انقلابيو اليمن ينكّلون بسكان منطقتين في ذمار

المواجهات القبلية تمددت في أكثر من مكان

حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة في 14 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة في 14 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن ينكّلون بسكان منطقتين في ذمار

حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة في 14 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة في 14 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

في الوقت الذي تستخدم فيه جماعة الحوثي الانقلابية شعار مساندة قطاع غزة مبرراً لقمع منتقديها واعتقال العشرات من العاملين المحليين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، أكدت مصادر محلية يمنية أن قوات كبيرة تقوم منذ أيام عدة بالتنكيل بسكان منطقتين في مديرية الحدا التابعة لمحافظة ذمار، على مسافة 100 كيلومتر جنوب صنعاء، وذلك على خلفية مقتل مشرف حوثي في ظروف غامضة.

وذكر بيان صدر باسم سكان منطقتي، بيت أبو عاطف وبني جلعة، أن الحوثيين ينفذون حملة اعتقالات واسعة طالت حتى الآن عدداً من الوجهاء خلال أيام عيد الأضحى؛ على خلفية مقتل المشرف الحوثي أحمد الرشيدي في ظروف غامضة، حيث تتهم الجماعة سكان المنطقتين بالتورط في الحادثة.

الحوثيون يستخدمون إمكانات الدولة اليمنية لإرهاب السكان والتنكيل بهم (إعلام محلي)

وأدان السكان في المنطقتين القبليتين ما وصفوه بـ«العقاب الجماعي» الذي يتعرضون له، وطالبوا بإجراء تحقيق قانوني واحترام حقوق السكان؛ وأكدوا أن الاعتقالات العشوائية التي ينفذها الحوثيون شملت جميع الفئات، بمن فيهم الأطفال وكبار السن.

وأوضح السكان أن هذه الإجراءات الحوثية أثرت سلباً في الاحتفال بعيد الأضحى وفي الأنشطة الاقتصادية المحلية، وطالبوا من قبائل اليمن التضامن، واتخاذ موقف حازم ضد الحصار الذي يفرضه الحوثيون على المنطقة، من أجل رفع الحصار واستعادة الحياة الطبيعية.

ويشير أحد المصادر إلى أنه اتصل بقريب له في المنطقة للاطمئنان على الوضع فأبلغه أنه مختبئ في أحد الشعاب؛ لأن الدوريات العسكرية الحوثية تطاردهم ويتعاملون معهم بوحشية، وسبق أن اعتقلوا والده في حادثة لم يكونوا طرفاً فيها. ووفق ما ذكره المصدر، فإن الحملة العسكرية اعتقلت حتى الأطفال بكل وحشية، وعبثت بالمزارع، ودمرت المحاصيل.

واستغرب المصدر هذا البطش الذي يشرف عليه القيادي الحوثي محمد البخيتي المعين محافظاً لذمار، وقال إنه رغم الانتشار العسكري وحملة الاعتقالات فإن أسرة المشرف الحوثي الذي قُتل في ظروف غامضة مستمرة في إغلاق الطريق بمساندة قوات الجماعة عن سكان منطقتي بني جلعة وبيت أبو عاطف، مؤكداً وجود 20 شخصاً من وجهاء المنطقتين في السجن على ذمة القضية.

لم يشفع لمحافظة ذمار أنها المخزن البشري للحوثيين عقب انقلابهم (إعلام محلي)

ووفق ما أورده سكان في المنطقتين، فإن حادثة القتل كانت بسبب استعراض المشرف الحوثي للقوة في المنطقة وإطلاق الأعيرة النارية من الأسلحة الخفيفة المتوسطة والمضادة للطيران في موكب زفاف، حيث حدثت مشادة كلامية واشتباك بالأيدي، وخلالها حصلت حادثة القتل في منطقة تبعد نحو 15 كيلومتراً عن المنطقتين المحاصرتين.

