وزير الداخلية : «لبنان بلد ليس للبيع» ولا يمكن إغراؤه لتوطين السوريين

عرض لـ«الشرق الأوسط» نتائج الخطة الأمنية لوزارته وتعقيدات وجود النازحين

وزير الداخلية اللبناني (الشرق الأوسط)
وزير الداخلية اللبناني (الشرق الأوسط)
TT

وزير الداخلية : «لبنان بلد ليس للبيع» ولا يمكن إغراؤه لتوطين السوريين

وزير الداخلية اللبناني (الشرق الأوسط)
وزير الداخلية اللبناني (الشرق الأوسط)

كثيرة الهموم التي تشغل المواطن اللبناني والرأي العام: من الخوف من تدهور الأوضاع جنوباً إلى حرب مفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل، إلى الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، إلى الملفات الأخرى المالية والصحية والتعليمية... بيد أن هناك ملفين رئيسيين انتقلا إلى مقدمة اهتمام اللبناني ولهما عنوانان: «الوضع الأمني» و«الوجود السوري في لبنان». هما حاضران بقوة بحيث إن الأحداث الأمنية المتنقلة في الأسابيع الأخيرة أفرزت جدلاً وخطاباً شعبوياً وطُرحت حلول واتُخذت إجراءات على مستويات مختلفة، منها المستوى المحلي. وعيبها إما أنها جاءت متأخرة أو جزئية أو أنها غير مضمونة النتائج. من هنا، فإن «الشرق الأوسط» حملت الملفين إلى المسؤول الأول عنهما، وزير الداخلية بسام المولوي، خلال زيارته إلى العاصمة الفرنسية.

محصلة الخطة الأمنية

يعكس كلام الوزير مولوي ارتياحه لنتائج الخطة الأمنية التي أقرّتها وزارته وبدأت تطبيقها منذ 23 أبريل (نيسان) الماضي. وبنظره، فإن الخطة المذكورة جاءت رباعية الأهداف: منع المخالفات، ملاحقة المطلوبين وتطبيق القانون على كل الأراضي اللبنانية ، توفير الشعور بالأمن للمواطنين في بيروت وكل لبنان، ورفع معنويات القوى الأمنية لتتمكن من القيام بمهماتها كاملة. وبحسب وزير الداخلية، فإن الخطة الأمنية جاءت استجابة لشكوى المواطنين، ويقول: «الدولة سمعت صوتهم. اشتكوا من التفلت الأمني، من عدم القدرة على سلوك طريق المطار من المطار نحو بيروت في ساعات الليل، من عدم القدرة على التجول أو التنقل بحرية ومن عدم القدرة على ممارسة الرياضة على الكورنيش البحري بحرية من جراء كثرة المخالفات». وبعد شهرين من البدء في تنفيذها، يعتبر مولوي أن الخطة حصدت نجاحاً «واضحاً»: عنوانه «الانخفاض الكبير جداً في معدل الجرائم وحتى وقف الجرائم التي كانت تحصل في بيروت». ولم يفت وزير الداخلية الإشارة إلى وجود «بعض المتضررين» من تطبيق الخطة، واصفاً إياهم بـ«القلة القليلة» التي اعتادت على غياب الدولة فاعتادوا الفوضى، لكن «هذا الموضوع لا يجب أن يستمر واللبنانيون يشعرون بالارتياح لحفظ الأمن والنظام وبسط سلطة القانون».

ثمة سؤالان يُطرحان بقوة: الأول، هل كل الأراضي اللبنانية مفتوحة أمام القوى الأمنية؟ جواب الوزير مولوي يأتي قاطعاً: «نعم، كل الأراضي اللبنانية مفتوحة أمام القوى الأمنية، والدليل التوقيفات التي تجريها هذه القوى في كل الأراضي اللبنانية، حتى تلك التي ينظر إليها على أنها عصية على القوى ألأمنية. هي تداهم المطلوبين وتلاحق مروجي المخدرات وتراقب وتتابع مَن عليهم شبهة أمنية إرهابية أو أعمال منافية للقانون وحتى داخل المخيمات الفلسطينية أو السورية». وإحدى مظاهر النجاح أن الأجهزة الأمنية المعنية (شعبة المعلومات، الأمن العام ومديرية المخابرات) تعمد إلى القيام بما سماه «الأمن الاستباقي» نجحت في توفير الحماية للبنان من «الجرائم الأمنية»، والمقصود بها الجرائم الإرهابية.

