ذكر تقرير للأمم المتحدة عن الأثر البيئي للحرب في غزة، الثلاثاء، أن الصراع تسبب في تلوث غير مسبوق للتربة والمياه والهواء في القطاع الفلسطيني، ودمّر شبكات الصرف الصحي، وخلّف أطناناً من الحطام الناتج عن استخدام عبوات ناسفة، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.
ووفقاً لتقييم مبدئي من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» سرعان ما قضت على التقدم المحدود الذي تم إحرازه في تطوير تحلية مياه البحر ومرافق معالجة مياه الصرف، وإصلاح الأراضي الرطبة الساحلية في وادي غزة، والاستثمار في تركيبات الطاقة الشمسية.
وذكر التقرير أن استخدام أسلحة متفجرة خلّف نحو 39 مليون طن من الحطام. وتشير التقديرات إلى أن كل متر مربع من قطاع غزة يحتوي الآن على أكثر من 107 كيلوغرامات من الأنقاض. وأشار التقرير إلى أن هذا يزيد بمقدار خمسة أمثال عن الحطام الناتج عن القتال في الموصل في العراق في 2017.
وقالت إنغر أندرسن المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: «كل هذا يضر بشدة بصحة السكان وأمنهم الغذائي، وقدرة غزة على الصمود».
وعانت البيئة في غزة بالفعل بسبب الصراعات المتكررة والنمو الحضري السريع، وكثافة السكان المرتفعة قبل أحدث صراع الذي اندلع في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
ويضيف تقييم الأمم المتحدة إلى المخاوف المتعلقة بالأزمة الإنسانية المتصاعدة والتكلفة البيئية للحرب، إذ رصدت أوكرانيا أيضاً دماراً بيئياً واسع النطاق على مدى العامين الماضيين.
وقال أوين داربيشير الباحث البارز في مرصد «الصراع والبيئة»، وهو منظمة لا تهدف للربح تتخذ من بريطانيا مقراً لها: «فهم الآثار البيئية للحرب يمثل تحدياً كبيراً في عصرنا. التداعيات لن تكون محسوسة محلياً فقط حيث يدور القتال، لكنها قد تتجاوز ذلك أو حتى تصبح محسوسة على النطاق العالمي عبر انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري».
تدمير أنظمة الصرف الصحي الأساسية
جاء تقييم الأمم المتحدة تلبية لطلب قدمته سلطة جودة البيئة الفلسطينية في ديسمبر (كانون الأول) 2023 لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لتقييم الأضرار البيئية. ويحمل البرنامج على عاتقه مهمة مساعدة البلدان في تخفيف آثار التلوث ومكافحته في المناطق المتضررة من الصراعات المسلحة أو الإرهاب.
ونظراً للمخاوف الأمنية والقيود المفروضة على الوصول، استخدمت الأمم المتحدة لإعداد تقريرها عمليات المسح عبر الاستشعار عن بعد وبيانات من الهيئات الفنية الفلسطينية، بالإضافة إلى تقييمات للأضرار من البنك الدولي. وقال داربيشير إن قياسات الأرض ستكون حاسمة لفهم مدى تلوث التربة والمياه.
وذكر التقرير أن أنظمة المياه والصرف الصحي والنظافة الشخصية صارت الآن معطلة بالكامل تقريباً مع إغلاق محطات معالجة مياه الصرف الصحي الخمس في غزة. وفرض الاحتلال الإسرائيلي القائم منذ فترة طويلة بالفعل تحديات بيئية كبيرة في الأراضي الفلسطينية فيما يتعلق بنوعية المياه وتوافرها، وفقا لتقرير صدر عام 2020 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وتم عدّ أكثر من 92 في المائة من المياه في قطاع غزة غير صالحة للاستهلاك البشري.
وكان القطاع يتمتع بواحد من أعلى معدلات استخدام الألواح الشمسية على الأسطح في العالم. وذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة في تقديرات أنه في عام 2023 كان هناك نحو 12400 نظام للطاقة الشمسية على الأسطح. لكن إسرائيل دمرت منذ ذلك الحين جزءاً كبيراً من البنية التحتية للطاقة الشمسية المزدهرة في غزة، ويمكن أن تتسبب الألواح الشمسية المكسورة في تسرب ملوثات الرصاص والمعادن الثقيلة إلى التربة.
ومنذ هدنة استمرت لأسبوع واحد في نوفمبر (تشرين الثاني)، باءت محاولات متكررة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار بالفشل. وتصر «حماس» على إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة. ويرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنهاء الحرب قبل القضاء على «حماس» وإطلاق سراح الرهائن الذين احتجزهم مسلحو الحركة خلال هجوم السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل والذي بدأت معه الحرب.
وقال داربيشير إنه نظرا لحجم الدمار الذي لحق بالبيئة «أعتقد أن هناك مناطق واسعة من غزة لن تستعيد الحالة الآمنة خلال جيل واحد، حتى إذا توفر التمويل من دون حدود والإرادة».