حماية المطاعم الأجنبية بالعراق في عهدة «مكافحة الإرهاب»

الأعرجي ورومانسكي يبحثان التعاون بين بغداد وواشنطن

قوات عراقية أمام مطعم «كنتاكي» (أ.ب)
قوات عراقية أمام مطعم «كنتاكي» (أ.ب)
TT

حماية المطاعم الأجنبية بالعراق في عهدة «مكافحة الإرهاب»

قوات عراقية أمام مطعم «كنتاكي» (أ.ب)
قوات عراقية أمام مطعم «كنتاكي» (أ.ب)

بعد سلسلة هجمات متكررة طالت مطاعم وشركات تحمل علامات تجارية أجنبية وأميركية على الأخص، سعت الحكومة العراقية إلى تعزيز حمايتها وعهدت بالمهمة إلى «جهاز مكافحة الإرهاب»، وانتشرت عناصره في محيط فروع الجهات المُهددة بالاستهداف.

تأتي تلك التحركات بعد أيام من تصريحات تريسي جاكوبسون، مرشحة الرئيس الأميركي جو بايدن لمنصب «السفير لدى العراق»، الخميس الماضي، التي تحدثت فيها عن النفوذ الإيراني في العراق، وتواكَب ذلك أيضاً مع تأكيد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (الأحد)، عزمه فرض سيادة القانون في البلاد.

وخلال تهنئته مواطنيه بعيد الأضحى، أكد السوداني أن «الحكومة ماضية في تحمل مسؤولياتها تجاه سيادة العراق، وبسط يد القانون، وتحرير الاقتصاد وتطويره، وتحقيق التقدم والتنمية، وإيجاد الفرص الخلاقة، ومكافحة الآفات الاجتماعية والفساد في أرجاء البلاد كافة».

وخلال الأسابيع الأخيرة، استهدف مهاجمون كثيراً من المطاعم الأميركية في بغداد، في تصعيدٍ لـ«المقاطعة الاقتصادية» للعلامات التجارية التي يقول المهاجمون إنها تساعد على تمويل الجيش الإسرائيلي وحربه على غزة.

مظاهرات في العراق لدعم فلسطين (أ.ب)

وبدأت الهجمات؛ بما فيها الاعتداءات التي شنَّها رجال ملثمون على فروع «كنتاكي» ومطعم «لي» الشهير لبيع الدجاج، في أواخر مايو (أيار) الماضي بعد أن دعت جماعات مسلحة مدعومة من إيران أتباعها إلى الاحتجاج على هذه العلامات الجارية، وفق ما نقلته صحيفة «واشنطن بوست». وقالت هذه الجماعات في بيان لها: «نرفض استخدام الأراضي العراقية في مشاريع استثمارية تذهب أرباحها إلى إسرائيل وجيشها».

والولايات المتحدة هي أقرب حليف لإسرائيل والمورِّد الرئيسي للأسلحة والمساعدات إليها. إلا أن أصحاب كثير من العلامات التجارية الأميركية يقولون إن هذه المساعدة تأتي إلى حد كبير من الحكومة.

ورغم انحسار موجة التهديدات التي وجهتها خلال الأسبوعين الماضيين مجموعات مسلحة ضد سلسلة المطاعم ذات الماركات الأميركية وتحديداً في (الجادرية، والكرادة، وشارع فلسطين)؛ فإن السلطات العراقية كلَّفت قوات «مكافحة الإرهاب (النخبة)» التي قاتلت تنظيم «داعش» بين عامي 2015 و2017، بحماية تلك المطاعم من احتمال تعرضها لهجمات جديدة.

وطبقاً لبيان قيادة العمليات المشتركة، فإن تشديد إجراءات الأمن في بغداد يستهدف تأمينها بالاستناد إلى الجهد الاستخباري.

وقالت وزارة الداخلية العراقية إنها ألقت القبض على مشتبه فيهم يعتقد أنهم متورطون في الهجمات. ووصفت خلية الإعلام الأمني، وهي جهة رسمية تنشر المعلومات الأمنية، الهجمات بأنها «محاولة يائسة لزعزعة استقرار البلاد والإضرار بسمعتها».

