سفارات تجدّد تحذير رعاياها من السفر إلى لبنان خوفاً من تصعيد المواجهات

السفيرة الأميركية: نركّز على منع التصعيد وإيجاد حل دبلوماسي

السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون متحدثة بمناسبة الذكرى الـ248 لعيد الاستقلال الأميركي (السفارة الأميركية)
السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون متحدثة بمناسبة الذكرى الـ248 لعيد الاستقلال الأميركي (السفارة الأميركية)
TT

سفارات تجدّد تحذير رعاياها من السفر إلى لبنان خوفاً من تصعيد المواجهات

السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون متحدثة بمناسبة الذكرى الـ248 لعيد الاستقلال الأميركي (السفارة الأميركية)
السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون متحدثة بمناسبة الذكرى الـ248 لعيد الاستقلال الأميركي (السفارة الأميركية)

جددت عدد من السفارات في بيروت، أبرزها الولايات المتحدة الأميركية، تحذيرها لمواطنيها من عدم السفر إلى لبنان، في وقت تتصاعد فيه التهديدات الإسرائيلية التي وصل آخرها إلى حد تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بإعادة لبنان إلى «العصر الحجري إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية».

وأعربت فرنسا الخميس عن «قلقها الشديد حيال خطورة الوضع في لبنان»، لافتةً إلى تصاعد أعمال العنف على الحدود مع إسرائيل «في شكل دراماتيكي»، وداعيةً «جميع الأطراف إلى أكبر قدر من ضبط النفس». وقال مساعد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان إن فرنسا التي تطلب «تنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن الدولي»، تبقى «ملتزمة تماماً الحؤول دون أي خطر تصعيد على الخط الأزرق والتوصل إلى حل دبلوماسي».

يأتي ذلك في وقت تستمر فيه الجهود الداخلية والدولية لمنع توسع الحرب، وهو ما كان محور الاتصال الذي تلقاه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من وزير خارجية النمسا ألكسندر شالنبرغ، فقد بحث خلاله الوضع في جنوب لبنان والمنطقة، والاتصالات الدولية الهادفة إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية.

كذلك رأس ميقاتي اجتماعاً وزارياً لبحث الخطوات التي تقوم بها الحكومة لدعم الأهالي في الجنوب، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر، بالإضافة إلى تقييم ما نُفذ حتى الآن، واقتراح خطوات إضافية لمواكبة أي طارئ في حال حصوله.

في غضون ذلك، أجرى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال، عبد الله بو حبيب، في بروكسل، مباحثات مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، في إطار جولة تأتي في سياق متابعة مساعي لبنان إلى خفض التصعيد، وتجنب حرب واسعة في الجنوب تنذر بحرب إقليمية مفتوحة. والتقى بو حبيب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل؛ إذ بحثا الوضع في لبنان والمنطقة والنظر في إمكان إسهام الاتحاد الأوروبي في تخفيف التصعيد والتوتر في جنوب لبنان.

كما اجتمع بو حبيب، في مقر الاتحاد الأوروبي، مع سفراء الاتحاد للدول الـ27 في اللجنة السياسية والأمنية، وتم التداول في الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة وسبل دعمه والجيش، والمبادرات الدبلوماسية القائمة ضمن إطار الحل السياسي وخفض التصعيد.

