تنافس انتخابي بين دمشق و«الإدارة الذاتية» الكردية

رئيس الوزراء السوري في دير الزور حاملاً سلة مشاريع ووعود

رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس يفتتح فندق «بادية الشام» بدير الزور بعد إعادة تأهيله (رئاسة مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس يفتتح فندق «بادية الشام» بدير الزور بعد إعادة تأهيله (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

تنافس انتخابي بين دمشق و«الإدارة الذاتية» الكردية

رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس يفتتح فندق «بادية الشام» بدير الزور بعد إعادة تأهيله (رئاسة مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس يفتتح فندق «بادية الشام» بدير الزور بعد إعادة تأهيله (رئاسة مجلس الوزراء)

بدأ رئيس مجلس الوزراء السوري، حسين عرنوس، السبت، زيارة إلى محافظة دير الزور على رأس وفد ضم وزراء الموارد المائية والسياحة والزراعة والنفط، وقام بإطلاق مشروع قطاع الوفاء للري الحكومي بدير الزور بعد إعادة تأهيله، وذلك لإرواء 1320 هكتاراً من الأراضي الزراعية بريف البوكمال الغربي.

وقالت مصادر متابعة في دمشق إن توقيت زيارة عرنوس التي أعلن فيها عن برنامج لتفعيل كثير من المشاريع التنموية والخدمية والسياحية، جاء مع انطلاق العملية الانتخابية سواء انتخابات مجلس الشعب السوري في مناطق سيطرة دمشق، أم انتخابات المجالس البلدية في مناطق الإدارة الذاتية، وأيضاً بالتزامن مع بدء موسم حصاد القمح، المترافق مع استياء واحتجاجات الفلاحين في مناطق الإدارة الذاتية على تسعير القمح.

وخرجت مظاهرات، السبت، في منطقه المعامل شمال دير الزور أمام مجلس دير الزور المدني في مناطق الإدارة الذاتية احتجاجاً على سعر شراء القمح، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس يطلق العمل في مشروع «قطاع الوفاء للري الحكومي» في البوكمال بمحافظة دير الزور (رئاسة مجلس الوزراء)

وكانت الإدارة الذاتية قد حددت سعر طن القمح بـ330 دولاراً، أي ما يعادل 31 سنتاً للكيلوغرام، وهو سعر أقل من الذي حددته دمشق بـ 5500 ليرة سورية لسعر الكيلوغرام من القمح، أي ما يعادل 36 سنتاً. وأبدت الإدارة الذاتية تمسكاً بسعر أقل من سعر دمشق رغم الاحتجاجات التي تخرج منذ أسبوع، ما زاد حالة التوتر والاحتقان الشعبي ضدها.

وتعد محافظة دير الزور ومناطق شرق وشمال سوريا، سلة الغذاء السورية، والأغنى بالموارد الزراعية والطبيعية، وتتقاسم السيطرة عليها أطراف محلية ودولية وإقليمية عدة، حيث تسيطر دمشق على الضفة الغربية لنهر الفرات، التي تعد أبرز مناطق تركز الوجود الإيراني والميليشيات التابعة لها في سوريا؛ ما أعطى للمنطقة طابعاً عسكرياً. ووفق أرقام «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فإن هناك نحو 15 ألف مقاتل يتبعون الميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية في دير الزور، وتحديداً المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال الحدودية مع العراق ودير الزور مروراً بالميادين؛ حيث تعد هذه المنطقة الحدودية طريق إمداد أساسياً للميليشيات التابعة لإيران، وتضم هذه المنطقة حقول الورد والتيم والشولة والنيشان النفطية، إلا أن الحقول الأكبر والأهم تقع في مناطق سيطرة الإدارة الذاتي و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وحيث توجد القواعد العسكرية لقوات التحالف الدولي، مثل حقل العمر النفطي، ويعد الأكبر في سوريا، بالإضافة إلى حقلي التنك وجفرا، وحقل كونيكو للغاز على الضفة الشرقية من نهر الفرات.

احتجاج في الرقة ضد سعر القمح الذي حددته «الإدارة الذاتية» (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

المصادر المتابعة بدمشق رأت أن زيارة رئيس الحكومة إلى دير الزور تصب في خانة «اقتناص فرصة تنامي الاحتجاجات» ضد الإدارة الذاتية على خلفية تسعير القمح الذي يمس حياة غالبية سكان المنطقة، مع التأكيد على أن التنافس مع الإدارة الذاتية لا يقتصر على الاستحواذ على موارد المنطقة، بل إن دمشق بدأت تستشعر خطر توطيد العلاقات بين العشائر العربية والإدارة الذاتية، شرق وشمال سوريا، لا سيما بعد انعقاد ملتقى العشائر في مدينة الحسكة، الأسبوع الماضي ومناقشة مختلف القضايا الخلافية بين العرب والكرد، بهدف التوصل إلى عقد اجتماعي يضمن السلم في المنطقة، ويدعم خيار «دولة سورية لا مركزية»، وتمثل ذلك بدعوة الإدارة الذاتية خلال الملتقى أبناء العشائر إلى الانخراط في انتخابات المجالس البلدية المرتقبة في الحادي عشر من الشهر الحالي، وسط تشكيك بأن تكون خطوة على طريق الانفصال.

أضافت المصادر «أن المناطق الشرقية والشمالية الواقعة تحت سيطرة الحكومة في دمشق تعاني من واقع خدمي وصحي واقتصادي سيئ جداً، وهو جزء من واقع في كامل مناطق سيطرتها، وليس لديها مخارج لهذا الوضع المستعصي سوى إغداق الوعود، وإطلاق مشاريع غير واضح مدى قدرتها على الاستمرار في ظل شح الموارد ومواد الطاقة، بالإضافة لاستقطاب الوجهاء المحليين عبر دعوتهم للانخراط في انتخابات مجلس الشعب المقررة في الخامس عشر من الشهر الحالي.