احتقان قبلي

وجاءت التطورات في محافظة ذمار متزامنة مع احتقان ونذر مواجهة جديدة في مديرية المتون في محافظة الجوف بين مسلحي القبائل من «آل شنان - دهم» وعناصر الحوثيين؛ عقب اشتباكات وقعت في قسم شرطة المديرية على خلفية اتهام القبائل للحوثيين بتهريب أحد المتورطين في حادثة دهس أدت إلى إصابة شخصين من أبناء القبيلة بجروح خطيرة.

وأتت الحادثة في أعقاب مقتل القيادي الحوثي هائل النقيب، ورفض قبيلة خولان الطيال دعوة الحوثيين لها لإعلان الحرب القبلية أو «النكف» ضد قبيلة بني نوف، المتهمين بقتل النقيب، حيث رفضت قبائل خولان الدعوة، وأكدت أن حادثة القتل مسؤولية سلطة الحوثيين، ولم تكن ثأراً قبلياً.

في محافظة الجوف اليمنية مواجهات لا تتوقف بين القبائل والحوثيين (إعلام محلي)

ورأت المصادر القبلية في رفض قبائل خولان الانجرار إلى حرب مع قبائل محافظة الجوف المجاورة، فشلاً لمخطط الحوثيين لضرب القبيلتين ببعضهما، خصوصاً أن قبيلة سنحان في محافظة صنعاء كانت هي الأخرى قد رفضت دعوة مماثلة للقتال ضد قبائل الجوف، ضمن مساعٍ حوثية لتفجير مواجهات بين القبائل خصوصاً تلك التي تشك في ولائها بهدف استنزافها وضمان ألا تشكل أي خطر على سلطتها مستقبلاً.

وفي مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء، جنوب شرقي صنعاء، أثار مقتل بائع لنبتة «القات» برصاصة طائشة من سلاح قيادي حوثي يدعى الريامي، موجة من الغضب الشعبي؛ حيث وقعت الحادثة المفجعة عندما حاول القيادي الحوثي الاعتداء على ساكن آخر في المدينة الذي بدوره دافع عن نفسه، وأمسك ببندقية القيادي الحوثي؛ ما أدى إلى انحرافها نحو البائع.

وعبَّرت أسرة الضحية وسكان المدينة عن رفضهم القاطع لمساعي الحوثيين لإرغامهم على القبول بالتحكيم القبلي، مطالبين بالعدالة ومحاسبة الجاني، خصوصاً أن الحادثة تأتي في ظل ازدياد الجرائم التي تنسب إلى عناصر أو مشرفين حوثيين في المدينة منذ مارس (آذار) الماضي عندما اقتحموا أحد الأحياء، وفجروا منازل على رؤوس ساكنيها، ثم أرغموا أقارب الضحايا على القبول بالتحكيم القبلي، ومنعوهم من دفن أقاربهم في مقبرة المدينة.

عنصر حوثي يحرس تجمعاً في صنعاء حيث تزعم الجماعة مناصرة فلسطين (إ.ب.أ)

وفي محافظة صنعاء، ذكرت مصادر محلية أن القيادي الحوثي عبد الباسط الزيلعي (الهادي) المعيَّن محافظاً للمحافظة استولى على 10 سيارات نقل تابعة لمكتب الزراعة والري كانت مخصصة لدعم حملات مكافحة الآفات والحشرات الضارة، وأنه وجَّه المكتب بتسليم السيارات إلى المسؤول عن التعبئة العسكرية للحوثيين أبو عمار الكول.

وبينت المصادر أن الحوثيين سبق أن صادروا سيارات قُدّمت للجانب اليمني ضمن المساعدات الدولية لمكافحة الجراد والحشرات الضارة، وحوَّلوها للاستخدامات العسكرية، وأن الأمر امتد أيضاً إلى سيارات الإسعاف التي قُدمت لدعم القطاع الصحي المدني، لكن الجماعة الانقلابية أخذتها للاستخدام العسكري، ونقل ضحاياها من المقاتلين في الجبهات، أو لخدمة مشرفيها وقادتها.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية، إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني، كريم خان، بسبب مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وذكرت الصحيفة أن مايك والتز، الذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي لترمب، قال إن المحكمة الجنائية الدولية «ليست لديها مصداقية»، ووعد «برد قوي على التحيز المعادي للسامية للمحكمة» عندما تتولى إدارة ترمب منصبها في 20 يناير (كانون الثاني).

