ذكرى «30 يونيو» في مصر... «تغييرات محدودة» بالسلطة التنفيذية ترسّخ «الاستقرار»

رئيسان و4 حكومات متعاقبة و«تعديلات دستورية» في 11 عاماً

مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي (شرق القاهرة) في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي (شرق القاهرة) في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ذكرى «30 يونيو» في مصر... «تغييرات محدودة» بالسلطة التنفيذية ترسّخ «الاستقرار»

مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي (شرق القاهرة) في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي (شرق القاهرة) في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

على مدى 11 عاماً، منذ انتفاضة «30 يونيو» 2013، التي أطاحت بالرئيس الراحل محمد مرسي، شهدت مصر «تغييرات محدودة» في السلطة التنفيذية، عبر «استحقاقات دستورية» وُضعت عقب انتهاء فترة حكم «الإخوان المسلمين»، ما رسّخ «حالة استقرار سياسي»، وفق مراقبين، عدّوا إياها «أبرز نجاحات تلك الفترة، في ظل اضطراب سياسي وأمني واسع شهدته دول مجاورة».

وعقب احتجاجات شعبية واسعة، انطلقت في 30 يونيو (حزيران) 2013، أُعلن في 3 يوليو (تموز) 2013 عزل مرسي، وتعطيل العمل بالدستور، مع تكليف رئيس المحكمة الدستورية -آنذاك- المستشار عدلي منصور رئيساً مؤقتاً للبلاد.

ومثّلت عملية إعادة بناء المؤسسات الدستورية في مصر أول اختبارات «نظام 30 يونيو»، تنفيذاً لخريطة طريق توافق عليها عدد من القوى السياسية آنذاك، وتتضمّن تشكيل حكومة كفاءات وطنية، ولجنة تمثّل أطياف الشعب؛ لوضع دستور جديد للبلاد.

وخلال فترة انتقالية استمرت عاماً واحداً، وُضع دستور جديد للبلاد، وتمت الموافقة عليه باستفتاء شعبي في يناير (كانون الثاني) 2014، أعقبته انتخابات رئاسية، فاز فيها بـ«اكتساح» الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في يونيو 2014، الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع في «حكومة 30 يونيو»، ثم انتخابات برلمانية نهاية 2015.

يقول الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ المصري، لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده «لم تشهد هزّة سياسية منذ 30 يونيو حتى الآن، بفضل قوة النظام، الذي نجح في تثبيت دعائمه، بتحجيم تنظيم الإخوان وقهر الإرهاب».

وحظرت السلطات المصرية «جماعة الإخوان»، وعدَّتها «تنظيماً إرهابياً»، بصفة رسمية عام 2014، وعلى مدار الأعوام الـ11، واجه «الإخوان» مئات القضايا في محاكمات طالت أعداداً كبيرة من قياداتها وكوادرها.

ويشيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إكرام بدر الدين، بوضعية المؤسسات المصرية بعد 30 يونيو، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع الحالي لم يشهد تغييرات جوهرية، بعكس تغييرات متلاحقة في الحكومات والسياسات في فترات سابقة كانت تعكس غياب الاستقرار السياسي».

وتولّى السيسي الحكم في 2014، وكانت الفترة الرئاسية 4 سنوات وفقاً للدستور الجديد، قبل أن تُمدّد إلى 6 سنوات في تعديلات دستورية أًقرت عام 2019، ومُددت الفترة الرئاسية الثانية للسيسي حتى أبريل (نيسان) 2024، كما سُمح له بالترشح لفترة ثالثة، فاز فيها بالأغلبية، وتستمر حتى عام 2030.

وعدّ عبد المنعم سعيد، أن «قوة السلطة التنفيذية، ممثلة في الحكومات المختلفة التي شهدتها مصر بعد 30 يونيو، عامل الحسم في مواجهة ميراث من المشكلات المختلفة»؛ فقد ساعدها في «تنفيذ مئات المشروعات التنموية، وسط تحديات موجعة مثل: الإرهاب، وجائحة كورونا، وآثار الحرب الأوكرانية، والحرب على غزة».

