«هدنة غزة»: حراك جديد للوسطاء على أمل الوصول لاتفاق

تعديل أميركي بمقترح بايدن... واتصالات مصرية مع «حماس»

جنود إسرائيليون على دباباتهم بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
جنود إسرائيليون على دباباتهم بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: حراك جديد للوسطاء على أمل الوصول لاتفاق

جنود إسرائيليون على دباباتهم بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
جنود إسرائيليون على دباباتهم بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

بين صياغة جديدة لمقترح الرئيس الأميركي، جو بايدن، واتصالات مصرية مع حركة «حماس»، عاد حراك الوسطاء من جديد بحثاً عن انفراجة وشيكة واتفاق بشأن هدنة جديدة في قطاع غزة، وسط مخاوف من شروط معرقلة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أو الحركة، التي يتمسك بالقضاء عليها.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تحركات الوسطاء تحيي آمال الوصول لاتفاق، غير أن نجاحها متوقف على تجاوز عراقيل نتنياهو، وتقبل الطرفين للصياغة الجديدة، مرجحين أن الانفراجة الحقيقية للمفاوضات لن تتحقق بالضغوط الأميركية وحدها، ولكن بخروج رئيس الوزراء الإسرائيلي من المشهد، وإجراء انتخابات مبكرة.

والأحد، أعاد نتنياهو في بداية اجتماع الحكومة شروطه قائلاً: «ملتزمون بالقتال بغزة حتى نحقق جميع أهدافنا: القضاء على «حماس»، وعودة جميع المختطفين الـ120 أحياءً وأمواتاً، والوعد بأن غزة لن تُشكِّل بعد الآن تهديداً لإسرائيل، والعودة الآمنة لسكاننا في الجنوب والشمال إلى ديارهم».

وتمسك بأنه «لا يوجد تغيير في موقف إسرائيل فيما يتعلق بالخطوط العريضة التي طرحها الرئيس بايدن (نهاية مايو (أيار) على 3 مراحل)»، مؤكداً أن «حماس هي العقبة الوحيدة أمام إطلاق سراح الرهائن، ولدينا مزيج من الضغط السياسي والضغط العسكري، وفوق كل شيء الضغط العسكري. سنعيد جميع المختطفين».

وجاءت تصريحات نتنياهو غداة، كشف أسامة حمدان القيادي في حركة «حماس»، في مؤتمر صحافي، السبت ببيروت، عن تلقي الحركة «آخر مقترح لوقف إطلاق النار في 24 يونيو (حزيران)»، وأكد أن «(حماس) جاهزة للتعامل بإيجابية مع أي صيغة تضمن بشكل أساسي ومباشر وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً شاملاً من قطاع غزة، وصفقة تبادل حقيقية».

والسبت، تلقّى إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، اتصالاً هاتفياً، من اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية، «تناول فيه مسار المفاوضات الجارية الهادفة إلى التوصل لوقف إطلاق النار في غزة»، وفق بيان رسمي للحركة.

وكانت الولايات المتحدة قد قدمت صياغة جديدة، على أجزاء من الاتفاق المقترح على 3 مراحل، تشمل طريقة انتقال المفاوضات إلى المرحلة الثانية، وتحديدها بنودها بشكل أوضح، وفق ما نقل موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، عن مصادر مطلعة لم يُسمِّها، أكد أحدهم «إمكانية إبرام اتفاق حال وافقت (حماس)».

وكانت المرحلة الثانية من مقترح بايدن، مصدر خلاف، إذ تتمسك حركة «حماس» بوقف دائم للحرب وانسحاب عسكري إسرائيلي كامل، في حين تتمسك تل أبيب بمواصلة الحرب حتى القضاء على الحركة.

وقدمت «حماس»، رداً على مقترح بايدن، سلّمته للوسيطين مصر وقطر، في وقت سابق هذا الشهر، في حين قالت واشنطن إنه يشمل تعديلات، بعضها مقبول، في حين لم تقبل إسرائيل الخطة علناً، وربطتها دائماً بشروط، بينها عدم الانسحاب، واستمرار الحرب بغزة.

محاولة لكسر جمود

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك التحركات الجديدة من الوسطاء محاولة لكسر جمود المفاوضات والمحافظة على إيقاع استمرار الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار بغزة.

ويعتقد أن نجاح تلك التحركات الجديدة يتوقف على مدى إمكانية قبول نتنياهو شروط «حماس» المرتبطة بالانسحاب الكامل من غزة، والوقف الدائم للحرب بوصفهما نقطتين رئيسيتين، بجانب عدم استبعاد دور الحركة في إعمار وإدارة غزة مستقبلاً. ويرى أن نتنياهو سيستمر على موقفه الصلب الرافض تلك النقاط، ويراهن على وصول دونالد ترمب للرئاسة، معتقداً أن بايدن لن يغامر بالضغط أكثر على تل أبيب، في ظل موقفه الضعيف حالياً بالانتخابات الرئاسية حفاظاً على أصوات داعمة لإسرائيل.

