مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا تدفعهم للبحث عن مآوٍ أخرى

بين أحداث العنف وتحركات التطبيع مع دمشق

اللاجئون السوريون في تركيا يخشون الاتفاق مع دمشق على صفقة لترحيلهم رغم تطمينات أنقرة (أرشيفية)
اللاجئون السوريون في تركيا يخشون الاتفاق مع دمشق على صفقة لترحيلهم رغم تطمينات أنقرة (أرشيفية)
TT
20

مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا تدفعهم للبحث عن مآوٍ أخرى

اللاجئون السوريون في تركيا يخشون الاتفاق مع دمشق على صفقة لترحيلهم رغم تطمينات أنقرة (أرشيفية)
اللاجئون السوريون في تركيا يخشون الاتفاق مع دمشق على صفقة لترحيلهم رغم تطمينات أنقرة (أرشيفية)

تتصاعد مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا يوماً بعد يوم مع ما يبدو أنه إصرار من جانب أنقرة على المضي قدماً في تطبيع العلاقات مع دمشق، فضلاً عن موجة العنف والرفض العام التي أصبحت سائدة ضدهم ومخاوف الترحيل القسري على الرغم من التأكيدات الرسمية بعدم إجبار أي منهم على المغادرة.

في أحدث التصريحات بشأن اللاجئين السوريين وموقفهم في ظل الخطوات التي تُتخذ لعقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن «مساعي تركيا واضحة وصريحة ورغبتها في تطبيع العلاقات مع سوريا طبيعية والتطبيع سيصبّ في صالح جميع دول المنطقة».

وقال فيدان، في تصريحات في إسطنبول، الأحد، إنه «بالنسبة للاجئين السوريين في تركيا، فإننا لم نجبِر، ولن، أي لاجئ على العودة إلى بلاده قسراً، وسنواصل السياسة ذاتها». ولفت إلى استقلالية قرارات المعارضة السورية، موضحاً أن الحوار مع النظام السوري هو قرار خاص بها، ولديها (المعارضة) قراراتها الخاصة، ولن يتم فرض أي شيء عليها، لكن تركيا لن تترك المعارضة في منتصف الطريق بسبب التضحيات المشتركة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أكد استمرار خطوات التطبيع مع دمشق وطمأن اللاجئين والمعارضة (الخارجية التركية)

ويتخوف السوريون في تركيا من أن يتوصل إردوغان والأسد إلى اتفاق حال لقائهما على صفقة لإعادة السوريين، على الرغم مما تتمسك به تركيا بشأن حل مشكلة الأملاك وإعادتها للعائدين.

محمد محرز، يدير محلاً لبيع المنتجات السورية في إسطنبول، عبّر عن قلقه من أحداث العنف المتكررة ضد السوريين، والتي بلغت ذروتها في قيصري (وسط) تركيا في نهاية يونيو (حزيران) الماضي على خلفية حادث تحرش تورط فيه سوري، وانتشر العنف ضد السوريين بعد ذلك في الكثير من المدن. وأكد محرز لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يفكر بالبقاء في تركيا؛ لأن الوضع لم يعد آمناً بالنسبة للسوريين، وفضلاً عن ذلك قد يتم الاتفاق بين تركيا وحكومة الأسد على إعادة اللاجئين، وأنه يفكر في الرحيل إلى مصر.

أحمد، شاب سوري يعمل في أحد مصانع الجلود، قال إنه أصبح يخاف السير في الشوارع في طريق ذهابه وعودته إلى عمله، وإنه يفكر جدياً وأسرته في العودة إلى إدلب.

خطة جديدة

وقال إردوغان، في تصريحات منذ أيام، إن 670 ألف سوري عادوا إلى تجمعات سكنية أقامتها بلاده في شمال سوريا، ومن المتوقع عودة مليون شخص آخر.

وأصدرت 73 منظمة حقوقية وإنسانية ومدنية سورية بياناً مشتركاً حثّت فيه الحكومة التركية على الوفاء بالتزاماتها لحماية اللاجئين وضمان حقوقهم الأساسية وكرامتهم ووقف العنف ضدهم، والالتزام بمبدأ عدم الإعادة القسرية إلى دول النزاع، حيث تؤكد تقارير لجان التحقيق المستقلة استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا؛ مما يجعلها غير آمنة لعودة اللاجئين.

ونقلت تقارير، الأحد، عن مسؤولين أتراك أنه يجري الإعداد لخطة جديدة لتنظيم أوضاع اللاجئين السوريين، تقوم على شقين، أحدهما تأمين ظروف العودة الطوعية لغالبية اللاجئين الذين يتجاوز عددهم 3 ملايين، والآخر اتخاذ إجراءات لإدماج من سيفضّلون البقاء وإعطائهم إقامات وتصاريح عمل بشروط معينة وحسب حالة قطاعات الأعمال في البلاد، مع اتخاذ إجراءات للتحفيز على العودة الطوعية عبر التفاوض مع دمشق.