أما السؤال الآخر، فمحوره الأسباب التي جعلت وزارة الداخلية تتأخر في إطلاق خطتها. يتحفظ وزير الداخلية على هذه المقاربة، حيث يؤكد أن وزارته كانت تعمد وباستمرار إلى إطلاق الخطط الأمنية اللازمة في المناسبات الدينية كافة وغير الدينية، أكان ذلك في باب أقامة الحواجز أم منع إطلاق النار في المناسبات... إلا أن الخطة الأخيرة «أصبحت أكثر ظهوراً في الشهرين الأخيرين». إلا أنه، بالمقابل، لا ينفي تأثير الأزمتين المالية والاقتصادية «بشكل كبير» على إمكانات القوتين العسكرية والأمنية. لكنه يرى أن ميزانية العام 2024 «وفّرت لقوى الأمنية بعض حقوقها» التي قدّرها بـ«أضعاف عدة» عما كانت عليه في العامين السابقين، وبالتالي «هي اليوم مقبولة». بيد أن الوزير مولوي يبدي اعتراضه على ما يسميه «مقولة القلب يجاور المعدة» بمعنى أن النقص في الإمكانيات، في ما خص المؤسسات وأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والقضائية لا يجب أن ينعكس على أدائها، وأن أمراً كهذا «يصح في العمل التجاري، ولكن لا يصح في العمل المؤسساتي».

النزوح السوري: ما هو الحل؟

يضع وزير الداخلية، بدايةً، ملف الوجود السوري «الشائك جداً» في إطاره العام؛ إذ إنه «مرتبط بالسياسة الدولية وبالمواقف الغربية الأميركية والأوروبية، ومرتبط كذلك بالوضع (الداخلي) في سوريا». ولذا؛ فإن الحل «المتكامل» لهذا الملف «مرتبط بالحل المتكامل للأزمة السورية، سواء داخل سوريا أو في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية ومجمل الدول الغربية». بيد أنه يسارع للقول: «إننا في لبنان لا نستطيع أن ننتظر هذا الحل المتكامل للبدء بتنفيذ الإجراءات التي هي مفروضة علينا بحسب القانون، والتي من شأنها أن تعيد الأمور ولو جزئياً ولو شيئاً فشيئاً إلى نصابها. لبنان يستطيع أن يطبق القوانين اللبنانية وأن يطبق المعاهدات الدولية التي وافق عليها. فلبنان ليس بلد اللجوء». ويضيف: «نحن لا نستطيع أن نترك وضع اللجوء السوري يضر بلبنان ويضر بالسوريين ويضر بمستقبل سوريا. هدفنا ليس تنظيم الوضع السوري في لبنان. نحن هدفنا خطة عودة (النازحين) مع إطار زمني».

ثمة الكثير يقال عن تبعات النزوح السوري الكثيف إلى لبنان مع تفلت الحدود وعبء النزوح الاقتصادي والضغوط على البنى التحتية والمدارس والمستشفيات والأمن، والأهم التغيير الديموغرافي في بعض المناطق. وبحسب الوزير مولوي، فإن عدد النازحين السوريين بتجاوز المليونين، وأن 32 في المائة من المساجين في لبنان سوريون، وأن عدد الموقوفين منهم بسبب ارتكاب الجرائم يبلغ 75 ألف شخص، ومن الصعب «إنكار هذه الحقيقة» كما أن هناك «نوعية من الجرائم التي يرتكبها السوريون هي غريبة على المجتمع اللبناني، وبالتالي إن الوجود السوري الكثيف يؤثر على الأمن في لبنان». وما يفاقم الأمور أن غالبية السوريين في لبنان «لا يحوزون إقامة شرعية صادرة عن الأمن العام اللبناني»، وبالتالي «تصعب متابعتهم» أو ملاحقة ما يقومون به.

