بعد ساعات من إعلان وسائل الإعلام الإيرانية إرسال القائم بأعمال الرئيس الإيراني، محمد مخبر، مسودة اتفاقية التعاون الاقتصادي الاستراتيجي طويل الأمد بين طهران ودمشق إلى البرلمان؛ للمصادقة عليها والبدء في تنفيذها لتحصيل الديون الإيرانية على سوريا، جرى اتصال هاتفي بين الرئيسين السوري بشار الأسد والإيراني الجديد مسعود بزشكيان، وبحسب وكالة «سانا» جرى خلال الاتصال بحث «العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق تعزيزها على مختلف الصعد».
الأسد أكد خلال الاتصال، أن العلاقة مع إيران تقوم على «الوفاء المتبادل وتستند إلى المبادئ، وتستمد أهميتها من مقاومة الهيمنة في منطقة مضطربة تستهدفها أطماع استعمارية تاريخية».
بدوره، أكد الرئيس بزشكيان على «دعم بلاده لسوريا والمقاومة، وشدد على تعزيز العلاقات الثنائية وتطبيق الاتفاقيات بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين». بحسب «سانا».
جاء ذلك بالتوازي مع فرملة دمشق عجلة مسار «التقارب مع تركيا»، بعد سلسلة تصريحات تركية أوحت بقرب تثمير الحركة الدبلوماسية الجارية على خط موسكو - أنقرة بدعم عربي، لكن دمشق أكدت عبر وسائل إعلام محلية مقربة، اشتراطها الحصول على ضمانات بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية للتقارب مع أنقرة.
ملف الديون الإيرانية المستحقة على سوريا، يطفو بين فترة وأخرى، بالضغط على دمشق لتنفيذ الاتفاقيات والخطط الاستثمارية الاستراتيجية بين البلدين، كضمان لسداد سوريا ديوناً تبلغ نحو 50 مليار دولار في القطاع المدني، بحسب التقارير الإيرانية.
وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية، الثلاثاء، بإرسال محمد مخبر، القائم بأعمال الرئيس، إلى رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف، رسالة تماشياً مع تنفيذ المادة 77 من الدستور، مسودة مشروع الاتفاق الاستراتيجي وطويل المدى للتعاون الاقتصادي بين إيران وسوريا.
ووفقاً للمادة 77 من الدستور الإيراني، فإن أي معاهدة أو اتفاق أو عقد دولي بين إيران والدول أو المؤسسات الدولية الأخرى، يجب أن يحظى بموافقة مجلس الشورى الإسلامي.
وقد تمت الموافقة على مسودة القانون من قِبل المجلس الحكومي بناءً على اقتراح وزارة الطرق والتنمية الحضرية كرئيسة للجنة الاقتصادية المشتركة لإيران وسوريا في اجتماع 16 يونيو (حزيران) من هذا العام، بحسب «مهر»، في حين ذكرت تقارير إعلامية أخرى، أن وضع الاتفاقية الإيرانية - السورية موضع التنفيذ يهدف إلى تحصيل الديون الإيرانية على سوريا البالغة 50 مليار دولار، بحسب التقارير الإيرانية.
وفي سابقة تعد الأولى من نوعها، نشرت وسائل الإعلام الإيرانية، بنود الاتفاقية التي تضمنت مقدمة و5 مواد، وبحسب الفقرة 2 من المادة 5، مدة الاتفاقية عشرون عاماً وحتى وفاء سوريا بالتزاماتها وسداد الديون المستحقة عليها. ويمكن تمديد خطوط الائتمان من طهران إلى دمشق. كما تنص المادة 2، على تشكيل مجموعة عمل تضم مسؤولين من كلا الجانبين لمتابعة تنفيذ المشروعات والعقود وفصل المشكلات المحتملة المتعلقة بها. وتتألف المجموعة من ممثلين من وزارة الخارجية ونائب الرئيس ووزارة الاقتصاد والطرق التنمية على الجانب الإيراني.
ولم يسبق أن كُشف عن بنود الاتفاقيات الموقّعة بين البلدين؛ ما فسرته مصادر متابعة في دمشق، بأنه نوع من «الضغوط» الإيرانية على سوريا كي لا تمضي بعيداً عن نطاق النفوذ الإيراني.
ولفتت المصادر إلى أن «تلويح» إيران بورقة الديون، تزامن مع حمى التصريحات التركية المتعلقة بمسار التقارب بين أنقرة ودمشق، كذلك اللقاء المحتمل بين الرئيسين السوري والتركي، والجهود الروسية الحثيثة المبذولة في هذا الخصوص وما تلاقيه من دعم عربي. واعتبرت المصادر أن كشف الطرف الإيراني عن حجم الديون والمدة الزمنية للاتفاقية «والتي هي عشرون عاماً وحتى استرداد الديون»، «يعكس بعضاً من ملامح مطالب إيران، بمعنى حصتها في حال تم الجلوس إلى طاولة التفاوض متعددة الأطراف للوصول إلى مخارج للملف السوري».
تعود اتفاقية التعاون الاقتصادي طويل الأمد بين إيران وسوريا، إلى عام 2015، وخلال 2017 و2019 جرت عليها تحديثات وفقاً لتطورات الأوضاع على الأرض وزيادة التدخل الإيراني وارتفاع الديون.
وكان آخر تحديث عام 2023 مع زيارة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، إلى دمشق، في مايو (أيار) 2023، حين وقّع مع الرئيس الأسد مذكرة «تفاهم للتعاون الشامل الاستراتيجي الطويل الأمد بين دمشق وطهران»، وفق التقارير الإعلامية الرسمية السورية التي أشارت إلى توقيع الرئيسين على «مذكرة خطة تعاون في المجال الزراعي، ومجال النفط».