وعلى مدى 11 عاماً، شُكّلت 4 حكومات فقط في مصر؛ الأولى كانت برئاسة حازم الببلاوي، من يوليو (تموز) 2013 حتى فبراير (شباط) 2014. في حين تولى إبراهيم محلب الحكومة الثانية، من مارس (آذار) 2014 حتى سبتمبر (أيلول) 2015. قبل أن يتولّى شريف إسماعيل رئاسة الحكومة الثالثة، حتى يونيو 2018. ومنذ ذلك الحين يتولّى رئيس الوزراء الحالي مصطفى مدبولي الحكومة الرابعة، حتى الآن؛ إذ أعاد الرئيس المصري تكليفه، في يونيو الماضي، بتشكيل حكومة جديدة من «أصحاب الكفاءات والخبرات».

وعدّ عضو مجلس الشيوخ المصري، التشكيلات الحكومية منذ 30 يونيو «محدودة»، مشيراً إلى أن «التغيرات السياسية التي صاحبت التعديلات الوزارية ليست كبيرة، وإنما كانت (مكملة) للرؤية الهادفة نفسها؛ لتحقيق نهضة بمشروعات كبيرة في مختلف المجالات».

وأضاف أن «الحكومات المتعاقبة استطاعت أن تضاعف مساحة الأراضي المعمورة في مصر من 7 إلى 15 في المائة، وزيادة الرقعة الزراعية بنحو 40 في المائة، وتحقيق زيادة مستمرة في معدلات النمو، حتى ولو بنسب قليلة».

ويذكر نائب رئيس حزب «مستقبل وطن»، حسام الخولي، بما وصفه «معاناة المصريين قبل 30 يونيو»، وعدّ «استعادة الأمن في الشارع المصري والاستقرار الداخلي أهم إنجاز تحقّق حتى الآن»، مشيراً إلى «محيط مصر المضطرب سياسياً وأمنياً»، وقال إن «الدولة دفعت فاتورة عالية لبناء مؤسساتها، في ظل مواجهة عنيفة مع التنظيمات الإرهابية».

وأكد الخولي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة المصرية لم تكن تعمل في ظروف طبيعية طوال السنوات الماضية، ولم تكن هناك رفاهية لإجراء تعديلات مستمرة في الحكومات أو السلطة التنفيذية».

ويدعم «النجاح الحالي في ترسيخ الاستقرار توسيع المشاركة السياسية للأحزاب، وتفعيل مشاركتها على مستوى مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية خلال المرحلة المقبلة»، وفقاً للدكتور بدر الدين، الذي أشار إلى أن «مشروع (الجمهورية الجديدة) الذي تستهدفه مصر حالياً يتطلّب مؤسسات (فاعلة)، وهذا يتحقق بمشاركة حزبية وسياسية أوسع».

بينما دعا عبد المنعم سعيد إلى ضرورة «إعادة النظر في بعض نصوص الدستور الحالي، التي لا تواكب الواقع»، قائلاً إن «هناك حاجة إلى النص على نظام رئاسي صريح في البلاد بدلاً من النظام المختلط القائم حالياً».


مقالات ذات صلة

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

شمال افريقيا أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان».

أحمد عدلي (القاهرة)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا طارق رمضان يغادر المحكمة مع محاميه ثيو بادان (أرشيفية- أ.ف.ب)

محكمة سويسرية تقضي بسجن طارق رمضان 3 سنوات بتهمة الاغتصاب

قضت محكمة استئناف سويسرية بسجن طارق رمضان، حفيد حسن البنا مؤسس جماعة «الإخوان المسلمين»، 3 سنوات، منها سنة مع النفاذ.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

مصر: الإعدام لمدان بقتل شرطي خلال احتجاجات «عزل مرسي»

قضت محكمة مصرية، الثلاثاء، بالإعدام لشخص أدين في القضية المعروفة إعلامياً بـ«مقتل اللواء نبيل فراج»، مساعد مدير أمن الجيزة في كرداسة (غرب القاهرة).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بينما يحاول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزير خارجيته فؤاد حسين، العمل للحيلولة دون توجيه ضربة إسرائيلية إلى العراق، تتناقض مواقف القوى السياسية العراقية. ففي وقت أعلن البرلمان العراقي أنه سوف يعقد الاثنين جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، خرقت بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران جدار الصمت الذي التزمت به طوال الأيام الماضية باستئنافها التهديد ضد إسرائيل بالتزامن مع دخول رئيسَي الحكومة السابقين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي على خط التصعيد.