يقول وزير الداخلية إن 600 ألف سوري فقط حاصلون على إقامة شرعية، وإن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين زوّدت الأمن العام «بعد مفاوضات عسيرة» بلوائح (داتا) غير مكتملة المعلومات تضم 1.486 مليون شخص، وهؤلاء حاصلون على بطاقات من المفوضية. لذا؛ فإن الأمن العام بدأ «في إجراءات فعلية لدعوة السوريين إلى التقدم من مراكزه المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة؛ لتسجيلهم، أولاً لأخذ (الداتا) أو قاعدة البيانات المتعلقة بهم وللتحقق من أحقية وجودهم في لبنان وأسبابه». وعملياً، ينتظر أن ينجز الأمن العام هذه المهمة خلال 13 شهراً. ويعمل الجهاز على إقامة مركزين كبيرين (ميغا سنتر) في الدامور وحارة صخر لاستقبال السوريين.

ما بين العودة الطوعية والآمنة

يأخذ وزير الداخلية على الدول الغربية طريقة تعاطيها مع ملف نزوح السوريين بسبب خشيتها من هجرتهم من لبنان إلى أوروبا. بيد أن هناك أسباباً أخرى، منها رفضها إعادتهم لسوريا؛ لأن ذلك يعني التطبيع مع النظام وهم يرفضونه. ويرمي مولوي المسؤولية على المفوضية الدولية التي تقوم بدفع المساعدات للسوريين في لبنان؛ ما يحفزهم على المجيء إليه والبقاء فيه بدلاً من أن توفرها لهم في سوريا «وبذلك يقوم السوري بإعمار بلاده بصرف النظر عن السياسة، وبصرف النظر عن موقف الاتحاد الأوروبي أو موقف الولايات المتحدة من مسألة اللاجئين». وقناعة وزير الداخلية أن «معظم السوريين في لبنان موجودون فيه لأسباب اقتصادية... إنما لبنان لا يتحمل هذا الوجود السوري الكثيف. نحن نقول إن اللبناني ليس عنصرياً بطبيعته. ما تقوم به الدولة اللبنانية ليس بالمطلق من باب العنصرية. واللبناني ينظر إلى الموضوع بمجمله من باب المصلحة اللبنانية العليا، ومن باب إمكانية استمرارية التنوع اللبناني واستمرارية توافر فرص العمل للبناني...».

يؤكد الوزير مولوي أن رسالته لمن يلتقيهم من المسؤولين الدوليين أن لبنان «ليس بلداً للبيع ولا يمكن إغراؤه بمساعدات هدفها إبقاء السوريين أو توطينهم في لبنان». ويضيف بخصوص تمسك المفوضية والدول الغربية بما يسمونه العودة الطوعية، الآمنة والكريمة: «أنا أقول دائماً إن عودة السوري إلى سوريا يجب أن تكون عودة آمنة، وذلك من منطلق حقوق الإنسان ومعاهدة واتفاقية مناهضة التعذيب التي وافق عليها لبنان. أما بالنسبة إلى مقولة العودة الطوعية، فذلك شأن آخر. ما نراه أن الوجود الطوعي السوري في لبنان يجب أن يكون ضمن إمكانيات وسياسة الحكومة اللبنانية ووفق تقديرها. نحن طبعاً مع العودة الآمنة، أما موضوع العودة الطوعية فأمر لا أقرّه وفيه نظر».



النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
TT

النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)

خرج يوسف زريق (70 سنة) نازحاً من بلدته شقرا الجنوبية، منذ بدء الحرب الموسعة على لبنان في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى إحدى قرى شرق صيدا، وبعد 16 يوماً من النزوح خضع لجلسة العلاج الكيميائي الأولى، في مستشفى سبلين الحكومي.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «دواء الوزارة متوفر، لكن الطبيب المتابع ارتأى، بسبب وضعي الصحي ونتائج الفحوص التي أجريت لي، استبدال دواء آخر به، لا تؤمّنه الوزارة، دفعت ثمنه 62 دولاراً، وهي كلفة مرتفعة عليّ، ونحن نازحون، نحاول تأمين احتياجاتنا الأساسيّة والضرورية جداً ليس أكثر»، خصوصاً أن غالبية الناس، ممن نزحوا من مناطقهم، توقفت مصالحهم وأشغالهم، ولا مصدر رزق لهم، ولا يعلمون متى ستنتهي الحرب، وإن كانت أرزاقهم وبيوتهم لا تزال صامدة أو دمرتها الغارات الإسرائيلية.