وواجهت السلطات العراقية ظاهرة مهاجمة المطاعم، بقوة إذ اعتقلت عشرات من الملثمين، وفاجأت ردة الفعل الرسمية كل الوساطات التي كانت تهدف إلى إطلاق سراح الموقوفين، ومنيت تلك المحاولات بالفشل.

ويقول محللون إن العراق يهدف بهذه الخطوة إلى «طمأنة المستثمرين الأجانب، وإرسال إشارة إلى الجماعات الموالية لإيران بأن القوات الحكومية هي المسيطرة».

لسنا حراساً شخصيين

وقال علي، البالغ من العمر 23 عاماً، وهو من قوات «مكافحة الإرهاب» الموجودة الآن في حي الكرادة الصاخب بوسط بغداد، حيث يوجد كثير من المطاعم الدولية: «إنه أمر غريب أن يجري نشر القوات لحماية مطعم. نحن قوات خاصة، ولسنا حراساً شخصيين».

وفي بيان صدر في 30 مايو الماضي، أدانت السفيرة الأميركية لدى العراق، ألينا رومانوفسكي، «الهجمات العنيفة الأخيرة ضد الشركات الأميركية والدولية».

وكتبت على موقع «إكس»، (تويتر سابقاً): «هذه الهجمات تُعرِّض حياة العراقيين وممتلكاتهم للخطر، ويمكن أن تُضعف قدرة العراق على جذب الاستثمارات الأجنبية».

وفي نهاية الشهر الماضي، انفجرت قنبلة أمام شركة «كاتربيلر» الأميركية لتصنيع معدات البناء التي تزوّد الجيش الإسرائيلي بالجرافات المدرعة، في منطقة الجادرية، وأعقب ذلك انفجار قنبلة أخرى أمام مقر «معهد كامبريدج» في شارع فلسطين وسط منطقة سكنية ببغداد من دون وقوع أضرار بشرية أو مادية. وذكرت وكالة أنباء «أسوشييتد برس» أن احتجاجات صغيرة نُظمت خارج مكاتب شركتي «بيبسيكو» و«بروكتر آند غامبل» في بغداد.

وقال أحد المشاركين في الهجمات، وهو عضو في «كتائب حزب الله» العراقية المدعومة من إيران تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: «نحن مجموعة من الأشخاص من هذه الأمة الذين احتجوا ضد المصالح والشركات الأميركية. سنواصل المقاطعة حتى إغلاق جميع هذه الشركات».

وسارع بعض المطاعم صاحبة الأسماء الأجنبية إلى إصدار بيانات توضح أنها شركات محلية لا علاقة لها بالشركات الأميركية.

وكتبت سلسلة مطاعم «غوست برغر» للوجبات السريعة عبر صفحتها على «فيسبوك»: «نود أن نعلن أن مطعمنا هو علامة تجارية عراقية خالصة، وليست له أي صلة بأي شركة أجنبية».

وللولايات المتحدة نحو 2500 جندي وفرد أميركي في العراق.

وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت ميليشيات تابعة لتنظيم «داعش» في العراق مسؤوليتها عن هجوم بطائرة مسيّرة استهدف قاعدة للقوات الأميركية في الأردن وأدى إلى مقتل 3 من الجنود الأميركيين.

حوار بغداد وواشنطن

إلى ذلك، وفي سياق مواصلة الحوار بين بغداد وواشنطن، بحث مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، مع السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانسكي، التي توشك على مغادرة منصبها، العلاقات الثنائية بين البلدين.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد في بغداد (واع)

وأفاد بيان لمكتب الأعرجي (الأحد) بأنه «استقبل في مكتبه السفيرة الأميركية، وبحثا مجمل الأوضاع السياسية والأمنية على الصعيدين الدولي والإقليمي، وكذلك استمرار التعاون بين البلدين، لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم».

وأضاف أنه «جرى خلال اللقاء أيضاً، تأكيد أهمية متابعة مذكرات التفاهم التي جرى توقيعها بين البلدين خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، الأخيرة إلى واشنطن».


