بن غفير يهدد تماسك ائتلاف نتنياهو... لكنه لن يبادر إلى تفكيك الحكومة

توقعات بإنهاء الأزمة من خلال تعيينه في «المطبخ السياسي الأمني»

إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف (إ.ب.أ)
TT

بن غفير يهدد تماسك ائتلاف نتنياهو... لكنه لن يبادر إلى تفكيك الحكومة

إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف (إ.ب.أ)

رغم التصدع الواضح في الائتلاف الحكومي الذي يقوده رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بسبب غضب حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، من تصرفات الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، فإن كل الإشارات تدل على أن نتنياهو سيتغلب على الأزمة الحالية في وقت قريب ليحافظ على حكومته اليمينية.

وحسب مصادر سياسية في تل أبيب، فإن بن غفير تسبب في الأزمة الحالية لعدة أهداف؛ فأولاً هو ذو طابع ارتجالي وشعبوي في العمل السياسي ولا يفتّش عن توازنات مع نتنياهو أو غيره، وثانياً هو يشعر بأن نتنياهو بحاجة ماسّة إليه، فيسعى إلى إطالة الحبل له حتى النهاية، فإذا فهم أن هذا الحبل على وشك أن ينقطع سيبادر إلى إرخائه، وثالثاً هو يريد فعلاً أن يكون عضواً في مجلس الحرب الذي يضم عدداً قليلاً جداً من الوزراء ويُعد القيادة السياسية الأمنية العليا، وامتناع نتنياهو عن منحه «هذا المجد»، ليس مفهوماً له وليس مقبولاً.

ويُتوقع أن يُنهي نتنياهو هذه المشكلة مع بن غفير ويُعيّنه في الإطار الجديد المعروف بـ«المطبخ السياسي الأمني»، الذي حل محل مجلس الحرب، على الرغم من أن نتنياهو تعهَّد للأميركيين بألا يُدخل بن غفير ووزير المال المتطرف الآخر بتسلئيل سموتريتش، إلى القيادة الضيقة التي تقرر شؤون الحرب. ولكن حتى لو لم يستجب نتنياهو للضغوط، فإن المرجح هو أن بن غفير سيتراجع، ولن يقطع الحبل مع رئيس الوزراء. وقال مسؤول في حزب الليكود تحدث إلى صحيفة «معاريف»: «الجميع في الائتلاف يدركون أنهم يتعاملون مع غبي. فهذا الشخص مصاب بجنون العظمة بشكل لا يصدق، لكنه يشوش العقل، هو لن يُسقط الحكومة لأنه عندها سيخسر مرتين. جمهور اليمين لن يغفر له إسقاط حكومة اليمين، وأنه بسبب ذلك ستقام الدولة الفلسطينية، وفي نهاية المطاف هو سيُرسَل إلى المعارضة ولن يصبح وزيراً في أي حكومة أخرى».

بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)

ويدرك أرييه درعي، رئيس حزب «شاس»، خطورة بقاء بن غفير في الحكومة، حتى على مصالح حزبه وبقية أحزاب التيار الديني الحريدي. وصار يسمع انتقادات شديدة له بسبب سكوته عن إهانات بن غفير له، على غرار قوله إن درعي ينتمي إلى تيار «الانهزامية اليسارية». لكن رئيس حزب «شاس» يعيش حالياً في فترة حِداد على وفاة شقيقه، الحاخام يهودا درعي، وقد يؤجل قليلاً الصراعات في الائتلاف. لكنّ هذا لا يعني أنه سيسكت عن إفشال القوانين التي تسهم في تعزيز مكانة الحريديم وتمويل مؤسساتهم.

ولا يُعتقد أن نتنياهو سيسمح بإسقاط حكومته، مهما كلّفه ذلك من ثمن. وتستبعد قيادات سياسية أن يبادر نتنياهو نفسه إلى حل الكنيست والذهاب إلى الانتخابات. فهو يقود أول حكومة يمين صرفة في تاريخ إسرائيل. ولديه منها 64 مقعداً يتشبث بها بكل قوته. وحتى لو كانت سيطرته على هذه الحكومة مهتزة وبن غفير يهتم بإهانته بشكل شبه يومي، فإن نتنياهو يسير بين النقاط وليس عنده مشكلة في أن يُنتقد. فالمهم له أن يبقى رئيس حكومة، الأمر الذي يعزز مكانته في المحكمة التي تقاضيه على ثلاث قضايا فساد مزعومة.