سفارات تجدّد تحذيرها... والسفيرة الأميركية: لحظة حاسمة

والخميس، جدّدت السفارة الأميركية دعوتها إلى مواطنيها لتجنب السفر إلى لبنان، بسبب الوضع الأمني الذي قد يتبدّل، مذكرة إياهم بأن الحكومة اللبنانية لا تستطيع ضمان حمايتهم إذا ما تدهور الوضع الأمني بصورة مفاجئة. ووصفت السفيرة الأميركية لدى لبنان، ليزا جونسون، في كلمة لها بمناسبة الذكرى الـ248 لعيد الاستقلال الأميركي، الوضع بـ«اللحظة الحاسمة» في المنطقة، وقالت: «لقد استمر الصراع بما فيه الكفاية، ونحن، بدءاً من الرئيس بايدن إلى كل موظف في هذه السفارة، نركّز على منع مزيد من التصعيد وإيجاد حل دبلوماسي يُنهي المعاناة على جانبي الحدود. نحن بحاجة إلى حل هذه الصراعات -سواء في غزة أو على الخط الأزرق- بسرعة ودبلوماسية. وكما قال آموس هوكستين في بيروت الأسبوع الماضي، فإن هذا أمر ملحّ وقابل للتحقيق على حد سواء».

وبعدما كانت معلومات قد أشارت إلى أن روسيا بدورها جدّدت تحذير رعاياها من السفر إلى بيروت، نُقل عن السفير الروسي تأكيده أن بلاده لم تصدر بياناً جديداً بهذا الشأن، إنما لا يزال التحذير، الذي سبق أن صدر في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ساري المفعول.

ويأتي ذلك، بعدما دعت، الأربعاء، كل من هولندا وألمانيا، مواطنيهما إلى مغادرة لبنان في أقرب وقت، بسبب خطر التصعيد عند الحدود الجنوبية. وقالت وزارة الخارجية الألمانية إن «التوترات عند المنطقة الحدودية مع إسرائيل يمكن أن تشهد تصعيداً في أي لحظة»، متحدثة عن «خطر متزايد لوقوع هجمات إرهابية في لبنان قد تستهدف الغربيين أو الفنادق الكبيرة».

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قد أعلن، الأربعاء، في ختام زيارة إلى واشنطن أنّ الدولة العبرية «لا تريد حرباً» في لبنان، لكنها يمكن أن تعيده إلى «العصر الحجري» إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية. وقال: «لا نريد الدخول في حرب، لأنها ليست في مصلحة إسرائيل. لدينا الإمكانية لإعادة لبنان إلى العصر الحجري، لكننا لا نريد القيام بذلك».

وحتى الآن لم تنعكس هذه التحذيرات سلباً على حركة المسافرين في المطار، لا سيما أن اللبنانيين يعوّلون بصورة أساسية على المغتربين، لقناعتهم بأنه لن يأتي السائحون إلى لبنان في هذه المرحلة التي يمرّ بها والوضع الأمني غير المستقر. وفي هذا الإطار، أكد رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر، جان عبود، أنه ابتداءً من 4 و5 شهر يوليو (تموز) ستشهد حركة المطار ارتفاعاً وزيادة في الحجوزات التي ستصل إلى 100 في المائة، مشيراً إلى أن «حركة الوافدين ستتعدى الـ12 والـ13 ألف راكب يومياً، وعدد الطائرات سيتعدى الـ80 و85 طائرة يومياً»، متحدثاً عن أن «هناك مؤشرات إيجابية جداً لوضع طائرات إضافية، ليصبح العرض موازياً للطلب».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
TT

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

أفاد الدفاع المدني في غزة صباح السبت، بمقتل 19 شخصاً، بينهم أطفال، في غارات ليلية إسرائيلية وقصف مدفعي عنيف على مناطق مختلفة في القطاع الفلسطيني، فيما حذرت وزارة الصحة في القطاع أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود؛ إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع المدمر الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية «استشهد 19 مواطناً وأصيب أكثر من 40 آخرين وغالبيتهم في ثلاث مجازر في سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة بعد منتصف الليل وحتى صباح اليوم على قطاع غزة».

وأفاد التلفزيون الفلسطيني في وقت سابق بمقتل ستة أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً بحي الزيتون شرق مدينة غزة.

وذكرت وزارة الصحة في غزة أن القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع منذ فجر يوم الجمعة قتل 38 شخصاً.

وتتواصل ردود الفعل الدولية بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية الخميس مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق في حكومته يوآف غالانت، وقائد «كتائب عز الدين القسام» الجناح المسلح لـ«حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في غزة منذ أن شنت «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال إدخال الوقود».

