كردستان العراق يبكي ضحايا مأساة جديدة في البحر

مهاجرون ينتظرون إنقاذهم من قِبل أفراد طاقم سفينة إنقاذ في البحر المتوسط 26 أكتوبر 2022 (رويترز)
مهاجرون ينتظرون إنقاذهم من قِبل أفراد طاقم سفينة إنقاذ في البحر المتوسط 26 أكتوبر 2022 (رويترز)
TT

كردستان العراق يبكي ضحايا مأساة جديدة في البحر

مهاجرون ينتظرون إنقاذهم من قِبل أفراد طاقم سفينة إنقاذ في البحر المتوسط 26 أكتوبر 2022 (رويترز)
مهاجرون ينتظرون إنقاذهم من قِبل أفراد طاقم سفينة إنقاذ في البحر المتوسط 26 أكتوبر 2022 (رويترز)

مرة أخرى يبكي سكان إقليم كردستان العراق أقارب لهم إثر غرق مركب قبالة سواحل إيطاليا كان يقلّ مهاجرين جازفوا بحياتهم في البحر الأبيض المتوسط؛ أملاً بالوصول إلى أوروبا، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

أمضت مجدة وشقيقتها هيرو وعائلاتهما خمسة أشهر في تركيا، على أمل العبور إلى أوروبا. لكن من أصل 11 فرداً من العائلتين، نجا ثلاثة فقط، على ما أكد أقاربهم في أربيل عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق.

على جدار متهالك عند مدخل منزل العائلة، ملصق يعلن عن مجلس عزاء، الأربعاء، لاستقبال الأقارب والأصدقاء. وتظهر صورتان لعائليتَي الضحايا من أهل وأبناء وهم يرتدون أجمل ملابسهم والبسمة مرتسمة على محياهم.

في الصورتين تظهر مجدة مع زوجها عبد القادر سائق التاكسي وهيرو وزوجها ريبوار الحداد.

وكان الأربعة مع أطفالهم على متن المركب الشراعي الذي غرق هذا الأسبوع قبالة ساحل كالابريا في إيطاليا.

وأُنقذ 11 شخصاً، وقضى نحو 20، في حين لا يزال خمسون شخصاً تقريباً في عداد المفقودين.

وتقول خديجة حسين قريبة العائلة لوكالة الصحافة الفرنسية «الأمر المؤكد هو أن مجدة على قيد الحياة، تحدثنا معها عبر الهاتف».

وتضيف أن أحد أبناء مجدة نجا أيضاً وكذلك أحد أبناء هيرو، موضحة: «لكن لا نعرف تفاصيل أخرى عنهم».

لكن العائلة فقدت الأمل في أن يكون البقية على قيد الحياة.

وكادت العائلتان تتخليان عن فكرة السفر إلى أوروبا، على ما تضيف ربة المنزل البالغة 54 عاماً، موضحة: «أخبروا الأهل بذلك، والجميع سعدوا بهذا القرار. لكن في الأسبوع الماضي أقنعهم المهرب بأنه وجد طريقاً سهلة وجيدة فقرروا السفر مرة أخرى».

وكان يفترض بالمسافرين الاتصال بالعائلة عند الوصول إلى وجهتهم. وتقول خديجة: «لكن مضى وقت ولم يصل منهم أي خبر أو اتصال».

أما المهرب فأغلق هاتفه.

تكرار المأساة

وهذه مأساة تكررت في إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي.

في السنوات الأخيرة، سلك آلاف الأكراد طرق الهجرة، مجازفين بعبور البحر للوصول إلى المملكة المتحدة، أو المشي عبر الغابات في بيلاروسيا للوصول إلى الاتحاد الأوروبي.

في أربيل، في ساحة مدرسة أقيم فيها مجلس العزاء، تجلس عشرات النساء في خيمة يرتدين ملابس الحداد السوداء، وعلامات التعب على وجوههن، في صمت يقطعه فقط بكاء الأطفال.