مقالات ذات صلة

توغلات تركية متواصلة في دهوك... وصمت ببغداد وأربيل

المشرق العربي أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)

توغلات تركية متواصلة في دهوك... وصمت ببغداد وأربيل

رغم تواتر الأخبار عن عمليات قصف وتوغل متصاعدين للقوات التركية تركزت في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراقي؛ فإن السلطات في بغداد وأربيل التزمت الصمت.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مجلس نينوى أقال مسؤولين محليين وفجَّر أزمة قانونية مع بغداد وسياسية مع أربيل (إكس)

حملة إقالات في نينوى تفجر أزمة مركَّبة مع بغداد

تفجرت أزمة في محافظة نينوى (شمال العراق) بعد قرار بإقالة 20 رئيس وحدة إدارية من أصل 31 مسؤولاً كانوا قد قضوا سنوات طويلة في الخدمة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مؤتمر صحافي مشترك بطهران في 2022 (أ.ف.ب)

تفاؤل عراقي بفوز بزشكيان... ولا «تغييرات جذرية»

تفاعل العراق مع فوز الإصلاحي مسعود بزشكيان بالرئاسة الإيرانية، وفي حين هنأه مسؤولون، تحدث خبراء عن تأثير محدود للرئيس الجديد في ظل «الحرس الثوري».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني مستقبِلاً بارزاني في القصر الحكومي ببغداد (إعلام حكومي)

زيارة بارزاني لبغداد تثير غضب الفصائل من «رسائل أميركية»

ما إن غادر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العاصمة العراقية، حتى هاجم فصيل شيعي موالٍ لإيران اجتماعاته التي شملت أبرز قادة «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
يوميات الشرق صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)

باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

اقترح باحثون أن رجالاً من شعوب الأنجلوسكسون في القرن السادس الميلادي ربما سافروا من بريطانيا إلى شرق البحر المتوسط ​​وشمال سوريا للقتال في الحروب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

جبهة جنوب لبنان تزيد تعقيدات الاستحقاق الرئاسي

فشل مجلس النواب اللبناني بتوازناته الحالية في انتخاب رئيس للجمهورية (رويترز)
فشل مجلس النواب اللبناني بتوازناته الحالية في انتخاب رئيس للجمهورية (رويترز)
TT

جبهة جنوب لبنان تزيد تعقيدات الاستحقاق الرئاسي

فشل مجلس النواب اللبناني بتوازناته الحالية في انتخاب رئيس للجمهورية (رويترز)
فشل مجلس النواب اللبناني بتوازناته الحالية في انتخاب رئيس للجمهورية (رويترز)

برزت في لبنان تلويحات بالمطالبة بانتخابات نيابية مبكّرة، في حين تُلقي جبهة الجنوب اللبناني المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل، بثقلها على الاستحقاق الرئاسي، إذ زادت الجبهة من تعقيدات المشهد السياسي الداخلي، وأدت إلى تعليق كل المبادرات والوساطات الساعية إلى إنهاء الشغور المستمر منذ 21 شهراً في رئاسة الجمهورية، بما فيها مهمّة «اللجنة الخماسية»، المؤلفة من سفراء الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر.

وأكد مصدر لبناني مطلع على قنوات الاتصال المرتبطة بهذا الملفّ أنه «لا بحث في الملفّ الرئاسي قبل وقف النار ما بين (حزب الله) وإسرائيل». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «إن جبهة الإسناد لغزّة فرضت واقعاً جديداً على الاستحقاق». وأضاف: «إذا كان شرط (حزب الله) السابق يقضي بانتخاب رئيس يحمي ظهر المقاومة، فثمة حديث في الكواليس عن ربط الانتخابات الرئاسية بإعادة إعمار الجنوب وبناء القرى التي دمرتها إسرائيل».

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبِلاً سفراء «الخماسية» في مقر رئاسة النواب (أرشيفية - مجلس النواب)

وبدا لافتاً تراجع دور «اللجنة الخماسيّة» لدفع الاستحقاق قدماً وإنهاء حالة الشغور الرئاسي الذي يقترب من عامه الثاني. وأوضح مصدر في «الخماسيّة» أن اللجنة «لم توقف مهمتها، وسيكون لها تحرك هذا الأسبوع». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ليست اللجنة الخماسية ولا دولها من ينتخب رئيساً للبنان، وكل ما تفعله هو تقريب المسافات بين القوى السياسية وكسر حالة الجمود القائمة، وانتخاب رئيس تتوافق عليه الأطراف، ليحظى عهده بدعم عربي ودولي يمكنّه من النجاح ونقل البلاد إلى مرحلة الاستقرار والازدهار».

