لماذا يُشكل حي الشجاعية مركزاً للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين على مدار سنوات؟

لقطة من فيديو نشرته «حماس» تظهر المعارك الدائرة بين «القسام» والقوات الإسرائيلية في غزة (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو نشرته «حماس» تظهر المعارك الدائرة بين «القسام» والقوات الإسرائيلية في غزة (أ.ف.ب)
TT

لماذا يُشكل حي الشجاعية مركزاً للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين على مدار سنوات؟

لقطة من فيديو نشرته «حماس» تظهر المعارك الدائرة بين «القسام» والقوات الإسرائيلية في غزة (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو نشرته «حماس» تظهر المعارك الدائرة بين «القسام» والقوات الإسرائيلية في غزة (أ.ف.ب)

يظن كثير من الناس أن حي الشجاعية على الحدود الشرقية لقطاع غزة سُمّي بهذا الاسم نسبة إلى شجاعة أهله وسكانه، ومقارعتهم القوات الإسرائيلية لسنوات طويلة، إلا أن المصادر التاريخية تشير إلى أن التسمية جاءت نسبة إلى «شجاع الكردي»، الذي قُتل في إحدى المعارك التي تلت معركة «حطين» بين الأيوبيين والصليبيين سنة 637 هجرية/ 1239 ميلادية.

ويقع الحي شرق مدينة غزة، ما جعله على تماس مع القوات الإسرائيلية التي تتمركز خارج القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب في 2005، وكثيراً ما كانت تستهدفه الدبابات والمدافع الإسرائيلية بالقذائف.

ويعدّ الحي الحدودي، الذي يقع إلى الشرق من مدينة غزة، من أكبر أحياء المدينة، وينقسم إلى قسمين، الشجاعية الجنوبية (التركمان) والشجاعية الشمالية (إجْدَيدة)، ويعيش فيه 100 ألف فلسطيني.

ووقع هذا التقسيم قديماً على أساس عرقي، إذ عاشت في الجزء الجنوبي العشائر التركمانية التي استقرت هناك في عهد السلطان الأيوبي، الصالح أيوب، في الأعوام 1240 - 1249، في حين عاش الأكراد الذين قدموا من الموصل في الجزء الشمالي منه.

عناصر من «كتائب القسام» (الإعلام العسكري لـ«كتائب القسام»)

لكن الحي وسكانه مثلوا إزعاجاً لا خلاص منه للقوات الإسرائيلية والمستوطنات التي كانت داخل القطاع قبل الانسحاب في 2005.

في أبريل (نيسان) عام 2001، فجَّر مجموعة من المقاتلين عبوة ناسفة في دبابة إسرائيلية شرق حي الشجاعية، وقاموا بتصوير العملية عن طريق كاميرات الفيديو، وهو ما بدأ يعرف لدى الفصائل الفلسطينية بالإعلام الحربي.

من حي الشجاعية الذي نشأ به، بدأ نضال فرحات بالتعاون مع تيتو مسعود، أولى محاولات صناعة صاروخ محلي فلسطيني، الذي أطلق عليه «قسام 1»، ورغم بدائية الصاروخ ومداه المحدود، فإنه كان نواة لصناعة الصواريخ محلية الصنع الأخرى في غزة.

وعمل نضال فرحات أيضاً، في وقت اغتياله عام 2003، على نموذج أولي لطائرة من دون طيار كان نواة لطائرات «أبابيل» التي أعلنت عنها «كتائب القسام» الجناح العسكرية لحركة «حماس» لاحقاً. وقتل تيتو مسعود في قصف إسرائيلي استهدف سيارته في حي الشجاعية في يونيو (حزيران) 2003.

مقاتلون من «كتائب القسام» في حركة «حماس» بمدينة رفح يوم 31 يناير عام 2017 (أ.ف.ب)

ومن الحي أيضاً عمل عماد عقل، أحد أشهر المقاتلين في قطاع غزة، ونفذ عدة عمليات، منها كمين لدورية إسرائيلية في ديسمبر (كانون الأول) 1992، على طريق بيت لاهيا - الشجاعية، ما أدى لمقتل ضابط وجنديين إسرائيليين، لاحقاً قتل عماد عقل في اشتباك مسلح بعد محاصرته في الشجاعية.

