«رايتس ووتش» تتهم بغداد بإهمال حقوق ذوي الإعاقة

المنظمة أعادت التذكير بضحايا «احتجاج تشرين»... ومسؤول حكومي: التعداد السكاني سيكشف عن أرقامهم

«هيومن رايتس ووتش» قالت إن السلطات العراقية لا تعمل شيئاً لضمان حقوق ذوي الإعاقة (أ.ف.ب)
«هيومن رايتس ووتش» قالت إن السلطات العراقية لا تعمل شيئاً لضمان حقوق ذوي الإعاقة (أ.ف.ب)
TT

«رايتس ووتش» تتهم بغداد بإهمال حقوق ذوي الإعاقة

«هيومن رايتس ووتش» قالت إن السلطات العراقية لا تعمل شيئاً لضمان حقوق ذوي الإعاقة (أ.ف.ب)
«هيومن رايتس ووتش» قالت إن السلطات العراقية لا تعمل شيئاً لضمان حقوق ذوي الإعاقة (أ.ف.ب)

وجّهت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في أحدث تقرير لها عن العراق، اليوم (الثلاثاء)، انتقادات لاذعة إلى السلطات واتهمتها بـ«التقاعس المستمر» عن ضمان حق العمل لذوي الإعاقة، وانتقدت كذلك عدم اهتمام السلطات بجمع البيانات الخاصة بهذه الفئة في بلاد عانى سكانها منذ عقود طويلة من الحروب وأعمال العنف والإرهاب.

واستند تقرير المنظمة إلى تقديرات سابقة أصدرتها «لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» عام 2019، ذكرت فيها أن «العراق أحد البلدان التي تضم أكبر عدد من ذوي الإعاقة في العالم»، وقال التقرير: «في العراق نحو 3 ملايين شخص، نتيجة عقود من النزاعات المسلحة».

ضحايا تشرين

ولم تنسَ «هيومن رايتس ووتش» الإشارة إلى ضحايا المظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، واستمرت لأكثر من عام احتجاجاً على سوء الإدارة والفساد، وذكرت أن عدد المصابين فيها بلغ «نحو 25 ألف جريح، منهم نحو 5 آلاف لديهم إعاقات دائمة».

وكانت تقارير سابقة أشارت إلى أن معظم المصابين من المتظاهرين الذين واجهوا العنف المفرط من قبل الأجهزة الأمنية.

ورغم أن البرلمان أقرّ قانوناً «متقدماً» لذوي الإعاقة عام 2013، فإن المنظمة الحقوقية تنتقد عدم توظيف ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص، حيث فرض القانون المذكور في المادة 16 على المؤسسات والوزارات الحكومية توظيف 5 في المائة منهم، وكذلك فرض على مؤسسات القطاع الخاص توظيف واحد من ذوي الإعاقة، في حال كان عدد الموظفين والعاملين في المؤسسة لا يقل عن 30 شخصاً.

ويتضمن القانون أيضاً توفير حق السكن والتعليم والعلاج والإعفاء من الضرائب بنسبة 10 في المائة من ضريبة الدخل وغير ذلك من الامتيازات.

وتقول المنظمة الحقوقية إن «الحكومة لا تجمع البيانات حول أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعيشون في البلاد أو معدلات توظيفهم».

وسألت «الشرق الأوسط» المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، عن مسألة البيانات حول أعداد ذوي الإعاقة، فقال: إن «التعداد السكاني العام المقرر في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل سيكشف بشكل دقيق عن أعدادهم وتفاصيل حياتهم».

لكن تقرير المنظمة الحقوقية تحدث عن وجود 77065 شخصاً في كردستان العراق، مسجلين على أنهم من ذوي الإعاقة، يعمل منهم نحو 13249 في القطاع العام، ما يمثل نسبة 2 في المائة فقط من إجمالي عدد موظفي الحكومة البالغ 658189 موظفاً.

بعض المعاقين في العراق هم من ضحايا قمع «احتجاج تشرين» 2019 (رويترز)

العراق يتقاعس

وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن «العراق يتقاعس عن تنفيذ قوانينه الوطنية التي تضمن حقوق العمل للأشخاص ذوي الإعاقة، ما يجعل حصص الوظائف المخصصة للعراقيين ذوي الإعاقة غير مستغلة، ويترك مئات الآلاف عاطلين عن العمل».

