سوريا تتطلع لسياحة المغتربين والموظفين الأجانب

خطة تطوير القطاع تضمنت مشاريع جديدة وتوسعات فندقية

إطلالة سياحية من المدرج الروماني على مدينة تدمر في البادية السورية مايو 2023 (أ.ب)
إطلالة سياحية من المدرج الروماني على مدينة تدمر في البادية السورية مايو 2023 (أ.ب)
TT

سوريا تتطلع لسياحة المغتربين والموظفين الأجانب

إطلالة سياحية من المدرج الروماني على مدينة تدمر في البادية السورية مايو 2023 (أ.ب)
إطلالة سياحية من المدرج الروماني على مدينة تدمر في البادية السورية مايو 2023 (أ.ب)

المتابع لأخبار الحكومة في وسائل الإعلام الرسمي سيلحظ العناية الكبيرة التي توليها الحكومة لقطاع السياحة، وصفه مورداً للعملة الأجنبية التي تفتقد إليها سوريا، وأيضاً لتعويض بعض من خسائر توقف السياحة خلال سنوات الحرب، عدا الدينية منها إلى الأماكن والمراقد الشيعية التي لم تتوقف سوى فترة الحظر مع انتشار فيروس كورونا.

وبحسب الأرقام التي أوردها وزير السياحة السوري أمام مجلس الشعب، مطلع الشهر الجاري، بلغ عدد القادمين إلى سوريا حتى نهاية شهر مايو (أيار) المنصرم، 780 ألف شخص، منهم 704 آلاف عربي و76 ألف أجنبي. وهذا يعني نسبة زيادة بلغت نحو 10 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي. كما بلغ عدد القادمين للسياحة الدينية 79 ألف زائر بنسبة زيادة 26 في المائة، وعدد الليالي الفندقية 529 ألف ليلة بنسبة زيادة 33 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2023.

خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، ارتفعت أعداد المغتربين القادمين إلى البلاد بصفة سياحية، وشكلوا مورداً هاماً للقطع الأجنبي يضاف إلى الحوالات التي ترسل إلى ذويهم وتتضاعف خلال المناسبات.

مصادر بمكتب سياحي في دمشق، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن العام الأخير شهد تزايداً في أعداد المغتربين المقتدرين الذين يقصدون البلاد لإقامة حفلات الأفراح، حيث إن تكلفة حجز صالة بفنادق الخمس نجوم مع امتيازات جيدة جداً، أقل بكثير من تكلفة إقامتها في أوروبا.

ورغم أهمية قدوم المغتربين الذي بات أهل البلد ينتظرونه كل صيف لتحريك الأسواق، فإن السياحة في سوريا فقدت أحد أهم مقوماتها، وهي السياحة الثقافية وزيارة الأماكن الأثرية والتاريخية، وذلك بسبب تضررها خلال الحرب، وصعوبة الوصول إلى ما تبقى منها.

وتابعت المصادر: «بين عشرات المجموعات السياحية المحلية والمغتربين، طلبت إحداها زيارة موقع أثري في ريف حماة، ولم نتمكن من الحصول على موافقات أمنية لكل أفراد المجموعة، فاقترحنا زيارة مدينة تدمر وليتنا لم نفعل». وأشارت المصادر إلى أن «الوضع هناك مأساوي من حيث الدمار وسوء الخدمات ومشقة وتكاليف النقل».

إطلالة سياحية من المدرج الروماني على مدينة تدمر في البادية السورية مايو 2023 (أ.ب)

المصادر، أكدت لنا، أن السياحة الرئيسية الآن هي سياحة المغتربين من حملة الجنسيات الأجنبية، والأثرياء منهم يفضلون الفنادق التي تضمن عروضها خدمة توفر الكهرباء والماء الساخن 24 ساعة، وهو أمر تفتقده بيوت ذويهم.

لامار، شابة سورية في العقد الثالث من العمر جاءت من السويد بعد غياب 10 سنوات، وقد فوجئت بارتفاع الأسعار في سوريا، فقد أخبرها والداها أن كل شيء رخيص في سوريا لأنها «أم الفقير».

حرفي سوري خلال معرض للزجاجيات وسط دمشق القديمة (أرشيفية - أ.ف.ب)

أحد تجار الشرقيات في المدينة القديمة، أكد غياب السياح الأجانب، بمعنى السائح الذي يقصد سوق الشرقيات لاقتناء منتجات تقليدية: «من نراهم من الأجانب هم إما مغتربون أو موظفو منظمات يقلبون البضائع ويمطروننا بأسئلة تفصيلية عن واقع المعيشة في سوريا، لا عن الحرف». ويضيف التاجر: «معظم البضائع الموجودة في السوق هي من قبل الحرب، فقد أدى توقف السياحة الثقافية إلى موات الكثير من الحرف السورية النادرة».