مقالات ذات صلة

سموتريتش يدعو النائب العام الإسرائيلي لمنع الإضراب العام غداً

شؤون إقليمية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (رويترز)

سموتريتش يدعو النائب العام الإسرائيلي لمنع الإضراب العام غداً

طلب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من النائب العام تقديم طلب عاجل للمحاكم لمنع الإضراب المقرر غداً الاثنين، الذي يهدف إلى الضغط على حكومة نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال احتجاجات عائلات الرهائن في تل أبيب (رويترز)

نتنياهو يعتذر لأسرة رهينة لقي حتفه... واتحاد العمال الإسرائيلي يعلن الإضراب العام

في خطوة نادرة، قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، اعتذاراً لأسرة الرهينة الراحل ألكسندر لوبانوف، لعدم إنقاذه هو و5 رهائن آخرين كانوا محتجزين في غزة أحياءً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد 12 سبتمبر 2022 (د.ب.أ)

لبيد يدعو لإضراب عام وجلسة للكنيست لمناقشة اتفاق الرهائن

انضم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إلى المطالب بإعلان إضراب عام في إسرائيل وانعقاد جلسة خاصة للكنيست (البرلمان) لمناقشة صفقة وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ) play-circle 00:27

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

نتنياهو يقول إن إسرائيل لن تهدأ حتى تقبض على المسؤولين عن قتل الرهائن الـ6 الذين تم انتشال جثثهم، بعد احتجاز حركة «حماس» لهم في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
TT

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)

سلّطت الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل و«حماس» حول التسبب في قتل المختطفين الإسرائيليين الستة، الذين عثر عليهم في نفق في رفح، جنوب قطاع غزة، الضوء على ظروف احتجاز الأسرى الإسرائيليين، وطبيعة التعليمات المعطاة للمكلفين بحراستهم.

وفيما تقول إسرائيل إن الأسرى كانوا أحياء حتى قبل يوم أو يومين، وقتلوا برصاص حراسهم، تؤكد «حماس» أنهم لقوا حتفهم نتيجة قصف الجيش الإسرائيلي.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها إسرائيل «حماس» بقتل الأسرى، وأثارت هذه الاتهامات كثيراً من التساؤلات حول حقيقة ما إذا كانت الحركة قد اتخذت قراراً بقتلهم ضمن ظروف محددة، في ظل تشديد العمليات العسكرية البرية والجوية ضد عناصرها، خاصةً أن الناطق باسم «القسام» جناحها المسلح «أبو عبيدة» كان قد صرح في بداية الحرب الحالية، وتحديداً في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه سيتم إعدام أسير مدني مقابل كل مجزرة يرتكبها الاحتلال بغزة، قبل أن يضطر إلى سحب مقطع الفيديو بعد مرور ساعات، في ظل الضجة التي أحدثها ذلك التصريح.

الناطق العسكري باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة (أرشيفية - رويترز)

وقالت مصادر من داخل حركة «حماس» في غزة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد داخل «حماس» أي قرار أو توجه بقتل الأسرى، وإن تصريحات أبو عبيدة السابقة لم تكن ضمن تعليمات رسمية، وإنه تم إبلاغ جميع الوسطاء والدول والمنظمات التي تواصلت مع قيادة الحركة حينها لفهم حقيقة ما يجري وأنه لم تصدر تعليمات بهذا الشأن، ولن تصدر.

وبحسب المصادر، فإنه «حتى قبل أيام قليلة لم يكن هناك أي تعليمات جديدة تتعلق بالأسرى الإسرائيليين»، موضحة: «التعليمات الصارمة هي الحفاظ على حياتهم، لأن كل أسير حي سيجلب ثمناً مختلفاً».