وأضافت الصحيفة أن كريم خان قد يكون من بين المسؤولين المستهدفين بعقوبات من قبل ترمب.

ومثل إسرائيل، لا تعترف الولايات المتحدة بسلطة المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، ودعا كبار الجمهوريين إلى فرض عقوبات على كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية رداً على مذكرات الاعتقال.

ويجري التحقيق مع خان بشأن مزاعم سوء السلوك الجنسي وهو ينفي هذه الاتهامات.

وخلال فترة ولايته الأولى في منصبه، فرض ترمب عقوبات على المدعي العام السابق للمحكمة بسبب تحقيق في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان.

وفي ذلك الوقت، وصف مايك بومبيو، وزير الخارجية آنذاك، المحكمة بأنها «مؤسسة فاسدة تماماً».

في النهاية، ألغى الرئيس الأميركي جو بايدن العقوبات المفروضة على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، التي تضمنت حظراً للسفر، عندما تولى منصبه في عام 2021، لكن هناك توقع بأن ترمب قد يعيد تنفيذ الاستراتيجية نفسها رداً على معاملة المحكمة الجنائية الدولية لإسرائيل.

دونالد ترمب (رويترز)

ويمكنه أيضاً سحب مشاركة الولايات المتحدة ومواردها من التحقيقات التي تقودها المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأي عقوبات تُفرض على خان وموظفيه قد تهدد العلاقة بين بريطانيا وترمب إذا اختار رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، الامتثال لأوامر الاعتقال.

وتقود الولايات المتحدة ردود فعل دولية عنيفة ضد المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، حتى مع تردد المملكة المتحدة بشأن ما إذا كانت ستحتجز رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقالت بريطانيا إنها تحترم المحكمة ورفضت الإفصاح عما إذا كان سيتم اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى المملكة المتحدة.

ودعت سفيرة إسرائيل لدى المملكة المتحدة، تسيبي هوتوفلي، جميع الدول إلى رفض الأمر «الهزلي» للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو.

وفي مقال لها في صحيفة «تليغراف»، اتهمت هوتوفلي المحكمة بـ«إيجاد أرضية مشتركة مع حماس»، وقالت: «نشكر الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى التي رفضت القرار الهزلي للمحكمة وندعو الدول الأخرى إلى أن تحذو حذوها في رفض هذا الظلم. لقد أظهرت المحكمة الجنائية الدولية أن كل زعيم ديمقراطي يسعى إلى الدفاع عن شعبه قد يصبح هدفاً للمحكمة».

وأشارت ألمانيا إلى أنها لن تحتجز نتنياهو بسبب ماضيها النازي وعلاقتها الخاصة بالدولة اليهودية، على الرغم من كونها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.

وتعهد فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر العضو في الاتحاد الأوروبي، بتحدي اعتقال نتنياهو، وبدلاً من ذلك دعاه لزيارة بلاده.

وتمثل مذكرة الاعتقال المرة الأولى في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية الممتد 22 عاماً التي يسعى فيها قضاتها إلى اعتقال زعيم دولة مدعومة من الغرب.

والدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة، بما في ذلك بريطانيا، مسؤولة عن تنفيذ مذكرات الاعتقال التي تصدرها.

وفي إشارة إلى الانقسامات بين الدول الأوروبية، وعدت آيرلندا وإيطاليا وهولندا باعتقال نتنياهو، إذا وصل إلى أراضيها، وأكدت فرنسا موقف المحكمة لكنها لم تقل ما إذا كان نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا عبر حدودها.

وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة، بما في ذلك ألمانيا والمجر، ستكون ملزمة بتنفيذ مذكرات الاعتقال.