وفي المسجد، يستقبل رجال العائلة عشرات المعزين في حين تتلى آيات من القرآن.

يؤكد كمال حمد، والد ريبوار، أنه تحدث مع ابنه، الأربعاء 12 يونيو (حزيران)، وهو كان على متن المركب.

إلى جانب الألم الذي يعتصر قلبه، يعرب عن شعور بعدم الفهم، مؤكداً: «كانوا يعرفون جيداً أن الإبحار بهذا الشكل هو الموت بعينه».

ويضيف بأسى: «لماذا يذهبون؟... وبلادنا أفضل من كل مكان».

في العراق الذي يعاني عدم الاستقرار، لطالما عكست كردستان صورة رخاء واستقرار. فتكثر فيها المشروعات العقارية الفاخرة والطرق السريعة والجامعات والمدارس الخاصة.

لكن المنطقة، مثل بقية البلد الغني بالنفط، تعاني أيضاً الفساد المستشري والمحسوبية والمشاكل الاقتصادية التي تساهم في إحباط الشباب.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب» أنه في العام 2022، اعتبر اثنان من كل ثلاثة من سكان كردستان أنه من الصعب إيجاد وظيفة.

«غالبية أكراد»

وتفيد المنظمة الدولية للهجرة، بأن نحو 3155 مهاجراً قضوا أو فُقدوا في البحر الأبيض المتوسط العام الماضي.

وفي إقليم كردستان، قال رئيس رابطة المهاجرين العائدين من أوروبا بكر علي لوكالة الصحافة الفرنسية إن المركب الذي غرق قرب السواحل الإيطالية كان يحمل «75 شخصاً من نساء وأطفال ورجال، غالبيتهم من أكراد العراق وإيران وعدد من الأفغان»، بحسب معلومات أولية.

وأوضح أن القارب أبحر من منطقة بودروم في تركيا.

وكان بين الركاب أكثر من ثلاثين شخصاً من كردستان، على ما يقول بختيار قادر، ابن عم ريبوار.

هو نفسه لا يفهم إصرار العائلتين على المغادرة، مؤكداً: «كانت لديهم منازلهم وسيارتهم وأطفال وأعمالهم الخاصة».

ويشدد الرجل الأربعيني: «أنا بنفسي تحدثت معهم وأيضاً أقاربهم وأصدقاؤهم، ولكن لم يسمعوا كلام أحد ولم يتراجعوا عن قرارهم».

ويضيف بحزن: «لم يكونوا يعلمون أن الموت ينتظرهم».


مقالات ذات صلة

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

تحليل إخباري «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)
رياضة عربية «تصفيات المونديال»: العراق يهزم عُمان ويعزز حظوظه في التأهل

«تصفيات المونديال»: العراق يهزم عُمان ويعزز حظوظه في التأهل

فاز العراق 1 - صفر على مضيفه منتخب سلطنة عُمان ضمن الجولة السادسة من منافسات المجموعة الثانية بالدور الثالث من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني: نرفض تهديدات إسرائيل وقرار الحرب والسلم بيد بغداد

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم (الثلاثاء)، إن الرسالة التي أرسلتها إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي تمثل «ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
TT

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، إن مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع صار دون أكسجين أو ماء؛ نتيجة القصف الذي شنّته إسرائيل في الليلة الماضية.

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن القصف «أدى إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيس بالمستشفى، وثقب خزانات المياه، ليصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى».

وذكر البيان أن المستشفى به 80 مريضاً، وأن هناك 8 مرضى في العناية المركزة، لافتاً إلى أن القصف أسفر عن إصابة 6 أفراد من الطواقم الطبية العاملة بالمستشفى، بينهم حالات خطرة.

كانت «وكالة الأنباء الفلسطينية» أفادت بأن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، أمس (الخميس)، أسفر عن مقتل 90 شخصاً على الأقل، مشيرة إلى أن طائرات مسيّرة إسرائيلية ألقت قنابل على ساحة مستشفى كمال عدوان.