وزريق، واحد من اللبنانيين المصابين بالأمراض المستعصية والمزمنة، الذين تضاعفت معاناتهم بفعل النزوح، بعدما انتقلوا للعيش في مراكز الإيواء ومساكن مستأجرة، وهم يحتاجون للعلاج والمتابعة المستمرة مثل مرضى السرطان وغسيل الكلى والقلب وغيرها.

ويشكو زريق من «عدم وجود جمعيات أو أيّ جهة تساعد في دفع تكاليف الدواء الخاص بجلسات أو بعلاج مرضى السرطان، على عكس أدوية الضغط والسكري والدهن، المتوفرة في كل مكان».

ويحتاج زريق راهناً إلى صورة أشعة لا تتوفر سوى في المستشفيات الخاصة، أو في المستشفى الحكومي في طرابلس (شمال لبنان) كما يقول، ومن الصعب عليه جداً أن يتنقل على الطرقات في لبنان بسبب تصاعد وتيرة الغارات والاستهدافات الإسرائيلية في غالبية المناطق، في حين كان يجريها سابقاً في أحد مشافي النبطية.

وقد تمّ تحويل مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي والإشعاعي إلى أقسام العلاج النهاري في المستشفيات القريبة لأماكن النزوح، لكن مشاكل عديدة واجهت كثيراً منهم.

مشكلة سابقة للحرب

وعن واقع المرضى والصعوبات والتحديات في ظل النزوح والحرب، يقول رئيس جمعية «بربارة نصّار»، هاني نصّار، لـ«الشرق الأوسط»: «من المعروف في لبنان أن مشكلة مرضى السرطان سابقة لوجود الحرب، رغم التحسن الكبير الذي طرأ في هذا الخصوص لدى وزارة الصحة، لا سيّما لجهة المكننة وتأمين الدواء إلى أقرب صيدلية لمكان السكن أو المشفى الذي يتلقى فيه المريض العلاج، وهذا سهّل تأمين العلاج للنازحين».

ولهذه الغاية، طلبت الوزارة من جميع مرضى السرطان النازحين الاتصال على الخط الساخن رقم 1214 لإعلامها بمكان السكن الجديد. وقد نزح منذ بداية الحرب، أكثر من ألفي شخص مصاب بالسرطان، تبدلت ملفاتهم، وتحولت أدويتهم من منطقة إلى أخرى، وتمّ ترتيب أمورهم، حسبما يؤكد نصّار.

لكن المشكلة المزمنة، والقديمة، تكمن في قدرة المرضى الشرائية، والتي تدنت كما غالبية اللبنانيين الذين يعيشون تبعات الأزمة الاقتصادية والنقدية في البلاد؛ إذ يقول نصّار: «الحرب ليس لها تأثير أكبر من تأثير الأزمة الاقتصادية بحد ذاتها على مرضى السرطان؛ إذ تؤمن الوزارة بعض العلاجات بشكل مجاني وليس جميعها، ويتحمل المريض تكاليف كبيرة جداً أحياناً، وتصل كلفة الجلسة الواحدة إلى الألف دولار تقريباً».

مشكلة أخرى يشير إليها نصّار، وهي الأدوية التي رُفع عنها الدعم وليست معتمدة من قبل وزارة الصحة حالياً، ولا تتكفل بإعطائها لمرضى السرطان، وتصل كلفتها إلى 6 و8 آلاف دولار، تؤمن الوزارة البديل عنها أحياناً، لكنه عادة يكون أقل فاعلية.

ووفق نصّار، «أحياناً كثيرة لا يتوافر البديل، كدواء مرضى سرطان المبيض الذي تبلغ تكلفته 6 آلاف دولار، وبالتالي تنجو الفتاة في حال كان لديها القدرة على تأمينه من لبنان أو خارجه، وتفقد حياتها في حال العكس، وللأسف الحالات المماثلة كثيرة». مع العلم أن هناك العديد من الأدوية المزورة التي تصل إلى أيدي مرضى السرطان.

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مرضى الفشل الكلوي

تتوسع المعاناة لتشمل معظم مرضى الأمراض المستعصية من النازحين. ويُعدّ علي عز الدين (56 سنة) واحداً من بين نازحين كثر يعانون من الفشل الكلويّ، ويحتاجون لإجراء غسيل كلى دورياً، بمعدل ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أبحث عن مستشفى ألجأ إليه لإجراء غسيل الكلى، ومن ثمّ أؤمن مسكني، لذا تنقلت بين منطقتين، قبل أن أستقر راهناً في منطقة الروشة على مقربة من مستشفى رفيق الحريري الحكومي».