من جانبه، أعلن الدفاع المدني انتشال جثث اثني عشر قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه قتل في القطاع خمسة من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم 7 أكتوبر 2023.

وأدت هذه الضربة إلى مقتل وفقدان العشرات حسب مصادر طبية فلسطينية.

من جهتها، أبدت منظمة الصحة العالمية «قلقاً بالغاً» على وضع 80 مريضاً، بينهم ثمانية في العناية المركزة، وعلى العاملين في «مستشفى كمال عدوان»، أحد المستشفيين الوحيدين اللذين يعملان جزئياً في شمال غزة.

وبحسب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، فإن المستشفى استُهدف بهجوم بمسيّرة الخميس؛ ما أدى إلى إتلاف مولد كهرباء وخزان مياه.

وقال مدير المستشفى حسام أبو صفية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مؤسسته استُهدفت مرة أخرى بغارات إسرائيلية الجمعة، حيث أصيب طبيب واحد ومرضى.

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

«أطفال أبرياء»

وقال بلال في إحدى قاعات «المستشفى الأهلي العربي» حيث نُقل الضحايا: «أهلي كلهم قُتلوا، أنا الوحيد المتبقي من العائلة. أوقفوا الظلم».

وقال رجل آخر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» وهو جالس قرب فتى ممدد بلا حراك على سرير مستشفى: «كان هناك أطفال أبرياء (...) ما ذنبهم؟!».

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن ما لا يقل عن 44056 قتيلاً، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وكان هجوم «حماس» على إسرائيل قد خلف 1206 قتلى، غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

كذلك، احتُجز خلال الهجوم 251 شخصاً رهائن ونُقلوا إلى غزة، ولا يزال 97 منهم في القطاع، ويقدر الجيش الإسرائيلي أن 34 من هؤلاء الرهائن المتبقين ماتوا.

«سابقة خطيرة»

بعد مرور أكثر من عام على بدء الحرب، أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية الخميس غضب إسرائيل.

وأكد نتنياهو مساء الخميس أنه «ما من قرار فاضح مُعادٍ لإسرائيل بإمكانه أن يمنعنا، وتحديداً أنا، من مواصلة الدفاع عن بلدنا بأيّ طريقة»، مضيفاً: «لن نستسلم للضغوط».

ورأى غالانت في القرار «سابقة خطيرة (...) تشجع على الإرهاب».

أما الرئيس الأميركي جو بايدن فندد بالقرار، معتبراً أنه «مشين»، في حين قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الجمعة إنه سيدعو نتنياهو إلى زيارة المجر، في «تحدٍّ» للقرار.

ورحب نتنياهو بموقف أوربان، معتبراً أنه ينم عن «وضوح أخلاقي».

وقالت فرنسا الجمعة إنها «أخذت علماً» بقرار المحكمة.

والدول الـ124 الأعضاء في «الجنائية الدولية»، وبينها المجر، ملزمة نظرياً بتوقيف المسؤولين الثلاثة في حال دخولهم أراضيها.

من جانبها، لمّحت الحكومة البريطانية الجمعة إلى أن نتنياهو يمكن أن يُعتقَل بموجب مذكرة التوقيف.

وأعلن رئيس الوزراء الآيرلندي سايمون هاريس أن بلاده ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد.

ورداً على سؤال للتلفزيون العام «آر تي آي» عما إذا كانت آيرلندا، عضو «الجنائية الدولية»، ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد، قال: «نعم، بالتأكيد».

وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الجمعة أن وزراء خارجية «مجموعة السبع» سيناقشون خلال اجتماعهم الاثنين والثلاثاء قرب روما مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة.

في المقابل، رأت إيران في القرار «موتاً سياسياً للكيان الصهيوني»، في حين دعت الصين المحكمة إلى «موقف موضوعي وعادل».

ورحبت «حماس» بقرار المحكمة، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».