وبلغ عدد المرشحين لمجلس الشعب السوري 9194 مرشحاً، الثلث منهم قطاع العمال والفلاحين، يتنافسون على 127 مقعداً، للعمال والفلاحين، وبقية الفئات على 123 مقعداً، مع ملاحظة غلبة المرشحين من المنتمين لحزب «البعث».

وكانت المفوضية العليا للانتخابات في مناطق الإدارة الذاتية قد حددت يوم 11 يونيو (حزيران) الحالي موعداً للانتخابات البلدية. وبلغ إجمالي عدد المرشحين في إقليم شمال وشرق سوريا 5336 مرشحاً في مقاطعات الإقليم كافة، ووفق المفوضية ضمت القوائم مرشحين مستقلين وممثلي أحزاب سياسية.


مقالات ذات صلة

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بينما يحاول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزير خارجيته فؤاد حسين، العمل للحيلولة دون توجيه ضربة إسرائيلية إلى العراق، تتناقض مواقف القوى السياسية العراقية. ففي وقت أعلن البرلمان العراقي أنه سوف يعقد الاثنين جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، خرقت بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران جدار الصمت الذي التزمت به طوال الأيام الماضية باستئنافها التهديد ضد إسرائيل بالتزامن مع دخول رئيسَي الحكومة السابقين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي على خط التصعيد.

السوداني خلال كلمة له في الذكرى المئوية لتأسيس وزارة الخارجية قال إن «العراق دعا مبكراً إلى تكثيف الجهود لإنهاء الحرب في فلسطين ولبنان وحماية المدنيين، والعمل على عدم اتساع نطاق الحرب»، مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني هدد العراق بذرائع واهية تكشف عن نياته العدوانية؛ ما استلزم منا التأكيد على عدم جعل العراق منطلقاً لأي هجوم». وفي مسعى منه لتجنيب العراق المواجهة المحتملة مع إسرائيل، أكد السوداني أنه وجّه «وزارة الخارجية بمتابعة ملف التهديد الصهيوني بالمحافل الدولية لمنع محاولات الكيان إشعال الحرب في المنطقة بشكل أكبر».

عين العاصفة

وبينما خرقت الفصائل المسلّحة جدار الصمت طوال الأيام الماضية بعد تهديدات إسرائيلية بدت جادة هذه المرة لتوجيه ضربة ضد العراق، فقد دخل رؤساء وزراء سابقون على خط التعبير عن المخاوف من إمكانية حصول هذه الضربة والمآلات التي يمكن أن تنتهي إليها.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي إن «اللحظة الإقليمية والدولية لحظة تحوّلية خطيرة وخطرة، وعراقنا في عين العاصفة».

صورة للأمين العام السابق لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل مرفوعة في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)

وقال العبادي في تدوينة له على منصة «إكس» إن «العراق قادر على الخروج منها أقوى وأكثر تماسكاً، ولقد برهن العراقيون على قدرتهم وشجاعتهم في مواجهة التحديات الوجودية في الماضي القريب، ويمكنهم فعل ذلك مرة أخرى». غير أن العبادي حذّر مما أسماه «ثلاث خطايا وهي: الانقسام السياسي على مستوى السياسات والقرارات الوطنية. والسماح للمغامرين بقيادة السياسات والقرارات الوطنية. والانحياز الجبهوي في السياسات والقرارات الوطنية لصالح أحد المحاور المتصارعة بالضد من المصلحة الوطنية العراقية». وأضاف العبادي: «رسالتي للسّاسة: علينا رفض الروح الانهزامية، وعلينا بوحدة الصف وعقلانية السياسة وواقعية القرار».

من جهته، قال رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في تدوينة له إن «العراق والمنطقة - كانا وما زالا - في صلب (بلفور) و(سايكس - بيكو)»، مبيناً أن «ترتيبات وجودية وسيادية ومستقبلية ندفع عالياً أثمانها، فلا انهزام، ولا هروب من مواجهتها، ولا وقوف على التل»، على حد قوله.

إلى ذلك، حددت الفصائل المسلحة طبيعة الرد المحتمل في حال وجهت إسرائيل ضربات إلى العراق جرى تداول العديد من الأهداف المفترضة لها داخل العراق. وقال مصدر لأحد الفصائل المسلحة في تصريحات صحافية إن الفصائل تؤكد أن «التهديد الصهيوني باستهداف بغداد ليس مفاجئاً، وهو متوقع منذ أشهر، ونحن في جهوزية تامة لأي سيناريو من الآن». وأضاف: «طبيعة الرد على أي عدوان يطال بغداد ستحددها تنسيقية فصائل المقاومة، ولكن في كل الأحوال سيكون هناك رد مضاعف، لكن طبيعة الأهداف التي سيتم توجيه الضربات إليها ستختلف حتماً».

وأشار المصدر إلى أن «الرد لن يطال الكيان بل حلفاءه، وهذه رسالة قلناها من قبل ونكررها؛ لأنه لن يكون بمقدور المحتل ضرب بغداد دون دعم معلوماتي وفني من أميركا وغيرها، ومستعدون لنقل المعركة إلى مستويات أكبر». وبيّن أنه «إذا لم تنتهِ حرب الإبادة في فلسطين ولبنان ستبقى مسيّراتنا تضرب الكيان المحتل، ولن نتراجع عن موقفنا المبدئي مهما كانت الضغوط والتضحيات».