«الشاباك» في تحذير استراتيجي: السلطة الفلسطينية قد تنهار

الأجهزة الأمنية تخشى الفراغ والفوضى وتسلل «حماس»

مستوطنون يغلقون نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية (أرشيفية - د.ب.أ)
مستوطنون يغلقون نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

«الشاباك» في تحذير استراتيجي: السلطة الفلسطينية قد تنهار

مستوطنون يغلقون نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية (أرشيفية - د.ب.أ)
مستوطنون يغلقون نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية (أرشيفية - د.ب.أ)

أرسل «الشاباك» الإسرائيلي تحذيراً استراتيجياً إلى القيادة السياسية ومؤسسة الدفاع الإسرائيلية، من أن السلطة الفلسطينية على وشك الانهيار.

وجاء في التحذير أن عدداً من الخطوات التي اتخذتها إسرائيل في السنوات الأخيرة تجاه السلطة يؤدي فعلاً إلى انهيارها. ووفقاً للتحذير، فإن وقف تحويل الإيرادات الضريبية إلى جانب اتخاذ تدابير أخرى، سيضع السلطة الفلسطينية على حافة الإفلاس المالي، وقد يؤدي ذلك إلى عدم قدرة السلطة الفلسطينية على سداد ديونها، بما في ذلك رواتب موظفيها، والخدمات المقدمة لمواطنيها. وقال مسؤول أمني كبير: «من وجهة نظر أمنية، فإن انهيار السلطة يمكن أن يخلق فوضى على الأرض، ويقوّض الاستقرار القائم حالياً، سواء أمنياً أو على مستوى النظام المدني. والوضع الأسوأ الذي يمكن الوصول إليه هو أن تتوقف المستشفيات عن العمل، وسيتعين على المرضى دخول المستشفيات الإسرائيلية لتلقي العلاج».

خلال اقتحام جنين ومخيمها (وكالة «وفا» الفلسطينية)

وأضاف: «نرى أن المصلحة الاقتصادية تحتل مكانة كبيرة في كل ما يتعلق بتجنيد الإرهابيين للتنظيمات الإرهابية في الضفة الغربية، حتى أكثر من الجانب الديني المتطرف. وفي بعض الأحيان، من أجل سلامة المواطنين، عليك اختيار الحل الأقل سوءاً، لا نريد أن ينتهي الأمر ببؤر إيرانية داخل الضفة الغربية».

وتوجد مخاوف أمنية كبيرة في إسرائيل من أن انهيار السلطة قد يترك فراغاً للتصعيد والفوضى.

وقالت مصادر إسرائيلية إن الحرب الحالية على السلطة، تأتي في وقت تستمر فيه الأموال من إيران بالتدفق إلى الضفة الغربية، بهدف التشجيع على تخطيط عمليات. وانهيار السلطة سيكون من وجهة نظر إسرائيلية السيناريو المثالي بالنسبة لـ«حماس».

وقالت قناة «كان» الإسرائيلية، إن من أكبر طموحات زعيم «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، و«حماس» بشكل عام، هو إشعال النار في الضفة الغربية، من خلال الهجمات في الضفة الغربية، وكذلك في قلب إسرائيل، ومن ثم يتسبب ذلك في خروج آلاف الفلسطينيين لمواجهة الجيش وإحداث اضطرابات واسعة النطاق، وتأمل «حماس» في أن تصل إلى حالة متطرفة من اندلاع انتفاضة جديدة.

وتعاني السلطة الفلسطينية في الضفة وضعاً مالياً حرجاً أعلنت معه هذا الشهر أنها ستدفع نصف راتب فقط لموظفيها، على غرار الشهر الماضي.

وقالت وزارة المالية الفلسطينية (الخميس) إنها تعتزم صرف 50 في المائة من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في القطاعين المدني والعسكري عن شهر أبريل (نيسان) مطلع الأسبوع المقبل، وذلك وسط استمرار أزمتها المالية.