ناديا، سيدة بالستين من العمر غادرت دمشق عام 2012 لتعيش في فرنسا، قالت إنها نزلت في منزل شقيقها بدمشق إلا أنها لم تحتمل أكثر من ثلاثة أيام بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر الماء، والأعباء المالية المنهكة التي تحملتها العائلة بسبب استضافتها واستقبال ضيوفها، «مصروف البن وحده كان منهكاً»، لكنها لم تجد في فنادق دمشق غرفة فارغة لأن غيرها من المغتربين سبقوها إلى هذا الحل.

مقام السيدة زينب جنوب شرقي دمشق (الشرق الأوسط)

تتراوح تكاليف الإقامة لغير السوريين في فنادق الخمس والأربع والثلاث نجوم بين 60 و150 دولاراً أميركياً، من مليون إلى مليوني ليرة وسطياً.

وسبب الازدحام الدائم في الفنادق السورية، تقول المصادر في مكتب سياحي بدمشق إن عدد الفنادق قليل قياساً بأعداد القادمين إلى سوريا، ولوحظ هذا العام تدفق أعداد كبيرة من العراقيين، وهؤلاء وحدهم يحتاجون إلى ضعف عدد الفنادق الموجودة في دمشق من التصنيفات الثلاث الأولى، علماً بأنهم غير الحجاج الدينيين، الذين يقصدون فنادق وشقق منطقة السيدة زينب، وكذلك من المغتربين الذين تتضاعف أعدادهم فترة الأعياد ومواسم الاصطياف، ناهيك عن السياحة العلاجية وبالأخص معالجة الأسنان وعمليات تجميل للاستفادة من فارق الأسعار.

رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس يفتتح مشروعاً سياحياً في دير الزور شرق سوريا (موقع رسمي)

يشار إلى أن افتتاح رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس فندق البادية، تصنيف خمس نجوم في دير الزور الأسبوع الماضي، أثار استياء الأهالي، لأن تكاليف إعادة تأهيله بلغت 20 مليار ليرة سورية، وفق مصادر أهلية في دير الزور.

وأكدت المصادر أن المناطق الأثرية منذ قبل الحرب لم تر سائحاً أجنبياً واحداً يقصدها لأن «الأجانب الذين يقصدون مناطقنا هم عسكريون، روس أو إيرانيون، أو مدنيون من موظفي المنظمات والجهات الحكومية».

عمال بناء سوريون يعملون على إعادة إعمار سوق العتيق في الجزء القديم من مدينة حلب شمال سوريا سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

وكانت وزارة السياحة السورية قد أعلنت عن خطة تمتد من (2019 - 2030) لتطوير قطاع السياحة في سوريا، تضمنت العديد من المشاريع الجديدة وتوسعات فندقية، منها إعادة تأهيل فندق «البادية» في دير الزور، وتطوير شاطئ الكرنك الشرقي في طرطوس. وتوسعة فندق لابلاج في وادي قنديل باللاذقية بإضافة 21 شاليهاً جديداً ليصبح الإجمالي 74 شاليهاً، وتأهيل فندق لاميرا، وإنشاء أكبر مسبح للمياه المالحة بطول 54 متراً. يرافق ذلك توفير خدمة الحصول على فيزا عبر منصة إلكترونية، بالإضافة إلى تقديم التسهيلات للمشاريع السياحية وافتتاح مراكز تدريب سياحية وفندقية.

كما تعاقدت وزارة السياحة السورية مع شركات روسية لبناء مشاريع سياحية على الساحل السوري، بهدف جذب السياح الروس، وقد افتتح فندقان في طرطوس الشهر الماضي. فيما تم افتتاح مطعم ومنشأة سياحية في مدينة حماة بعد إعادة تأهيلها وصيانتها، وفندق في مدينة مصياف.


مقالات ذات صلة

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

سفر وسياحة البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، تتنافس بلدات ومدن لبنانية على اجتذاب الزوّار. مدينتا جبيل والبترون كما زغرتا تشكّل وجهات سياحية داخلية محببة.