نقل مصابين بينهم أطفال بعد قصف طائرات إسرائيلية منازل في دير البلح بغزة (وفا)

لكن مع هذه التعليمات الواضحة، لا يبدو أن المسألة قيد السيطرة تماماً، فقد وقعت حادثة في الآونة الأخيرة أثارت كثيراً من الشكوك، عندما صرّح «أبو عبيدة» في 12 أغسطس (تموز) الماضي أن مجندين من المكلفين بحراسة بعض الأسرى قاما بإطلاق النار على أسير وقتلاه على الفور وأصابا أسيرتين بجراح خطيرة، مؤكداً بعد أيام أن المجندين قاما بذلك خلافاً للتعليمات، وأن أحدهما تصرف بشكل انتقامي خلافاً للتعليمات، بعد تلقيه خبر ارتقاء طفلَيه في إحدى مجازر الاحتلال الإسرائيلي.

وقال مصدر مطلع على نتائج التحقيقات لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الحادثة لم تكن مقصودة، وتم إعفاء المجندين المكلفين بالحراسة من أي مهام.

وتنفي المصادر بشدة وجود أي تغيير في التعليمات التي تصدر للمكلفين بحراسة المختطفين الإسرائيليين.

ولم تؤكد المصادر حقيقية ما جرى مع المختطفين الستة في رفح.

لافتة أنهم «ربما قتلوا برصاص قوات الاحتلال بعد وصولها للنفق، أو أن بعض المقاومين الذين كانوا يعملون على حراستهم اضطروا لقتلهم، بهدف منع الاحتلال من تحقيق إنجاز حقيقي باستعادتهم أحياء».

وأضافت: «يجري التواصل من قبل المسؤولين عن هذا الملف، مع المجموعة التي كانت تأسرهم لمعرفة التفاصيل الدقيقة». وتابعت المصادر: «في حال أنهم قتلوا من قبل المكلفين بحراستهم تكون قد ضاقت كل الخيارات أمامهم ولا يريدون منح الاحتلال فرصة تحقيق أي إنجاز باستعادتهم أحياء».

تعليقات متعاطفة مع الرهينة الإسرائيلي الأميركي هيرش جولدبرغ - بولين في مدرسة بالقدس الأحد (إ.ب.أ)

وأكدت مصادر ميدانية أخرى من الفصائل في غزة على أنه في ذروة العمل لا يسمحون بأي حال من الأحوال للقوات الإسرائيلية باستعادة أي مختطف حي، والاستبسال في حال محاصرتهم لمنع تحقيق هذا الهدف. ولم تفسر المصادر بشكل واضح ما إذا كان يعني ذلك السماح بقتل المختطفين لديها.

صورة تجمع الرهائن الست الذين أعلن الجيش الإسرائيلي العثور على جثثهم في قطاع غزة (أ.ب)

المختطفون الستة كان سيتم إطلاق سراحهم ضمن الصفقة المرتقبة، ويعدّ قتلهم خسارة لـ«حماس» كذلك، ومن شأنه أن يؤثر على سير المفاوضات.

وكانت «حماس» قد حرصت منذ بداية الحرب على نقل المحتجزين من مكان إلى مكان، ومن تحت الأرض إلى فوقها والعكس، في محاولة للاحتفاظ بهم بعيداً عن أعين الجيش الإسرائيلي، لكن الجيش بدأ في الآونة الأخيرة بالوصول لكثير من الأنفاق التي يوجد بها الأسرى، الأمر الذي يضغط على حركة «حماس» التي بدأت تفقد أهم أوراقها الرابحة في هذه المعركة.

وتسعى «حماس» منذ بداية الحرب الحالية لمحاولة التوصل لاتفاق يحفظ لها تحقيق أهدافها بتبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، إلا أن هذا الهدف بدأ يتلاشى مع فقدانها كثيراً من المختطفين لديها.

ويوجد أعداد لا بأس بها من هؤلاء المختطفين قد قتلوا في غزة، ويعتقد أن 97 من أصل 251 محتجزاً اختطفتهم «حماس» في 7 أكتوبر لا يزالون الآن في غزة، بما في ذلك جثث ما لا يقل عن 33 شخصاً، أكد الجيش الإسرائيلي مقتلهم.