وذكرت الوزارة في بيان أن «موعد صرف رواتب الموظفين العموميين عن شهر أبريل هو يوم الأحد، بنسبة 50 في المائة من الراتب، وبحد أدنى 2000 شيقل». وتابعت الوزارة في بيانها «أن بقية المستحقات القائمة هي ذمة لصالح الموظفين، وسيتم صرفها عندما تسمح الإمكانيات المالية بذلك».

وتشير بيانات وزارة المالية لدى السلطة الفلسطينية إلى أن الديون المتراكمة على السلطة الفلسطينية تجاوزت 11 مليار دولار، سواء لموظفين لديها، أو لبنوك محلية وخارجية وصندوق التقاعد ومقدمي الخدمات لها في قطاعات مختلفة، وهو ما يقترب من ضعفي موازنتها العامة.

مركبات عسكرية إسرائيلية خلال اقتحام مدينة نابلس في الضفة الغربية (أرشيفية - رويترز)

ومنذ عامين، تدفع السلطة رواتب منقوصة للموظفين في القطاعين المدني والعسكري، بسبب اقتطاع إسرائيل نحو 50 مليون دولار من العوائد الضريبية، تساوي الأموال التي تدفعها السلطة لعوائل مقاتلين قضوا في مواجهات سابقة، وأسرى في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى بدل أثمان كهرباء وخدمات طبية.

وعمّقت الحرب على غزة هذه الأزمة، بعدما بدأت إسرائيل باقتطاع حصة غزة كذلك.

والشهر الماضي، قرر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، أنه لن يحوّل بعد الآن أموال المقاصة إلى السلطة حتى إشعار آخر، وأيضاً لن يمدد التعويض للبنوك (الإسرائيلية التي لديها معاملات مع بنوك فلسطينية)، نهاية الشهر المقبل، وذلك رداً على قرارات النرويج وإسبانيا وآيرلندا بالاعتراف بدولة فلسطين.

وبموجب «اتفاق أوسلو»، تجمع وزارة المالية الإسرائيلية الضرائب نيابة عن الفلسطينيين عند استيراد السلع من الخارج إلى السلطة الفلسطينية، وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطة الفلسطينية تشكل 65 في المائة من ميزانيتها السنوية، وتتراوح التحويلات ما بين 750 و800 مليون شيقل.

ويثير هذا الترتيب خلافات مستمرة، وصلت إلى حد رفض السلطة بعد حرب غزة تسلّم الأموال منقوصة من حصة القطاع، قبل أن تتدخل واشنطن، وتضع حلاً وسطاً، تقوم معه إسرائيل بتحويل أموال المقاصة إلى السلطة، على أن تبقى حصة غزة في عهدة الحكومة النرويجية، لحين تسوية الخلافات.

لكن رغم ذلك، قامت إسرائيل هذا الشهر باحتجاز حتى الحصة التي لا تشمل مدفوعات القطاع.

وتقول السلطة الفلسطينية إن مجموع الأموال المحتجزة من أموال المقاصة لدى إسرائيل وصل إلى 6 مليارات شيقل (الدولار 3.70 شيقل). والضغط الإسرائيلي يأتي في وقت تراجعت فيه إلى أقصى حد المساعدات العربية والدولية، مع ما سببه وباء «كورونا» من تداعيات على الاقتصاد الفلسطيني، قبل أن تأتي الحرب على قطاع غزة، وتفتك إلى حد كبير بالوضع الاقتصادي.

وإضافة إلى الإجراءات ضد السلطة، خسر نحو 160 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية مصدر دخلهم الوحيد منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعدما جمّدت إسرائيل تصاريح دخولهم إلى أراضيها، أسوة نحو 20 ألف عامل من قطاع غزة، ألغيت تصاريحهم بالكامل.

وكانت فاتورة أجور العمال الفلسطينيين تصل إلى نحو مليار شيقل شهرياً، مقارنة بفاتورة رواتب موظفي السلطة الشهرية التي تبلغ نحو 560 مليون شيقل شهرياً.