وأكد عضو الهيئة السياسية منسق مجموعة عمل اللاجئين في «الائتلاف الوطني السوري»، أحمد بكورة، على حسابه في «إكس» أن الحكومة التركية ستعلن خلال الأيام القليلة المقبلة عن قرارات تهدف إلى تحسين المكانة القانونية للأجانب، وتقنين وجودهم، وتيسير حصول السوريين على تصاريح العمل.

ووصف الخطوات المرتقبة بأنها «تمثل نهاية جزئية لمرحلة صعبة وتحسيناً ملموساً في أوضاع السوريين القانونية».

ويطالب مسؤولو قطاع الأعمال في تركيا بتوظيف اللاجئين كعمال مسجلين من خلال الحصول على تصاريح العمل والإقامة، وفي حال تطبيق سياسات الإدماج، فسيتم اتخاذ الخطوة الأولى لضمان تسجيل اللاجئين في القوى العاملة.

أخطاء 13 عاماً

وفي خضم التصريحات المتتابعة من الرئيس رجب طيب إردوغان عن دعوة الأسد للقاء وإعادة العلاقات مع سوريا إلى ما كانت عليه في الماضي، تساءل الكاتب المحلل السياسي، مراد يتكين، عمن سيدفع فاتورة الأخطاء السياسية للحكومة التركية في الملف السوري على مدى 13 عاماً.

وقال يتكين، في مقال على مدونته «يتكين ريبورت» إن أحداث قيصري التي وقعت الشهر الماضي، تظهر وحدها أن الوقت قد حان لإغلاق الفصل الخاص بسوريا، مضيفاً أن تركيا لم تتمكن، تحت إدارة إردوغان، من تحقيق أهدافها بالكامل في سياستها تجاه سوريا منذ عام 2011.

ولفت إلى أنه لا يتم الحديث كثيراً عن دور السياسة السورية في الأزمة الاقتصادية في تركيا، ومع ذلك، وفقاً لإردوغان، فإن الأموال التي تم إنفاقها على اللاجئين فقط تبلغ 40 مليار دولار.

وقال: «نحن جميعاً ندفع ثمن استخفاف فريق إردوغان ووزير الخارجية رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، بإيران وروسيا في بداية الحرب الأهلية وثقتهم في الولايات المتحدة، ضد رغبتهم».

احتجاجات شمال سوريا

في السياق، تتواصل الاحتجاجات الغاضبة في المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، على خلفية التقارب بين تركيا والحكومة السورية بمبادرة من روسيا، وذلك منذ افتتاح معبر أبو الزندين، الفاصل بين مناطق المعارضة والحكومة السورية في مدينة الباب شرق حلب في 27 يونيو (حزيران) الماضي، والتي تجددت بقوة منذ مطلع الشهر الحالي بسبب أحداث العنف ضد اللاجئين السوريين في تركيا على خلفية حادث قيصري.

وتظاهر العشرات، ليل الأحد - الاثنين، في مدينة أعزاز بريف حلب ضمن منطقة «درع الفرات» للتعبير عن رفض التطبيع التركي - السوري، وعبّروا عن رفضهم رفع الأعلام التركية على المؤسسات المدنية في شمال سوريا، وطالبوا برفع عَلم الثورة وحيداً، واقتصار رفع العلم التركي على القواعد العسكرية التركية المتواجدة في المنطقة، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنشان» الاثنين.

وقال «المرصد» إن عدداً من المتظاهرين توجّهوا إلى مبنى حكومة الائتلاف لإغلاقه إعلاناً لرفض الوصاية التركية التي أعادت افتتاح المبنى من جديد وفرضت القرار على الشعب السوري، بعد أن أغلق مطلع الشهر الماضي في ظل الاحتجاجات الشعبية.

تطورات ميدانية

في غضون ذلك، استقدمت القوات التركية، الأحد، 14 آلية عسكرية بعضها تحمل مواد لوجيستية عبر دفعتين من معبر باب السلامة إلى نقاطها المتمركزة على أطراف مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي.

القوات التركية تواصل قصف مواقع «قسد» في منبج (إكس)

وأفاد «المرصد» بأن ذلك يأتي في إطار استمرار تعزيز القوات التركية لقواعدها تحسباً لمعارك محتملة.

ووقعت اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني» وقوات «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين، استخدمت خلال الأسلحة الثقيلة، إثر محاولة الأخيرة التسلل إلى مواقع عسكرية تابعة للفصائل، على محور قرية عرب حسن بريف منبج شرقي حلب.