مرّ أكثر من أسبوع على بدء الحرب الموسعة (23 سبتمبر)، حتّى تمكن عز الدين من الخروج من منزله في بلدة العباسية، قضاء صور، لكن «قبلها أرسلت عائلتي إلى مكان أكثر أماناً، وبقيت أنا لوحدي هناك، كي أجري جلسات غسيل الكلى في موعدها ومن دون انقطاع في مستشفى اللبناني - الإيطالي في صور، وإلّا ستتدهور حالتي الصحّية»، كما يقول، علماً بأن محيط المستشفى تعرض للغارات الإسرائيلية مرات كثيرة.

ويضيف: «بداية لم نتوقع أن الحرب ستطول والضربات ستكون متزايدة وكثيفة خلال مدة قصيرة جداً، إلى أن شعرت بأن المسألة خطيرة، وأن سقف المنزل سيقع على رأسي في أيّ لحظة. عشت تجربة القصف في صور، وخاصة حين كنت أتنقل بين المنزل والمشفى».

ويقول: «تمكنت من ترتيب أمور المستشفى الجديد، في قرنايل بالقرب من عاليه، حيث نزحت واستأجرت منزلاً في المرة الأولى للنزوح، أجريت 4 جلسات غسيل للكلى، لكن الطقس لم يلائمني هناك؛ برد قارس وضباب في المكان»، لينزح مرة أخرى إلى منطقة الروشة، حيث يوجد راهناً؛ كونها آمنة نسبياً حتّى الآن، وعلى مسافة قريبة من المستشفى.

يقارن عز الدين بين الأماكن التي تنقل بينها، وفي المستشفيان «لم يتغير عليّ شيء، سوى أن مدة الجلسة انخفضت من 4 إلى 3 ساعات، بسبب الضغط الهائل على المستشفيات التي نزح إليها المرضى. وللصراحة لم أعتد الأماكن الجديدة، فرغم أنني أعاني من الفشل الكلوي، فإنني كنت أعمل وأمارس حياتي بشكل طبيعي قبل بدء الحرب، والآن ننتظر أن تنتهي، ونعود إلى منازلنا وحياتنا وحتّى المستشفى الذي كنت فيه فقط».

وعن شعوره بالخوف في أثناء التنقل، قال: «بالطبع لدي مخاوف، خصوصاً أن لا شيء يردع إسرائيل؛ إذ إنها تقتل بلا رحمة وتدمر المقدسات، وبالتالي يسهل عليها قصفنا، ونحن على الطرقات وحتّى على أسرّة المستشفيات».

متطوعون يعدون وجبات الطعام للنازحين إلى مراكز إيواء مؤقتة في بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

أمراض أخرى أيضاً

تقصد عبير، النازحة من بلدتها في بنت جبيل إلى الفوار، قضاء زغرتا، أحد المستوصفات التي تقدم خدماتها للنازحين، لتحصل على الأدوية الضرورية التي تحتاج إليها وعائلتها؛ كالسكري والضغط والغدة والقلب.

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ نزحنا إلى هنا، قبل نحو شهرين، قصدت المركز مرتين، وفي المرتين حصلت على ما يحتاج إليه والديّ، فهما يعانيان من أمراض مزمنة، ويحتاجان للدواء باستمرار، أو بالأحرى عند بداية كل شهر».

وتضيف: «يتوفر في المركز أيضاً أطباء باختصاصات مختلفة، وجميع هذه الخدمات كانت مجانية»، لافتة إلى أن الأدوية التي حصلت عليها كانت بديلاً متوفراً في المركز، وأن بعض الأدوية لم تتمكن من الحصول عليها في الزيارة الأولى، بسبب ازدياد طلب النازحين كما أخبروها.

وخصصت الوزارة الخط الساخن رقم 1787 للرد على أسئلة النازحين واستفساراتهم، وقد فاق عددهم أكثر من 1.5 مليون شخص أخرجوا من منازلهم في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، بفعل العدوان الإسرائيلي على لبنان.