وذكر أن كلاً من الحكومة في بغداد والحكومة الإقليمية في كردستان العراق لا تلتزمان بالحصة التي تقرّها القوانين النافذة بالنسبة لتوظيف ذوي الإعاقة.

ونقل تقرير المنظمة عن باحثة العراق في «هيومن رايتس ووتش»، سارة صنبر، القول إن «الوعود القانونية بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق لا تُترجم إلى فرص عمل حقيقية. الفجوة بين القانون والممارسة تجعل مئات آلاف العراقيين ذوي الإعاقة يكافحون من أجل كسب لقمة العيش».

وأضافت صنبر: «رغم أن العراق لديه أكبر عدد من الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم، فإن السلطات العراقية لا تلبي احتياجاتهم. ينبغي للحكومة ضمان ألا يكون التزامها بتوفير فرص العمل للعراقيين ذوي الإعاقة وعداً فارغاً».

وتعزو معظم المنظمات الحقوقية العراقية المختصة بذوي الإعاقة، بحسب المنظمة الدولية، عدم حصولهم على الوظائف التي يقرّها القانون إلى «تقاعس هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية»، لكن مديرة الهيئة، ذكرى عبد الرحيم، قالت لـ«هيومن رايتس ووتش» إن «الهيئة ومجلس الخدمة العامة الاتحادي يفتقران إلى السلطة لإنفاذ القانون، ويعتمدان على الوزارات الحكومية في تخصيص وتعيين العدد المطلوب من الوظائف للعراقيين ذوي الإعاقة».

وذكرت أن «بعض الوزارات لا تُنفذ التزاماتها أو تجعلها أولوية، رغم أن الهيئة تدرس اتخاذ إجراءات قانونية ضد الوزارات التي لا تلتزم بهذه الحصص».

وخلص تقرير المنظمة الحقوقية الدولية إلى أنه يتعين على الحكومة العراقية اتخاذ الخطوات المناسبة لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع العام وتعزيز توظيفهم في القطاع الخاص، من خلال برامج العمل الإيجابي، والحوافز، والمبادرات لتعزيز فرص العمل الهادفة للأشخاص ذوي الإعاقة.

واتفق عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي، مع مجمل تقرير المنظمة الحقوقية، ورأى أن «غياب المبالاة والإرادة السياسية، من ضمن أسباب تقف وراء تجاهل حقوق ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة».

وقال البياتي لـ«الشرق الأوسط» إن «الأعداد غير الرسمية لأصحاب الإعاقة تُقدر بنحو 3 ملايين معاق، وهم يفتقرون لأبسط الخدمات والتسهيلات، كما أنهم يفتقرون إلى التمثيل في البرلمان وبقية المؤسسات الحكومية ويواجهون صعوبة حتى في الإدلاء بأصواتهم الانتخابية لعدم وجود وسائل وإجراءات تسهّل لهم ذلك».


مقالات ذات صلة

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مقتل مسلح وإصابة 3 أفراد أمن في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في عمان

أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
TT

مقتل مسلح وإصابة 3 أفراد أمن في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في عمان

أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان
أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان

أعلنت قوات الأمن الأردنية، فجر اليوم (الأحد)، مقتل مسلح بعد فتحه النار على عناصر أمن في منطقة السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأردنية عمان، مشيرة إلى إصابة ثلاثة من أفراد الأمن العام أثناء العملية.

وذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، أن مديرية الأمن العام «تعاملت فجر اليوم الأحد مع حادثة إطلاق عيارات نارية تجاه إحدى الدوريات العاملة في منطقة الرابية في العاصمة عمان... مما أسفر عن مقتل الجاني».

وكانت وكالة «رويترز» للأنباء، قد نقلت عن شهود عيان، قولهم إن الشرطة الأردنية فرضت طوقاً أمنياً في محيط السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان بعد سماع طلقات نارية.

وذكر شاهدان أن سيارات الشرطة والإسعاف هرعت إلى حي الرابية حيث توجد السفارة، بعد سماع إطلاق نار متقطع.

وقال مصدر أمني، إن الشرطة ناشدت السكان بالبقاء في منازلهم بينما يبحث أفراد الأمن عن مطلقي الرصاص.

والمنطقة القريبة من السفارة التي تخضع لحراسة مكثفة من المناطق المعروفة التي تنظم بها احتجاجات عادة ضد إسرائيل.

وشهد الأردن بعض أكبر الاحتجاجات السلمية في المنطقة مع تصاعد المشاعر المعادية لإسرائيل بسبب الحرب في غزة.