وتزامنت الاشتباكات مع قصف مدفعي مكثف نفّذته القوات التركية والفصائل الموالية لها على 7 قرى في ريف منبج.

كما قصفت القوات التركية وفصائل الجيش الوطني، الاثنين، قريتي قرط ويران والعريمة في ريف منبج الغربي ضمن مناطق «مجلس منبج العسكري».

وقُتل عامل مدني متعاقد مع «قسد»، وأصيب آخر بقصف بري نفّذته القوات التركية على أنفاق عسكرية تابعة لـ«قسد» في ريف عين عيسى شمال الرقة.


مقالات ذات صلة

بن فرحان: هناك فرصة لنقل سوريا باتجاه إيجابي

الخليج وزير الخارجية السعودي خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

بن فرحان: هناك فرصة لنقل سوريا باتجاه إيجابي

قال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، أمس (الثلاثاء)، إن لديه «تفاؤلاً حذراً» بشأن سوريا، ودعا إلى «إعادة بناء الدولة» في هذا البلد.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
العالم العربي صورة أرشيفية من مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

قتلى وجرحى إثر انفجار سيارة ملغومة في منبج بشرق حلب

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الثلاثاء، بوقوع انفجار ناجم عن سيارة ملغومة في محيط مقر لعناصر فصيل تابع للجيش الوطني السوري الموالي لتركيا بمدينة منبج.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية مرهف أبو قصرة (رويترز)

وزير الدفاع السوري: ملف «قسد» سيكون عند الإدارة الجديدة

كشف وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية مرهف أبو قصرة أن ملف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، سواء بالتفاوض أو الحل العسكري، سيكون عند الإدارة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من قوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية السورية يظهرون في شارع رئيسي بإحدى ضواحي دمشق خلال عملية لمصادرة الأسلحة (أ.ف.ب)

سوريا: قتلى خلال حملة أمنية في ريف حمص

قُتل 6 أشخاص على الأقلّ في الريف الغربي لمحافظة حمص في وسط سوريا وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في إطار حملة «تمشيط».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا تجمع للجالية السورية بمصر (مؤسسة سوريا الغد الأهلية)

انفراجة في أزمة منع دخول السوريين مصر

في انفراجة لأزمة منع دخول السوريين إلى مصر، أعلنت السفارة المصرية في دمشق، عن «استثناءات» لبعض الفئات المحددة من السوريين، بمنحهم تأشيرات الدخول إلى مصر.

أحمد إمبابي (القاهرة)

جنين في عاصفة «السور الحديدي»


فلسطينيون يركضون نحو شاحنات مساعدات بعد عبورها رفح في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يركضون نحو شاحنات مساعدات بعد عبورها رفح في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
TT
20

جنين في عاصفة «السور الحديدي»


فلسطينيون يركضون نحو شاحنات مساعدات بعد عبورها رفح في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يركضون نحو شاحنات مساعدات بعد عبورها رفح في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)

عصفت رياح الحرب الإسرائيلية، أمس (الثلاثاء)، باتجاه الضفة الغربية، حيث سقط 10 قتلى فلسطينيين في بداية عملية عسكرية سُميت «السور الحديدي»، على غرار عملية «السور الواقي» قبل 23 عاماً شنت خلالها إسرائيل اجتياحاً للضفة كلها.

وبدأ الجيش الإسرائيلي و«جهاز الأمن العام (الشاباك)» و«شرطة حرس الحدود»، العملية، التي تعدّ تغييراً في الاتجاه الإسرائيلي، بهجوم جوي نفذته طائرات مسيّرة على بنى تحتية عدة هناك، قبل أن تقتحم الوحدات الخاصة مناطق واسعة في جنين لتعزلها بشكل كامل عن بقية الضفة الغربية.

وقال مصدر أمني لـ«القناة 12» الإسرائيلية إن العملية الجارية في جنين «ستكون على نطاق مختلف تماماً». وأكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن العملية في جنين انطلقت بقرار من المستوى السياسي بعد اجتماع «مجلس الوزراء المصغر (الكابينيت)» الجمعة الماضي برئاسة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في حين دعت «حماس» الفلسطينيين إلى «النفير العام والتصدي لعدوان الاحتلال الواسع في جنين، وإسناد المقاومين لمواجهة البطش الصهيوني».

وتزامن ذلك مع إعلان رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي اللواء هرتسي هاليفي، أنه سلّم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس كتاب استقالته وأبلغه نيته إنهاء منصبه في 6 مارس (آذار) 2025. وقال هاليفي إن قراره ينبع من «الاعتراف بمسؤوليته عن فشل الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر (تشرين الأول)» 2023. وهذا ما دفع قيادات في المعارضة إلى مطالبة نتنياهو وأعضاء حكومته إلى «تحمّل المسؤولية مثل هاليفي» وتقديم استقالاتهم.