فيفيان حداد (بيروت)
سفر وسياحة أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

مع اقتراب عيد الميلاد، قد يكون من السهل الوقوع في أحلام اليقظة حول عطلة شتوية مستوحاة مباشرة من السينما: عطلة تتميز بالطقس الثلجي المثالي، والشوكولاته الساخنة

مادلين فيتزجيرالد (نيويورك)
سفر وسياحة فندق ذا لانغهام جاكارتا (الشرق الأوسط)

أفكار لإقامة تليق بأعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

اكتشفْ سحر موسم الأعياد في فندق إنيالا هاربور هاوس بمالطا

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق وزير الثقافة السعودي خلال لقائه الرئيس السيسي (رئاسة الجمهورية المصرية)

تعاون سعودي - مصري في الفنون والثقافة والسياحة وحفظ التراث

في زيارة رسمية أجراها وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود إلى مصر، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق دور النشر شهدت إقبالاً كبيراً من الزوار من مختلف الأعمار (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

«جدة للكتاب»... مزيج غني بالمعرفة والإبداع بأحدث الإصدارات الأدبية

يعايش الزائر لـ«معرض جدة للكتاب 2024» مزيجاً غنياً من المعرفة والإبداع يستكشف عبره أحدث الإصدارات الأدبية، ويشهد العديد من الندوات وورش العمل والجلسات الحوارية.

إبراهيم القرشي (جدة)

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» تأييدها لقائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، في خطوة لافتة ومتقدمة عن كل الأفرقاء السياسيين الذين لم يعلنوا عن مرشحهم الرئاسي منذ تحديد رئيس البرلمان نبيه بري، قبل ثلاثة أسابيع، موعداً لجلسة انتخاب الرئيس في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل.

ويأتي إعلان «اللقاء الديمقراطي» في ظل الحديث عن تقدم حظوظ قائد الجيش على غيره من الأسماء التي يتم التداول بها، وبعد يومين من لقاء رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مع بري، حيث قال بعد الاجتماع إنه وضع رئيس البرلمان بأجواء الزيارة التي قام بها إلى فرنسا، حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعبّر عن تفاؤله بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في 9 يناير.

وفي بيان لها بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط وحضور الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» عن تبنيها ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، مشدّدة على ضرورة انتخاب رئيس في الجلسة الشهر المقبل.

وحضت في بيانها على ضرورة تنفيذ وقف إطلاق النار وتطبيق القرار الدولي «1701» وسائر القرارات الدولية و«اتفاق الطائف»، خصوصاً فيما يتعلق باتفاقية الهدنة، واستنكرت الخروقات الإسرائيلية، داعية اللجنة المشرفة على تطبيقه إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف إسرائيل لانتهاكاتها.

في المقابل، لم تعلن المعارضة التي اجتمعت الأربعاء في مقر حزب «الكتائب»، عن مرشحها حتى الآن، وهي لا تزال تبحث في هذا الأمر بين مكوناتها.

وفي بيان لها، قالت المعارضة التي تضم 31 نائباً، من حزب «القوات اللبنانية»، وحزب «الكتائب اللبنانية»، وكتلة «تجدد» إضافة لنواب مستقلين، أنها قاربت جلسة التاسع من يناير «بجدية مطلقة، وتعد أن التعاطي مع الاستحقاق بما يستلزم من إرادة، يجب أن يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون مقدمة لإنقاذ لبنان شرط الابتعاد عن النهج الذي كان سائداً طوال فترة التعطيل والذهاب إلى اختيار شخصية قادرة على قياس متطلبات المرحلة».

وأكد المجتمعون «أن أمام الرئيس المقبل مهمة احترام وتطبيق الدستور اللبناني، ووثيقة الوفاق الوطني، والقرارات الدولية الضامنة للسيادة، واستعادة علاقات لبنان العربية والدولية ما يعيد الثقة به، وتطبيق كامل لاتفاق وقف إطلاق النار ما يحتّم حصر السلاح بيد القوى الشرعية الدستورية على كامل الأراضي اللبنانية وشمال الليطاني كما جنوبه، وهو ما سيحرص المجتمعون على مراقبته عن كثب».

وعدّ المجتمعون «أن المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء لبنان على أسس دستورية متينة تنطلق لحظة انتخاب الرئيس بالالتزام بخريطة طريق واضحة، تبدأ بمصالحة اللبنانيين مع بعضهم بعضاً، والانكباب مع رئيس حكومة وحكومة متجانسة تحصر بيانها الوزاري بمصلحة لبنان وشعبه، وتنكب على ورشة إصلاحات بنيوية في الإدارة والاقتصاد بعد سنوات الانهيار التي شهدتها الدولة والمؤسسات، والالتزام بالإصلاح المالي والاقتصادي وإيقاف الفساد».

وتوقفت المعارضة عند المستجدات السياسية في سوريا وسقوط الرئيس بشار الأسد، مشيرة إلى أنها «تنظر إلى هذا التطور بعين الإيجابية بعدما زال نظام مارس في لبنان كل أنواع الإجرام بحق لبنان واللبنانيين وقادتهم الوطنيين، فنكّل وقتل ودمّر وخطف واعتقل وكمّم الأفواه».

وتعد قوى المعارضة «أن العلاقات بين الدولتين يجب أن تقام بناء على قاعدة احترام السيادة والندّية ومصلحة البلدين واستقرارهما وأمنهما».