تل أبيب تدعو سلطات الشمال للاستعداد للحرب وتوسّع استهدافها لجنوب لبنان

تصعيد إسرائيلي إثر مقتل جندي وإصابة آخرين في عملية لـ«حزب الله»

رجل وسيدة أمام أحد المباني التي تعرضت للقصف الإسرائيلي في وادي جيلو في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
رجل وسيدة أمام أحد المباني التي تعرضت للقصف الإسرائيلي في وادي جيلو في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

تل أبيب تدعو سلطات الشمال للاستعداد للحرب وتوسّع استهدافها لجنوب لبنان

رجل وسيدة أمام أحد المباني التي تعرضت للقصف الإسرائيلي في وادي جيلو في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
رجل وسيدة أمام أحد المباني التي تعرضت للقصف الإسرائيلي في وادي جيلو في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

شهدت الجبهة الجنوبية في لبنان ليلاً متوتراً نتيجة تكثيف القصف الإسرائيلي على بلدات عدّة مع تسجيل توسيع للمدى الجغرافي للضربات في عمق الجنوب، في وقت يستمر فيه التهديد من قبل المسؤولين الإسرائيليين وكان آخرها على لسان عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس الذي دعا رؤساء السلطات المحلية في شمال إسرائيل إلى الاستعداد لأيام «أكثر صعوبة... وقد يؤدي ذلك إلى الحرب».

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الخميس، عن غانتس قوله خلال اجتماع عقده، الثلاثاء الماضي، مع رؤساء عدد من البلديات والمجالس المحلية في الشمال: «أعتقد أن الحكومة اللبنانية لا تريد اندلاع حرب واسعة النطاق، وكذلك (حزب الله)، ومن الضروري الضغط عليه في هذا الوقت قبل أن يذهب الجميع إلى حرب أوسع».

وحذر الوزير من أن هذا الأمر «لن يكون بلا ثمن، وسنعيش لحظات مؤلمة جداً عندما يحدث هذا الشيء، لكن لن نهرب منه».

وبحسب هيئة البث، أجرى مسؤولون كبار على المستوى السياسي نقاشاً مغلقاً هذا الأسبوع، عقب التصعيد في الشمال، وقال الوزيران بمجلس الحرب غانتس وغادي آيزنكوت إن على إسرائيل أن تسعى جاهدة للتوصل إلى اتفاق مع «حماس» من أجل التحول إلى حملتها في الشمال. واعترض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لافتاً إلى أن تحقيق أهداف الحرب في غزة هو الأولوية القصوى، وأنه لن يكون من المناسب التعامل مع الشمال إلا بعد تحقيق أهداف الحرب في الجنوب، وفق ما نقلته الهيئة.

والخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي في شمال البلاد، وقال في بيان له إنه «سقط في أثناء القتال في الشمال»، الأربعاء، بعد إطلاق طائرتين مسيرتين متفجرتين من لبنان في اتجاه بلدة حرفيش في شمال إسرائيل. وبحسب المراسل العسكري لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن الجندي قضى في هجوم الطائرة المسيرة الذي أدى إلى إصابة تسعة جنود آخرين، أحدهم في حالة حرجة، مساء الأربعاء. وأضاف: «قام (حزب الله)... خلال الأشهر الثمانية الماضية بتصعيد هجماته ضد إسرائيل كل يوم تقريباً»، مشيراً إلى أن «حزب الله» «يحاول اختراق الآليات الدفاعية الإسرائيلية».

وبمقتل الجندي، الأربعاء، يرتفع عدد القتلى في شمال إسرائيل بنيران «حزب الله» إلى 15 جندياً و11 مدنياً وفقاً للجيش منذ بدء الاشتباكات، بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، فيما أسفر تبادل إطلاق النار في لبنان عن مقتل 455 شخصاً، بينهم 88 مدنياً، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وميدانياً، استمرت العمليات المتبادلة بين «حزب الله» وإسرائيل، وقد أغارت مسيّرة إسرائيلية قرابة العاشرة صباحاً، بصاروخ موجه مستهدفة دراجة نارية في ساحة بلدة عيترون، حيث أفيد عن وقوع إصابات، ليعود بعدها «حزب الله» وينعى أحد مقاتليه ويدعى حسين نعمة الحوراني من مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان.

وردّت «المقاومة الإسلامية» على «‏اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وآخرها في عيترون»، باستهداف مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت وتموضعات الجنود في ‏محيطها بصواريخ «فلق 1»، بحسب ما أعلنت في بيان لها.

وكانت قد شهدت ساعات الليل، بعد عملية حرفيش ومقتل الجندي الإسرائيلي، تكثيفاً للغارات والقصف الإسرائيلي في عمق الجنوب اللبناني، حيث أغار الطيران الحربي فجراً على بلدة وادي جيلو في قضاء صور، مستهدفاً منزلاً غير مأهول، ما أدى إلى تدميره واشتعال النيران في عدد من المنازل المحيطة بالمكان، ومستودع لأدوات التنظيف والزيوت، ما ألحق الأضرار بعشرات المنازل كتكسير الزجاج والنوافذ والتصدع، بالإضافة إلى أضرار جسيمة في البنى التحتية، خاصة شبكتي الكهرباء والمياه، بحسب ما ذكرت. وقد هرعت إلى المكان فرق الدفاع المدني لإطفاء الحرائق المشتعلة ومعالجة الإصابات البشرية المتوسطة والطفيفة، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام». وتداول ناشطون صوراً لما قالوا إنه رسالة نصية وصلت إلى أحد السكان من رقم دانماركي تطلب منه إخلاء المكان كونه سيتعرض للقصف.