وقوع حي الشجاعية في الجزء الشمالي الشرقي من قطاع غزة جعله منطلقاً لتنفيذ العمليات ضد مستوطنات محور نتساريم وتجمع غوش قطيف.

فمثلاً في 7 مارس (آذار) تسلل محمد فرحات، ليلاً، إلى مستوطنة عتصمونا ضمن مجمع مستوطنات غوش قطيف في قطاع غزة، واستطاع دخول المستوطنة والهجوم على مدرسة لتدريب الجنود، ما أدى لمقتله ونحو 10 جنود.

مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

لم يكن حي الشجاعية فقط منطلقاً للمستوطنات داخل القطاع (غربه) ولكن استهدفت بعض العمليات المستوطنات المحاذية لقطاع غزة (شرقه)، مثل العملية المركبة التي نفذها مقاتلان فلسطينيان في ديسمبر (كانون الأول) 2004 بتفجير عبوات ناسفة معدة مسبقاً على قوة إسرائيلية، ثم الاشتباك معها بالرصاص حتى مقتل منفذي العملية، التي أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين.

وشهد العام نفسه عدة اقتحامات من القوات الإسرائيلية، أدت لاندلاع اشتباكات قضى فيها مقاتلون ومدنيون من سكان الشجاعية. ونفذت إسرائيل عملية انتقامية في الحي أدت إلى مقتل أكثر من 17 من سكانه.

وفي حرب 2008، قصفته إسرائيل بعنف، ودمرت مركز الشرطة المحلي فيه وقتلت منتسبي الأجهزة الأمنية، وشهد الحي معارك عنيفة، ثم شهد واحدة من أكثر العمليات إيلاماً في حرب 2014، إذ نفذ مقاتلون من «كتائب القسام» عملية إنزال خلف الخطوط شرق الشجاعية، وهاجموا موقعاً عسكرياً وبرجاً يتبع كتيبة «ناحل عوز» ما أدى لمقتل 10 جنود، وفق إعلان الكتائب.

وكذلك استهداف موقع «ناحل عوز» بقذائف «الهاون» خلال زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي وقائد «اللواء الشمالي 401» وقائد «فرقة غزة» والناطق باسم الجيش للمنطقة.

تعرّض الحي خلال حرب 2014 لتدمير واسع نتيجة القصف الجوي، ثم لاحقاً تعرّض للقصف مرة أخرى في العملية العسكرية الإسرائيلية في عام 2021.

يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعد عدة ساعات على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى، استهدفت «كتائب القسام» مساءً سيارة مدرعة على حدود القطاع بصاروخ «كورنيت»، بعدها شهد الحي معارك وقصفاً عنيفاً بعد بدء العملية البرية في 27 أكتوبر.

وبدأت القوات الإسرائيلية عملية ثانية في حي الشجاعية يوم الخميس الماضي، إذ يمثل الحي خطراً على محور نتساريم، الذي تتمركز فيه قوات بهدف فصل شمال القطاع عن جنوبه، ما يجعلها عرضة لعمليات الفصائل الفلسطينية انطلاقاً من الحي كما كان الوضع قبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتفكيك المستوطنات في عام 2005.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يدين «الإرهاب النفسي الوحشي» لحركة «حماس»

المشرق العربي نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

نتنياهو يدين «الإرهاب النفسي الوحشي» لحركة «حماس»

أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ما وصفه بأنه «الإرهاب النفسي الوحشي والشرير» لحركة «حماس» بعدما نشرت عدداً من الفيديوهات متعلقة بالرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي إسرائيليون يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة (رويترز)

«حماس»: الجيش الإسرائيلي «تعمد» قصف أماكن بها أسرى «لقتلهم»

قال أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، السبت، إن الجيش الإسرائيلي «تعمّد» تكرار القصف على أماكن بها أسرى بهدف قتلهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة مأخوذة من مقطع فيديو نشره المكتب الإعلامي لحركة «حماس» يظهر أحد أعضاء «كتائب القسام» وهو يسلم رهينة مسنة إلى مسؤولين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة (أ.ف.ب)

«كتائب القسام» تنشر فيديو لرهينة إسرائيلي منذ أكثر من 420 يوماً

نشرت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، السبت، فيديو يظهر ماثان زانغاوكر، البالغ من العمر (25 عاماً) على قيد الحياة.