وأشار المصدر إلى أنه «كلما نجحت اللجنة في تقريب وجهات النظر حول مواصفات المرشّح، كانت تُفاجأ بتعقيدات من خارج الحسابات؛ لذلك باتت أقرب إلى الاقتناع بأن الحلّ أكبر من قدرة اللبنانيين على التوافق فيما بينهم، وأن هناك عوامل خارجية تتحكّم في خياراتهم».

أفق مسدود

ورفضت المعارضة المتمثّلة بحزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب» والنواب المستقلّين، دعوة رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، إلى جلسات حوار لسبعة أيام يجري خلالها الاتفاق على اسم الرئيس أو أسماء المرشحين، يعقبها الذهاب إلى جلسة انتخاب بدورات متتالية، وعزت رفضها إلى «عدم تكريس الحوار بوصفه عرفاً قائماً قبل كلّ استحقاق، بما يؤدي إلى تعطيل الدستور»، في حين أيّد كلّ من «الحزب التقدمي الاشتراكي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط، و«التيار الوطني الحرّ» برئاسة جبران باسيل، مبدأ الحوار.

وأمام هذا التصلّب وامتناع الطرفين عن التقدم خطوة إلى الأمام، عدّ عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني أن «الأفق بات مسدوداً أمام الانتخابات الرئاسية، في غياب أي أرضية مشتركة بين الأطراف المتحكّمة بالاستحقاق». وأشار البعريني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التكتل «لم يقطع تواصله مع القوى السياسية والكتل النيابية لبلورة رؤية مشتركة للحلّ، كما أنه على تواصل دائم مع أعضاء اللجنة الخماسية في لبنان للبحث عن مخارج تؤدي إلى حلحلة العقد القائمة».

وكشف البعريني عن «توجّه لدى تكتل (الاعتدال الوطني)» لتطوير مبادرته السابقة، وبحث بنودها مع «اللجنة الخماسيّة» قبل عرضها على باقي الأطراف. ورأى البعريني أن البرلمان الحالي عاجز عن انتخاب رئيس، مؤكداً أن «الأمور معقدة، ويستحيل تسويق أي مبادرة أو أفكار جديدة قبل عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، لكن لا بدّ أن نخلق أرضيّة للحل تكون مهيّأة لبحثها بعد وقف إطلاق النار ما بين لبنان وإسرائيل».

عظة الأحد

وفي هذا السياق، أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي «أنّنا في لبنان نعيش أزمة حقيقية، فلا بدَّ من العودة إليها، أوّلاً لكي ينتخب المجلس النيابي رئيساً للجمهوريّة وفقاً للدستور الواضح والصريح». وقال في عظة الأحد: «لا نستطيع البقاء خارج إطار الحقيقة، والعيش في كذب بعضنا على بعض، في حين وطننا يتلاشى أمام أعيننا بمؤسّساته الدستوريّة، بل علينا أن نعيش ثقافة الحقيقة الواضحة التي لا لبس فيها، فنتصارح ونتصالح بها وعلى ضوئها».

من جانبه، طالب متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران إلياس عودة، بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، في حال فشل البرلمان بتركيبته الحالية في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقال عودة في عظة الأحد، إن المسؤولين مدعوون إلى اتخاذ خطوات عملية، مشيراً إلى أن «النواب كانوا مدعوين إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس، لكنهم حتى الآن لم يلبوا نداء الواجب». وأضاف: «إذا كانوا عاجزين عن القيام بدورهم، أو أنهم وصلوا إلى طريق مسدود لا منفذ له، ألا تحتم عليهم المسؤولية الوطنية والأخلاقية مصارحة من أوصلوهم وأوكلوا إليهم مسؤولية تمثيلهم، أن هذا المجلس النيابي، بتركيبته الحالية، غير قادر على انتخاب رئيس، ومن ثم عليه إفساح المجال لغيره، بالطرق الديمقراطية التي يمليها الدستور؟».