مواطنون يتفقدون منازلهم في بلدة وادي جيلو في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي أدى إلى احتراقها (أ.ف.ب)

وكان الطيران الحربي قد شن غارة ليلاً على أطراف بلدة صديقين، مستهدفاً منزلاً، ما أدى إلى تدميره تدميراً كاملاً وإلحاق أضرار جسيمة في الممتلكات والبنى التحتية، كما أغار الطيران الإسرائيلي بُعيد منتصف الليل، على بلدة العديسة المحاذية لمستعمرة مسكفعام، ما أدى إلى اشتعال حريق في خزان مازوت بالقرب من عمود إرسال لشركة الهاتف «ألفا».

وألقى الجيش الإسرائيلي القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق خلال الليل، وسط تحليق الطيران الاستطلاعي فوق قرى قضاء صور والساحل البحري وفوق الخط الأزرق المتاخم للحدود، فيما تعرضت أطراف بلدة عيتا الشعب في القطاع الأوسط لقصف مدفعي مباشر.

إلى ذلك تستمر إسرائيل في سياسة حرق الأحراج والمساحات الخضراء، حيث أدى القصف الفوسفوري إلى احتراق حرج مركبا.


مقالات ذات صلة

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية، إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني، كريم خان، بسبب مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وذكرت الصحيفة أن مايك والتز، الذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي لترمب، قال إن المحكمة الجنائية الدولية «ليست لديها مصداقية»، ووعد «برد قوي على التحيز المعادي للسامية للمحكمة» عندما تتولى إدارة ترمب منصبها في 20 يناير (كانون الثاني).

وأضافت الصحيفة أن كريم خان قد يكون من بين المسؤولين المستهدفين بعقوبات من قبل ترمب.

ومثل إسرائيل، لا تعترف الولايات المتحدة بسلطة المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، ودعا كبار الجمهوريين إلى فرض عقوبات على كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية رداً على مذكرات الاعتقال.

ويجري التحقيق مع خان بشأن مزاعم سوء السلوك الجنسي وهو ينفي هذه الاتهامات.

وخلال فترة ولايته الأولى في منصبه، فرض ترمب عقوبات على المدعي العام السابق للمحكمة بسبب تحقيق في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان.

وفي ذلك الوقت، وصف مايك بومبيو، وزير الخارجية آنذاك، المحكمة بأنها «مؤسسة فاسدة تماماً».

في النهاية، ألغى الرئيس الأميركي جو بايدن العقوبات المفروضة على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، التي تضمنت حظراً للسفر، عندما تولى منصبه في عام 2021، لكن هناك توقع بأن ترمب قد يعيد تنفيذ الاستراتيجية نفسها رداً على معاملة المحكمة الجنائية الدولية لإسرائيل.

دونالد ترمب (رويترز)

ويمكنه أيضاً سحب مشاركة الولايات المتحدة ومواردها من التحقيقات التي تقودها المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأي عقوبات تُفرض على خان وموظفيه قد تهدد العلاقة بين بريطانيا وترمب إذا اختار رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، الامتثال لأوامر الاعتقال.

وتقود الولايات المتحدة ردود فعل دولية عنيفة ضد المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، حتى مع تردد المملكة المتحدة بشأن ما إذا كانت ستحتجز رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقالت بريطانيا إنها تحترم المحكمة ورفضت الإفصاح عما إذا كان سيتم اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى المملكة المتحدة.

ودعت سفيرة إسرائيل لدى المملكة المتحدة، تسيبي هوتوفلي، جميع الدول إلى رفض الأمر «الهزلي» للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو.

وفي مقال لها في صحيفة «تليغراف»، اتهمت هوتوفلي المحكمة بـ«إيجاد أرضية مشتركة مع حماس»، وقالت: «نشكر الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى التي رفضت القرار الهزلي للمحكمة وندعو الدول الأخرى إلى أن تحذو حذوها في رفض هذا الظلم. لقد أظهرت المحكمة الجنائية الدولية أن كل زعيم ديمقراطي يسعى إلى الدفاع عن شعبه قد يصبح هدفاً للمحكمة».

وأشارت ألمانيا إلى أنها لن تحتجز نتنياهو بسبب ماضيها النازي وعلاقتها الخاصة بالدولة اليهودية، على الرغم من كونها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.

وتعهد فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر العضو في الاتحاد الأوروبي، بتحدي اعتقال نتنياهو، وبدلاً من ذلك دعاه لزيارة بلاده.

وتمثل مذكرة الاعتقال المرة الأولى في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية الممتد 22 عاماً التي يسعى فيها قضاتها إلى اعتقال زعيم دولة مدعومة من الغرب.

والدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة، بما في ذلك بريطانيا، مسؤولة عن تنفيذ مذكرات الاعتقال التي تصدرها.

وفي إشارة إلى الانقسامات بين الدول الأوروبية، وعدت آيرلندا وإيطاليا وهولندا باعتقال نتنياهو، إذا وصل إلى أراضيها، وأكدت فرنسا موقف المحكمة لكنها لم تقل ما إذا كان نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا عبر حدودها.

وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة، بما في ذلك ألمانيا والمجر، ستكون ملزمة بتنفيذ مذكرات الاعتقال.