المشرق العربي رجال يتفقدون سيارة محترقة قيل إنها تعرضت لغارة جوية إسرائيلية في قرية العقبة الفلسطينية بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية 3 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن مقتل اثنين من عناصرها بقصف إسرائيلي في شمال الضفة

أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مساء اليوم الثلاثاء، مقتل اثنين من عناصرها في قصف إسرائيلي بشمال الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سوريا: مسؤول في الأمم المتحدة يدعو لزيادة الدعم الدولي «على نطاق واسع»

مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر (أ.ف.ب)
مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر (أ.ف.ب)
TT

سوريا: مسؤول في الأمم المتحدة يدعو لزيادة الدعم الدولي «على نطاق واسع»

مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر (أ.ف.ب)
مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر (أ.ف.ب)

شدّد مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر، اليوم (الأربعاء)، على ضرورة زيادة الدعم المخصص لسوريا «على نطاق واسع»، داعياً المجتمع الدولي إلى الاستجابة لـ«لحظة الأمل» التي يعيشها السوريون، بعد إطاحة بشار الأسد.

وفي مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» على هامش زيارته سوريا، قال فليتشر: «أريد زيادة الدعم الدولي على نطاق واسع، لكن ذلك يعتمد الآن على الجهات المانحة»، وسط نقص حاد «تاريخي» في التمويل المخصص لسوريا.

وأضاف: «في جميع أنحاء البلاد، الاحتياجات هائلة، وسبعة من كل عشرة أشخاص يحتاجون إلى الدعم الآن».

ورأى أن «الشعب السوري يحاول العودة إلى وطنه، حين يكون ذلك آمناً، من أجل إعادة بناء بلدهم، وإعادة بناء مجتمعاتهم وحياتهم»، معتبراً أن «الفرصة سانحة الآن... وعلينا أن نقف إلى جانبه ونستجيب لهذه اللحظة المفعمة بالأمل».

وتابع: «أخشى أن تُغلق هذه النافذة، إن لم نفعل ذلك بسرعة».

وخلال نحو 14 عاماً من نزاع دام، اضطر نصف عدد سكان سوريا إلى ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أخرى أو اللجوء إلى الخارج.

ومع طول أمد الأزمة السورية بغياب تسوية سياسية للنزاع، تراجع الدعم الدولي المخصص لسوريا. وخلال العام الحالي، أطلقت الأمم المتحدة نداء تمويل بقيمة أربعة مليار دولار من أجل الاستجابة للأزمة السورية، جرى توفير ثلثها فقط.

وعلى هامش زيارته سوريا، التقى فليتشر ممثلين عن السلطة الجديدة التي تقود البلاد، بينهم قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع.

وقال فليتشر إن ضمان إيصال المساعدات من دون قيود وتعقيدات بيروقراطية إلى جميع المناطق في سوريا شكّل «نقطة بحث أساسية» خلال نقاشاته في دمشق، لافتاً إلى حصوله على «تطمينات قوية» بهذا الصدد.

وأوضح: «نحتاج إلى الوصول دون عوائق أو قيود إلى الأشخاص الذين نعمل لخدمتهم. نحتاج إلى فتح المعابر حتى نتمكن من إيصال كميات هائلة من المساعدات... نحتاج إلى ضمان أن يتمكن العاملون في المجال الإنساني من الوصول إلى حيث يحتاجون دون قيود وبأمان».

وتابع: «تلقيت أشد التطمينات الممكنة من أعلى الهرم في حكومة تصريف الأعمال لناحية منحنا الدعم الذي نحتاجه. وسيكون ذلك محل اختبار في الفترة المقبلة».

ولطالما فرضت دمشق قيوداً على حركة المنظمات الإنسانية وتوزيع المساعدات في المناطق التي كانت خارجة عن سيطرتها، حيث تركّز العدد الأكبر من النازحين جراء الحرب.