وتتوقع السلطة الفلسطينية أن يصل الانكماش في الاقتصاد الفلسطيني الذي يواجه «صدمة غير مسبوقة» إلى 10 في المائة، ويخسر الاقتصاد الفلسطيني يومياً نحو 20 مليون دولار، نتيجة توقف الإنتاج بشكل كلي في قطاع غزة، وتعطله في الضفة الغربية، إلى جانب تعطل العمالة، والتراجع الحاد في النشاط الاقتصادي والقوة الشرائية.

وكان البنك الدولي، قد حذّر في تقرير سابق، من أن السلطة الفلسطينية تواجه مخاطر «انهيار في المالية العامة»، مع «نضوب تدفقات الإيرادات» والانخفاض الكبير في النشاط، على خلفية العدوان على قطاع غزة.

وجاء في التقرير أن «وضع المالية العامة للسلطة الفلسطينية قد تدهور بشدة في الأشهر الثلاثة الماضية، ما يزيد بشكل كبير من مخاطر انهيار المالية العامة».


مقالات ذات صلة

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

هل يحقق ترمب حلم الضم الإسرائيلي؟

انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزرائه المنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية العام المقبل بعد تولي دونالد ترمب منصبه.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال لقاء سابق في البيت الأبيض (صفحة الرئيس الفلسطيني عبر «فيسبوك»)

الرئيس الفلسطيني لترمب: مستعدون لتحقيق السلام العادل

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، استعداده لتحقيق السلام العادل القائم على أساس الشرعية الدولية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية فلسطيني في مخيم البريج يطلب من ترمب وقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)

عودة ترمب: فرح في تل أبيب ومخاوف في رام الله

لا يضاهي فرح قادة الائتلاف الحاكم في إسرائيل بفوز الرئيس دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، سوى فرح أنصاره في الولايات المتحدة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بوريل من بيروت: لبنان بات على شفير الانهيار

مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)
مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)
TT

بوريل من بيروت: لبنان بات على شفير الانهيار

مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)
مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم الأحد، من بيروت من أن لبنان بات «على شفير الانهيار» بعد شهرين من التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل. وحثّ على «وقف فوري» لإطلاق النار بين الجماعة اللبنانية واسرائيل.

وصعّدت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها الجوية على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها، ثم بدأت نهاية الشهر ذاته عمليات توغل بري جنوباً، بعد أكثر من عام على فتح «حزب الله» الجبهة في جنوب لبنان دعماً لحليفته حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال بوريل، خلال مؤتمر صحافي بعد لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، «نرى سبيلاً واحداً للمضي قدماً: وقف فوري لإطلاق النار، وتطبيق كامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701» الذي أرسى وقفاً لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل في العام 2006.

وأضاف بوريل «ينبغي زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية ومواصلة الضغط على حزب الله للقبول بالمقترح الأميركي لوقف إطلاق النار».

وتقود فرنسا والولايات المتحدة جهوداً للتوصل إلى وقف إطلاق نار بين لبنان واسرائيل. وخلال زيارة إلى بيروت (الثلاثاء) في إطار هذه الجهود، قال المبعوث الأميركي آموس هوكستين إن ثمة «فرصة حقيقية» لإنهاء النزاع، قبل أن يتوجه إلى إسرائيل في اليوم التالي.

وينصّ القرار الدولي 1701 على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.

ويكرر لبنان على لسان مسؤوليه تمسكه بتطبيق القرار 1701 واستعداده لفرض سيادته على كامل أراضيه فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل.

وحذّر بوريل كذلك من أن لبنان بات «على شفير الانهيار» بعد شهرين من المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

وقال خلال المؤتمر الصحافي «في سبتمبر/أيلول، كنت هنا وكان لدي أمل بأنه من الممكن تفادي حرب مفتوحة تشنّها إسرائيل على لبنان. وبعد شهرين، بات لبنان على شفير الانهيار».

وأعلن كذلك أن الاتحاد الأوروبي مستعدّ لتقديم 200 مليون يورو (نحو 208 ملايين دولار) إلى الجيش اللبناني.

ومنذ بدء تبادل القصف بين «حزب الله» وإسرائيل في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قُتل أكثر من 3670 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية، ونزح نحو 900 ألف شخص داخل البلاد.