السوداني خلال كلمة له في الذكرى المئوية لتأسيس وزارة الخارجية قال إن «العراق دعا مبكراً إلى تكثيف الجهود لإنهاء الحرب في فلسطين ولبنان وحماية المدنيين، والعمل على عدم اتساع نطاق الحرب»، مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني هدد العراق بذرائع واهية تكشف عن نياته العدوانية؛ ما استلزم منا التأكيد على عدم جعل العراق منطلقاً لأي هجوم». وفي مسعى منه لتجنيب العراق المواجهة المحتملة مع إسرائيل، أكد السوداني أنه وجّه «وزارة الخارجية بمتابعة ملف التهديد الصهيوني بالمحافل الدولية لمنع محاولات الكيان إشعال الحرب في المنطقة بشكل أكبر».

عين العاصفة

وبينما خرقت الفصائل المسلّحة جدار الصمت طوال الأيام الماضية بعد تهديدات إسرائيلية بدت جادة هذه المرة لتوجيه ضربة ضد العراق، فقد دخل رؤساء وزراء سابقون على خط التعبير عن المخاوف من إمكانية حصول هذه الضربة والمآلات التي يمكن أن تنتهي إليها.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي إن «اللحظة الإقليمية والدولية لحظة تحوّلية خطيرة وخطرة، وعراقنا في عين العاصفة».

صورة للأمين العام السابق لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل مرفوعة في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)

وقال العبادي في تدوينة له على منصة «إكس» إن «العراق قادر على الخروج منها أقوى وأكثر تماسكاً، ولقد برهن العراقيون على قدرتهم وشجاعتهم في مواجهة التحديات الوجودية في الماضي القريب، ويمكنهم فعل ذلك مرة أخرى». غير أن العبادي حذّر مما أسماه «ثلاث خطايا وهي: الانقسام السياسي على مستوى السياسات والقرارات الوطنية. والسماح للمغامرين بقيادة السياسات والقرارات الوطنية. والانحياز الجبهوي في السياسات والقرارات الوطنية لصالح أحد المحاور المتصارعة بالضد من المصلحة الوطنية العراقية». وأضاف العبادي: «رسالتي للسّاسة: علينا رفض الروح الانهزامية، وعلينا بوحدة الصف وعقلانية السياسة وواقعية القرار».

من جهته، قال رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في تدوينة له إن «العراق والمنطقة - كانا وما زالا - في صلب (بلفور) و(سايكس - بيكو)»، مبيناً أن «ترتيبات وجودية وسيادية ومستقبلية ندفع عالياً أثمانها، فلا انهزام، ولا هروب من مواجهتها، ولا وقوف على التل»، على حد قوله.

إلى ذلك، حددت الفصائل المسلحة طبيعة الرد المحتمل في حال وجهت إسرائيل ضربات إلى العراق جرى تداول العديد من الأهداف المفترضة لها داخل العراق. وقال مصدر لأحد الفصائل المسلحة في تصريحات صحافية إن الفصائل تؤكد أن «التهديد الصهيوني باستهداف بغداد ليس مفاجئاً، وهو متوقع منذ أشهر، ونحن في جهوزية تامة لأي سيناريو من الآن». وأضاف: «طبيعة الرد على أي عدوان يطال بغداد ستحددها تنسيقية فصائل المقاومة، ولكن في كل الأحوال سيكون هناك رد مضاعف، لكن طبيعة الأهداف التي سيتم توجيه الضربات إليها ستختلف حتماً».

وأشار المصدر إلى أن «الرد لن يطال الكيان بل حلفاءه، وهذه رسالة قلناها من قبل ونكررها؛ لأنه لن يكون بمقدور المحتل ضرب بغداد دون دعم معلوماتي وفني من أميركا وغيرها، ومستعدون لنقل المعركة إلى مستويات أكبر». وبيّن أنه «إذا لم تنتهِ حرب الإبادة في فلسطين ولبنان ستبقى مسيّراتنا تضرب الكيان المحتل، ولن نتراجع عن موقفنا المبدئي مهما كانت الضغوط والتضحيات».