ويصف الدبلوماسي المصري السابق التحرك الأميركي الجديد حال لم ينجح، بأنه «يسير في سياسة التفاوض من أجل التفاوض».

ويوضح أن تلك السياسة تسمح لبايدن بأن يخاطب ناخبيه الغاضبين من ملف غزة، بأنه يبذل جهوداً لوقف الحرب هناك، وفي الوقت نفسه يسمح لنتنياهو بمواصلة الضغط العسكري لإجبار «حماس» وسط المجاعة والضربات العسكرية على قبول الشروط الإسرائيلية، معتقداً أن «هذه السياسة لن تُنجح أي مفاوضات».

ضغط جديد

الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء نصر سالم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يرى أن «هناك على أرض الواقع تحركات مكثفة من الوسطاء، ومحاولات متكررة لتقريب وجهات النظر، نتمنّى أن تُكلَّل بالنجاح».

قبل أن يستدرك: «لكن بكل أسف، بايدن لن يستطيع أن يضغط على تل أبيب، في ظل موقفه الانتخابي الضعيف حالياً، وإصرار نتنياهو على التمسك بشروطه المعرقلة لحين زيارة الكونغرس الشهر المقبل، وعودة ترمب للرئاسة. ولو توقفت الحرب في غزة، فسيشعلها نتنياهو في جنوب لبنان»، هكذا يتوقع اللواء ناصر سالم الخطوات المقبلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي من أجل البقاء سياسياً.

ويعتقد أن «أي حل نهائي لأزمة غزة ليس مرتبطاً بالضغوط الأميركية، فقط بل بمواصلة ضغط الشارع الإسرائيلي لإجراء انتخابات مبكرة، وإخراج نتنياهو من المشهد».

وبينما تتواصل المشاورات المصرية للهدنة، نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر رفيع المستوى «عدم وجود أي مباحثات مصرية لإشراف إسرائيلي على معبر رفح»، لافتاً إلى «تمسك مصر بانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من الجانب الفلسطيني من المعبر».

وأكد أنه «لا صحة لما جرى تداوله بشأن التوصل إلى اتفاق لنقل معبر رفح الحدودي من موقعه الحالي، وبناء منفذ جديد بالقرب من كرم أبو سالم».


مقالات ذات صلة

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

المشرق العربي «حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان اليوم الاثنين إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض، مؤكدا أن الحركة معنية في الوقت نفسه بوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

«حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)
«حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)
TT

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

«حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)
«حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان اليوم الاثنين إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض، مؤكدا أن الحركة معنية في الوقت نفسه بوقف الحرب.

وأضاف حمدان لتلفزيون «الميادين» اللبناني: «نحن معنيون بوقف العدوان على شعبنا، والحديث عن هدنة لـ5 أيام ثم العودة إلى القتال لا يحقق مطلبه»، مشيرا إلى أن آخر عرض أميركي كمقترح لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة تم تقديمه قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية الماضية.

وتابع قائلا: «الإسرائيلي يريد أن يسترجع الأسرى لدى المقاومة وأن ترفع الأخيرة راية الاستسلام ثم يقرر إذا ما أراد وقف الحرب أم لا».

وحول وضع الأسرى في ظل المعارك الدائرة في القطاع، قال حمدان: «لا أحد يستطيع أن يجزم بأي أمر بشأن وضعية الأسرى وحالتهم».

وأضاف: «في غزة معركة تدور، إذا انقطعت أخبار الآسرين من المقاومة تنقطع أخبار الأسرى الإسرائيليين. إذا استشهد المقاوم الذي يهتم بأسرى إسرائيليين فإن حياتهم تصبح في خطر عندما يخسرون من يهتم بهم».

وانهارت العديد من جولات المفاوضات للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» برعاية مصرية وقطرية وأميركية، باستثناء هدنة واحدة جرى التوصل إليها لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أبلغت قطر «حماس» وإسرائيل بأنها ستوقف جهودها في الوساطة حتى يظهرا «الاستعداد والجدية» لاستئناف المحادثات.

وقال خليل الحية القائم بأعمال رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة في وقت سابق هذا الشهر إن المقترح الأميركي الأخير لوقف إطلاق النار «لم يتحدث عن وقف الحرب ولا عودة النازحين، بل عن إعادة بعض الأسرى الإسرائيليين فقط»، وأضاف: «نريد أن يتوقف هذا العدوان، ويجب أن يتوقف أولاً لكي يتم أي تبادل للأسرى».