سيطرت إسرائيل عملياً على محور «فيلادلفيا» الحدودي بين قطاع غزة ومصر، متذرعة بأنها تريد السيطرة على «أنبوب أكسجين» حركة حماس، من خلال تحييد الأنفاق الحدودية هناك، لكن لا تبدو المسألة بهذه البساطة وحسب، بل يتعلق الأمر بحسابات أخرى أكثر منها أهمية من الناحية الأمنية.
وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل مسلحين فلسطينيين في المحور، وعثر على أنفاق حدودية وصادر أسلحة، فإنه من الواضح أنه لن يكتفي بذلك ولديه خطة عمل هناك.
للوهلة الأولى، لا يبدو أن إسرائيل ستسلم المنطقة لأي جهة، بل تفكر في إنشاء «لواء إقليم فيلادلفيا» لإدارة المكان بما فيه معبر رفح، وهي خطة كانت ستكون سهلة، لولا رفض مصر القاطع التعامل مع الواقع الذي تريد إسرائيل فرضه.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أنه يوجد أمام إسرائيل فترة عمل طويلة.
وقالت مصادر إسرائيلية إن ثمة خطة جاهزة. وبحسب موقع «واي نت» العبري، فإن مسؤولين في إسرائيل اقترحوا إدارة المكان في الوقت الحالي والعمل على تحييد جميع الأنفاق، بدءاً بهدم منازل يشتبه بمرور أنفاق تحتها ثم تدمير الأنفاق، ثم فحص الأمر بعد ذلك.
ويعتقد المسؤولون أن لذلك أهمية كبرى، الأولى الضغط على «حماس» «وسيكون ذلك رافعة الضغط والورقة المفقودة في صفقة الرهائن»، و«تشجيع المصريين أيضاً على التصرف بطريقة أكثر فاعلية، على سبيل المثال، إنشاء حاجز تحت الأرض وحاجز عسكري مشترك».
وقالت القناة «12» إن الجيش الإسرائيلي نفذ المرحلة الأولى من العمل في المحور الاستراتيجي، ولكن هناك أهداف إضافية يجب على القوات إنجازها، بدءاً من التعامل مع الأنفاق التي تم تحديد موقعها بالفعل، مروراً بمسح المنطقة فوق الأرض حتى الوصول إلى كتائب حماس.
وبحسب القناة، فإنه يجري الآن رسم خرائط ومسح للمنطقة في المحور، بغرض تحديد أماكن إضافية لـ«حماس»، والتقدير في إسرائيل هو أن هناك أنفاقاً إضافية سيتم تحديدها.
وكان الجيش قد أعلن أنه تم تحديد ما لا يقل عن 20 نفقاً تعبر إلى سيناء في طريق فيلادلفيا. ويريد الجيش معالجة الأنفاق الخارجية التي تم تحديد موقعها بالفعل، ثم الدخول إلى قلب رفح؛ حيث توجد كتائب «حماس» التي لم يتم التعامل معها بعد.
هذا من الناحية الأمنية، لكن كيف سيساعد احتلال المحور في المفاوضات؟
يعتقد الإسرائيليون أن «أنبوب أكسجين» «حماس» مهم استراتيجياً بالنسبة للحركة، وهو ورقة مهمة في الصفقة. وقالت القناة «12» إنه من الممكن أن تعرض إسرائيل عودته بوصفه جزءاً من الخطوط العريضة لاتفاق مستقبلي.
وبحسب القناة، فإن ذلك يحتاج إلى ترتيبات إسرائيلية مع الجيش المصري وهيئات دولية تشرف على المحور ومعبر رفح، ضمن ما يمكن أن يعرف بـ«الضمانات الخارجية»، التي تحتاج إلى أكثر من التنسيق مع مصر، وهو ما سيتطلب من إسرائيل نشر أجهزة استشعار على طول محور فيلادلفيا، بالاتفاق مع الجيش المصري.
وحتى الآن ترفض مصر التعامل مع الواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه هناك، وقد رفضت بشكل قاطع فتح معبر رفح من جهتها، طالما أن إسرائيل تحتل الجانب الفلسطيني منه.
وتجري نقاشات تشارك فيها الولايات المتحدة ودول أخرى وحتى السلطة الفلسطينية، من أجل حل هذه الإشكالية.
وبينما تواصل إسرائيل تعميق عمليتها في رفح، تعهد رئيس الأركان هرتسي هليفي بـ«تعميق الإنجازات». وقال: «سنعمق الإنجاز وهذا يتطلب قدراً كبيراً من الاحترافية والإصرار والقيم».