تعديل «المادة الثامنة» من الدستور في 2012، بعد عملية «استئناس» أجراها لأعضائه، مرشحيه ومرشحي أحزاب «الجبهة الوطنية التقدمية» المتحالفة معه، وأصدر قبل عدة أيام من موعد الانتخابات قوائم «الوحدة الوطنية»، التي تضمنت 185 مرشحاً، من ضمنهم 169 «بعثياً» و16 من بقية الأحزاب.

خبير سياسي في دمشق متابع لمجريات الأحداث في سوريا، قال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الانتخابات بلا رائحة ولا طعم ولا لون، والدليل على ذلك أن كثيراً من البعثيين أنفسهم انتقدوا علناً التشكيلات التي وردت في (قوائم الوحدة الوطنية)، فهم لا ينحدرون من مستويات يمكن أن تساعد في انتشال البلاد مما هي فيه من أزمات».

حفل في مقر وزارة الإعلام وجريدة «البعث» على أوتوستراد المزة وسط دمشق لمناسبة الانتخابات (الشرق الأوسط)

ويتنافس على الـ65 مقعداً المتبقين مرشحون مستقلون؛ بينهم رجال أعمال وتجار قدامى، وآخرون ظهروا خلال الحرب وعدد من الصناعيين، وركَّزت شعاراتهم على القضايا الملحَّة التي تمس حياة السوريين.

وظهرت 5 قوائم للمرشحين المستقلين هي: «(قائمة دمشق)، و(قائمة شام)، و(قائمة قبنض)، و(قائمة المستقبل)، و(قائمة الياسمين)».

وأبرز المرشحين عن «قائمة الشام» التي رفعت شعار «الهمة قوية» محمد حمشو، وعن «قائمة دمشق» التي رفعت شعار «من دمشق لأجلك سورية» محمد همام مسوتي، وعن «قائمة المستقبل» التي رفت شعار «لنفكر خارج الصندوق» محمد أورفه لي، وعن «قائمة الياسمين» فيصل سرور.

وأوضح الخبير السياسي أن «البعث سيهيمن من جديد على أغلبية مقاعد المجلس، لأن قوائمه كما في كل انتخابات تعد ناجحة سلفاً، وبالتالي لا أعتقد أن نتائج هذه الانتخابات ستحدث التغيير الذي تحتاجه البلاد ومواطنوها».

وتساءل: «ماذا سيفعل المستقلون في ظل هيمنة البعث على أغلبية مقاعد المجلس؟»، وأضاف: «دورهم يكاد يكون معدوماً»، معرباً عن أسفه بأنه «لم نصل بعد إلى أدنى حد من الديمقراطية».

وفي ظل الأزمة المعيشية الخانقة التي يعاني منها المواطنون في مناطق سيطرة الحكومة، (90 في المائة يعيشون تحت خط الفقر)، تم الكشف عن استثمار لـ«المال السياسي»، حيث أكدت مصادر أهلية أن أوساط المندوبين لحملات رجال الأعمال وكبار التجار أظهروا استعدادات لشراء الأصوات بالمال.

وقال أحد المصادر: «يعرضون 5 - 10 آلاف ليرة عن كل هوية شخصية، وبعض الناس اندفع تحت وطأة الفقر إلى الموافقة، لكن البعض يقول إن البورصة سترتفع وقد تصل إلى 50 ألفاً عن كل هوية».


مقالات ذات صلة

هل يرسل انسحاب المقداد أثناء كلمة نظيره التركي «رسائل متناقضة»؟

المشرق العربي وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يغادر اجتماع وزراء خارجية جامعة الدول العربية في القاهرة (رويترز)

هل يرسل انسحاب المقداد أثناء كلمة نظيره التركي «رسائل متناقضة»؟

إشارات متناقضة للموقف السوري حيال التطبيع مع تركيا، عندما غادر وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قاعة اجتماع وزراء الخارجية العرب قبل كلمة نظيره التركي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في الاجتماع بالقاهرة (الخارجية السعودية)

وزير الخارجية السعودي يناقش تعزيز الدور العربي لتسوية الأزمة السورية

ناقش وزير الخارجية السعودي تعزيز الدور العربي لتسوية الأزمة السورية، ومعالجة تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية، خلال الاجتماع الثاني للجنة الاتصال العربية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي تظهر هذه الصورة جانباً من مدينة حلب شمال سوريا في 10 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

لجنة أممية: العنف في سوريا يتصاعد مجدداً

حذّرت لجنة تابعة للأمم المتحدة من أن الصراع في سوريا، الدائر منذ 2011، يهدد بالتصاعد مجدداً.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الخليج القائم بأعمال السفارة السعودية بالإنابة في سوريا عبد الله الحريص خلال افتتاح السفارة السعودية في دمشق (السفارة السعودية في دمشق)

السعودية تعلن رسمياً افتتاح سفارتها في دمشق

أعادت السعودية افتتاح سفارتها في العاصمة السورية دمشق بعد إغلاقها لمدة 12 عاماً منذ بداية الأزمة السورية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عربية منتخب سوريا واصل انتصاراته الودية (الاتحاد السوري)

فوز ثانٍ توالياً لسوريا بقيادة الإسباني لانا

حققت سوريا فوزها الثاني توالياً بقيادة مدربها الجديد الإسباني خوسيه لانا عندما تغلبت على مضيفتها الهند 3 - صفر الاثنين.

«الشرق الأوسط» (حيدر آباد)

مقتل 18 شخصاً في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

أب فلسطيني نازح يحمل جثة ابنه الذي قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا (إ.ب.أ)
أب فلسطيني نازح يحمل جثة ابنه الذي قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا (إ.ب.أ)
TT

مقتل 18 شخصاً في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

أب فلسطيني نازح يحمل جثة ابنه الذي قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا (إ.ب.أ)
أب فلسطيني نازح يحمل جثة ابنه الذي قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا (إ.ب.أ)

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة، مقتل 18 شخصاً على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مسلحين كانوا هناك.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل: «للمرة الخامسة تقصف قوات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا وتقتل 18 مواطناً بينهم اثنان من موظفي وكالة الغوث وأطفال ونساء، وأكثر من 18 مصاباً بينهم حالات حرجة».

طفل فلسطيني يتفقد مأوى عائلته في مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا بعد الغارة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

وأعلنت «الأونروا» أنّ ستة من موظفيها قتلوا في الغارة، في «أعلى حصيلة بشرية تتكبّدها الوكالة الأممية في واقعة واحدة.

وندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمقتل العاملين الستّة.

فلسطينيون يبحثون عن مفقودين تحت أنقاض مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا بعد الغارة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

وقال غوتيريش عبر منصة «إكس»، إنّ «ما يحدث في غزة غير مقبول على الإطلاق. لقد تعرّضت مدرسة تؤوي 12 ألف شخص لقصف جوي إسرائيلي مرة أخرى اليوم. في عداد القتلى هناك ستة من زملائنا في وكالة الأونروا. هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي يجب أن تتوقف الآن».

بدورها، قدّمت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) كاثرين راسل، تعازيها لعائلات قتلى الأونروا الستة، مشيرة إلى أنّ التقارير تفيد بأنّ «طفلين على الأقل قتلا في الغارة. هذا الرعب يجب أن يتوقف. غزة بحاجة إلى وقف لإطلاق النار».

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن طائراته الحربية «نفذت غارة دقيقة على إرهابيين كانوا يعملون داخل مركز قيادة وسيطرة تابع لحماس» في مدرسة الجاعوني وسط القطاع.