مساعٍ سياسية لبنانية لاحتواء إجراءات بحق قاضية مقربة من باسيل

وزير العدل أجرى اتصالات لتجنبها

قصر العدل في بيروت (أرشيف الشرق الأوسط)
قصر العدل في بيروت (أرشيف الشرق الأوسط)
TT

مساعٍ سياسية لبنانية لاحتواء إجراءات بحق قاضية مقربة من باسيل

قصر العدل في بيروت (أرشيف الشرق الأوسط)
قصر العدل في بيروت (أرشيف الشرق الأوسط)

لم تنته بعد تداعيات قرار النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار الذي اتخذه الأسبوع الماضي، وقضى بـ«كفّ يد» المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون النظر بالملفات القضائية، جرّاء «تمرّدها والامتناع عن تنفيذ توجيهاته»، وسط تدخلات سياسية لمحاولة تطويق الأزمة الناشئة والتي اتخذت منحى سياسياً.

وكشف مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العامة التمييزية «تتجه لاتخاذ إجراءات جزائية بحقّ القاضية عون على خلفيّة تصريحات وتغريدات أدلت بها الأخيرة بعد صدور قرار عزلها». وأكد المصدر أن كلام عون الأخير «لا يقف عند حدّ الإساءة للمرجعيات القضائية فحسب، بل تضمّن تحريضاً على المؤسسات الدستورية وتشويهاً لدورها وتشجيع (حكم المافيا) بدل دولة القانون وهذا أمر لا يمكن أن يمرّ من دون إجراءات عقابية لا بدّ من اتخاذها».

وشكّلت تغريدة القاضية عون الأخيرة على منصة (إكس)، صدمة لدى الأوساط القضائية، حيث قالت: «هذا البلد لا يستأهل عدالة، هذا البلد يستأهل نظاماً مافيوياً يمسك بكل مقدراته، أمام هول ما حصل، وأمام التطاول الوقح على قاضٍ يحاول رفع الظلم وتطبيق القانون، ما شفت إلّا تويتات، نعم، مبروك عليكم هكذا نظام». وأضافت: «محاربة الفساد لم يعد له معنى، أنا تاركة أقله ضميري مرتاح، مبروك عليكم سرقة 8 مليار دولار وحماية كل الأجهزة للمرتكبين، مبروك عليكم رياض سلامة (حاكم مصرف لبنان السابق)، مبروك عليكم حجب جنى عمركم من قبل المصارف».

وهاجمت عون بعنف كلّ الأصوات التي أيدت قرار الحجار بكفّ يدها، وختمت تغريدتها: «إذا كانت هذه هي ردة فعلكم وردة فعل قيادييكم أمام سرقة العصر، فلا أمل، أقولها للأسف مبروك عليكم النظام الفاسد».

تدخلات سياسية

ووفق أوساط متابعة لهذه القضية، فإن هناك «جهات سياسية تعمل على حلّ أزمة (كفّ يد) هذه القاضية، خصوصاً التيار الوطني الحرّ الذي تحظى بدعمه السياسي»، لكن الأوساط أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «تمادي القاضية المذكورة في هجومها على رؤسائها والإصرار ومحاولة تشويه كلّ قرار لا يتوافق مع مصلحتها، صعّب مهمّة الساعين إلى رأب الصدع بينها وبين الحجار ومجلس القضاء الأعلى»، مشيرة إلى أن وزير العدل هنري الخوري «أجرى مروحة اتصالات شملت مراجع سياسية وقضائية».

وشددت المصادر على أن الوزير الخوري «سيسعى فور عودته من الخارج إلى تضييق مساحة الخلاف بين الحجار وعون، إلّا أن النائب العام التمييزي ليس بوارد التراجع عن قراره رغم كلّ الاتصالات التي تلقاها ومحاولات جمعه بالقاضية عون»، مذكرة بأن الحجار «أطلع وزير العدل مسبقاً على قرار كفّ يد غادة عون، وعلى الأسباب القاهرة التي استدعت اتخاذ قرار كهذا».

غضب قضائي

وأثار تصريح عون غضباً واسعاً لدى أغلب القضاة الذين قرأوا في هذا الموقف «إساءة لهم ولدورهم، خصوصاً وأن غادة تحاول أن تظهر نفسها أنها وحدها التي تكافح الفساد وتسعى لاستعادة أموال المودعين من المصارف». وأشارت الأوساط نفسها إلى أن «عشرات القضاة أصدروا أحكاماً وقرارات تحفظ حقوق المودعين لكنها بقيت سريّة والتزاماً بموجب التحفّظ، لأن التحقيقات القضائية تكتسب طابع السريّة بدل نشرها في وسائل الإعلام أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وبدا لافتاً أن «نادي القضاة» لم يستجب لدعوة عون التي طالبته بالتضامن معها، للأسباب المذكورة أعلاه.

ولم تفلح مواقف رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل التصعيدية بإحداث أي خرق يؤدي إلى التراجع عن قرار معاقبة غادة عون، واعتبر مصدر حقوقي أنه «رغم الدعم العلني من قيادة التيار لهذه القاضية، فإن خياراتها لم تعد موضع قبول لدى أغلب النخب في التيار خصوصاً قطاع المحامين». وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشاركة الهزيلة في الاعتصامين اللذين نفذهما محامون وناشطون في التيار أمام قصر العدل في بيروت وفي ساحة 7 أغسطس في منطقة المتحف دعماً للقاضية دليل واضح على تراجع التأييد لهذه القاضية».

إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن «النيابة العامة التمييزية» بصدد فتح تحقيق يطال مقربين منها معنيين بملفات المصارف أمام القاضية المذكورة، بعدما نشرت لائحة تضمنت أسماء عدد قليل من المحامين الذين حصرت بهم القاضية عون مهمة إقامة الدعاوى على المصارف. وأفادت المعلومات بأن هذا الأمر «سيكون موضع متابعة قضائية في الأيام المقبلة، وربما يكون هناك تنسيق مع نقابة المحامين في حال تقرر اتخاذ إجراءات معينة».


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، الأحد، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مختزل أعلنت فيه عن اللقاء دون تفاصيل.

وكانت تقارير إعلامية محلية قد أفادت في وقت سابق بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف اللجنة الدستورية اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، المقربة من الحكومة، عن مصادر قولها إن بيدرسن «بات على قناعة بأنه لا بد من انعقاد هذه اللجنة في العواصم العربية المرشحة لاستضافتها، وهي بغداد والرياض والقاهرة، لكون الجانب الروسي يرفض رفضاً قاطعاً انعقادها في جنيف».

وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات، ولم يتم التوافق على مكان آخر. وحسب صحيفة «الوطن»، يجري بيدرسن مباحثات مع المسؤولين السوريين في دمشق التي وصلها يوم الأربعاء، حول إمكانية استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، صرّح في وقت سابق لوكالة «تاس» الروسية بأن جنيف هي المكان الوحيد المرفوض من قبل الجانب الروسي، لافتاً إلى قبول موسكو بأي من الأماكن الأخرى المقترحة. وفيما يتعلق بمقترح عقد الاجتماع في بغداد، قال لافرنتيف إن المعارضة السورية رفضت هذا الاقتراح باعتبار بغداد مكاناً غير محايد لها؛ لأن الحكومة العراقية داعمة لدمشق. وأضاف: «لا تزال المعارضة تصر على رفض هذا الخيار، رغم أنه لا يمكن أن يؤثر على سير المفاوضات الدستورية». وحسب المسؤول الروسي، فقد أكدت موسكو لبيدرسن ضرورة مواصلة الجهود لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، كما دعته لبذل الجهود بدلاً من الدعوة إلى ممارسة النفوذ على هذا الجانب أو ذاك.

ومنذ بدء النزاع في سوريا، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، مستهدفة مواقع تابعة للقوات الحكومية وأهدافاً إيرانية وأخرى تابعة لـ«حزب الله» اللبناني. وازدادت وتيرة الغارات على وقع المواجهة المفتوحة التي تخوضها إسرائيل مع «حزب الله» في لبنان المجاور. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 105 أشخاص، معظمهم مقاتلون موالون لإيران، في حصيلة جديدة لغارات إسرائيلية استهدفت، الأربعاء، 3 مواقع في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، ضمّ أحدها اجتماعاً «لمجموعات سورية موالية لطهران مع قياديين من حركة (النجباء) العراقية و(حزب الله) اللبناني». وكان المرصد أحصى مقتل 92 شخصاً في حصيلة سابقة لهذه الغارات. ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول في الفترة الأخيرة إنها تعمل على منع «حزب الله» من «نقل وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.